إليزابيث بورن... ثاني امرأة تترأس الحكومة الفرنسية

تحديات وعقبات متوقعة على الطريق

إليزابيث بورن... ثاني امرأة تترأس الحكومة الفرنسية
TT

إليزابيث بورن... ثاني امرأة تترأس الحكومة الفرنسية

إليزابيث بورن... ثاني امرأة تترأس الحكومة الفرنسية

قلائل هم الذين يعرفون حقيقة رئيسة الحكومة الفرنسية الجديدة التي عينها الرئيس إيمانويل ماكرون بعد فوزه بولاية ثانية من خمس سنوات تؤهله للبقاء رئيساً للجمهورية حتى عام 2027. ومنذ أن ظهر اسم إليزابيت بورن على بيان الرئاسة المقتضب، كتبت الصحافة الفرنسية والأجنبية الكثير عنها مركّزة على المناصب الحكومية التي تبوأتها منذ عام 2017، أي منذ وصول ماكرون إلى قصر الإليزيه مركزة على التحديات التي واجهتها والإصلاحات التي أنجزتها في الوزارات الثلاث التي شغلتها: النقل والبيئة والعمل والشؤون الاجتماعية.
توقف المحللون والوسائل الإعلامية في فرنسا عند تسمية امرأة للمنصب الثاني في السلطة التنفيذية (خلف رئاسة الجمهورية) بعد 31 سنة على تعيين مماثل قام به الرئيس الاشتراكي الأسبق فرنسوا ميتران، الذي بقي في قصر الإليزيه لولايتين، بين 1981 و1995. بيد أن التجربة المؤلمة التي عاشتها، زمن ميتران، أديث كريسون، رئيسة الحكومة المعيّنة بسبب الثقافة السياسية «الذكورية» والحملات العنيفة التي تعرضت لها، قد تكون السبب الذي دفع خلفاء ميتران، أي الرؤساء جاك شيراك ونيكولا ساركوزي وفرنسوا هولاند، إلى تجنب الخوض في مغامرة مشابهة.
إلا أن ماكرون كسر هذه المقاربة، وخلال حملته الانتخابية، أشار أكثر من مرة إلى أنه يرغب بتعيين امرأة رئيسة للحكومة بحيث تلتحق فرنسا بالركب الأوروبي. وبالطبع، غاص السياسيون، ومعهم الوسائل الإعلامية، على الأسباب القريبة والعميقة التي دفعت ماكرون إلى تفضيل اختيار امرأة يعرفها وأثبتت جدارتها طيلة ولايته الأولى - والتي انضمت إليه منذ عام 2016 ولم تنتظر أن ينتخب أصغر رئيس للجمهورية الخامسة في العام الذي يليه.
- ميّالة إلى اليسار
ميل هذه المرأة البالغة من العمر 61 سنة إلى اليسار الاشتراكي كان موضع تحليل وتمحيص وتذكير بأنها عملت إلى جانب رئيس الحكومة الاشتراكي ليونيل جوسبان في عهد الرئيس شيراك الأول، وأنها كانت مديرة مكتب الوزيرة الاشتراكية سيغولين رويال. لكن الثابت أيضاً أنها لم تنضم أبداً إلى الحزب الاشتراكي، وإن كانت تتمتع بـ«إحساس» يساري قد يكون من بين العوامل التي دفعت ماكرون إلى اختيارها. وللتذكير هنا فإن الأخير انتظر 22 يوماً عقب انتخابه ليعلن اسم رئيسة الحكومة العتيدة.
حسب المعلومات المتداولة في الصالونات السياسية، فإن ماكرون كان يميل إلى تعيين كاترين فوترين، المرأة السياسية اليمينية التي شغلت منصباً وزارياً في عهد شيراك لتصبح لاحقاً ناطقة باسم المرشح نيكولا ساركوزي، وهي تشغل حالياً منصب رئيسة منطقة «ريمس الكبرى» الواقعة شرق فرنسا.
غير أن المحيط المباشر لماكرون، خصوصاً ألكسيس كوهلر أمين عام قصر الإليزيه - الذي صدر قرار جديد يبقيه المساعد الأول لرئيس الجمهورية وصاحب النفوذ الكبير -، وريشار فران رئيس مجلس النواب المنتهية ولايته وأحد الأوائل الذين دعموا صعود ماكرون السياسي، أقنعا الأخير بالتخلي عن تعيين امرأة تأتي من صفوف اليمين. وحجة هؤلاء الكبرى أنه أصلاً اختار يمينيين اثنين لترؤس حكومات عهده الأول (هما أدوار فيليب وجان كاستيكس).
أضف على ذلك أنه (أي ماكرون) يدين ببقائه رئيساً لناخبي اليسار الذين صوّتوا لصالحه وشكلوا سداً منيعاً بوجه مرشحة اليمين المتطرف مارين لو بن. ثم إن ماكرون وعد باتباع نهج جديد في الحكم لعهده الثاني، وبالتزامات اجتماعية تتناول الفئات الأكثر هشاشة خصوصاً في زمن تراجع القدرة الشرائية وارتفاع معدلات التضخم ومراوحة الرواتب مكانها.
وأخيراً، ثمة اعتقاد شائع أن الصيف المقبل سيكون حاراً اجتماعياً واقتصادياً، وأن الخريف الذي يليه سيكون أكثر سخونة، ما يذكر بما عرفته فرنسا من «السترات الصفراء» خلال العامين 2018 و2019. وبالتالي، ثمة حاجة مُلحّة بأن تكون رئيسة الحكومة الجديدة أكثر قبول وأكثر تفهماً لمتطلبات المرحلة القادمة الأمر الذي ينطبق على إليزابيث بورن.
