بلينكن يدعم من الرباط أجندة الإصلاح التي يقودها العاهل المغربي

أكد أن الولايات المتحدة تؤيد جهود تحقيق حل يضمن مستقبلاً زاهراً في الصحراء

بلينكن وزير الخارجية الأميركي مع نظيره المغربي ناصر بوريطة بمقر وزارة الخارجية المغربية أمس (أ.ف.ب)
بلينكن وزير الخارجية الأميركي مع نظيره المغربي ناصر بوريطة بمقر وزارة الخارجية المغربية أمس (أ.ف.ب)
TT

بلينكن يدعم من الرباط أجندة الإصلاح التي يقودها العاهل المغربي

بلينكن وزير الخارجية الأميركي مع نظيره المغربي ناصر بوريطة بمقر وزارة الخارجية المغربية أمس (أ.ف.ب)
بلينكن وزير الخارجية الأميركي مع نظيره المغربي ناصر بوريطة بمقر وزارة الخارجية المغربية أمس (أ.ف.ب)

أجرى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، أمس، في العاصمة المغربية الرباط مباحثات مع كبار المسؤولين المغاربة، ضمنهم رئيس الحكومة عزيز أخنوش، وناصر بوريطة وزير الخارجية، إلى جانب لقائه قادة المجتمع المدني المغربي، وذلك في إطار زيارة رسمية هي الأولى له للمغرب منذ تولي الرئيس جو بايدن مقاليد الحكم.
وقال بلينكن خلال مؤتمر صحافي مع نظيره المغربي ناصر بوريطة، بمقر وزارة الخارجية المغربية، إن الولايات المتحدة تدعم أجندة الإصلاح التي ينفذها العاهل المغربي الملك محمد السادس للمؤسسات الحكومية، وتعزيز حرية التعبير، والحق في التجمع، وتعزيز الشفافية.
وبخصوص قضية الصحراء، قال بلينكن إن الولايات المتحدة تدعم جهود البعوث الأممي دي ميستورا لتحقيق حل يضمن مستقبلاً زاهراً في الصحراء، كما تدعم مقترح الحكم الذاتي، الذي تقدم به المغرب لحل النزاع، وتحقيق السلم في الصحراء.
وفيما يتعلق بملف الأمن، أوضح بلينكن أن الولايات المتحدة تدرك أهمية المغرب في تعزيز الأمن والاستقرار، وقال بهذا الخصوص: «ناقشنا موضوع الوضع في ليبيا والساحل والمبادرات لمكافحة التنظيمات الإرهابية»، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة ملتزمة بالعمل مع المغرب لخلق فرص تستفيد منها الشعوب، وموضحاً أن العلاقات المغربية - الأميركية تعود لـ400 سنة.
من جهته، قال ناصر بوريطة إنه ناقش مع بلينكن مختلف المواضيع المتعلقة بتعزيز الشراكة بين البلدين، بما فيها الحوار السياسي، ومواضيع حقوق الإنسان، واتفاق التبادل الحر، الذي يعد الاتفاق الوحيد لأميركا مع دول في أفريقيا، وبرامج ميثاق تحدي الألفية، إضافة إلى آليات التعاون الأمني والعسكري، وقال إن هذه الشراكة قابلة للتأقلم مع التحديات الخارجية، وخصوصاً في الشرق الأوسط.
ورداً على سؤال صحافي حول عدم وفاء الولايات المتحدة بموقفها من قضية الصحراء المغربية، نفى ناصر بوريطة أن تكون الإدارة الأميركية غير وفية للاتفاق الثلاثي، الذي وقع في ديسمبر (كانون الأول) من عام 2020، وقال إن العلاقات بين البلدين «تسير في الاتجاه الصحيح من جميع الجوانب»، مشيراً إلى أن موقف الولايات المتحدة من مقترح المغرب بمنح حكم ذاتي للصحراء المغربية «ثابت»، باعتباره الحل الوحيد في إطار السيادة المغربية. كما أوضح بوريطة أن دولاً أخرى غربية مثل إسبانيا وألمانيا تدعم هذا المقترح، فضلاً عن دول عربية وأفريقية.
في غضون ذلك، جددت واشنطن التأكيد على موقفها الثابت إزاء قضية الصحراء، مبرزة أن المبادرة المغربية للحكم الذاتي تعد «جادة وذات مصداقية وواقعية».
وقال بيان للمتحدث باسم الخارجية الأميركية، صدر عشية زيارة بلينكن للرباط إن الولايات المتحدة تواصل اعتبار المخطط المغربي للحكم الذاتي «جاداً وذا مصداقية وواقعياً»، باعتباره مقاربة تروم الاستجابة لتطلعات سكان المنطقة.
كما أعربت واشنطن أيضاً عن دعمها للمبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء، ستافان دي ميستورا، في قيادة العملية السياسية تحت رعاية الأمم المتحدة. وقال المتحدث إن الشراكة الاستراتيجية بين واشنطن والرباط «راسخة في المصالح المشتركة في مجال السلم والأمن والازدهار الإقليمي». مبرزاً أن الولايات المتحدة «عازمة على توسيع مجالات التعاون الثنائي مع المغرب».
كما أوضح المتحدث أن واشنطن تعترف بالدور الذي تلعبه الرباط في الحفاظ على الأمن والاستقرار الإقليميين، بالإضافة إلى مساهمتها في السلام والازدهار في الشرق الأوسط، مبرزاً أن الولايات المتحدة والمغرب يلتزمان بمواصلة التعاون في القضايا ذات الاهتمام المشترك، مثل السلام والازدهار الإقليمي والأمن الإقليمي.
في سياق ذلك، رحبت واشنطن بجهود المغرب لدعم عمل الأمم المتحدة في العملية السياسية في ليبيا، واستضافة الحوار الليبي الداخلي.
وبشأن قضايا حقوق الإنسان، ذكر المتحدث أن واشنطن والرباط «تنخرطان بشكل منتظم في قضايا حقوق الإنسان، وخصوصاً النهوض بحريات التعبير وتأسيس الجمعيات، وإصلاح العدالة الجنائية، وحقوق المرأة والمساواة بين الجنسين، وشفافية العمل الحكومي»، مشيراً إلى أن شهر مارس (آذار) الجاري يشكل بداية آخر سنة لاتفاق يمتد لخمس سنوات بقيمة 460 مليون دولار تديره مؤسسة تحدي الألفية في الولايات المتحدة.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.