بكين ترفض اتهامات بلينكن وترد بتدريبات بحرية عسكرية

الرئيس الفلبيني الجديد يتعهد تنفيذ التحكيم الذي فازت فيه بلاده ضد الصين

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن اتهم الصين بالسعي لإعادة تشكيل النظام العالمي والقيم العالمية (أ.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن اتهم الصين بالسعي لإعادة تشكيل النظام العالمي والقيم العالمية (أ.ب)
TT

بكين ترفض اتهامات بلينكن وترد بتدريبات بحرية عسكرية

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن اتهم الصين بالسعي لإعادة تشكيل النظام العالمي والقيم العالمية (أ.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن اتهم الصين بالسعي لإعادة تشكيل النظام العالمي والقيم العالمية (أ.ب)

رفضت بكين رفضاً قاطعاً، أمس الجمعة، خطاب وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الذي اتهمها بالسعي لإعادة تشكيل النظام العالمي والقيم العالمية، منددة بما اعتبرته «تشويهاً لسمعتها»، ومعلنة في الوقت نفسه إجراء تدريبات بحرية في بحر الصين الجنوبي. فيما تعهد الرئيس الفلبيني المنتخب، فرديناند ماركوس جونيور، بتنفيذ التحكيم الحدودي البحري الذي فازت فيه بلاده عام 2016 ضد الصين، وشدد على أنه «لا مجال للمناورة» بشأن قضية السيادة وذلك في أقوى تعليق له حول النزاع الإقليمي مع الصين.
وقال بلينكن، أول من أمس الخميس، في خطاب حول الصين كان موضع ترقب، إن واشنطن تخوض منافسة شديدة مع بكين بهدف الحفاظ على النظام العالمي، نافياً في الوقت ذاته سعي بلاده لخوض «حرب باردة» جديدة.
وأثار خطاب بلينكن، الذي تضمن عرضاً جيوسياسياً حول الصين هو الأوسع نطاقاً الصادر حتى الآن عن مسؤول في إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، استياء بكين.
وأكد متحدث باسم وزارة الخارجية الصينية وانغ ونبين أن هدف الخطاب كان «احتواء نمو الصين ووقفه والحفاظ على الهيمنة والقوة الأميركيتين».
وقال للصحافيين إن الخطاب «ينشر معلومات خاطئة ويضخم تهديد الصين، ويشكل تدخلاً في شؤون الصين الداخلية وسياساتها الخارجية».
من خلال خطابه، أعاد بلينكن وضع الصين في صلب اهتمامات الولايات المتحدة الجيوسياسية بعدما طغت عليها الحرب في أوكرانيا خلال الأشهر الأخيرة.
وقال بلينكن: «الصين هي الدولة الوحيدة التي لديها نية إعادة تشكيل النظام العالمي كما لديها وبشكل متزايد القوة الاقتصادية والدبلوماسية والعسكرية والتكنولوجية للقيام بذلك».
وبحسب بلينكن، فإن بايدن الذي غالباً ما يصف العالم على أنه مواجهة بين الديمقراطيات والأنظمة الاستبدادية، يعتبر أن هذا العقد سيكون «حاسماً».
وبموازاة التنديد الدبلوماسي بكلام بلينكن، أعلنت بكين أمس عزمها إجراء تدريبات في بحر الصين الجنوبي اليوم السبت.
وقالت هيئة الملاحة البحرية الصينية إن المناورات ستجرى في المنطقة المجاورة للساحل الصيني مباشرة، في مساحة بحرية صغيرة بعيدة عن المناطق المتنازع عليها مع فيتنام والفلبين.
وقالت إدارة الأمن البحري إن «التدريبات العسكرية ستجرى والمنطقة محظورة»، ونشرت إحداثيات المنطقة المعنية.
وتقع المنطقة على بعد نحو 25 كيلومتراً في جنوب جزيرة هاينان (جنوباً) وتبلغ مساحتها نحو 100 كيلومتر مربع.
ومن المقرر إجراء مناورات في منطقة بحرية أخرى بالقرب من هاينان الأسبوع المقبل.
وتحذر الولايات المتحدة، التي تعتبر الصين منافساً استراتيجياً، من اتساع الوجود العسكري والاقتصادي لبكين في منطقة تمتد من بحر الصين الجنوبي إلى جزر المحيط الهادئ. ويشكل هذا الوجود بحسب الولايات المتحدة، استراتيجية لتعديل ميزان القوى في المنطقة.