وفي هذا السياق، تجدر الإشارة إلى أن بورن التي انضمت إلى حزب «الجمهورية إلى الأمام» الذي حمل ماكرون إلى الرئاسة قريبة من جان إيف لودريان وزير الخارجية الآتي من صفوف اليسار... ومن الاشتراكي الآخر، أوليفيه دوسو وزير النقل. والثلاثة مع فلورانس بارلي، وزيرة الدفاع، شكلوا «القطب اليساري» داخل الحكومة بمواجهة «القطب اليميني» الذي كان طاغياً إلى حد ما خلال ولاية ماكرون الأولى. وأبرز وزراء اليمين، وزير الاقتصاد والمالية برونو لومير ووزير الداخلية جيرالد دارمانان وغيرهما...
- دراما بورن الشخصية
يجهل كثيرون الدراما الشخصية التي عاشتها رئيسة الحكومة الجديدة، إذ إنها ترفض بشكل منهجي عرض حياتها الخاصة على الملأ. ولذا، من المفيد التوقف عند هذا الجانب الذي كان له تأثيره على مسارها الأكاديمي والمهني والسياسي. إذ إن إليزابيث بورن ابنة عائلة «مركّبة»، فأمها من منطقة النورماندي بينما والدها، جوزيف بورنشتاين، ينتمي إلى عائلة يهودية روسية الأصل فرّت من روسيا في عام 1939 بسبب صعود الشعور المعادي للسامية، فحطت رحالها في بلجيكا أولاً ثم في فرنسا.
وسريعاً، انتمى والدها إلى مقاومة الداخل الفرنسية في مواجهة النازيين الذين احتلوا فرنسا. إلا أنه قبض عليه وعلى والده زليغ وأخيه إسحاق في عام 1943 ونقلوا إلى المعتقلات النازية حيث توفي الأخيران. أما والدها، فعاد سالماً من المعتقل. وفي عام 1950 حصل على الجنسية الفرنسية وعمل مع زوجته في حقل الصيدلة. إلا أن الشركة التي أسساها واجهت صعوبات مالية كبيرة ما دفع الوالد إلى الانتحار في عام 1972 عندما كانت ابنته إليزابيث لا تزال طفلة.
مع نهاية الحرب، عمد جوزيف بورنشتاين إلى تغيير اسم عائلته فتخلى عن «بورنشتاين» الذي يدل على الأصل اليهودي مكتفياً بـ«بورن»... وهو الاسم الحركي الذي اتخذه في المقاومة. ومن المرات النادرة التي تحدثت فيها إليزابيث بورن عن حياتها الشخصية كانت في برنامج تلفزيوني، على القناة «سي 8». ومن الأمور التي قالتها: «لم تكن الحياة سهلة بالنسبة إلينا، إذ إنني خسرت والدي وأنا صغيرة السن ووجدنا أنفسنا، أنا وأختي نعيش مع والدتنا التي لم تكن تتحصل على موارد مالية كثيرة».
- خريجة «البوليتكنيك»
إلا أن وضعها المعترف به كـ«ابنة مقاوم» مكّنها من متابعة الدراسة في أرقى المعاهد الفرنسية، معهد البوليتكنيك، بفضل استقلاليتها المالية التي وفرتها لها الدولة. وفي عام 1981، تخرجت بورن في معهد البوليتكنيك، الذي تدخله نخبة الطلاب حاملة شهادة مهندس للجسور والمياه والغابات. وبالتوازي، فإنها حاصلة على ماجستير في إدارة الأعمال. وبسرعة، اقتربت من كواليس الإدارة والسلطة إذ عملت لوزارة التجهيزات، ثم لاحقاً، في الإدارة الإقليمية في منطقة إيل دو فرانس (باريس وضواحيها القريبة والبعيدة). كذلك اقتربت أكثر من الجهاز الحكومي في عام 1990 عندما عينت مستشارة لوزير التربية.
تنقلت بورن في عدد من المناصب الاستشارية. وعملت لصالح بلدية باريس مع رئيسيها الاشتراكيين المتعاقبين، برتراند دولانويه وآن هيدالغو، مديرة عامة لقسم التجهيزات قبل أن تعين مديرة (محافظة) لمنطقة بواتو - شارنت الواقعة جنوب غربي فرنسا. وهناك ارتبطت بعلاقة وثيقة مع سيغولين رويال، رئيستها التي عينتها مديرة لمكتبها بعدما تولت وزارة الانتقال البيئوي (2014 - 2015)، إبان عهد الرئيس الاشتراكي فرنسوا هولاند.
أيضاً، تقلبت بورن في العديد من المناصب في القطاعين العام والخاص، وكان آخر منصب شغلته قبل تعيينها وزيرة للعمل في حكومات هولاند المتعاقبة ترؤسها للإدارة العامة للنقل المشترك. ومع كل موقع جديد، اكتسبت سمعة جدية، إذ نظر إليها على أنها كفوءة وجدية في عملها و«تقنية» من الطراز الأول وذات معرفة تامة بالإدارة الفرنسية وصعوباتها. إلا أنها، في غالبية هذه المناصب، كانت بعيدة عن الأضواء.
