ضاعفت إيران كمية اليورانيوم المخصب لمستوى يقارب معدلات صنع الأسلحة النووية إذ أصبح لديها ثلاثة أرباع من المواد الكافية لتصنيع قنبلة واحدة، حسبما أظهر تقرير جديد للوكالة الدولية للطاقة الذرية، التي يستعد مديرها العام رافائيل غروسي لزيارة طهران غداً، ما يعزز توقعات إحراز تقدم في مفاوضات فيينا، فيما حذر أمين عام المجلس الأعلى للأمن القومي، علي شمخاني، الإدارة الأميركية من الشعور بـ«الفشل» في المستقبل القريب، إذا لم تتوصل مفاوضات فيينا إلى «اتفاق جيد».
وقال السفير الروسي لدى المنظمات الدولية، ميخائيل أوليانوف، إن مشكلات «صغيرة نسبياً» لا تزال بحاجة إلى حلّ لإحياء الاتفاق بين إيران والقوى العالمية، لكنه أضاف أنه لا يعتقد أن المحادثات ستنهار الآن.
وأبلغ أوليانوف الصحافيين أن اجتماعاً وزارياً سينعقد على الأرجح، لكنه لم يحدد ما إذا كان سينعقد يوم السبت أو الأحد أو الاثنين. وتابع قائلاً: «هناك بعض المشكلات التي تحتاج إلى تسوية... المشكلات العالقة صغيرة نسبياً، لكنها لم تحل بعد». وأضاف: «نحن قريبون جداً من خط النهاية، إما ألا يحدث شيء سلبي، وننهي هذا الماراثون».
أما مديرة منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الخارجية البريطانية، ستيفاني القاق، التي تمثل بلادها في محادثات فيينا، فكتبت في تغريدة باللغة الفارسية: «نحن قريبون من الاتفاق، كل الأطراف تتفاوض بطريقة بناءة تحت قيادة إنريكي مورا (المنسق الأوروبي للمحادثات)»، ونوّهت: «الآن يجب أن نتخذ الخطوات الأخيرة».
بدوره، قال مورا، في تغريدة على «تويتر»: «نحن في المراحل النهائية من محادثات فيينا لاستعادة الاتفاق النووي، لا تزال بعض القضايا ذات الصلة مفتوحة والنجاح غير مضمون في مثل هذه المفاوضات المعقدة». وقال: «نبذل قصارى جهدنا في فريق (المنسق). لكننا بالتأكيد لم نصل إلى هناك بعد».
ولم يتأخر الرد الإيراني على لسان المتحدث باسم الخارجية، سعيد خطيب زاده، قائلاً إن «الأخبار السارة السابقة لأوانها لا تحل محل الاتفاق الجيد، لا أحد يستطيع أن يقول إن الصفقة تمت حتى يتم حل جميع القضايا العالقة، هناك حاجة إلى بذل جهود إضافية».
من جهة أخرى، قال مسؤول إيراني لـ«رويترز» إن أطراف المباحثات ما زالت تعكف على إحياء الاتفاق، إذ لا تزال بعض القضايا لم تحل، محذراً من أن التفاهم مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية «بخصوص قضايا الضمانات ما زال هشاً». وأضاف: «كل الأطراف المشاركة في المحادثات تعمل بدأب لحل قضيتين أو 3 قضايا حساسة ما زالت باقية... زيارة غروسي إلى طهران مهمة للغاية، لأننا توصلنا إلى اتفاق بهذا الشأن، لكنه هش للغاية»، مشيراً إلى زيارة المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي، المقررة يوم السبت.
ومن جهته، قال مسؤول في البيت الأبيض، أمس، إن جميع الأطراف تعمل على توضيح مواقفها بشأن أصعب القضايا في المحادثات. ورداً على سؤال عما إذا كان قد تم التوصل إلى اتفاق، قال المسؤول إنه «لا يوجد تغيير» عن التعليقات التي أدلت بها نائبة السكرتير الصحافي للبيت الأبيض، كارين جان بيير، مساء الأربعاء، عندما قالت للصحافيين إنه «في هذه المرحلة النهائية، يعمل جميع المشاركين على توضيح موقفهم بشأن أصعب القضايا».
