تأكيد غربي ـ عربي على «المساءلة» في سوريا

المبعوث الأميركي ونظراؤه يدعون إلى إيصال المساعدات الإنسانية

المبعوث الأممي غير بيدرسن يتوسط المبعوثين الغربيين في واشنطن (السفارة الأميركية على «تويتر»)
المبعوث الأممي غير بيدرسن يتوسط المبعوثين الغربيين في واشنطن (السفارة الأميركية على «تويتر»)
TT

تأكيد غربي ـ عربي على «المساءلة» في سوريا

المبعوث الأممي غير بيدرسن يتوسط المبعوثين الغربيين في واشنطن (السفارة الأميركية على «تويتر»)
المبعوث الأممي غير بيدرسن يتوسط المبعوثين الغربيين في واشنطن (السفارة الأميركية على «تويتر»)

مع اقتراب الذكرى الـ11 للثورة السورية الأسبوع المقبل، لا تزال معاناة الشعب السوري قائمة ومتواصلة، في ظل استمرار «ماكينة الحرب» والقتال، التي لم تقف منذ 15 مارس (آذار) 2011، وسط تشديد عربي وغربي على التوصل إلى حل سياسي للأزمة.
وفي بيان مشترك، أقرّه 13 مندوبا عربيا وغربيا أثناء اجتماع في العاصمة الأميركية واشنطن بـ«استمرار السعي من أجل التوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية، وفقًا لقرار مجلس الأمن 2254 الذي يحمي حقوق وكرامة جميع السوريين.
وأفاد البيان الذي نشرته وزارة الخارجية الأميركية، بأنه مع اقتراب الذكرى 11 للانتفاضة السورية السلمية في 15 مارس، «تستمر معاناة الشعب السوري»، وهو أمر «غير مقبول ويجب أن ينتهي».
ودعا المشاركون في الاجتماع، إلى المواقف السابقة ذاتها، وهي التأكيد على وقف إطلاق النار على الصعيد الوطني واحترام القانون الإنساني الدولي، والتشديد على «أهمية الوصول دون عوائق إلى المساعدة الإنسانية المنقذة للحياة من خلال جميع الطرائق»، بما في ذلك من خلال إعادة الإذن بإيصال المساعدات الإنسانية عبر الحدود، الذي لا يعتبر بديلاً، فضلاً عن «المساعدات عبر الخطوط، ومشاريع الإنعاش المبكر المتوافقة مع قرار مجلس الأمن رقم 2585».
وأكد المجتمعون وهم ممثلو جامعة الدول العربية، ومصر، والاتحاد الأوروبي، وفرنسا، وألمانيا، والعراق، والأردن، والنرويج، وقطر، والسعودية، وتركيا، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة، على «دعم وحدة سوريا وسلامة أراضي سوريا، والتزام المشاركين بضرورة مكافحة الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره».
وأضاف: «لقد رحبنا بالإحاطة التي قدمها المبعوث الخاص للأمم المتحدة غير بيدرسن، ولاحظنا جهوده لبناء الزخم، بما في ذلك من خلال عملية (خطوة بخطوة) وفقًا لدعمنا القوي للمضي قدمًا في حل سياسي شامل، وفقًا لقرار مجلس الأمن 2254، وكذلك تنفيذ جوانبها كافة».
وأشار البيان إلى ضرورة الوصول إلى نتائج ملموسة من الجولة السابعة للدورة المقبلة للجنة الدستورية في مارس (آذار) الحالي، مؤكدين على مواصلة «الضغط من أجل المساءلة»، خاصة بالنسبة لأخطر الجرائم التي ارتكبت في سوريا، بما في ذلك استخدام الأسلحة الكيميائية، وكذلك الضغط من أجل إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً، والمحاسبة الكاملة للمفقودين.
كما رحّب المندوبون وممثلو الدول المشاركة في الاجتماع بواشنطن أول من أمس، بالجهود الجارية لملاحقة الجرائم المرتكبة في سوريا، والدعوة إلى استمرار الدعم للاجئين السوريين والدول المضيفة، حتى يتمكن «السوريون من العودة طواعية إلى ديارهم بأمان وكرامة بما يتماشى مع معايير المفوضية».
فيما لا تزال أزمة مكافحة الإرهاب وتفشي الجماعات الإرهابية والمسلحة في المجتمع السوري، تعد معضلة وتشكّل خطراً على الدول الإقليمية، وكذلك المجتمع الدولي، في ظل انعدام الأمن بالبلاد وتصارع القوات الأجنبية على أراضي سوريا، وعدم توفر معايير الحماية «والفحوصات الأمنية» في البلاد.
وفي تقرير أصدرته منظمة حقوق الإنسان «سوريون من أجل الحقيقة والعدالة»، ونشره موقع «مونيتور» الإخباري الأميركي، أفاد بأن 25 من مقاتلي «داعش» السابقين الذين يخدمون حاليًا في صفوف الجيش الوطني السوري. كما وثّقت مجموعة أخرى وجود نحو 27 آخرين، بينهم 11 ضابطاً كانوا ضمن صفوف تنظيم «داعش» الإرهابي، ويخدمون الآن في صفوف قوات عسكرية أخرى، في تقرير يونيو 2021.
وقال بسام الأحمد، مؤسس «سوريون من أجل الحقيقة والعدالة»: «عندما ننشر مثل هذه التقارير، تزعم تركيا والجماعات المسلحة نفسها أنها ستحقق في الانتهاكات. لكن هذا في الواقع لاستهلاك وسائل الإعلام ولا شيء يتغير على الأرض»، مشيراً إلى أن أخطر ما في الأمر، أنهم «الجيش الوطني» يسيطرون على مراكز اعتقال في منطقة تدعي تركيا أنها منطقة آمنة للمدنيين، «لكن هذه المنطقة أصبحت آمنة لعناصر (داعش) السابقين، وليس للمدنيين أو الأكراد»، خلال حديثه مع الموقع الأميركي.
وأشار تقرير 2021 إلى أن اثنين من قادة الجيش الوطني، كلاهما من محافظة دير الزور الشرقية، يساعدان مقاتلي «داعش» على الفرار نحو المناطق التي يسيطر عليها الجيش، ويعزو البعض الانتماء العشائري إلى أنه علامة قوية للهوية في دير الزور.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.