في المقابل، فإن النقابات واليسار بشكل عام يأخذون عليها «الإصلاحات» التي أشرفت عليها، وتحديداً فيما خص قانون العمل، حيث خفضت بشكل كبير حقوق العاطلين عن العمل وشددت شروط الحصول عليها ما أصاب الأكثر هشاشة من السكان. وأيضاً هناك إصلاح قطاع النقل والسكك الحديد الذي تولته في إطار وزارة النقل... وتسبب بإضرابات قطاعية واختناقات عانى منها المواطنون لشهور.
- التحديات المرتقبة
ينظر المحيط المباشر لماكرون إلى رئيسة الحكومة الجديدة، رغم افتقارها للخبرة السياسية، على أنها كانت ناجحة في المناصب الوزارية التي أسندت إليها في السنوات الخمس المنصرمة. ومن خصالها أنها كانت دائماً «الجندي الوفي» للرئيس، وتسميتها في منصبها الجديد لن تستخدمه لمصلحة خاصة بل لخدمة مَن سماها رئيسة للحكومة. وقد سارع ماكرون، مباشرة عقب تسميته بورن، إلى تزويدها بما يشبه «خارطة طريق» التي يفترض أن تسير على هديها، وهي تعكس جانباً من الالتزامات التي قدمها خلال حملته الانتخابية. وجاء في تغريدته أن العمل الحكومي يتعين أن يركز على ملفات «البيئة، والصحة، والتعليم، والتشغيل الكامل، وإحياء الديمقراطية، وأوروبا والأمن»، مضيفاً أنه «مع الحكومة الجديدة، سنواصل العمل بلا كلل من أجل الشعب الفرنسي».
بيد أنه قبل الانطلاق في هذه «الخارطة»، يتوجب على الثنائي التنفيذي أن يتفقا على تشكيل حكومة العهد الأولى. وبدأ الاثنان العمل في اليوم التالي للتكليف حين استضاف ماكرون، إلى مائدته، رئيسة الحكومة مع مدير مكتبها من أجل «غربلة» أولى للأسماء.
وفق الدستور الفرنسي، فإن رئيس الحكومة يقترح ورئيس الجمهورية يقرر. ورغم أنه لن يكون تشكيل الحكومة عصياً، فهو صعب بعض الشيء إذ ستكون مهمة الثنائي معقدة بسبب الحاجة إلى التوفيق بين «اعتباري» الإبقاء على عدد من الوزراء... وضحّ دماء جديدة. وهذا، إضافة إلى إيجاد مواقع لعدد من الذين دعموا ماكرون بعدما تخلوا عن أحزابهم، أكان ذلك للاشتراكيين أو المنتمين إلى حزب «الجمهورية» اليميني المعتدل.
غير أن مهمة بورن الفورية تكمن في التحضير للانتخابات التشريعية التي ستجرى يومي 12 و19 يونيو (حزيران) المقبل. ومنذ تعيينها، أصبحت الأخيرة رئيسة الأكثرية الملتفة حول الرئيس، وبالتالي يتعين عليها أن تقودها لتضمن له الحصول على أكثرية مريحة في البرلمان.
تخوض بورن، شخصياً، غمار الانتخابات للمرة الأولى مرشحة باسم تجمع «معاً» الذي يضم الأحزاب الداعمة لماكرون، وذلك في دائرة قضاء «كالفادوس» التابع لمنطقة النورماندي. والصعوبة بالنسبة لها أنها تفتقر للخبرة الانتخابية، وأن بقاءها في منصبها لما بعد الانتخابات مشروط بفوزها بمقعد في الندوة البرلمانية وبالحصول على الأكثرية النيابية. أما بعكس ذلك، فإنها، وفق تقاليد الجمهورية الفرنسية، تفقد مركزها.
ورغم أن حصول الانتخابات النيابية مباشرة بعد الانتخابات الرئيسية من شأنه أن يوفر بسهولة للرئيس الجديد الأكثرية التي يحتاج إليها، فإن الأمور هذه المرة مختلفة بالنظر لتكوّن ثلاث كتل تحتل المشهد السياسي هي: كتلة وسطية مع بعض اليمين واليسار تلتف حول ماكرون، وكتلة على أقصى اليمين وأخرى على أقصى اليسار. لكن استطلاعات الرأي ترجح أن ماكرون سيحوذ على الأكثرية التي يحتاج إليها. ومن هنا، فإن التحدي الأول والأكبر أن تنجح بورن في إيصال أكثرية مريحة إلى البرلمان تدعم عمل رئيس الجمهورية والحكومة معاً.
- ملفات الهموم المعيشية
ثمة ملفات أساسية يتوجب على بورن وحكومتها العتيدة أن تتصديا لها وبسرعة، وأولها القدرة الشرائية ومساعدة الشرائح الاجتماعية الأكثر هشاشة. وثانيها الملف البيئوي الذي جعله ماكرون على رأس أولوياته. بيد أن الملف الأكثر تفجرا، قطعاً، سيكون إعادة النظر في قانون التقاعد... علماً بأن ماكرون اقترح في برنامجه الانتخابي رفع سن التقاعد «الرسمي» من 62 إلى 65 سنة، الأمر الذي يثير رفضاً لدى النقابات. وتجدر الإشارة إلى أن رئيس الحكومة الأسبق أدوار فيليب سعى للتوصل إلى قانون جديد للتقاعد وهو ما أثار حملة واسعة من الإضرابات والاضطرابات الاجتماعية التي لم تهدأ إلا مع اندلاع جائحة «كوفيد 19».

