بوتشا... عائلات تبحث عن أحباء قُتلوا خلال «الاحتلال الروسي»

18 خبيراً من الدرك الفرنسي يشاركون في تحقيقات بـ«جرائم حرب»

جندي أوكراني يحضر أمس جنازة والده الذي توفي نتيجة غياب الرعاية الصحية خلال سيطرة روسيا على مدينة بوتشا في ضواحي كييف (أ.ب)
جندي أوكراني يحضر أمس جنازة والده الذي توفي نتيجة غياب الرعاية الصحية خلال سيطرة روسيا على مدينة بوتشا في ضواحي كييف (أ.ب)
TT

بوتشا... عائلات تبحث عن أحباء قُتلوا خلال «الاحتلال الروسي»

جندي أوكراني يحضر أمس جنازة والده الذي توفي نتيجة غياب الرعاية الصحية خلال سيطرة روسيا على مدينة بوتشا في ضواحي كييف (أ.ب)
جندي أوكراني يحضر أمس جنازة والده الذي توفي نتيجة غياب الرعاية الصحية خلال سيطرة روسيا على مدينة بوتشا في ضواحي كييف (أ.ب)

كتبت وكالة الصحافة الفرنسية تحقيقاً أمس من مدينة بوتشا في ضواحي كييف أشارت فيه إلى تجمع مواطنين أمام مشرحتها المركزية في انتظار تسلّم جثامين أقربائهم الذين قتلوا خلال شهر من الاحتلال الروسي، بعدما تم جمعها وتشريحها في إطار تحقيقات محلية ودولية تم فتحها أو ستفتح في جرائم حرب مزعومة.
يقول إيفغين باسترناك البالغ 44 عاماً إنه يأتي «كل يوم» منذ أسبوعين لمحاولة العثور على عمّتيه ليودميلا ونينا. أصيبت ليودميلا بوتشوك (79 عاماً) برصاصتين في الرأس والظهر في 5 مارس (آذار) بحسب شهادة وفاتها. وعثر على جثتها في شارع بيريموغي هامدة على عتبة منزلها. أما شقيقتها نينا (74 عاماً) التي كانت تعيش معها، فعثر على جثتها في المطبخ، وسبب الوفاة: قصور في القلب، وفق شهادة وفاتها التي اطلعت عليها وكالة الصحافة الفرنسية. لكن ابن أخيها إيفغين مقتنع بأنها ماتت من الخوف أو الوحدة أو الجوع بعدما قتل الروس شقيقتها.
بعد أسبوعين فُتحت خلالهما عشرات أكياس الجثث ونظر خلالها إلى جثث نساء مسنات، عثر الرجل على جثة ليودميلا يوم الاثنين في أسفل شاحنة بيضاء. لكن جثة نينا ما زالت مجهولة الموقع.
وأوضحت الوكالة الفرنسية أنه بقي حوالى أربعة آلاف من سكان بوتشا محاصرين فيها. وعند الانسحاب الروسي منها في 31 مارس (آذار)، عثر على حوالى 400 جثة، كما قال قائد الشرطة المحلية فيتالي لوباس الذي أكد للوكالة أن «حوالى 25 في المائة» من تلك الجثث لم يتم التعرف عليها حتى الآن.
- عربات لنقل الجثث
بدأ جمع جثث سكان بوتشا الذين قتلوا أو توفوا خلال شهر من الاحتلال الروسي في 3 أبريل (نيسان) وبدأ تشريحها منذ 8 أبريل في المشرحة الإقليمية المركزية الواقعة في بيلا تسيركفا. وهذه الفحوص التي يشارك فيها 18 خبيراً من الدرك الفرنسي ستعزز التحقيقات المحلية والدولية في جرائم الحرب.
وإلى موقف السيارات التابع للمشرحة البلدية الصغيرة، تصل أكياس الجثث بعربة مثبتة على نصف مقطورات، مكدسة في شاحنات غير مبردة. ويبرر موظف في المشرحة غير مخول كشف اسمه، ذلك بأن الحرارة تبلغ «ما بين صفر و5 درجات مئوية».
بمجرد تفريغها، توضع أكياس الجثث على الأرض وقد تبقى في مكانها لساعات، كما أفاد فريق وكالة الصحافة الفرنسية في الموقع.
تنتظر ناديا سومالنكو تسلم شهادة وفاة زوجها غير آبهة بوجود الجثث المغطاة بالبلاستيك والرائحة التي تجذب الكلاب الضالة. وروت للوكالة الفرنسية أن الروس أخرجوه عنوة من المنزل. وسبب الوفاة: «رصاصة في الرأس» كما تفيد شهادة وفاة زوجها التي استحصلت عليها بعدما أمضت صباح اليوم منتظرة.
لم يرغب ميكولا سومالنكو (61 عاماً) في مغادرة المدينة رغم الاشتباكات والانتهاكات. وهو كان يقول لزوجته إنه لم يكن خائفاً من الروس.
- «دعوني أنظر»
لم تعد ليودميلا تتحمل أن يُطلب منها الانتظار أكثر من ذلك. عندما تصل شاحنة إلى موقف مشرحة بوتشا، تفتح المرأة الباب بنفسها متجاهلة الرائحة المنبعثة منها. وتبدأ تبحث بنفسها بين أكياس الجثث. وصاحت: «إنه هو، ابني! دعوني أنظر! دعوني أرَ ما إذا كان هو أم لا». في مطلع مارس الماضي «قرر ابني العودة من لفيف (غرب) حيث كان قد ذهب لوضع زوجته وبناته في أمان ومساعدتنا في ميروتسكي»، وهي قرية قريبة من بوتشا احتلها أيضاً الجنود الروس. لم يصل أرتيوم أبداً ولم يعرف أحد ما حدث له حتى 6 أبريل، عندما عُثر على جثته متحللة على مسافة 200 متر من منزلهم قرب مستنقع. سبب الوفاة: «قتل بالرصاص» وفق شهادة وفاته.
- مشرحة رقم 2
يملك سيرغي كابليتشني محلاً صغيراً لتجهيز الجنازات مجاوراً للمشرحة. الجنازة مجانية وتشمل تابوتاً يمكن اختيار لونه، وصليباً مع لوحة موقتة وإكليلاً تقليدياً من الأزهار البلاستيكية وكلفة الكاهن والدفن في المقبرة رقم 2 في بوتشا الواقعة على حافة غابة صنوبر.
تنتظر جثث ثلاثة من سكان بوتشا قتلهم جنود روس دون سبب واضح، كما ذكرت الوكالة الفرنسية، ليتم دفنها أخيراً هناك. إلى اليسار في تابوت أحمر، ليودميلا التي قتلت عند عتبة منزلها، وفي المنتصف جثة ميكولا الذي أخرج من منزله. وإلى اليمين، في تابوت أسود، ميخائيلو كوفالنكو (62 عاماً)، وهو رب أسرة قتل برصاص قناص أثناء محاولته إخلاء منزله، وفقاً لصهره. بعد دفنهم، وصلت أربعة توابيت جديدة ويجب الحفر بسرعة لوضعها، ثم إعادة ملء الحفر ليلاً... لتبدأ هذه العملية مجددا في اليوم التالي.


مقالات ذات صلة

روسيا تسيطر على بلدات استراتيجية في شرق أوكرانيا

أوروبا جندي أوكراني على خط المواجهة مع القوات الروسية في منطقة دونيتسك (رويترز)

روسيا تسيطر على بلدات استراتيجية في شرق أوكرانيا

أعلنت روسيا، الأحد، أن قواتها سيطرت على بلدات في منطقتين رئيسيتين تقعان على خط الجبهة في شرق أوكرانيا، فيما يتقدم جيشها باتجاه مدينتين استراتيجيتين.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا أرشيفية لأحد مباني مدينة بيلغورود الروسية عقب استهدافها بمسيرة أوكرانية (إ.ب.أ)

 روسيا تعلن تدمير 15 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل

قالت وزارة الدفاع الروسية، اليوم (الأحد)، إن أنظمة الدفاع الجوي الروسية دمرت 15 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أميركا اللاتينية قوات روسية بمنطقة كورسك على الحدود مع أوكرانيا (أ.ب)

زيلينسكي: هناك مزيد من الجنود الكوريين الشماليين يقاتلون في كورسك

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إن الجيش الروسي بدأ في نشر المزيد من الجنود الكوريين الشماليين خلال الهجمات على كورسك بالقرب من الحدود الأوكرانية.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (قناته عبر «تلغرام»)

زيلينسكي يصدر تعليمات لإنشاء آليات لتوريد الغذاء إلى سوريا

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إنه أصدر تعليمات لحكومته بإنشاء آليات لتوريد الغذاء إلى سوريا بالتعاون مع المنظمات الدولية في أعقاب سقوط نظام الأسد.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا عربة عسكرية أوكرانية تحمل أسرى يرتدون الزي العسكري الروسي بالقرب من الحدود مع روسيا (أ.ف.ب) play-circle 00:45

زيلينسكي: روسيا تنشر مزيداً من القوات الكورية الشمالية في كورسك

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، السبت، إن موسكو بدأت إشراك «عدد ملحوظ» من القوات الكورية الشمالية.

«الشرق الأوسط» (كييف)

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
TT

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)

قالت سلطات أرخبيل مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي اليوم (الأحد) إن «مئات الأشخاص بالتأكيد» قضوا في الإعصار شيدو القوي جداً، الذي ضرب المنطقة، السبت، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

صور التقطتها الأقمار الصناعية للمعهد التعاوني لأبحاث الغلاف الجوي (CIRA) في جامعة ولاية كولورادو ترصد الإعصار شيدو فوق مايوت غرب مدغشقر وشرق موزمبيق (أ.ف.ب)

وفي وقت سابق من اليوم، قال عبد الواحد سومايلا، رئيس بلدية مامودزو، كبرى مدن الأرخبيل، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن 9 أشخاص أصيبوا بجروح خطرة جداً، ونقلوا إلى مركز مايوت الاستشفائي، في حين أن 246 إصابتهم متوسطة.

الأضرار التي سببها الإعصار شيدو في إقليم مايوت الفرنسي (رويترز)

وترافق الإعصار مع رياح زادت سرعتها على 220 كيلومتراً في الساعة. وكان شيدو الإعصار الأعنف الذي يضرب مايوت منذ أكثر من 90 عاماً؛ حسب مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية (فرنس - ميتيو).

آثار الدمار التي خلفها الإعصار (أ.ف.ب)

وضربت رياح عاتية جداً الأرخبيل، ما أدى إلى اقتلاع أعمدة كهرباء وأشجار وأسقف منازل. ويقيم ثلث سكان الأرخبيل في مساكن هشة.