التضخم التركي يقفز إلى 70% متجاوزاً التوقعات والمخاوف

جموح لا يتوقف رغم تعهدات الحكومة

يواصل التضخم التركي صعوده الجامح رغم التعهدات الحكومية بمواجهته (إ.ب.أ)
يواصل التضخم التركي صعوده الجامح رغم التعهدات الحكومية بمواجهته (إ.ب.أ)
TT

التضخم التركي يقفز إلى 70% متجاوزاً التوقعات والمخاوف

يواصل التضخم التركي صعوده الجامح رغم التعهدات الحكومية بمواجهته (إ.ب.أ)
يواصل التضخم التركي صعوده الجامح رغم التعهدات الحكومية بمواجهته (إ.ب.أ)

بلا توقف... واصل التضخم في تركيا جموحه وقفزاته المتتابعة وصعد إلى أعلى معدل وصل إليه منذ حوالي 30 عاما خلال أبريل (نيسان) الماضي مسجلا نحو 70 في المائة على أساس سنوي متجاوزا التوقعات التي ذهبت إلى أن هذا المستوى سيتحقق في يونيو (حزيران) المقبل.
وذكر معهد الإحصاء التركي، في بيان أمس (الخميس) أعلن خلاله أرقام التضخم لشهر أبريل، أن أسعار المستهلكين سجلت ارتفاعا بنسبة 69.97 في المائة على أساس سنوي، متجاوزا التوقعات السابقة عند 67.80 في المائة. وسجل التضخم ارتفاعا شهريا بلغ 7.25 في المائة على أساس شهري، حيث سجل في مارس (آذار) الماضي 61.14 في المائة. وتعاني تركيا أزمة اقتصادية حادة بسبب ارتفاع أسعار السلع الأولية والغذاء والطاقة والنقل والمواصلات. وضمن متوسط أسعار 409 سلع، انخفض متوسط أسعار 27 سلعة، وظل متوسط أسعار 45 سلعة على حاله، بينما ارتفع متوسط أسعار 337 سلعة.
وتم تسجيل ارتفاع في مؤشر أسعار المستهلكين باستثناء الأغذية غير المصنعة والطاقة والمشروبات الكحولية والتبغ والذهب في مؤشر أسعار المستهلكين بنسبة 5.58 في المائة على أساس شهري.
وقفزت أسعار النقل بنسبة 105.86 في المائة على أساس سنوي في أبريل، وهي أعلى نسبة تضخم سنوي على أساس المجموعات، والأغذية والمشروبات غير الكحولية بنسبة 89.10 في المائة، والمفروشات والمعدات المنزلية بنسبة 77.64 في المائة.
وكانت أدنى زيادة سنوية سجلت في قطاع الاتصالات بنسبة 18.71 في المائة، تبعه قطاع الملابس والأحذية 26.23 في المائة والتعليم 27.73 في المائة والصحة 35.95 في المائة.
ويواجه الأتراك ارتفاعات غير طبيعية في أسعار السلع الرئيسة، وسط ثبات في الأجور، ومطالبات محلية بضرورة مواءمة الأجور مع النفقات الفعلية خلال 2022، كما تواجه الصادرات تحديات متزايدة ناجمة عن تراجع تنافسيتها أمام أسواق أخرى بصدارة أسواق شرق وجنوب شرقي آسيا، التي تعتبر مصدرا للمواد الخام والمصنعة، وأسعارها تقل عن أسواق أوروبا.
وتعد الزيادة في الأسعار جزءا من أزمة اقتصادية فاقمتها جائحة كورونا؛ ثم أدت الحرب الروسية في أوكرانيا إلى حدوث قفزة في أسعار الغاز والنفط والحبوب.
وتعهد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، منذ أيام، بأن تتجاوز حكومته غلاء الأسعار خلال فترة وجيزة، مؤكدا أن التضخم سيبدأ رحلة الهبوط ابتداء من مايو (أيار) حتى يصل إلى رقم من خانة واحدة. وقال إن تركيا أولت اهتماماً خاصاً بالاستثمار والتوظيف والإنتاج والتصدير في فترة كان فيها العالم يحارب ضد وباء كورونا والأزمة الناجمة عن الحرب الدائرة شمال البحر الأسود بين روسيا وأوكرانيا.
وأشار إلى أن الاقتصاد التركي يواجه منذ فترة تحديات حقيقية وأن جزءاً من هذه التحديات مصدرها التطورات العالمية والجزء الآخر ناجم عن ديناميكيات داخلية، قائلا إننا «نقوم دائماً بتحسين مستوى معيشة العاملين، وقد رفعنا في هذا الإطار الحد الأدنى للأجور أكثر من 50 في المائة، ورغم ذلك ندرك أن عمالنا يستحقون أكثر من هذه النسبة».
ويرتفع معدل التضخم في تركيا منذ الخريف الماضي عندما هوت الليرة بعد أن بدأ البنك المركزي دورة تيسير نقدي طالما سعى إليها إردوغان شملت خفض أسعار الفائدة 500 نقطة أساس، في الفترة ما بين سبتمبر (أيلول) وديسمبر (كانون الأول) الماضيين.
وأعلن صندوق النقد الدولي خفض توقعاته للنمو في تركيا كما رفع توقعاته للتضخم السنوي. وأفاد، في تقريره حول «آفاق الاقتصاد العالمي»، بأنه يتوقع انخفاض النمو الاقتصادي لتركيا للعام الحالي من 3.3 في المائة إلى 2.7 في المائة.
ورفع الصندوق، في أحدث تقاريره، توقعاته للتضخم السنوي في تركيا من متوسط 15.4 في المائة إلى 60 في المائة. وبحسب التوقعات، التي نشرها صندوق النقد في يناير (كانون الثاني)، كان من المتوقع أن ينمو الاقتصاد التركي بنسبة 3.3 في المائة هذا العام والعام المقبل.



