عرش بلقيس... رمز السلطة والسطوة للدولة السبئية القديمة

زارت المعبد الأهم في التاريخ اليمني القديم

«عرش بلقيس» أحد أشهر الآثار السبئية القديمة (الشرق الأوسط)
«عرش بلقيس» أحد أشهر الآثار السبئية القديمة (الشرق الأوسط)
TT

عرش بلقيس... رمز السلطة والسطوة للدولة السبئية القديمة

«عرش بلقيس» أحد أشهر الآثار السبئية القديمة (الشرق الأوسط)
«عرش بلقيس» أحد أشهر الآثار السبئية القديمة (الشرق الأوسط)

يعد معبد (أوام) المعروف بـ«عرش بلقيس» أحد أشهر الآثار السبئية القديمة التي مثلت رمزاً للسلطة الدينية، ومقصداً للشعوب والقبائل الخاضعة لمملكة سبأ لتقديم القرابين والنذور، تعبيراً عن الخضوع والولاء.
«الشرق الأوسط» زارت العرش أو المعبد الأهم في التاريخ اليمني القديم، وقامت بجولة على بقايا الآثار الموجودة التي بدت مهملة بسبب الظروف التي تمر بها البلاد، والحروب المتواصلة طيلة العقود الماضية.
وبحسب الدكتور عبد الله التام المعيد بقسم الآثار في جامعة إقليم سبأ بمأرب، فإن أهمية عرش بلقيس (معبد أوام) تمثلت بأنه كان رمزاً للسلطة الدينية في سبأ، وكان لزاماً على الشعوب والقبائل المنضوية تحت الدولة السبئية زيارته وتقديم القرابين والنذور تعبيراً عن الخضوع والولاء.
وأضاف في حديث لـ«الشرق الأوسط» بقوله: «إضافة إلى ذلك كان معبد أوام من أشهر الأماكن التي يحج إليها اليمنيون وغير اليمنيين، وهو حج له شعائره وطقوسه الخاصة به، وكانت زيارات الحجيج تجرى في مواسم محددة من كل عام، فقد كان هناك مواسم الحج الجماعي الذي يجري خلال شهر (ذابهي)، أما موسم الحج الفردي الذي يختلف شعائره وطقوسه عن الحج الجماعي، فقد كان يجري خلال شهر (ذي هوبس)».

يقع المعبد في منطقة معزولة تستخدم بشكل رئيسي كمكان ديني مقدس، يسمى أوام وتعني «مكان اللجوء»، وهناك احتمال أن المعبد تطور من ضريح صغير إلى مجمع هائل يشمل العديد من الهياكل المرتبطة بالمعبد، أي منازل للكهنة، وغرف مساعدة، وورش عمل للتنجيم، ومقبرة متصلة بالمحمية والمنطقة السكنية التي جعلت اسمها المقاطعة المحمية، وأظهرت الأبحاث الجيومورفولوجية أن معبد أوام شيّد على منصة طبيعية عالية، مما يجعله أكثر إعجاباً للعيان.
فور وصولنا المعبد، وجدنا طفلاً لا يتجاوز العاشرة من عمره، يقف إلى جانب بوابة مغلقة بقفل حديدي متصلة بسلك معدني متهالك يحيط بأجزاء من المعبد، وعندما طلبنا منه فتح البوابة رفض قبل أن يتم دفع مبلغاً من المال لا يتجاوز دولاراً واحداً، وهو مبلغ رمزي يدفع بشكل غير رسمي مقابل حراسة للمكان، على حد تعبيره.
اتجهنا مباشرة نحو الأعمدة الثمانية البارزة وكان المنظر رغم جماله محبطاً حيث بدا المكان مهملاً وتتناثر القطع الأثرية المليئة بالكتابات السبئية القديمة بشكل عشوائي، كما أن الأعمدة الثمانية لطختها عبارات كتبها زائرون مروا بالمكان كذكريات.
وبحسب الدكتور عبد الله التام فإن المعبد وجّه نحو مشرق الشمس (الشمال الشرقي) ويتكون من ثمانية أعمدة بروبيلية عند المدخل، تليها قاعة كبيرة مستطيلة الشكل، وسور ضخم على شكل بيضاوي مع هياكل خارجية أخرى مرتبطة (بالقرب من المقبرة)، مشيراً إلى أن الركائز هي الميزة المعمارية الأكثر انتشاراً في الهياكل الدينية العربية الجنوبية القديمة.

