الحرب ضاعفت مهام اليمنيات في الأرياف

TT

الحرب ضاعفت مهام اليمنيات في الأرياف

إلى جانب أن النساء في اليمن والأطفال يشكلن نحو 90‎ في المائة من النازحين داخلياً والذين يبلغ عددهم أكثر من أربعة ملايين نسمة، فإن سبع سنوات من الحرب التي أشعلتها الميليشيات الحوثية جعلت المجتمعات الريفية في البلاد حيث يعيش نحو 75 ‎في المائة من السكان أكثر اعتماداً على النساء وقدرتهن على الصمود، مع انخفاض الأجور لأنواع أخرى من العمل أو انعدامها، بل إن النساء الآن أصبحن في كثير من الأحيان المعيل الوحيد للأسر هناك.
ونقل تقرير حديث للبنك الدولي عن ياسمين سعيد في محافظة لحج (جنوب) القول إنه لطالما كانت المزرعة مصدر رزق الأسرة «ففي مزرعتنا نزرع البصل والبامية والجرجير والملوخية، والأموال التي نجنيها من بيع هذه المحاصيل تغطي احتياجاتنا الأساسية».
وبينما تواجه ياسمين العديد من التحديات بما في ذلك خطر الإصابة أثناء جلب المياه أو حصاد المحاصيل، فإن البديل أكثر خطورة - فقدان الأمن الغذائي والاستقرار، هذا الاحتمال القاتم هو ما تواجهه النساء عادة في ريف اليمن.
ومع أن اليمن ينتج القليل جداً من محاصيل القمح والأرز، إلا أنه وفي عام 2016 بعد عام من بدء النزاع، انخفضت مساحة الأراضي المزروعة بمعدل 38 في المائة، ما أدى إلى تفاقم ندرة الغذاء، وفقاً لأبحاث البنك الدولي حول التكيف مع المناخ، حيث لا يزال ما يقرب من ثلثي اليمنيين يعتمدون على الزراعة لتغطية نفقاتهم، ويعيش أكثر من 75 في المائة في المناطق الريفية، حيث تمثل النساء نحو 95 في المائة من القوة العاملة.
وخلصت الأبحاث في هذه المجتمعات الريفية إلى أن النساء يلعبن دوراً محورياً ليس فقط في الأمن الغذائي ولكن أيضاً في إدارة الأراضي والتخفيف من آثار تغير المناخ على المياه - وهو أمر نادر بالفعل - رغم الضغوط الاجتماعية المفروضة عليهن، فضلاً عن تحملهن جميع الأعمال المنزلية، والعبء الأكبر من جائحة «فيروس كورونا»، إلا أن المرأة اليمنية استمرت في العمل في الأرض الزراعية.
ياسمين وهي واحدة من سبع نساء استفدن، من المساعدة المقدمة من المؤسسة الدولية للتنمية لمساعدة المزارعات على تسخير المياه من قنوات الري والري الفيضي (الذي يحول المياه من الأنهار فيضاناً كاملاً)، وكذلك الحفاظ على المياه وتقنيات الإدارة المتكاملة لمستجمعات المياه ضمن المشروع الطارئ للاستجابة للأزمة في اليمن.
ومثل العديد من النساء في مجتمعها، تعتني كاتبة صياد البالغة من العمر 60 عاماً بأطفالها - ولديها 12 - بالإضافة إلى الزراعة، وتقول: «الزراعة ورعي الحيوانات هي مصادر دخلنا الرئيسية، خصوصاً أن جميع الرواتب انقطعت بسبب الصراع». وهي تزرع الذرة، والقمح، والشعير، والحلبة، لكن مع ذلك تأتي الأمطار متأخرة، وعندما تأتي، فإنها تكون غير كافية، ما يتسبب في انخفاض غلة المحاصيل». «لقد مر موسم زراعي دون أن أحصد المحصول».
المرأة التي تعيش في إحدى قرى محافظة عمران شمال اليمن تقول إن تغير المناخ أثر على الموسم الزراعي وقد تسبب هذا في مزيد من المشقة لعائلتها، ومع ذلك فإن عملها الجاد وتفانيها في أرضها وعائلتها يؤتيان ثمارهما، حيث تمكنت من التغلب على العديد من التحديات وتحقيق دخل مستقر للأسرة. وتقول: «أنا فخورة بنفسي. لقد حاربت من أجل أرضي ومنزلي وتعليم أطفالي. عملت بجد ودعمت أطفالي حتى تخرجهم في الجامعة. الآن، أشعر بالرضا والسعادة عندما أنظر إلى الأشياء التي حققتها حتى الآن».
وقد كان للطقس القاسي، الذي يعزوه العديد من العلماء إلى زيادة وتيرة تغير المناخ، تأثير مدمر على الزراعة في اليمن، ما عرض سبل عيش أسر كثيرة للخطر، حيث دمرت الأمطار الغزيرة والرياح القوية والعواصف الرعدية عدداً من المزارع، كما أن الآفات والحشرات الزراعية أضرت بالمحاصيل أيضاً.
وبسبب هذه التغيرات، خسرت الكثير من الأسر نصف محصولها ولكن بفضل النصائح المتخصصة، استطاعت إعادة تأهيل أراضيها واستئناف العمل فيها حيث زودت بأقمشة مشمعة، وشبكة حماية للمحاصيل، ومولد كهربائي، وشبكة ري بالتنقيط، وقد أدى الدعم الإضافي إلى تحسينات في غلة المحاصيل والدخل.
ولا يقتصر الدعم على الجانب المالي بل يشمل أيضاً توجيهات حول كيفية تحسين الأرض الزراعية والتدريب على تقنيات الزراعة مثل «رعاية الأشجار، وطرق التسميد، واستخدام المبيدات الحشرية، ووقت الرش، حيث ساعد هذا الدعم في زيادة الإنتاج الزراعي الإجمالي».



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».