جاك شيراك  -  جورج بومبيدو  -  ليونيل جوسبان

- رؤساء الحكومات الفرنسية في «الجمهورية الخامسة»
• عهد الرئيس الجنرال شارل ديغول (قومي محافظ - يمين وطني معتدل عرف بالمدرسة السياسية «الديغولية»، وهو باني فرنسا الحديثة بعد الحرب العالمية الثانية ومؤسس «الجمهورية الخامسة») - بين 1959 واستقالة ديغول عام 1969
ميشال دوبريه (1959 - 1962) - ديغولي
جورج بومبيدو (1962 - 1968) - 4 حكومات - ديغولي
موريس كوف دي مورفيل (1968 - 1969) - ديغولي - أول رئيس وزراء بروتستانتي في «الجمهورية الخامسة»
• عهد الرئيس جورج بومبيدو (ديغولي) - بين 1069 و1974 وتوفي أثناء وجوده في السلطة بعد إصابته بالسرطان
جاك شابان دلماس (1969 - 1972) - ديغولي
بيار ميسمير (1972 - 1974) - 3 حكومات - ديغولي
• عهد الرئيس فاليري جيسكار ديستان (تيار يمين وسط ليبرالي كان لفترة حليفاً للديغوليين، عرف بـ«الجيسكاردي») - بين 1974 و1981. وانتهى عهده بعد هزيمته أمام الاشتراكي فرنسوا ميتران
جاك شيراك (1974 - 1976) - محافظ (ديغولي)
ريمون بار (1976 - 1981) - 3 حكومات - جيسكاردي
• عهد الرئيس فرنسوا ميتران (الزعيم الاشتراكي التاريخي) - بين 1981 و1995، وكان قد خسر أولى محاولات دخول قصر الإليزيه بخسارته أمام ديغول. لكنه أعاد بناء اليسار الاشتراكي، وهيمن على الساحة طوال فترة حكمه الطويلة.
بيار موروا (1981 - 1984) - 3 حكومات - اشتراكي
لوران فابيوس (1984 - 1986) - اشتراكي - أول رئيس وزراء يهودي في «الجمهورية الخامسة»
جاك شيراك (1986 - 1988) - فترة «المساكنة» الأولى بين رئيس جمهورية اشتراكي ورئيس حكومة محافظ
ميشال روكار (1988 - 1991) - اشتراكي
إديث كريسون (1991 - 1992) - أول امرأة تتولى رئاسة الحكومة الفرنسية - اشتراكية
بيار بيريغوفوا (1992 - 1993) - اشتراكي
إدوار بالادور (1993 - 1995) - محافظ
• عهد الرئيس جاك شيراك (محافظ) - بين 1995 و2007، وأقوى ورثة «الديغولية» بعد جورج بومبيدو، واطول الرؤساء المحافظين حكماً في «الجمهورية الخامسة»
آلان جوبيه (1995 - 1997) - حكومتان - محافظ
ليونيل جوسبان (1997 - 2002) - اشتراكي - سياسي بروتستانتي اشتراكي كلاسيكي، خسر مرتين معركتيه للفوز برئاسة الجمهورية
جان بيار رافاران (2002 - 2005) - 3 حكومات - ليبرالي ثم محافظ
دومينيك دو فيلبان (2005 - 2007) - محافظ
• عهد الرئيس نيكولا ساركوزي (محافظ) - بين 2007 و2012. عده كثيرون على يمين شيراك، وانتهى عهد بسلسلة من الفضائح التي طالته وطالت رئيس وزرائه فرنسوا فييون
فرنسوا فييون (2007 - 2012) - 3 حكومات - محافظ
• عهد الرئيس فرنسوا هولاند (اشتراكي) - بين 2012 و2017، الذي بدا فيه ترهل الحزب الاشتراكي، وتزايد الاستقطاب في الساحة الاشتراكية بين المنشقين الوسطيين، بقيادة إمانويل ماكرون والمنشقين اليساريين الراديكاليين، بقيادة جان لوك ميلانشون
جان - مارك إيرو (2012 - 2014) - حكومتان - اشتراكي
مانويل فالس (2014 - 2016) – حكومتان - اشتراكي
برنار دي كازنوف (2016 - 2017) - اشتراكي
• عهد الرئيس إيمانويل ماكرون (وسطي ليبرالي منشق عن الاشتراكيين) - منذ 2017 ومثّل حركة اعتراضية تجديدية ليبرالية انقلبت على الحزب الاشتراكي ورغم إخفاق ماكرون في المحافظة على زخم حركته، فإنه استفاد من اشتداد خطر تيار اليمين العنصري المتطرف، ما سمح له أخيراً بالفوز بالانتخابات الرئاسية ثانية ضد المرشحة اليمينية المتطرفة مارين لوبن.
إدوار فيليب (2017 - 2020) - محافظ ليبرالي معتدل
جان كاستيكس (2020 - 2022) - تيار الرئيس ماكرون الوسطي الليبرالي
إليزابيث بورن (2022 - ......) - يسار الوسط


مقالات ذات صلة

فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

شؤون إقليمية فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

ندّدت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع عَلَم بنما، في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس، التابع لـ«البحرية» الأميركية، وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم «الخارجية» الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجَزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)
العالم باريس «تأمل» بتحديد موعد قريب لزيارة وزير الخارجية الإيطالي

باريس «تأمل» بتحديد موعد قريب لزيارة وزير الخارجية الإيطالي

قالت وزارة الخارجية الفرنسية إنها تأمل في أن يُحدَّد موعد جديد لزيارة وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني بعدما ألغيت بسبب تصريحات لوزير الداخلية الفرنسي حول سياسية الهجرة الإيطالية اعتُبرت «غير مقبولة». وكان من المقرر أن يعقد تاياني اجتماعا مع وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا مساء اليوم الخميس. وكان وزير الداخلية الفرنسي جيرار دارمانان قد اعتبر أن رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني «عاجزة عن حل مشاكل الهجرة» في بلادها. وكتب تاياني على «تويتر»: «لن أذهب إلى باريس للمشاركة في الاجتماع الذي كان مقررا مع الوزيرة كولونا»، مشيرا إلى أن «إهانات وزير الداخلية جيرالد دارمانان بحق الحكومة وإي