- الضمانات العالقة
قبل ذلك بساعات، في طهران، قال أمين عام المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، شمخاني، في تغريدة، نشرها بـ4 لغات: «إذا لم تفضِ مفاوضات فيينا لاتفاق جيد، فستشعر الحكومة الأميركية الراهنة بالهزيمة من دون شك في القريب العاجل، بسبب عدم استغلالها للفرص الدبلوماسية». وتابع أن استراتيجية «المقاومة النشطة، وباعتراف الحكومة الأميركية الحالية أفشلت سياسة الضغوط القصوى»، في إشارة إلى الاستراتيجية التي اتّبعها الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترمب، بعد الانسحاب من الاتفاق النووي.
وأعلن موقع «نور نيوز» التابع لمجلس الأعلى للأمن القومي، في وقت متأخر، الأربعاء، نبأ زيارة غروسي، فيما يسعى المفاوضون في فيينا إلى إعادة واشنطن وطهران للامتثال بالاتفاق. وأفاد الموقع، في تقرير دون ذكر مصدر، أنه «إذا أمكن أن تساعد زيارة غروسي الوكالة وطهران في التوصل إلى خريطة طريق لحل القضايا القائمة بشأن الضمانات، فإنها قد تساعد في إحياء الاتفاق النووي في فيينا».
لاحقاً، أكدت الوكالة الدولية، في بيان، زيارة غروسي إلى طهران، للاجتماع مع كبار المسؤولين الإيرانيين، غداً (السبت). مشيرة إلى أنه سيناقش «الضمانات الأمنية العالقة بهدف التوصل لحل لها».
وتطلب الوكالة التابعة للأمم المتحدة أجوبة من إيران بشأن كيفية وصول آثار اليورانيوم إلى هناك، وهي مسألة يشار إليها عادة «بالضمانات الأمنية العالقة». وقالت الوكالة الدولية مراراً إن إيران لم تقدم تفسيراً مقنعاً لآثار اليورانيوم المعالج. وتشير هذه الآثار إلى وجود مواد نووية لم تُخطر إيران الوكالة بها.
وقال عدد من المسؤولين إن إحدى النقاط العالقة المهمة في المحادثات هي أن طهران تريد إغلاق مسألة آثار اليورانيوم التي عُثر عليها في 4 مواقع لم تُعلم طهران «الوكالة الدولية» بوجودها قبل توقيع الاتفاق النووي، ويأتي التأكيد على حل القضية، على الرغم من أن القوى الغربية تقول إن تلك مسألة منفصلة في الاتفاق الذي لا تشارك الوكالة الدولية كطرف فيه. وأشارت بعض المصادر إلى أن بعض الحلول البديلة نوقشت في المحادثات المطولة بين المفاوضين الإيرانيين والقوى الغربية دون الخوض في التفاصيل.
ونقلت وكالة «رويترز»، الاثنين، عن مسؤول إيراني في طهران: «لقد أجبنا على أسئلة الوكالة. لكن بدلاً من إغلاق القضية ذات الدوافع السياسية، فإنهم يستخدمونها لكسب نفوذ خلال المحادثات». لكن غروسي أكد الأربعاء أن مؤسسته «لن تتخلى أبداً عن أي إجراءات... لسبب سياسي». وأضاف خلال مؤتمر صحافي: «ليست هذه هي الطريقة التي تعمل بها الوكالة الدولية».
- يورانيوم تجاوز المسموح
وأظهر تقرير صادر عن «الطاقة الذرية»، أمس، أن مخزونات إيران من اليورانيوم المخصب زادت على مدى الأشهر الثلاثة المنصرمة مع مضيها قدماً في برنامجها النووي. ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي كبير قوله إن مخزون إيران من اليورانيوم المخصب إلى درجة قريبة من إنتاج أسلحة نووية يبلغ نحو 3 أرباع الكمية المطلوبة لتصنيع قنبلة نووية واحدة لو كان التخصيب بدرجة أكبر، حسبما هو معروف على نطاق واسع.