الرئيس الفلبيني
وفي هذا الوقت، تعهد الرئيس الفلبيني المنتخب، فرديناند ماركوس جونيور، بأنه سيؤكد بعد توليه منصبه، على تنفيذ التحكيم الذي فازت فيه بلاده عام 2016، ضد الصين بشأن بحر الصين الجنوبي، وهي إحدى القضايا الحساسة، التي فشل سلفه في معالجتها بشكل مناسب.
وقال ماركوس، ابن الديكتاتور الراحل فرديناند إي ماركوس، إنه يجب أن تكون للفلبين سياسة خارجية مستقلة، في إشارة إلى علاقة بلاده بكل من الصين والولايات المتحدة، رغم وصفه علاقة بلاده بواشنطن بأنها كانت «تقليدية وقوية للغاية ومفيدة للغاية لكلينا على مدار المائة عام الماضية أو نحو ذلك».
وشدد في أقوى تعليق له حول النزاع الإقليمي مع الصين، على أنه «لا مجال للمناورة» بشأن قضية السيادة. وقال: «سنستخدمها لمواصلة تأكيد حقوقنا الإقليمية. إنها ليست مطالبة، إنها بالفعل حقنا الإقليمي وهذا ما يمكن أن يفعله حكم التحكيم لمساعدتنا». وأضاف: «سيادتنا مقدسة ولن نتنازل عنها بأي شكل من الأشكال. نحن دولة ذات سيادة بحكومة فاعلة، لذلك لا نحتاج إلى أن يخبرنا أحد بكيفية إدارة بلدنا»، وبأن مانيلا تحت قيادته، لن تسمح «بانتهاك سيادتها».
وتعتبر الفلبين تقليدياً أكبر حليف للولايات المتحدة في جنوب شرقي آسيا، رغم المشكلات التي نشبت خلال حكم الرئيس المنتهية ولايته رودريغو دوتيرتي، الذي تصالح مع الصين، من خلال تنحيه عن التحكيم لعام 2016، لمصلحة التعاون الاقتصادي الثنائي. غير أن دوتيرتي بدل نهجه بشأن قضية بحر الصين الجنوبي، في الجزء الأخير من ولايته التي استمرت ست سنوات، بعدما عززت الصين وجودها في الممر المائي المتنازع عليه وتعدت على المناطق الاقتصادية الخالصة للدول الأخرى المطالبة بحقوق فيها. ورغم اعتراف الرئيس الجديد بأن بلاده ليست في وضع مناسب عسكرياً لمواجهة الصين، لكنه وعد بالتحدث إليها «بصوت حازم».
ونقل راديو «آسيا الحرة» الأميركي، عن المتحدث باسم الخارجية الصينية وانغ ونبين، قوله، إن «موقف بكين من قضية التحكيم في بحر الصين الجنوبي ثابت وواضح ولم يتغير». وأضاف في رد على تصريحات ماركوس، أن «الصين والفلبين جارتان صديقتان. لقد أنشأنا آلية تشاور ثنائية حول القضايا المتعلقة ببحر الصين الجنوبي، وحافظنا على الاتصالات والحوار بشأن القضايا البحرية». وأكد أن الصين، «مستعدة لمواصلة العمل مع الفلبين من خلال الحوار والتشاور لمعالجة الخلافات بشكل مناسب وحماية السلام والاستقرار في بحر الصين الجنوبي».
وقال ماركوس إن متابعة المحادثات متعددة الأطراف مع الصين التي تضم الأعضاء العشرة في رابطة دول جنوب شرقي آسيا (آسيان)، وكذلك التعامل مع بكين بشكل ثنائي، سيكون على رأس جدول أعمال سياسته الخارجية. وقال: «في الواقع، هذا ما أشرت إليه عندما تحدثت إلى الرئيس شي جين بينغ عندما اتصل بي لتهنئتي على الفوز في الانتخابات. وقلت له إنه يتعين علينا مواصلة الحديث عن هذا الأمر. لا يمكن السماح لهذا بالتفاقم وأن تصبح هذه المشكلة أكثر حدة».
وكانت المحكمة الدولية قد أصدرت حكماً تاريخياً عام 2016، بعد القضية التي رفعتها إدارة الرئيس الراحل بينينو أكينو ضد الصين، وجاء بعد أيام فقط من تولي خلفه دوتيرتي منصبه. وتطالب الصين ببحر الصين الجنوبي بأكمله تقريباً، بما في ذلك المياه داخل المناطق الاقتصادية الخالصة في بروناي وماليزيا والفلبين وفيتنام وتايوان. ومع أن إندونيسيا لا تعتبر نفسها طرفاً في هذا النزاع، فإن بكين تطالب بحقوق تاريخية في أجزاء من ذلك البحر، تتداخل مع المنطقة الاقتصادية الخالصة لإندونيسيا أيضاً.


مقالات ذات صلة

بايدن يستضيف رئيس الفلبين لمواجهة تصاعد التوترات مع الصين

الولايات المتحدة​ بايدن يستضيف رئيس الفلبين لمواجهة تصاعد التوترات مع الصين

بايدن يستضيف رئيس الفلبين لمواجهة تصاعد التوترات مع الصين

في تحول كبير نحو تعزيز العلاقات الأميركية - الفلبينية، يستضيف الرئيس الأميركي جو بايدن، الرئيس الفلبيني فرديناند ماركوس جونيور، في البيت الأبيض مساء الاثنين، في بداية أسبوع من اللقاءات رفيعة المستوى، تمثل تحولاً في العلاقة بين البلدين التي ظلت في حالة من الجمود لفترة طويلة. زيارة ماركوس لواشنطن التي تمتد 4 أيام، هي الأولى لرئيس فلبيني منذ أكثر من 10 سنوات.

هبة القدسي (واشنطن)
العالم الحرب الباردة بين أميركا والصين... هل تتغيّر حرارتها؟

الحرب الباردة بين أميركا والصين... هل تتغيّر حرارتها؟

من التداعيات المباشرة والأساسية للحرب في أوكرانيا عودة أجواء الحرب الباردة وبروز العقلية «التناحرية» التي تسود حالياً العلاقة بين الولايات المتحدة والصين. ومع كل ما يجري في العالم، نلمح الكثير من الشرارات المحتملة التي قد تؤدي إلى صدام بين القوتين الكبريين اللتين تتسابقان على احتلال المركز الأول وقيادة سفينة الكوكب في العقود المقبلة... كان لافتاً جداً ما قالته قبل أيام وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين وشكّل انعطافة كبيرة في مقاربة علاقات واشنطن مع بكين، من حيّز المصالح الاقتصادية الأميركية إلى حيّز الأمن القومي.

أنطوان الحاج
الاقتصاد الشركات الأميركية في الصين  تخشى مزيداً من تدهور علاقات البلدين

الشركات الأميركية في الصين تخشى مزيداً من تدهور علاقات البلدين

تخشى الشركات الأميركية في الصين بشكل متزايد من مزيد من التدهور في العلاقات بين البلدين، وفقاً لدراسة استقصائية أجرتها غرفة التجارة الأميركية في الصين. وأعرب 87 في المائة من المشاركين في الدراسة عن تشاؤمهم بشأن توقعات العلاقة بين أكبر الاقتصادات في العالم، مقارنة بنسبة 73 في المائة في استطلاع ثقة الأعمال الأخير. ويفكر ما يقرب من ربع هؤلاء الأشخاص، أو بدأوا بالفعل، في نقل سلاسل التوريد الخاصة بهم إلى دول أخرى.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد دعوات أميركية للحد من اعتماد الدول الغنية على السلع الصينية

دعوات أميركية للحد من اعتماد الدول الغنية على السلع الصينية

من المتوقع أن يبحث قادة مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى في قمتهم المقررة باليابان الشهر المقبل، الاتفاق على تحديد رد على التنمر الاقتصادي من جانب الصين.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد الصين تنتقد «الإكراه الاقتصادي» الأميركي

الصين تنتقد «الإكراه الاقتصادي» الأميركي

انتقدت بكين الجمعة، عزم واشنطن فرض قيود جديدة على استثمارات الشركات الأميركية في نظيرتها الصينية، معتبرة أن خطوة كهذه هي أقرب ما يكون إلى «إكراه اقتصادي فاضح وتنمّر تكنولوجي». وتدرس إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، برنامجاً لتقييد استثمارات خارجية أميركية، بما يشمل بعض التقنيات الحسّاسة التي قد تكون لها آثار على الأمن القومي. وتعاني طموحات الصين التكنولوجية أساساً من قيود تفرضها الولايات المتحدة ودول حليفة لها، ما دفع السلطات الصينية إلى إيلاء أهمية للجهود الرامية للاستغناء عن الاستيراد في قطاعات محورية مثل أشباه الموصلات. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية وانغ ونبين، إن «الولايات المتحد

«الشرق الأوسط» (بكين)

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».