«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
TT

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

من المتوقع على نطاق واسع أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي تكاليف الاقتراض خلال اجتماعه، يوم الأربعاء المقبل، مع احتمال أن يسلط المسؤولون الضوء على كيفية تأثير البيانات الاقتصادية الأخيرة على قراراتهم بشأن أسعار الفائدة في العام المقبل.

وتضع الأسواق المالية في الحسبان احتمالات بنسبة 97 في المائة أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية بمقدار ربع نقطة مئوية، ليصبح النطاق بين 4.25 في المائة و4.5 في المائة، وفقاً لأداة «فيد ووتش».

ومع ذلك، تضاءل مبرر بنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض الفائدة مؤخراً بعد التقارير التي تشير إلى أن التضخم لا يزال مرتفعاً بشكل مستمر مقارنةً بالهدف السنوي لـ«الفيدرالي» البالغ 2 في المائة، في حين أن سوق العمل لا تزال قوية نسبياً. وكان البنك قد خفض أسعار الفائدة في سبتمبر (أيلول) ونوفمبر (تشرين الثاني) بعد أن أبقاها عند أعلى مستوى في عقدين طوال أكثر من عام، في محاولة للحد من التضخم المرتفع بعد الوباء.

ويؤثر سعر الأموال الفيدرالية بشكل مباشر على أسعار الفائدة المرتبطة ببطاقات الائتمان، وقروض السيارات، وقروض الأعمال. ومن المتوقع أن تكون أسعار الفائدة المرتفعة في الوقت الحالي عقبة أمام النشاط الاقتصادي، من خلال تقليص الاقتراض، مما يؤدي إلى تباطؤ الاقتصاد لتخفيف الضغوط التضخمية والحفاظ على الاستقرار المالي.

