الجزائر: محاكمة مدير شرطة سابق في «قضية فساد»

اللواء عبد الغني هامل
اللواء عبد الغني هامل
TT

الجزائر: محاكمة مدير شرطة سابق في «قضية فساد»

اللواء عبد الغني هامل
اللواء عبد الغني هامل

رفض مدير الشرطة الجزائرية السابق، اللواء عبد الغني هامل، أمس، تهم الفساد التي تلاحقه خلال استجوابه من طرف هيئة محكمة الاستئناف بومرداس، شرقي العاصمة. وقال مدافعاً عن نفسه، إنه «ضحية مؤامرة سياسية طالت أيضاً عائلتي».
وانطلقت أول من أمس محاكمة اللواء هامل، الذي أدانه القضاء بالسجن 12 سنة مع التنفيذ في الدرجة الابتدائية قبل أن يتم استئناف الحكم، وينتظر أن تستمر أياماً بسبب كثرة المتهمين والشهود. ورد هامل على تهم «تحويل طبيعة العقار الزراعي»، و«تبديد المال العام»، و«استغلال الوظيفة الحكومية بغرض التربح»، و«تعارض المصالح»، واشترك معه في بعضها نجله شفيق، ومحافظا منطقة تيبازة (غرب العاصمة) السابق، عبد القادر عياضي وعبد القادر قاضي، والعديد من الموظفين الحكوميين في قطاعات الزراعة والصناعة والسياحة.
وتتعلق القضية بأراض شاسعة ذات طبيعة زراعية، أخذها هامل ونجله وأطلقا بها مشروعات صناعية وقرى سياحية، رغم أن قوانين البلاد تمنع التصرف في العقار الزراعي. وبحسب لائحة التهم، فقد استعمل هامل نفوذه كمدير للشرطة وكضابط عسكري سابق بالحرس الجمهوري للحصول على امتيازات، وتسهيلات من طرف المسؤولين بمحافظة تيبازة. وتراوحت الأحكام في درجتها الأولى بين 3 سنوات و12 سنة مع التنفيذ، وجرت أطوار المحاكمة بمحكمة تيبازة. لكن تم في الاستئناف تغيير الجهة القضائية بنقل الملف إلى بومرداس، كما تنص عليه القوانين.
واعتبر هامل في وقت سابق الخليفة المحتمل لعبد العزيز بوتفليقة، لكن تمت إقالته في يونيو (حزيران) 2018، إثر فضيحة تجارة مخدرات. واتهم يومها قائد أركان سلاح الدرك، اللواء غالي بلقصير، بتلفيق التهمة ضده. وقد فر بلقصير من الجزائر في وقت لاحق، على إثر إطلاق مذكرة اعتقال دولية ضده. وفي يوليو (تموز) 2019، أوقف هامل في إطار ملاحقة قضائية في حق مسؤولين سياسيين ورجال أعمال، إثر تنحية بوتفليقة عن الحكم في أبريل (نيسان) 2019.
من جهة أخرى، صرح عميد «جامع الجزائر»، محمد المأمون القاسيمي الحسيني للإذاعة العمومية، أمس، بأن الأهداف التي وضعها الجامع منذ تعيينه على رأسه قبل 3 أسابيع، «هي نشر الفكر الإسلامي الأصيل، وإبراز صورة الإسلام الصحيحة، والرد على كل الدعوات المشبوهة وإبطال ما يسعى إليه الذين لا هم لهم إلا بث الفرقة والخلاف، وتوسيع الفجوة بين الأمة الواحدة».
وتعد هذه التصريحات الأولى للشيخ قاسيمي، منذ أن تسلمَ مهامه عميداً للجامع برتبة وزير، بقرار من الرئيس عبد المجيد تبَون.
وانتقد رجل الدين، الذي ينتمي إلى تيار الصوفية، قائلاً إن «التيارات الدخيلة والغريبة، خاصة تلك التي تتغذى من المفاهيم الخاطئة للإسلام ولشريعته يجب التصدي لها، كما يجب الحفاظ على قوة المجتمع الجزائري، ومقوماته ووحدته وانسجامه وتمسكه». من دون ذكر الجهة التي يقصدها بهجومه، لكن يُفهم من كلامه أن المستهدف تيارات دينية رفضت تعيينه مسؤولاً على «الجامع الكبير».
وبحسب الحسيني، فقد «مر المجتمع الجزائري بفترة صعبة، فقد فيها رؤيته الصحيحة، وانحرفت فئة من شبابه الذين غرر بهم في ظل الفراغ الروحي الذي كان موجوداً»، في إشارة إلى مرحلة الاقتتال ضد الإرهاب في تسعينات القرن الماضي. مؤكدا أن «المهمة التي يجب التعاون عليها هي كيفية الحفاظ على أمن بلادنا الفكري ومقومات وحدتها الجامعة». ومبرزاً أن من أولويات الصرح الديني الكبير، الذي افتتح منذ عامين «المحافظة على مقومات وحدة الأمة وصيانة مرجعيتها الدينية الجامعة، التي كانت لها عبر الأجيال والعصور حصانة ذاتية. وتعد هذه المرجعية صمام الأمان الذي يحفظ الشعب الجزائري من كل عوامل التفرقة والخلاف».



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.