الولايات المتحدة تحتاج إلى تعاون شركائها لمواجهة تهديد روسيا والصين

محلل الأمن القومي الأميركي أنتوني كوردسمان
محلل الأمن القومي الأميركي أنتوني كوردسمان
TT

الولايات المتحدة تحتاج إلى تعاون شركائها لمواجهة تهديد روسيا والصين

محلل الأمن القومي الأميركي أنتوني كوردسمان
محلل الأمن القومي الأميركي أنتوني كوردسمان

يرى محلل الأمن القومي الأميركي أنتوني كوردسمان، أنه لا يمكن لأي أحد حتى الآن التنبؤ بحجم المأساة الإنسانية التي سوف يسفر عنها غزو روسيا لأوكرانيا. ومع ذلك، فإن ما تستطيع الولايات المتحدة وشركاؤها الاستراتيجيون التنبؤ به هو أن روسيا سوف تكون تهديداً دائماً ما دام بوتين أو أي أحد على شاكلته في السلطة. ويقول كوردسمان، أستاذ الكرسي الفخري للاستراتيجية في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الأميركي، إن الأمر الواضح بالمثل أيضاً هو أنه رغم أن الصين قد تكون أقل استفزازاً وتهديداً صريحاً، يمثل تنافسها مع الولايات المتحدة تهديداً متزايداً باطّراد، وتتحرك الصين من التعاون والتنافس المدني إلى إمكانية حدوث مواجهة عسكرية كبرى أيضاً. وعلى أي حال، فقد أثبت الرئيس الصيني شي جينبينغ أن الصين يمكن أن تتسبب في تهديد أكثر فاعلية من روسيا خلال العقد المقبل، ويتحكم الرئيس شي بالفعل في اقتصاد أكبر كثيراً مما يتحكم فيه الرئيس بوتين.
ويؤكد كوردسمان، الذي عمل في السابق مستشاراً لوزارتي الخارجية والدفاع الأميركيتين لشؤون أفغانستان، في التقرير الذي نشره مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الأميركي، أن الصين تفوق روسيا بالفعل في بناء قواتها المسلحة.
ويقدر المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية البريطاني أن روسيا أنفقت رسمياً 2.‏62 مليار دولار في العام المالي 2021، رغم أن هذا تقدير مرتفع على أساس أي قوة شرائية مقارنة -ومن الممكن أن يصل الرقم الفعلي إلى 178 مليار دولار.
وإنفاق روسيا العسكري الروسي مقيّد بشدة باقتصادها الضعيف، ولا يمكنها عمل أي شيء فعلياً، في وجه العقوبات المستمرة، يتيح لها التنافس، مع تقدير المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية الذي يبلغ 754 مليار دولار بالنسبة للولايات المتحدة وأكثر من 300 مليار دولار بالنسبة لدول حلف شمال الأطلسي (الناتو) الأوروبية.
من ناحية أخرى، يقدّر البنك الدولي أن روسيا تعافت جزئياً من انهيار الاتحاد السوفياتي السابق؛ حيث ارتفع إجمالي الناتج القومي من 667 ملياراً فقط في عام 1998 إلى 1416 مليار دولار في عام 2020. ولكن هذا بالمقارنة مع 19435 مليار دولار بالنسبة للولايات المتحدة في عام 2020 (أكبر 14 مرة) و13886 مليار دولار بالنسبة للاتحاد الأوروبي (أكبر 8.‏9 مرة). وفي المقابل، يقدر البنك الدولي أن الصين شهدت ارتفاع إجمالي الناتج المحلي من 1123 مليار دولار عام 1991 إلى 14632 مليار دولار في عام 2020 بزيادة 13 مرة أكثر مما كان عليه في 1991، وزادت الصين باطّراد أرقامها الرسمية الخاصة بالإنفاق العسكري طوال أكثر من عقدين، إلى جانب إنفاقها الاقتصادي.
فقد أنفقت رسمياً 3.‏207 مليار دولار على جيشها في 2021 وفقاً للمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، ومن الممكن أن تكون قوتها الشرائية قد بلغت 332 مليار دولار.
ويوضح بعض التقديرات أنه من الممكن أن تتساوى الصين مع الولايات المتحدة بحلول 2035 - 2040. ويقول كوردسمان إنه رغم كل الحديث عن استئناف الحرب الباردة، فإن الحقيقة مختلفة بصورة جذرية. فالولايات المتحدة وشركاؤها الاستراتيجيون يواجهون الآن قوتين عظميين -وليست واحدة فقط- وهي قوى تمثل تحدياً عالمياً وإقليمياً على السواء. كما أن الصين الصاعدة في طريقها أيضاً لأن تصبح التهديد الأكثر خطورة. فهي في طريقها لأن تصبح قوة نووية خطيرة، وتقوم بتحديث قواتها التقليدية بصورة أسرع كثيراً من روسيا، كما أنها منافس تكنولوجي متزايد بالنسبة إلى الولايات المتحدة وشركائها.
كما أن مبادرتها الخاصة بالحزام والطريق، وكذلك جهودها العالمية في مجالي التجارة والاستثمار، وسيلة أكثر فاعلية لاستغلال قوتها الاقتصادية المدنية لتحقيق نفوذ استراتيجي.
ويختتم كوردسمان تقريره بالقول إنه بناءً على ذلك تحتاج الولايات المتحدة إلى أن تفعل ما هو أكثر من مجرد الرد على الحرب في أوكرانيا والمساعدة في إعادة بناء الناتو.
فالتحدي عالمي، وسوف يزداد عاماً بعد عام. والدرس الحقيقي المستفاد من الحرب في أوكرانيا هو أنه ينبغي على الولايات المتحدة التخطيط الآن للتعاون مع شركائها الاستراتيجيين إلى أجل غير مسمى في المستقبل وبطرق تواجه التهديدين الروسي والصيني.