وتابع: «استخدم الثور البرونزي والحصان والتماثيل البشرية في بوابات الدخول للمعبد، وللوصول إلى المجمع وضعت أبواب مؤدية إلى سلسلة هرمية من الساحات والقاعات التي كانت بمثابة مناطق انتقالية، كما أن هناك العديد من جوانب الزخرفة واللوحات الهندسية والتماثيل والمنحوتات والأحجار الكبيرة المنحوتة بدقة، والنقوش المنحوتة المطلية باللون الأحمر، والأفاريز الجميلة المزخرفة على الجدار الخارجي، تهدف إلى إقناع الزائر وإرهابه بحضور الإلهة».
وقد يعكس الرقم ثمانية - بحسب التام - رقماً مقدساً، حيث تم استخدامه عند المدخل والأعمدة الداخلية (8 × 4) والنوافذ (8 × 8)، مبيناً أن «هناك قناة مياه مصنوعة من المرمر كانت تمر من خلال القاعة إلى الحوض البرونزي موضوعة في غرفة لأغراض التنقية، ويسقط الماء على الأرض مثل النافورة».
ويحيط بالمعبد سور ضخم يبلغ طوله 757 متراً وارتفاعه 13 متراً، لكنه في الوقت الحالي غير واضح المعالم بفعل عدم الاهتمام بالمكان طيلة السنوات الماضية، وأقدم نقش تم العثور عليه حول السور كان على يد مكرب يداع ضريح في القرن السابع قبل الميلاد.
ويشير الدكتور عبد الله التام إلى وجود مقبرة أوام التي تعود إلى القرن السابع قبل الميلاد وترتبط بالحرم البيضاوي ولا يمكن الوصول إليها إلا منه، مضيفاً أنها «تتسع نحو 20 ألف مقبرة تقديرية خلال فترة استخدامها الطويلة.
وكانت مقابر المقبرة عبارة عن هياكل متعددة الطوابق (تصل إلى أربعة) مبنية باستخدام كتل من الحجر الجيري المصقول والمنحوت بشكل ممتاز، كما أن الجدران الخارجية مزينة في بعض الأحيان بأفاريز ونقش منخفض لوجه الميت».


مقالات ذات صلة

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

العالم العربي غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

وصف المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الخميس) اللقاء الذي جمعه برئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي في عدن بـ«المثمر والجوهري»، وذلك بعد نقاشات أجراها في صنعاء مع الحوثيين في سياق الجهود المعززة للتوصل إلى تسوية يمنية تطوي صفحة الصراع. تصريحات المبعوث الأممي جاءت في وقت أكدت فيه الحكومة اليمنية جاهزيتها للتعاون مع الأمم المتحدة والصليب الأحمر لما وصفته بـ«بتصفير السجون» وإغلاق ملف الأسرى والمحتجزين مع الجماعة الحوثية. وأوضح المبعوث في بيان أنه أطلع العليمي على آخر المستجدات وسير المناقشات الجارية التي تهدف لبناء الثقة وخفض وطأة معاناة اليمنيين؛ تسهيلاً لاستئناف العملية السياسية

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

في خطوة أحادية أفرجت الجماعة الحوثية (الأحد) عن القائد العسكري اليمني المشمول بقرار مجلس الأمن 2216 فيصل رجب بعد ثماني سنوات من اعتقاله مع وزير الدفاع الأسبق محمود الصبيحي شمال مدينة عدن، التي كان الحوثيون يحاولون احتلالها. وفي حين رحب المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ بالخطوة الحوثية الأحادية، قابلتها الحكومة اليمنية بالارتياب، متهمة الجماعة الانقلابية بمحاولة تحسين صورتها، ومحاولة الإيقاع بين الأطراف المناهضة للجماعة. ومع زعم الجماعة أن الإفراج عن اللواء فيصل رجب جاء مكرمة من زعيمها عبد الملك الحوثي، دعا المبعوث الأممي في تغريدة على «تويتر» جميع الأطراف للبناء على التقدم الذي تم إنجازه

علي ربيع (عدن)
العالم العربي أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

في مسكن متواضع في منطقة البساتين شرقي عدن العاصمة المؤقتة لليمن، تعيش الشابة الإثيوبية بيزا ووالدتها.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

فوجئ محمود ناجي حين ذهب لأحد متاجر الصرافة لتسلّم حوالة مالية برد الموظف بأن عليه تسلّمها بالريال اليمني؛ لأنهم لا يملكون سيولة نقدية بالعملة الأجنبية. لم يستوعب ما حصل إلا عندما طاف عبثاً على أربعة متاجر.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

يجزم خالد محسن صالح والبهجة تتسرب من صوته بأن هذا العام سيكون أفضل موسم زراعي، لأن البلاد وفقا للمزارع اليمني لم تشهد مثل هذه الأمطار الغزيرة والمتواصلة منذ سنين طويلة. لكن وعلى خلاف ذلك، فإنه مع دخول موسم هطول الأمطار على مختلف المحافظات في الفصل الثاني تزداد المخاطر التي تواجه النازحين في المخيمات وبخاصة في محافظتي مأرب وحجة وتعز؛ حيث تسببت الأمطار التي هطلت خلال الفصل الأول في مقتل 14 شخصا وإصابة 30 آخرين، كما تضرر ألف مسكن، وفقا لتقرير أصدرته جمعية الهلال الأحمر اليمني. ويقول صالح، وهو أحد سكان محافظة إب، لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف، في ظل الأزمة التي تعيشها البلاد بسبب الحرب فإن الهطول ال

محمد ناصر (عدن)

مدارس لبنانية تفتح أبوابها للتلاميذ لتلقي العلم وسط النازحين

المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
TT

مدارس لبنانية تفتح أبوابها للتلاميذ لتلقي العلم وسط النازحين

المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)

في بلدة عمشيت الساحلية الهادئة التي تبعد 45 دقيقة بالسيارة شمالي بيروت، استأنفت المدارس الحكومية أخيراً مهمتها التعليمية وسط عشرات الآلاف من النازحين الذين اتخذوا من بعض المدارس مأوى مؤقتاً.

وحسب «رويترز»، قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إنه مع تصاعد الصراع بين إسرائيل و«حزب الله» في سبتمبر (أيلول) لحق الدمار بمئات المدارس في لبنان أو اضطرت لغلق أبوابها بسبب الأضرار أو المخاوف الأمنية.

وقالت وزارة التربية والتعليم العالي اللبنانية إنه تم تحويل 505 مدارس من بين نحو 1250 مدرسة حكومية في لبنان إلى ملاجئ مؤقتة لبعض النازحين الذين يبلغ عددهم 840 ألف شخص.

وبدأت الوزارة، الشهر الماضي، إعادة فتح المدارس على مراحل، مما سمح بعودة 175 ألف طالب منهم 38 ألف نازح إلى بيئة تعليمية لا تزال بعيدةً عن وضعها الطبيعي.

وفي مدرسة عمشيت الثانوية الحكومية، التي تضم الآن 300 طالب مسجل ويُتوقع انضمام المزيد منهم مع استمرار وصول العائلات النازحة، تحولت المساحات المألوفة ذات يوم إلى مكان مخصص لاستيعاب الواقع الجديد.

وقال مدير المدرسة، أنطوان عبد الله زخيا، إنه قبل شهرين ونصف الشهر اختيرت المدرسة كملجأ.

واليوم، تتدلى الملابس المغسولة من نوافذ الفصول الدراسية، وتملأ السيارات ساحة اللعب التي كانت ذات يوم منطقةً صاخبة، والممرات التي كان يتردد فيها صوت ضحكات التلاميذ أصبحت الآن استراحةً للعائلات التي تبحث عن ملجأ.

وأعربت فادية يحفوفي، وهي نازحة تعيش مؤقتاً في المدرسة، عن امتنانها الممزوج بالشوق. وقالت: «بالطبع، نتمنى العودة إلى منازلنا. لا أحد يشعر بالراحة إلا في المنزل».

كما أعربت زينة شكر، وهي أم نازحة أخرى، عن قلقها على تعليم أطفالها.

وقالت: «كان هذا العام غير عادل. بعض الأطفال يدرسون بينما لا يدرس آخرون. إما أن يدرس الجميع، أو يجب تأجيل العام الدراسي».

التعليم لن يتوقف

قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن الخطة المرحلية لاستئناف الدراسة ستشمل تسجيل 175 ألف طالب من بينهم 38 ألف طفل نازح في 350 مدرسة عامة غير مستخدمة كملاجئ. وقال وزير التربية والتعليم العالي، عباس الحلبي، لـ«رويترز»: «العملية التعليمية هي أحد مظاهر مقاومة العدوان الذي يواجهه لبنان». وأضاف الحلبي أن قرار استئناف العام الدراسي كان صعباً لأن العديد من الطلاب والمدرسين النازحين لم يكونوا مستعدين نفسياً للعودة إلى المدرسة. وفي مبنى مجاور في مدرسة عمشيت الثانوية الرسمية، يتأقلم المعلمون والطلاب مع أسبوع مضغوط مدته 3 أيام ويشمل كل يوم 7 حصص دراسية لزيادة وقت التعلم إلى أقصى حد.

ولا تزال نور قزحيا (16 عاماً)، وهي من سكان عمشيت، متفائلة. وقالت: «لبنان في حالة حرب، لكن التعليم لن يتوقف. سنواصل السعي لتحقيق أحلامنا». ويتأقلم المعلمون مع الظروف الصعبة. وقال باتريك صقر وهو مدرس فيزياء (38 عاماً): «الجميع مرهقون ذهنياً... في نهاية المطاف، هذه الحرب تطولنا جميعاً». وبالنسبة لأحمد علي الحاج حسن (17 عاماً) النازح من منطقة البقاع، يمثل الأسبوع الدراسي الذي يدوم 3 أيام تحدياً لكنه ليس عائقاً. وقال: «هذه هي الظروف. يمكننا أن ندرس رغم وجودها».