قفزة نوعية في العلاقات الإسرائيلية ـ الألمانية

شولتس كشف عن خلافات حول الملف الفلسطيني

مؤتمر صحافي في القدس بين المستشار الألماني ورئيس الوزراء الإسرائيلي (إ.ب.أ)
مؤتمر صحافي في القدس بين المستشار الألماني ورئيس الوزراء الإسرائيلي (إ.ب.أ)
TT

قفزة نوعية في العلاقات الإسرائيلية ـ الألمانية

مؤتمر صحافي في القدس بين المستشار الألماني ورئيس الوزراء الإسرائيلي (إ.ب.أ)
مؤتمر صحافي في القدس بين المستشار الألماني ورئيس الوزراء الإسرائيلي (إ.ب.أ)

في الوقت الذي ألغى فيه المستشار الألماني، أولاف شولتس، زيارته المقررة إلى رام الله وعمان، واللقاءات مع ملك الأردن عبد الله الثاني والرئيس الفلسطيني محمود عباس، وعدد آخر من المسؤولين، أعلن، في مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بنيت، في القدس الغربية، «تطوير وتعزيز التعاون الاستراتيجي بين إسرائيل وألمانيا، وإحداث قفزة نوعية في علاقات البلدين».
وقال بنيت لضيفه، الذي يقوم بأول زيارة له خارج ألمانيا منذ انتخابه لمنصب المستشار، إن «العالم الذي عهدناه يتغير، والتحديات التي نواجهها كبيرة، وذلك يحتم علينا مضافرة جهودنا والعمل على التعامل معها». وتوجه إلى شولتس قائلاً: «سيادة المستشار، مرحباً بك في القدس. يسرني جداً اختيارك القدوم إلى إسرائيل، باعتبارها إحدى المحطات الأولى التي تزورها بصفتك مستشاراً لألمانيا. وقد استهللنا هذا اليوم في مؤسسة ياد فاشيم (المتحف الذي يخلد ضحايا المحرقة النازية)، التي تُعدّ المكان الذي يذكّرنا بالجرح الذي تستند إليه العلاقات الإسرائيلية الألمانية».
وقال إن العلاقات قطعت شوطاً طويلاً منذ أيام ديفيد بن غوريون وأديناوير، لتصبح أقوى من ذي قبل، ونحن سنرسخها ونوسع رقعتها. وأضاف للصحافيين: «يسرني أن أزف اليوم بشرى توصلنا لها أنا والمستشار، وهي إقامة تعاون استراتيجي جديد بين إسرائيل وألمانيا. ويدور الحديث عن صيغة حوار سيقام مرتين سنوياً، يتناول المسائل الأمنية والمسائل السياسية. وأعتقد أنها قفزة نوعية في علاقاتنا».
وكان شولتس قد أجرى محادثات مع الرئيس الإسرائيلي، يتسحاق هيرتسوغ ووزير الخارجية، يائير لبيد، إضافة إلى بنيت. ولكنه اختصر زيارته بسبب الانشغال في الأزمة الأوكرانية، واتفق مع القيادتين الأردنية والفلسطينية على زيارتهما خصيصاً في وقت لاحق. وتبين من محادثاته في إسرائيل، أن هناك تقارباً في الملف الأوكراني واختلافات كبيرة في الموضوع الإيراني والموضوع الفلسطيني.
وواصل بنيت اتخاذ موقف حذر، فلم يهاجم روسيا، ولم يطلق كلمة «غزو» على اجتياحها أوكرانيا. وقال: من واجبنا كزعيمين بذل كل ما في وسعنا في سبيل وقف إراقة الدماء، والنقل بالمجريات من ميدان القتال إلى غرف المفاوضات في أسرع وقت ممكن. وشدد على وقوف دولة إسرائيل إلى جانب الشعب الأوكراني، «وقد أرسلنا الكثير من المساعدات الإنسانية؛ ثلاث طائرات محملة بـ100 طن من المعدات، معظمها طبية، ونحن عازمون على مواصلة ذلك بل المساهمة بالمزيد».
ورد شولتس: «لا يجب الاستخفاف بالخطر المقرون بالحرب. سياستنا واضحة، فنحن لا نهاجم عسكرياً، وهذا ينطبق على الناتو (حلف الأطلسي). لن يكون هناك تدخل عسكري. ونحن نؤيد إمكانات متنوعة متوفرة». وأضاف أن «العقوبات تؤثر. وهذا يعني أننا بدأنا بالعمل بالتوجه الصحيح».
وأضاف: «كان مهماً بالنسبة لي أن أزوركم في مرحلة مبكرة من ولايتي للتأكيد على مسؤولية ألمانيا تجاه دولة إسرائيل. بإمكانكم أن تعتمدوا على أن ألمانيا ستقف إلى جانب إسرائيل بشكل قوي. وبودي القول علناً إننا على علم بالمعضلات والمخاوف الأمنية الإسرائيلية، ونأخذها على محمل الجد، وهذا مهم لنا، وعلينا أن نمنع القدرات النووية الإيرانية لأن هذا تهديد للعالم».
وأما في الموضوع الفلسطيني، الذي تجاهله بنيت تماماً، وتطرق إليه شولتس، قائلاً: «نلاحظ أن إسرائيل تتخذ خطوات في الشهور الأخيرة لتحسين معيشة الفلسطينيين، وأنا أبارك ذلك. ولكن، لكي نمنع التصعيد يجب التقدم في مفاوضات عينية حول السلام. حل الدولتين يجب أن يتم بالمفاوضات». ثم أضاف: «لكن هذا موضوع للمستقبل».



مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
TT

مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)

جاء فوز دونالد ترمب بانتخابات الرئاسة الأميركية مُحمّلاً بتطلعات مصرية لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، والعمل معاً من أجل إحلال «سلام إقليمي»، وهو ما عبر عنه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في منشور له عبر حسابه الرسمي على موقع «إكس» الأربعاء، هنأ خلاله الرئيس الأميركي المنتخب.

وقال السيسي: «نتطلع لأن نصل سوياً لإحلال السلام والحفاظ على السلم والاستقرار الإقليمي، وتعزيز علاقات الشراكة الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة وشعبيهما الصديقين»، وأضاف: «البلدان لطالما قدما نموذجاً للتعاون ونجحا سوياً في تحقيق المصالح المشتركة»، مؤكداً تطلعه إلى مواصلة هذا النموذج في «هذه الظروف الدقيقة التي يمر بها العالم».

وأثارت أنباء فوز ترمب تفاعلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، لتتصدر وسوم عدة الترند في مصر، مصحوبة بمنشورات لتهنئة للرئيس الأميركي المنتخب. وبينما عول سياسيون وإعلاميون مصريون على ترمب لوقف الحرب الدائرة في غزة منذ أكثر من عام، ووضع حد للتصعيد في المنطقة، أكدوا أن «مواقف الرئيس المنتخب غير التقليدية تجعل من الصعب التنبؤ بسياسة الإدارة الأميركية في السنوات الأربع المقبلة».

ولا يرى الإعلامي وعضو مجلس النواب المصري (البرلمان) مصطفى بكري «اختلافاً بين ترمب ومنافسته الخاسرة كامالا هاريس من القضية الفلسطينية»، لكنه أعرب في منشور له عبر «إكس» عن سعادته بفوز ترمب، وعده «هزيمة للمتواطئين في حرب الإبادة».

أما الإعلامي المصري أحمد موسى فعد فوز ترمب هزيمة لـ«الإخوان»، ومن وصفهم بـ«الراغبين في الخراب». وقال في منشور عبر «إكس» إن هاريس والرئيس الأميركي جو بايدن «كانوا شركاء في الحرب» التي تشنها إسرائيل على لبنان وغزة.

وعول موسى على ترمب في «وقف الحروب بالمنطقة وإحلال السلام وعودة الاستقرار». وكذلك أعرب الإعلامي المصري عمرو أديب عن أمله في أن «يتغير الوضع في المنطقة والعالم للأفضل بعد فوز ترمب».

مفاهيم السلام

رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية ووزير خارجية مصر الأسبق، السفير محمد العرابي، أكد أن «العلاقات بين مصر والولايات المتحدة لن تواجه عقبات أو مشكلات على المستوى الثنائي خلال عهد ترمب»، لكنه أشار إلى أن «مواقف الرئيس المنتخب من القضية الفلسطينية وأفكاره غير التقليدية بشأنها قد تكون أحد الملفات الشائكة بين القاهرة وواشنطن».

وأوضح العرابي لـ«الشرق الأوسط» أن «ترمب يتبنى مفاهيم عن السلام في الإقليم ربما تختلف عن الرؤية المصرية للحل»، مشيراً إلى أن «القضية الفلسطينية ستكون محل نقاش بين مصر والولايات المتحدة خلال الفترة المقبلة».

وتبنى ترمب خلال ولايته الأولى مشروعاً لإحلال «السلام» في الشرق الأوسط عُرف باسم «صفقة القرن»، والتي يرى مراقبون أنه قد يعمل على إحيائها خلال الفترة المقبلة.

وعدّ سفير مصر الأسبق في واشنطن عبد الرؤوف الريدي وصول ترمب للبيت الأبيض «فرصة لتنشيط التعاون بين مصر والولايات المتحدة لوقف الحرب في غزة، وربما إيجاد تصور لكيفية إدارة القطاع مستقبلاً».

وقال الريدي لـ«الشرق الأوسط» إن «ترمب يسعى لتحقيق إنجازات وهو شخص منفتح على الجميع ووجوده في البيت الأبيض سيحافظ على الشراكة الاستراتيجية بين القاهرة وواشنطن».

تصحيح العلاقات

من جانبه، رأى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي أن فوز ترمب بمثابة «عودة للعلاقات الاستراتيجية القائمة على المصالح المشتركة بين القاهرة وواشنطن». وقال لـ«الشرق الأوسط»: إن «فوز ترمب هو تدعيم للعلاقة بين القيادة المصرية والبيت الأبيض»، مشيراً إلى أن الرئيس المصري لم يزر البيت الأبيض طوال أربع سنوات من حكم بايدن، واصفاً ذلك بأنه «وضع غريب في العلاقات الثنائية سيتم تصحيحه في ولاية ترمب».

وأضاف هريدي أن «فوز ترمب يسدل الستار على الحقبة الأوبامية في السياسة الأميركية، والتي بدأت بتولي الرئيس الأسبق باراك أوباما عام 2009 واستُكملت في ولاية جو بايدن الحالية»، وهي حقبة يرى هريدي أن واشنطن «انتهجت فيها سياسات كادت تؤدي إلى حرب عالمية ثالثة». ورجح أن تعمل إدارة ترمب على «وقف الحروب وحلحلة الصراعات في المنطقة».

وزار الرئيس المصري السيسي البيت الأبيض مرتين خلال فترة حكم ترمب عامي 2017 و2019. وقال ترمب، خلال استقباله السيسي عام 2019، إن «العلاقات بين القاهرة وواشنطن لم تكن يوماً جيدة أكثر مما هي عليه اليوم، وإن السيسي يقوم بعمل عظيم».

لكن السيسي لم يزر البيت الأبيض بعد ذلك، وإن التقى بايدن على هامش أحداث دولية، وكان أول لقاء جمعهما في يوليو (تموز) 2022 على هامش قمة جدة للأمن والتنمية، كما استقبل السيسي بايدن في شرم الشيخ نهاية نفس العام على هامش قمة المناخ «كوب 27».

بدوره، أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة قناة السويس الدكتور جمال سلامة أن «مصر تتعامل مع الإدارة الأميركية أياً كان من يسكن البيت الأبيض». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «العلاقات مع واشنطن لن تتأثر بفوز ترمب، وستبقى علاقات طبيعية متوازنة قائمة على المصالح المشتركة».

وعد مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي فوز ترمب فرصة لحلحلة ملف «سد النهضة»، الذي لعبت فيه الولايات المتحدة دور الوسيط عام 2019.

وهنا أكد العرابي أنه «من السابق لأوانه معرفة الدور الذي ستلعبه إدارة ترمب في عدد من الملفات المهمة لمصر ومن بينها (سد النهضة)»، وقال: «ترمب دائماً لديه جديد، وطالما قدم أفكاراً غير تقليدية، ما يجعل التنبؤ بمواقفه أمراً صعباً».

بينما قال هريدي إن «قضية سد النهضة ستحل في إطار ثنائي مصري - إثيوبي»، دون تعويل كبير على دور لواشنطن في المسألة لا سيما أنها «لم تكمل مشوار الوساطة من قبل».