مقالات ذات صلة

الكرملين: التصريح الأخير لترمب بشأن أوكرانيا «يتماشى تماماً» مع الموقف الروسي

أوروبا المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف (د.ب.أ)

الكرملين: التصريح الأخير لترمب بشأن أوكرانيا «يتماشى تماماً» مع الموقف الروسي

نوّه الكرملين الجمعة بالتصريح الأخير لدونالد ترمب الذي اعترض فيه على استخدام أوكرانيا صواريخ أميركية لاستهداف مناطق روسية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا القوات الأوكرانية تقصف مواقع روسية على خط المواجهة في منطقة خاركيف (أ.ب)

مسؤول كبير: أوكرانيا ليست مستعدة لإجراء محادثات مع روسيا

كشف أندريه يرماك رئيس مكتب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في مقابلة أذيعت في وقت متأخر من مساء أمس (الخميس) إن كييف ليست مستعدة بعد لبدء محادثات مع روسيا.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا عسكري أوكراني يحتمي أمام مبنى محترق تعرَّض لغارة جوية روسية في أفدييفكا (أ.ب)

قتال عنيف... القوات الروسية تقترب من مدينة رئيسية شرق أوكرانيا

أعلنت القيادة العسكرية في أوكرانيا أن هناك قتالاً «عنيفاً للغاية» يجري في محيط مدينة باكروفسك شرق أوكرانيا، التي تُعدّ نقطة استراتيجية.

«الشرق الأوسط» (كييف)
الولايات المتحدة​ تشمل المعدات المعلن عنها خصوصاً ذخيرة لأنظمة قاذفات صواريخ هيمارس وقذائف مدفعية (رويترز)

مساعدات عسكرية أميركية إضافية لأوكرانيا بقيمة 500 مليون دولار

أعلنت الولايات المتحدة أنها ستقدم معدات عسكرية تقدر قيمتها بنحو 500 مليون دولار لدعم أوكرانيا، قبل نحو شهر من تنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا من جنازة جندي أوكراني توفي خلال الحرب مع روسيا (أ.ف.ب)

«الناتو»: مليون قتيل وجريح في أوكرانيا منذ بدء الحرب

أعرب حلف شمال الأطلسي (الناتو) عن اعتقاده بأن أكثر من مليون شخص سقطوا بين قتيل وجريح في أوكرانيا منذ شنّت روسيا غزوها الشامل في فبراير (شباط) 2022.

«الشرق الأوسط» (كييف)

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.