«الشرق الأوسط» (باريس)
طرد الطيور في مطار «أورلي الفرنسي»  بالألعاب النارية

طرد الطيور في مطار «أورلي الفرنسي» بالألعاب النارية

يستخدم فريق أساليب جديدة بينها الألعاب النارية ومجموعة أصوات لطرد الطيور من مطار أورلي الفرنسي لمنعها من التسبب بمشاكل وأعطال في الطائرات، حسب وكالة الصحافة الفرنسية. وتطلق كولين بليسي وهي تضع خوذة مانعة للضجيج ونظارات واقية وتحمل مسدساً، النار في الهواء، فيصدر صوت صفير ثم فرقعة، مما يؤدي إلى فرار الطيور الجارحة بعيداً عن المدرج. وتوضح "إنها ألعاب نارية. لم تُصنّع بهدف قتل الطيور بل لإحداث ضجيج" وإخافتها. وتعمل بليسي كطاردة للطيور، وهي مهنة غير معروفة كثيراً لكنّها ضرورية في المطارات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم فرنسا: المجلس الدستوري يصدر عصراً قراره بشأن قبول إجراء استفتاء على قانون العمل الجديد

فرنسا: المجلس الدستوري يصدر عصراً قراره بشأن قبول إجراء استفتاء على قانون العمل الجديد

تتجه الأنظار اليوم إلى فرنسا لمعرفة مصير طلب الموافقة على «الاستفتاء بمبادرة مشتركة» الذي تقدمت به مجموعة من نواب اليسار والخضر إلى المجلس الدستوري الذي سيصدر فتواه عصر اليوم. وثمة مخاوف من أن رفضه سيفضي إلى تجمعات ومظاهرات كما حصل لدى رفض طلب مماثل أواسط الشهر الماضي. وتداعت النقابات للتجمع أمام مقر المجلس الواقع وسط العاصمة وقريباً من مبنى الأوبرا نحو الخامسة بعد الظهر «مسلحين» بقرع الطناجر لإسماع رفضهم السير بقانون تعديل نظام التقاعد الجديد. ويتيح تعديل دستوري أُقرّ في العام 2008، في عهد الرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي، طلب إجراء استفتاء صادر عن خمسة أعضاء مجلس النواب والشيوخ.

ميشال أبونجم (باريس)
«يوم العمال» يعيد الزخم لاحتجاجات فرنسا

«يوم العمال» يعيد الزخم لاحتجاجات فرنسا

عناصر أمن أمام محطة للدراجات في باريس اشتعلت فيها النيران خلال تجدد المظاهرات أمس. وأعادت مناسبة «يوم العمال» الزخم للاحتجاجات الرافضة إصلاح نظام التقاعد الذي أقرّه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)


أفريقيا... ساحة تنافس جديد بين الهند والصين

Chinese Foreign Minister Wang Yi (C) speaks during a press conference with Senegal's Foreign Minister Yassine Fall (L) and Congo Foreign Minister Jean-Claude Gakosso (R) at the Forum on China-Africa Cooperation (FOCAC) in Beijing on September 5, 2024. (Photo by GREG BAKER / AFP)
Chinese Foreign Minister Wang Yi (C) speaks during a press conference with Senegal's Foreign Minister Yassine Fall (L) and Congo Foreign Minister Jean-Claude Gakosso (R) at the Forum on China-Africa Cooperation (FOCAC) in Beijing on September 5, 2024. (Photo by GREG BAKER / AFP)
TT

أفريقيا... ساحة تنافس جديد بين الهند والصين

Chinese Foreign Minister Wang Yi (C) speaks during a press conference with Senegal's Foreign Minister Yassine Fall (L) and Congo Foreign Minister Jean-Claude Gakosso (R) at the Forum on China-Africa Cooperation (FOCAC) in Beijing on September 5, 2024. (Photo by GREG BAKER / AFP)
Chinese Foreign Minister Wang Yi (C) speaks during a press conference with Senegal's Foreign Minister Yassine Fall (L) and Congo Foreign Minister Jean-Claude Gakosso (R) at the Forum on China-Africa Cooperation (FOCAC) in Beijing on September 5, 2024. (Photo by GREG BAKER / AFP)

منذ فترة ولايته الأولى عام 2014، كان رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي أكبر مناصر للعلاقات بين الهند وأفريقيا.

على خلفية ذلك، تجدر الإشارة إلى أن الحكومة الهندية بذلت جهداً استثنائياً للتواصل مع الدول الأفريقية عبر زيارات رفيعة المستوى من القيادة العليا، أي الرئيس ونائب الرئيس ورئيس الوزراء، إلى ما مجموعه 40 بلداً في أفريقيا بين عامي 2014 و2019. ولا شك أن هذا هو أكبر عدد من الزيارات قبل تلك الفترة المحددة أو بعدها.

من ثم، فإن الزيارة التي قام بها مؤخراً رئيس الوزراء الهندي مودي إلى نيجيريا قبل سفره إلى البرازيل لحضور قمة مجموعة العشرين، تدل على أن زيارة أبوجا (في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي) ليست مجرد زيارة ودية، وإنما خطوة استراتيجية لتعزيز القوة. مما يؤكد على التزام الهند ببناء علاقات أعمق مع أفريقيا، والبناء على الروابط التاريخية، والخبرات المشتركة، والمنافع المتبادلة.

صرح إتش. إس. فيسواناثان، الزميل البارز في مؤسسة «أوبزرفر» للأبحاث وعضو السلك الدبلوماسي الهندي لمدة 34 عاماً، بأنه «من خلال تعزيز الشراكات الاقتصادية، وتعزيز التعاون الدفاعي، وتعزيز التبادل الثقافي، تُظهِر الهند نفسها بصفتها لاعباً رئيسياً في مستقبل أفريقيا، في الوقت الذي تقدم فيه بديلاً لنهج الصين الذي غالباً ما يتعرض للانتقاد. إن تواصل الهند في أفريقيا هو جزء من أهدافها الجيوسياسية الأوسع نطاقاً للحد من نفوذ الصين».

سافر مودي إلى 14 دولة أفريقية خلال السنوات العشر الماضية من حكمه بالمقارنة مع عشر زيارات لنظيره الصيني شي جينبينغ. بيد أن زيارته الجديدة إلى نيجيريا تعد أول زيارة يقوم بها رئيس وزراء هندي لهذه الدولة منذ 17 عاماً. كانت الأهمية التي توليها نيجيريا للهند واضحة من حقيقة أن رئيس الوزراء الهندي مُنح أعلى وسام وطني في البلاد، وسام القائد الأكبر، وهو ثاني شخصية أجنبية فقط تحصل على هذا التميز منذ عام 1969، بعد الملكة إليزابيث الثانية؛ مما يؤكد على المكانة التي توليها نيجيريا للهند.

نجاح الهند في ضم الاتحاد الأفريقي إلى قمة مجموعة العشرين

كان الإنجاز الكبير الذي حققته الهند هو جهدها لضمان إدراج الاتحاد الأفريقي عضواً دائماً في مجموعة العشرين، وهي منصة عالمية للنخبة تؤثر قراراتها الاقتصادية على ملايين الأفارقة. وقد تم الإشادة برئيس الوزراء مودي لجهوده الشخصية في إدراج الاتحاد الأفريقي ضمن مجموعة العشرين من خلال اتصالات هاتفية مع رؤساء دول مجموعة العشرين. وكانت جهود الهند تتماشى مع دعمها الثابت لدور أكبر لأفريقيا في المنصات العالمية، وهدفها المتمثل في استخدام رئاستها للمجموعة في منح الأولوية لشواغل الجنوب العالمي.

يُذكر أن الاتحاد الأفريقي هو هيئة قارية تتألف من 55 دولة.

دعا مودي، بصفته مضيف مجموعة العشرين، رئيس الاتحاد الأفريقي، غزالي عثماني، إلى شغل مقعده بصفته عضواً دائماً في عصبة الدول الأكثر ثراء في العالم، حيث صفق له القادة الآخرون وتطلعوا إليه.

وفقاً لراجيف باتيا، الذي شغل أيضاً منصب المدير العام للمجلس الهندي للشؤون العالمية في الفترة من 2012 - 2015، فإنه «لولا الهند لكانت مبادرة ضم الاتحاد الأفريقي إلى مجموعة العشرين قد فشلت. بيد أن الفضل في ذلك يذهب إلى الهند لأنها بدأت العملية برمتها وواصلت تنفيذها حتى النهاية. وعليه، فإن الأفارقة يدركون تمام الإدراك أنه لولا الدعم الثابت من جانب الهند ورئيس الوزراء مودي، لكانت المبادرة قد انهارت كما حدث العام قبل الماضي أثناء رئاسة إندونيسيا. لقد تأثرت البلدان الأفريقية بأن الهند لم تعد تسمح للغرب بفرض أخلاقياته».

التوغلات الصينية في أفريقيا

تهيمن الصين في الواقع على أفريقيا، وقد حققت توغلات أعمق في القارة السمراء لأسباب استراتيجية واقتصادية على حد سواء. بدأت العلاقات السياسية والاقتصادية الحديثة بين البر الصيني الرئيسي والقارة الأفريقية في عهد ماو تسي تونغ، بعد انتصار الحزب الشيوعي الصيني في الحرب الأهلية الصينية. زادت التجارة بين الصين وأفريقيا بنسبة 700 في المائة خلال التسعينات، والصين حالياً هي أكبر شريك تجاري لأفريقيا. وقد أصبح منتدى التعاون الصيني - الافريقي منذ عام 2000 المنتدى الرسمي لدعم العلاقات. في الواقع، الأثر الصيني في الحياة اليومية الأفريقية عميق - الهواتف المحمولة المستخدمة، وأجهزة التلفزيون، والطرق التي تتم القيادة عليها مبنية من قِبل الصينيين.

كانت الصين متسقة مع سياستها الأفريقية. وقد عُقدت الدورة التاسعة من منتدى التعاون الصيني - الأفريقي في سبتمبر (أيلول) 2024، في بكين.

كما زوّدت الصين البلدان الأفريقية بمليارات الدولارات في هيئة قروض ساعدت في بناء البنية التحتية المطلوبة بشدة. علاوة على ذلك، فإن تعزيز موطئ قدم لها في ثاني أكبر قارة من حيث عدد السكان في العالم يأتي مع ميزة مربحة تتمثل في إمكانية الوصول إلى السوق الضخمة، فضلاً عن الاستفادة من الموارد الطبيعية الهائلة في القارة، بما في ذلك النحاس، والذهب، والليثيوم، والمعادن الأرضية النادرة. وفي الأثناء ذاتها، بالنسبة للكثير من الدول الأفريقية التي تعاني ضائقة مالية، فإن أفريقيا تشكل أيضاً جزءاً حيوياً من مبادرة الحزام والطريق الصينية، حيث وقَّعت 53 دولة على المسعى الذي تنظر إليه الهند بريبة عميقة.

كانت الصين متسقة بشكل ملحوظ مع قممها التي تُعقد كل ثلاث سنوات؛ وعُقدت الدورة التاسعة لمنتدى التعاون الصيني - الأفريقي في سبتمبر 2024. وفي الوقت نفسه، بلغ إجمالي تجارة الصين مع القارة ثلاثة أمثال هذا المبلغ تقريباً الذي بلغ 282 مليار دولار.

الهند والصين تناضلان من أجل فرض الهيمنة

تملك الهند والصين مصالح متنامية في أفريقيا وتتنافسان على نحو متزايد على الصعيدين السياسي والاقتصادي.