وأفاد تقرير «الطاقة الذرية» أن مخزون إيران من اليورانيوم المخصب بنسبة تصل إلى 60 في المائة تضاعف تقريباً إلى 33.2 كيلوغرام. وتحدد، على نطاق واسع، الكمية المطلوبة لصنع قنبلة بنحو 25 كيلوغراماً من اليورانيوم المخصب بنسبة 90 في المائة، مع أن وكالة رويترز ذكرت أن الدبلوماسي الكبير «شكّك في موثوقية ذلك».
وتجاوز مخزون اليورانيوم المخصب لدى إيران الحد المسموح به بموجب الاتفاق النووي المبرم عام 2015 بين طهران والقوى الكبرى بأكثر من 15 مرة، بحسب تقرير للوكالة الدولية للطاقة الذرية، اطلعت عليه وكالة الصحافة الفرنسية، الخميس.
ووفقاً لتقديرات منتصف فبراير (شباط)، زادت طهران إجمالي احتياطها إلى 3197.1 كيلوغرام، مقابل 2489.7 كيلوغرام في نوفمبر (تشرين الثاني)، بعيداً عن السقف البالغ 202.8 كيلوغرام (أو 300 كيلوغرام ما يعادل سادس فلوريد اليورانيوم) الذي تعهدت به.
بالإضافة إلى عدم احترام الكمية المحددة، تجاوزت إيران معدل التخصيب البالغ 3.67 في المائة الذي حددته الاتفاقية في بداية عام 2021. ووصل إلى 20 في المائة؛ إذ لديها الآن 182.1 كيلوغرام مقابل 113.8 كيلوغرام قبل 3 أشهر. ثم تجاوزت عتبة 60 في المائة غير المسبوقة، واقتربت من 90 في المائة اللازمة لصنع قنبلة، فقد أنتجت 33.2 كيلوغرام ، مقابل 17.7 كيلوغرام سابقاً.
وأشارت الوكالة الدولية إلى أن تحقّقها من الأنشطة الإيرانية تأثر بشدة نتيجة قرار إيران وقف تنفيذ التزاماتها النووية ذات الصلة.
- الاتفاق الجيد
استؤنفت الاجتماعات المكثفة بين الأطراف المفاوضة في فيينا، بعدما عاد كبير المفاوضين الإيرانيين علي باقري كني إلى طاولة المفاوضات الاثنين، ودفع بمطالب جديدة، أربكت الأطراف الغربية، منها إلغاء إدراج «الحرس الثوري» على قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية.
وتحول «الاتفاق الجيد» إلى كلمة أساسية في المفاوضات النووية منذ استئناف المفاوضات قبل 3 أشهر. وقال عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، إبراهيم رضائي، أمس، إن «الاتفاق الجيد هو الذي تكون نتيجته رفع (الحرس الثوري) من قائمة المنظمات الإرهابية وإزالته من قائمة العقوبات»، حسبما نقلت وكالة «إيسنا» الحكومية.
وسحب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب بلاده من الاتفاق في 2018، وأعاد فرض عقوبات اقتصادية صارمة على إيران. ودفع ذلك طهران لانتهاك القيود النووية للاتفاق.
ونسبت «رويترز» إلى 3 مسؤولين إيرانيين قريبين من المحادثات أن مجموعة واسعة من العقوبات، تشمل تلك التي تمنع طهران من تصدير نفطها، والعقوبات المفروضة على المرشد الإيراني علي خامنئي، والرئيس إبراهيم رئيسي، سترفع إذا تم إحياء اتفاق 2015.
«الطاقة الذرية»: طهران تمتلك 3 أرباع مواد القنبلة النووية
تفاؤل حذر في فيينا... وتحذير إيراني لأميركا من «الفشل»
«الطاقة الذرية»: طهران تمتلك 3 أرباع مواد القنبلة النووية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة