لطالما ارتبط التاج بالهيبة والقوة إلى جانب الأناقة والترف، وعلى الرغم من كلاسيكية هذه القطعة الملازمة لقصص الأميرات والعصور القديمة، فإنها تعود اليوم بشكل مختلف، عبر معرض «حلم التاج» الذي افتتح هذا الأسبوع في مكتبة الملك فهد الوطنية في الرياض، متضمناً 17 قطعة من التيجان الفاخرة، يعود أقدمها لعام 1811، أي قبل أكثر من قرنين من الزمان.
ويربط المعرض ما بين الإمبراطورة الفرنسية جوزفين التي امتازت بأسلوبها كأيقونة موضة وامرأة قوية وبين الأميرة نورة بنت عبد الرحمن، وذلك من خلال تصميم للزي النجدي أنتجته المصممة السعودية هنيدة صالح صيرفي، وعرضته في المعرض ليبرز إلى جانب بريق التيجان اللامعة.
يربط المعرض ما بين الإمبراطورة الفرنسية جوزفين كأيقونة موضة وامرأة قوية وبين الأميرة نورة بنت عبد الرحمن
الزي الذي يتخذ شكل ثوب الزفاف بلونه الأبيض الناصع، تراه صيرفي يمثل جمال الثقافتين السعودية والفرنسية، قائلة «الإبداع بالنسبة لي هو فكرة وقصة، أما ثوب الزفاف هذا فيجسد فصولاً من حياة الأميرة نوره بنت عبد الرحمن، التي شكلت مصدر قوة وإلهام لمؤسس مملكتنا العظمة، بفعل تميزها بالحكمة والصفات الكارزماتية».
وتتابع المصممة صيرفي حديثها قائلة «يأتي ثوب الزفاف مستوحى من طبيعة الزي النجدي المعروف بأكمامه الطويلة، والتي ترتديه العروس بطريقة خاصة جداً، وهو يستحضر إطلالة الإمبراطورة جوزفين التي تكسبه طابعها الرومانسي والعرائسي الحالم».
ويعد هذا المعرض سابقة أولى من نوعه؛ لكونه يتناول قطعة ظلت منسية لسنوات طويلة، ويتجدد حضورها اليوم من بوابة البذخ وعوالم الأناقة؛ إذ يوضح جان مارك مانسفليت، الرئيس التنفيذي لدار «شوميه»، أن «المعرض يشكل تجربة حسية وعاطفية تؤمّن لزواره فرصة اكتشاف التاج».
وبسؤاله إن كان التاج لا يزال صامداً في عالم الأناقة أم أصبح قطعة مندثرة مكانها المعارض والمتاحف، يجيب مانسفليت موضحاً، بأن التاج ما زال رمزاً للقوة والهيبة، ويجسد مفاهيم الحب والخلود، مؤكداً أن التيجان هي ابتكار يتطلب براعة في التصميم والتنفيذ وإكسسواراً ثميناً من إكسسوارات الموضة غير المرتبطة بزمن، حسب قوله.
ويتابع مانسفليت حديثه الخاص لـ«الشرق الأوسط» بالقول «يمثل التاج القوة، والحب، والمركز الاجتماعي المرموق، وهو يتخذ شكل قوس أو مجوهرات للرأس وقد تحول اليوم إلى أكثر إكسسوارات الموضة فخامة، وتميزاً، وإثباتاً للحضور».
مكتبة الملك فهد الوطنية بالرياض تختارها دار المجوهرات العالمية باعتبارها رمزاً ثقافياً
ويعبر مانسفليت عن اعتزازه بأن تتمكن دار المجوهرات العالمية من عرض هذه القطع النادرة من التيجان في مدينة الرياض، بالقول «هي فرصة رائعة للدار في السعودية وفي المنطقة ككل، بأن تسمح باستعراض تاريخنا». ويوضح، أن اختيار مكتبة الملك فهد كمركز لهذا المعرض جاء نظراً لما تمثله من رمز تاريخي وحضاري للتنمية وسط مدينة الرياض.
ويتحدث مانسفليت عن تاج الإمبراطورة الفرنسية جوزفين الذي يعد من أهم قطع المعرض، قائلاً «انطلق التاج من التصاميم الأولى التي نُفذت للإمبراطورة جوزفين، ليثبت وجوده كقطعة المجوهرات الأيقونية»، مبيناً أن هذا التاج أنتجت منه «شوميه» أكثر من 3500 تصميم منذ العام 1780. ويردف «كل تصميم منها يحتاج إلى نحو 12 شهراً من العمل الدقيق». كما يقدم المعرض الذي حظي يومه الأول بحضور نخبة من المهتمين بعالم الأناقة والأزياء، فرصة استكشاف الأبعاد المختلفة لهذه المجوهرات الاستثنائية عبر سلسلة من التجارب الفريدة واللحظات غير المرتبطة بزمن، التي تتحقق فيها الأحلام عبر مشهدية تمزج الحقيقة بالخيال، في لقاء التصاميم التاريخية والمعاصرة.
ويمزج المعرض حرفية الأيدي الفرنسية مع عراقة التراث الثقافي السعودي، من خلال دخول الزي النجدي وسط منصات التيجان اللامعة، في تجربة جديدة لمد جسر ثقافي من خلال الفن والجمال ما بين البلدين، بداية من سيف نابوليون الفرنسي ومعنى السيف في الثقافة السعودية، إلى عناصر السماء كمصدر مُشترك للإلهام يعبّر عن الجمال في المجوهرات كما هو الأمر في الأدب والشعر السعودي.