في حين تحاول الصين والهند صياغة نهجهما الثنائي والإقليمي بشكل مستقل عن بعضهما بعضاً، فإن عنصر المنافسة واضح. وبينما ألقت بكين بثقلها الاقتصادي الهائل على تطوير القدرة التصنيعية واستخراج الموارد الطبيعية، ركزت نيودلهي على كفاءاتها الأساسية في تنمية الموارد البشرية، وتكنولوجيا المعلومات، والتعليم، والرعاية الصحية.

مع ذلك، قال براميت بول شاودهوري، المتابع للشؤون الهندية في مجموعة «أوراسيا» والزميل البارز في «مركز أنانتا أسبن - الهند»: «إن الاستثمارات الهندية في أفريقيا هي إلى حد كبير رأسمال خاص مقارنة بالصينيين. ولهذا السبب؛ فإن خطوط الائتمان التي ترعاها الحكومة ليست جزءاً رئيسياً من قصة الاستثمار الهندية في أفريقيا. الفرق الرئيسي بين الاستثمارات الهندية في أفريقيا مقابل الصين هو أن الأولى تأتي مع أقل المخاطر السياسية وأكثر انسجاماً مع الحساسيات الأفريقية، لا سيما فيما يتعلق بقضية الديون».

ناريندرا مودي وشي جينبينغ في اجتماع سابق (أ.ب)

على عكس الصين، التي ركزت على إقامة البنية التحتية واستخراج الموارد الطبيعية، فإن الهند من خلال استثماراتها ركزت على كفاءاتها الأساسية في تنمية الموارد البشرية، وتكنولوجيا المعلومات، والأمن البحري، والتعليم، والرعاية الصحية. والحقيقة أن الشركات الصينية كثيراً ما تُتهم بتوظيف أغلب العاملين الصينيين، والإقلال من جهودها الرامية إلى تنمية القدرات المحلية، وتقديم قدر ضئيل من التدريب وتنمية المهارات للموظفين الأفارقة. على النقيض من ذلك، يهدف بناء المشاريع الهندية وتمويلها في أفريقيا إلى تيسير المشاركة المحلية والتنمية، بحسب ما يقول الهنود. تعتمد الشركات الهندية أكثر على المواهب الأفريقية وتقوم ببناء قدرات السكان المحليين. علاوة على ذلك، وعلى عكس الإقراض من الصين، فإن المساعدة الإنمائية التي تقدمها الهند من خلال خطوط الائتمان الميسرة والمنح وبرامج بناء القدرات هي برامج مدفوعة بالطلب وغير مقيدة. ومن ثم، فإن دور الهند في أفريقيا يسير جنباً إلى جنب مع أجندة النمو الخاصة بأفريقيا التي حددتها أمانة الاتحاد الأفريقي، أو الهيئات الإقليمية، أو فرادى البلدان، بحسب ما يقول مدافعون عن السياسة الهندية.

ويقول هوما صديقي، الصحافي البارز الذي يكتب عن الشؤون الاستراتيجية، إن الهند قطعت في السنوات الأخيرة شوطاً كبيراً في توسيع نفوذها في أفريقيا، لكي تظهر بوصفها ثاني أكبر مزود للائتمان بالقارة. شركة الاتصالات الهندية العملاقة «إيرتل» - التي دخلت أفريقيا عام 1998، هي الآن أحد أكبر مزودي خدمات الهاتف المحمول في القارة، كما أنها طرحت خطاً خاصاً بها للهواتف الذكية من الجيل الرابع بأسعار زهيدة في رواندا. وكانت الهند رائدة في برامج التعليم عن بعد والطب عن بعد لربط المستشفيات والمؤسسات التعليمية في كل البلدان الأفريقية مع الهند من خلال شبكة الألياف البصرية. وقد ساعدت الهند أفريقيا في مكافحة جائحة «كوفيد – 19» بإمداد 42 بلداً باللقاحات والمعدات.

تعدّ الهند حالياً ثالث أكبر شريك تجاري لأفريقيا، حيث يبلغ حجم التجارة الثنائية بين الطرفين نحو 100 مليار دولار. وتعدّ الهند عاشر أكبر مستثمر في أفريقيا من حيث حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة. كما توسع التعاون الإنمائي الهندي بسرعة منذ أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وكانت البلدان الأفريقية هي المستفيد الرئيسي من برنامج الخطوط الائتمانية الهندية.

قالت هارشا بانغاري، المديرة الإدارية لبنك الهند للاستيراد والتصدير: «على مدى العقد الماضي، قدمت الهند ما يقرب من 32 مليار دولار أميركي في صورة ائتمان إلى 42 دولة أفريقية، وهو ما يمثل 38 في المائة من إجمالي توزيع الائتمان. وهذه الأموال، التي تُوجه من خلال بنك الهند للاستيراد والتصدير، تدعم مجموعة واسعة من المشاريع، بما في ذلك الرعاية الصحية والبنية التحتية والزراعة والري».

رغم أن الصين تتصدر الطريق في قطاع البنية التحتية، فإن التمويل الصيني للبنية التحتية في أفريقيا قد تباطأ بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة. برزت عملية تطوير البنية التحتية سمةً مهمة من سمات الشراكة التنموية الهندية مع أفريقيا. وقد أنجزت الهند حتى الآن 206 مشاريع في 43 بلداً أفريقياً، ويجري حالياً تنفيذ 65 مشروعاً، يبلغ مجموع الإنفاق عليها نحو 12.4 مليار دولار. وتقدم الهند أيضاً إسهامات كبيرة لبناء القدرات الأفريقية من خلال برنامجها للتعاون التقني والتكنولوجي، والمنح الدراسية، وبناء المؤسسات في القارة.

وتجدر الإشارة إلى أن الهند أكثر ارتباطاً جغرافياً من الصين بالقارة الأفريقية، وهي بالتالي تتشاطر مخاوفها الأمنية أيضاً. وتعتبر الهند الدول المطلة على المحيط الهندي في افريقيا مهمة لاستراتيجيتها الخاصة بمنطقة المحيطين الهندي والهادئ، ووقّعت الهند مع الكثير منها اتفاقيات للدفاع والشحن تشمل التدريبات المشتركة. كما أن دور قوات حفظ السلام الهندية موضع تقدير كبير.

يقول السفير الهندي السابق والأمين المشترك السابق لشؤون أفريقيا في وزارة الخارجية، السفير ناريندر تشوهان: «إن الانتقادات الموجهة إلى المشاركة الاقتصادية للصين مع أفريقيا قد تتزايد من النقابات العمالية والمجتمع المدني بشأن ظروف العمل السيئة والممارسات البيئية غير المستدامة والتشرد الوظيفي الذي تسببه الشركات الصينية. ويعتقد أيضاً أن الصين تستغل نقاط ضعف الحكومات الأفريقية، وبالتالي تشجع الفساد واتخاذ القرارات المتهورة. فقد شهدت أنغولا، وغانا، وغامبيا، وكينيا مظاهرات مناهضة للمشاريع التي تمولها الصين. وهناك مخاوف دولية متزايدة بشأن الدور الذي تلعبه الصين في القارة الأفريقية».

القواعد العسكرية الصينية والهندية في أفريقيا

قد يكون تحقيق التوازن بين البصمة المتزايدة للصين في أفريقيا عاملاً آخر يدفع نيودلهي إلى تعزيز العلاقات الدفاعية مع الدول الافريقية.

أنشأت الصين أول قاعدة عسكرية لها في الخارج في جيبوتي، في القرن الأفريقي، عام 2017؛ مما أثار قلق الولايات المتحدة؛ إذ تقع القاعدة الصينية على بعد ستة أميال فقط من قاعدة عسكرية أميركية في البلد نفسه.

تقول تقارير إعلامية إن الصين تتطلع إلى وجود عسكري آخر في دولة الغابون الواقعة في وسط أفريقيا. ونقلت وكالة أنباء «بلومبرغ» عن مصادر قولها إن الصين تعمل حالياً على دخول المواني العسكرية في تنزانيا وموزمبيق الواقعتين على الساحل الشرقي لأفريقيا. وذكرت المصادر أنها عملت أيضاً على التوصل إلى اتفاقيات حول وضع القوات مع كلا البلدين؛ الأمر الذي سيقدم للصين مبرراً قانونياً لنشر جنودها هناك.

تقليدياً، كان انخراط الهند الدفاعي مع الدول الأفريقية يتركز على التدريب وتنمية الموارد البشرية.

في السنوات الأخيرة، زادت البحرية الهندية من زياراتها للمواني في الدول الأفريقية، ونفذت التدريبات البحرية الثنائية ومتعددة الأطراف مع الدول الأفريقية. من التطورات المهمة إطلاق أول مناورة ثلاثية بين الهند وموزمبيق وتنزانيا في دار السلام في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2022.

هناك مجال آخر مهم للمشاركة الدفاعية الهندية، وهو الدفع نحو تصدير معدات الدفاع الهندية إلى القارة.

ألقى التركيز الدولي على توسع الوجود الصيني في أفريقيا بظلاله على تطور مهم آخر - وهو الاستثمار الاستراتيجي الهندي في المنطقة. فقد شرعت الهند بهدوء، لكن بحزم، في بناء قاعدة بحرية على جزر أغاليغا النائية في موريشيوس.

تخدم قاعدة أغاليغا المنشأة حديثاً الكثير من الأغراض الحيوية للهند. وسوف تدعم طائرات الاستطلاع والحرب المضادة للغواصات، وتدعم الدوريات البحرية فوق قناة موزمبيق، وتوفر نقطة مراقبة استراتيجية لمراقبة طرق الشحن حول الجنوب الأفريقي.

وفي سابقة من نوعها، عيَّنت الهند ملحقين عسكريين عدة في بعثاتها الدبلوماسية في أفريقيا.

وفقاً لغورجيت سينغ، السفير السابق لدى إثيوبيا والاتحاد الأفريقي ومؤلف كتاب «عامل هارامبي: الشراكة الاقتصادية والتنموية بين الهند وأفريقيا»: «في حين حققت الهند تقدماً كبيراً في أفريقيا، فإنها لا تزال متخلفة عن الصين من حيث النفوذ الإجمالي. لقد بذلت الهند الكثير من الجهد لجعل أفريقيا في بؤرة الاهتمام، هل الهند هي الشريك المفضل لأفريقيا؟ صحيح أن الهند تتمتع بقدر هائل من النوايا الحسنة في القارة الأفريقية بفضل تضامنها القديم، لكن هل تتمتع بالقدر الكافي من النفوذ؟ من الصعب الإجابة عن هذه التساؤلات، سيما في سياق القوى العالمية الكبرى كافة المتنافسة على فرض نفوذها في المنطقة. ومع ذلك، فإن عدم القدرة على عقد القمة الرابعة بين الهند وأفريقيا حتى بعد 9 سنوات من استضافة القمة الثالثة لمنتدى الهند وأفريقيا بنجاح في نيودلهي، هو انعكاس لافتقار الهند إلى النفوذ في أفريقيا. غالباً ما تم الاستشهاد بجائحة «كوفيد - 19» والجداول الزمنية للانتخابات بصفتها أسباباً رئيسية وراء التأخير المفرط في عقد قمة المنتدى الهندي الأفريقي».