لكن مهمة بنك الاحتياطي الفيدرالي لا تقتصر فقط على مكافحة التضخم، بل تشمل أيضاً الحد من البطالة الشديدة. وفي وقت سابق من هذا الخريف، أدى تباطؤ سوق العمل إلى زيادة قلق مسؤولي البنك بشأن هذا الجزء من مهمتهم المزدوجة، مما دفعهم إلى خفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في سبتمبر. ورغم ذلك، تباطأ التوظيف، فيما تجنب أصحاب العمل تسريح العمال على نطاق واسع.

توقعات الخبراء بتخفيضات أقل في 2025

تدور الأسئلة المفتوحة في اجتماع الأربعاء حول كيفية موازنة بنك الاحتياطي الفيدرالي بين أولويتيه في مكافحة التضخم والحفاظ على سوق العمل، وكذلك ما سيقوله رئيس البنك جيروم باول، عن التوقعات المستقبلية في المؤتمر الصحفي الذي سيعقب الاجتماع. وبينما تبدو التحركات المتعلقة بأسعار الفائدة في الأسبوع المقبل شبه مؤكدة، فإن التخفيضات المستقبلية لا تزال غير واضحة.

وعندما قدم صناع السياسات في بنك الاحتياطي الفيدرالي آخر توقعاتهم الاقتصادية في سبتمبر، توقعوا خفض المعدل إلى نطاق يتراوح بين 3.25 في المائة و4.5 في المائة بحلول نهاية عام 2025، أي بتقليص بنسبة نقطة مئوية كاملة عن المستوى المتوقع في نهاية هذا العام.

وتوقع خبراء الاقتصاد في «ويلز فارغو» أن التوقعات الجديدة ستُظهر ثلاثة تخفيضات ربع نقطة فقط في عام 2025 بدلاً من أربعة، في حين توقع خبراء «دويتشه بنك» أن البنك سيُبقي على أسعار الفائدة ثابتة دون خفضها لمدة عام على الأقل. فيما تتوقع شركة «موديز أناليتيكس» خفض أسعار الفائدة مرتين في العام المقبل.

التغيير الرئاسي وتأثير التعريفات الجمركية

يشكّل التغيير في الإدارة الرئاسية تحدياً كبيراً في التنبؤ بمستقبل الاقتصاد، حيث يعتمد مسار التضخم والنمو الاقتصادي بشكل كبير على السياسات الاقتصادية للرئيس المقبل دونالد ترمب، خصوصاً فيما يتعلق بالتعريفات الجمركية الثقيلة التي تعهَّد بفرضها على الشركاء التجاريين للولايات المتحدة في أول يوم من رئاسته.

وتختلف توقعات خبراء الاقتصاد بشأن شدة تأثير هذه التعريفات، سواء كانت مجرد تكتيك تفاوضي أم ستؤدي إلى تأثيرات اقتصادية كبيرة. ويعتقد عديد من الخبراء أن التضخم قد يرتفع نتيجة لنقل التجار تكلفة التعريفات إلى المستهلكين.

من جهة أخرى، قد تتسبب التعريفات الجمركية في إضعاف الشركات الأميركية والنمو الاقتصادي، مما قد يضطر بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة لدعم الشركات والحفاظ على سوق العمل. كما يواجه البنك تحدياً في فصل تأثيرات التعريفات الجمركية عن العوامل الأخرى التي تؤثر في التوظيف والتضخم.

وتزداد هذه القضايا غير المحسومة وتزيد من تعقيد حسابات بنك الاحتياطي الفيدرالي، مما قد يدفعه إلى اتباع نهج أكثر حذراً بشأن تخفيضات أسعار الفائدة في المستقبل. كما أشار مات كوليار من «موديز أناليتيكس» إلى أن التغيرات المحتملة في السياسة التجارية والمحلية تحت إدارة ترمب قد تضيف طبقة إضافية من عدم اليقين، مما يدعم الحاجة إلى نهج الانتظار والترقب من لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية.