زيلينسكي مستعد لـ«حل وسط» و«لم يعد مهتماً» بالانضمام للأطلسي

موسكو تتهم «القوميين الأوكرانيين» بإفشال اتفاق الممرات الإنسانية

الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي يخاطب البرلمان البريطاني (أ.ف.ب)
الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي يخاطب البرلمان البريطاني (أ.ف.ب)
TT

زيلينسكي مستعد لـ«حل وسط» و«لم يعد مهتماً» بالانضمام للأطلسي

الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي يخاطب البرلمان البريطاني (أ.ف.ب)
الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي يخاطب البرلمان البريطاني (أ.ف.ب)

سار الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي، أمس، خطوة للاقتراب من شروط التسوية النهائية للصراع في أوكرانيا التي طرحتها موسكو. وقال أمس، إن لدى بلاده «حلاً ممكناً»، لمسألة «الاعتراف بشبه جزيرة القرم وجمهوريتي دونيتسك ولوغانسك». في غضون ذلك، راوح الخلاف بين موسكو وكييف حول آليات عمل الممرات الإنسانية التي فتحت أمس، أمام مرور المدنيين من المدن الأوكرانية المحاصرة، وتبادل الطرفان الاتهامات حول أسباب فشل المبادرة. وكان الكرملين حدد أول من أمس، شروط موسكو لوقف النار في أوكرانيا. وتضمنت إعلان أوكرانيا وقفاً غير مشروط للقتال، والاعتراف بسيادة روسيا على شبه جزيرة القرم والاعتراف كذلك باستقلال إقليمي لوغانسك ودونيتسك، وإعلان أوكرانيا الحياد، ووضع بند في الدستور يحظر انضمامها إلى تكتلات عسكرية. وبدا زيلينسكي مستعداً للتفاوض حول هذه العناصر التي اعتبرت سابقاً «تعجيزية» وشكلت عقدة أساسية في إحراز تقدم. وعلى الرغم من عدم تطرقه إلى شرط وقف النار من طرفه، فإنه أبدى مرونة حيال احتمال تحقيق تقدم ملموس في الملفات الأخرى المطروحة. وقال في مقابلة مع قناة «ABC» الأميركية، إن أوكرانيا «ليست مستعدة للإنذارات» التي توجهها روسيا بشأن قضية التخلي عن إمكانية الانضمام إلى «الناتو» والاعتراف بشبه جزيرة القرم ولوغانسك ودونيتسك، لكنه في الوقت ذاته قال إن لدى كييف «حلاً ممكناً» لهذه المسائل. وقال زيلينسكي إن بلاده مستعدة للحوار مع روسيا بشأن كيفية إدارة حياة الناس في مناطق لوغانسك ودونيتسك والقرم. وأوضح أن «البنود المتعلقة بالأراضي المحتلة والجمهوريات غير المعترف بها إلا من قبل روسيا، يمكننا مناقشتها وإيجاد حل وسط بشأن كيفية عيش هذه الأراضي. المهم بالنسبة إلي هو كيف سيعيش الناس في هذه الأراضي من الذين يريدون أن يكونوا جزءاً من أوكرانيا، وهذا السؤال أصعب من مجرد إعلان الاعتراف بهذه المناطق».

ورداً على سؤال عن موقفه من شروط روسيا قال زيلينسكي: «نحن مستعدون للحوار وليس الاستسلام»، موضحاً أنه «بخصوص الانضمام إلى الناتو، فإن التحالف لا يفضل الأمور الجدلية ويتجنب المواجهة مع روسيا». ولفت إلى أن بلاده «فقدت الاهتمام بمسألة انضمام بلاده إلى حلف شمال الأطلسي، منذ فترة طويلة، بعد أن أدركنا أن الناتو غير مستعد لقبول أوكرانيا، لأن الحلف يخشى التناقضات والمواجهة مع روسيا».
في غضون ذلك، راوحت الخلافات بين موسكو وكييف حول آليات عمل الممرات الإنسانية، وتبادل الطرفان أمس، اتهامات بعرقلة تنفيذ التفاهم الذي تم التوصل إليه في الجولة التفاوضية الثالثة مساء أول من أمس. وفي مقابل اتهام كييف للجيش الروسي باستمرار قصف مناطق تجمع المدنيين الراغبين في مغادرة المدن المحاصرة، اتهمت موسكو بدورها الجانب الأوكراني بمنع خروج السكان من المناطق، وقالت إن «القوميين المتشددين» يقومون بترويع الأهالي ومنعهم من استخدام الممرات المفتوحة للخروج.
وكان الجيش الروسي أعلن صباح أمس، وقفاً مؤقتاً لإطلاق النار لتسهيل عمليات الخروج من ست مناطق، بينها العاصمة كييف ومدينتا خاركوف في الشرق وماريوبول في الجنوب. لكن هذه «الممرات الإنسانية» لم تشهد إقبالاً على خروج السكان. وأصدرت وزارة الدفاع الروسية بعد مرور أقل من ساعة على فتح الممرات صباح أمس، بياناً نددت فيه بتعمد الجانب الأوكراني إفشال الاتفاقات المبرمة. وفي وقت لاحق، قال رئيس المركز الوطني لإدارة الدفاع الروسي، ميخائيل ميزينتسيف، إن «السلطات في كييف لا تسيطر على الوضع في أوكرانيا ولا يمكنها ضمان الوفاء بالتزاماتها»، وزاد أن «كييف قمعت محاولات خروج المدنيين عبر الممرات الآمنة باتجاه الأراضي الروسية»، مضيفاً أن «كل القرارات الأساسية في كييف يتخذها القوميون والمتواطئون معهم». وأشار إلى أنه «نتيجة لفقدان إدارة القانون المدني في المدن والبلدات، فإن نظام كييف بأفعاله اليائسة يدعم عملياً الفوضى السائدة في الأراضي التي تسيطر عليها عصابات النازيين الجدد، ولم ينتبه إلى وقائع النهب الكثيرة التي اتخذت بالفعل أبعاداً كارثية». ولفت ميزينتسيف إلى أن «عصابات المتطرفين تواصل ترهيب المدنيين المحتجزين في المدن، وتهددهم بالقتل عندما يحاولون المغادرة باتجاه روسيا». بدوره، قال رئيس وفد التفاوض الروسي، فلاديمير ميدينسكي، إن روسيا جهزت 400 حافلة لإجلاء المدنيين عبر الممرات الإنسانية، لكن الجيش الأوكراني لم يسمح لهم بالخروج واستخدامهم دروعاً بشرية.
وأكد أنه على الرغم من ذلك، سوف تواصل روسيا إبقاء الممرات مفتوحة والالتزام بوقف إطلاق النار، الذي لا تطبقه أوكرانيا، من أجل السماح للمدنيين بالخروج. وأعرب رئيس وفد التفاوض الروسي عن أمله في التوصل إلى حل مع كييف للاعتراف بشبه جزيرة القرم وجمهوريتي دونيتسك ولوغانسك. وقال ميدينسكي إن توقعات موسكو من الجولة الثالثة للعملية التفاوضية لم تتحقق، لكن الاجتماعات ستستمر. وأوضح أن الطرفين «بحثا على مدى وقت طويل قضية الممرات الإنسانية التي اتفقنا حولها خلال الاجتماع السابق والتي لم تعمل على الإطلاق بسبب عدم تنفيذ القوات المسلحة الأوكرانية على الأرض توجيهات قيادتها وإدارتها».
وتابع ميدينسكي: «طرحنا هذه القضية بشكل مباشر لا لبس فيه... ونأمل في أن يتم بدء عمل هذه الممرات في نهاية المطاف، والطرف الأوكراني قدم لنا تأكيدات لهذا الأمر». وأيضاً المناقشات خلال الجولة الثالثة للمفاوضات تطرقت إلى الجوانب السياسية والعسكرية، لكنه أضاف أنها «تجري بطريقة غير سهلة ومن السابق لأوانه التحدث عن أي أمر إيجابي. يمكنني فقط أن أقول إننا جئنا حاملين حزمة كبيرة من الوثائق وأتينا باتفاقات ومشاريع ومقترحات ملموسة، وكنا نأمل في أن يتم التمكن على الأقل من توقيع بروتوكول حول النقاط التي اتفقنا عليها بشكل مبدئي، لكن الطرف الأوكراني أخذ كل هذه الوثائق معه لدراستها ولم يستطع توقيع أي شيء في المكان، وقال إنه سيعود إلى هذه المسألة على الأرجح في الاجتماع التالي».
وأكد ميدينسكي: «سأقول بصراحة إن توقعاتنا من المفاوضات لم تتحقق، لكننا نأمل في أن نتمكن من القيام بخطوة أكبر إلى الأمام في المرة التالية والمفاوضات ستستمر».
من جانبه، ذكر عضو الوفد الروسي، رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الدوما، ليونيد سلوتسكي، أن العمل «على توقيع الوثائق» التي قدمتها روسيا سيستمر، مبيناً: «الجولة الرابعة ستجري بأراضي بيلاروسيا في أقرب وقت». إلى ذلك، كان الموضوع الأوكراني محور بحث أساسياً خلال اتصالات متواصلة بين مسؤولين من روسيا وتركيا، وأجرى وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، مكالمة هاتفية أمس، مع نظيره التركي خلوصي أكار.
وقالت وزارة الدفاع في بيان، إن الوزيرين ناقشا التطورات على الساحة الأوكرانية والتعاون الثنائي على مستوى وزارتي الدفاع وكذلك القضايا الآنية على المستوى الدولي. وسبق ذلك، اتصال هاتفي مماثل جرى أول من أمس، بين وزير الخارجية سيرغي لافروف ونظيره التركي مولود تشاووش أوغلو، ركز الطرفان خلاله على جهود تسوية الوضع في أوكرانيا.
على صعيد آخر، حذر دبلوماسي روسي بارز من أن العلاقات مع واشنطن بلغت «نقطة اللاعودة». وقال مدير قسم شؤون أميركا الشمالية بوزارة الخارجية الروسية، ألكسندر دارتشيف، إن الولايات المتحدة من خلال تصرفاتها تسببت في وصول العلاقات مع روسيا إلى هذه الدرجة من السوء. وأكد دارتشيف أنه يتعين على الولايات المتحدة أن تحسب حساب مصالح موسكو ومناطق نفوذها.
وزاد في حوار مع وكالة «إنترفاكس» الروسية أن «واشنطن من خلال أعمالها العدائية وتجاهلها المتغطرس للمطالب الروسية بضمانات أمنية ملزمة قانوناً، بما في ذلك عدم توسع الناتو، وعدم نشر أسلحة هجومية بالقرب من حدودنا، وإعادة الإمكانات العسكرية للتحالف (الناتو) إلى حالة عام 1997، هي التي أوصلت العلاقات الروسية - الأميركية، في الواقع، إلى نقطة اللاعودة».
وشدد على أن أوكرانيا «وضعها حكامها المفلسون في وضع كارثي»، فهي بالنسبة للولايات المتحدة ليست سوى أداة في المواجهة الجيوسياسية مع روسيا.
وقال دارتشيف إنه «من الواضح أن واشنطن ستحتاج إلى وقت لتعتاد على حقيقة أن هيمنتها باتت من الماضي، وأن عليها أن تحسب حساباً للمصالح الوطنية لروسيا، التي لها مجال نفوذها ومسؤولياتها الخاصة».



«أكسيوس»: بايدن ناقش خططاً لضرب المواقع النووية الإيرانية

الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
TT

«أكسيوس»: بايدن ناقش خططاً لضرب المواقع النووية الإيرانية

الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)

قدّم مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جيك سوليفان للرئيس جو بايدن خيارات لـ«هجوم أميركي محتمل» على المنشآت النووية الإيرانية، إذا «تحرك الإيرانيون نحو امتلاك سلاح نووي» قبل موعد تنصيب دونالد ترمب في 20 يناير (كانون الثاني).

وقالت ثلاثة مصادر مطّلعة لموقع «أكسيوس» إن سوليفان عرض تفاصيل الهجوم على بايدن في اجتماع - قبل عدة أسابيع - ظلت تفاصيله سرية حتى الآن.

وقالت المصادر إن بايدن لم يمنح «الضوء الأخضر» لتوجيه الضربة خلال الاجتماع، و«لم يفعل ذلك منذ ذلك الحين». وناقش بايدن وفريقه للأمن القومي مختلف الخيارات والسيناريوهات خلال الاجتماع الذي جرى قبل شهر تقريباً، لكن الرئيس لم يتخذ أي قرار نهائي، بحسب المصادر.

وقال مسؤول أميركي مطّلع على الأمر إن اجتماع البيت الأبيض «لم يكن مدفوعاً بمعلومات مخابراتية جديدة ولم يكن المقصود منه أن ينتهي بقرار بنعم أو لا من جانب بايدن».

وكشف المسؤول عن أن ذلك كان جزءاً من مناقشة حول «تخطيط السيناريو الحكيم» لكيفية رد الولايات المتحدة إذا اتخذت إيران خطوات مثل تخصيب اليورانيوم بنسبة نقاء 90 في المائة قبل 20 يناير (كانون الثاني).

وقال مصدر آخر إنه لا توجد حالياً مناقشات نشطة داخل البيت الأبيض بشأن العمل العسكري المحتمل ضد المنشآت النووية الإيرانية.

وأشار سوليفان مؤخراً إلى أن إدارة بايدن تشعر بالقلق من أن تسعى إيران، التي اعتراها الضعف، إلى امتلاك سلاح نووي، مضيفاً أنه يُطلع فريق ترمب على هذا الخطر.

وتعرض نفوذ إيران في الشرق الأوسط لانتكاسات بعد الهجمات الإسرائيلية على حليفتيها حركة «حماس» الفلسطينية وجماعة «حزب الله» اللبنانية، وما أعقب ذلك من سقوط نظام الرئيس بشار الأسد في سوريا.

وقال سوليفان لشبكة «سي إن إن» الأميركية: «القدرات التقليدية» لطهران تراجعت؛ في إشارة إلى ضربات إسرائيلية في الآونة الأخيرة لمنشآت إيرانية، منها مصانع لإنتاج الصواريخ ودفاعات جوية. وأضاف: «ليس من المستغرب أن تكون هناك أصوات (في إيران) تقول: (ربما يتعين علينا أن نسعى الآن لامتلاك سلاح نووي... ربما يتعين علينا إعادة النظر في عقيدتنا النووية)».

وقالت مصادر لـ«أكسيوس»، اليوم، إن بعض مساعدي بايدن، بمن في ذلك سوليفان، يعتقدون أن ضعف الدفاعات الجوية والقدرات الصاروخية الإيرانية، إلى جانب تقليص قدرات وكلاء طهران الإقليميين، من شأنه أن يدعم احتمالات توجيه ضربة ناجحة، ويقلل من خطر الانتقام الإيراني.

وقال مسؤول أميركي إن سوليفان لم يقدّم أي توصية لبايدن بشأن هذا الموضوع، لكنه ناقش فقط تخطيط السيناريو. ورفض البيت الأبيض التعليق.