خبير أممي يتقصى انتهاكات حقوق الإنسان في السودان

التقى منظمات المجتمع المدني والهيئات النقابية

TT

خبير أممي يتقصى انتهاكات حقوق الإنسان في السودان

فيما يواصل الخبير الأممي المعني بحالة حقوق الإنسان في السودان، أداما دينق، زيارته الأولى للسودان لرصد الانتهاكات عقب استيلاء الجيش على السلطة في 25 أكتوبر( تشرين الأول) الماضي، أدت لجنة الأسرى والمفقودين، القسم أمام نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي، محمد حمدان دقلو الملقب «حميدتي».
وأعلنت السلطة العسكرية الحاكمة في البلاد استعداداها لتقديم كل المساعدات لتسهيل مهمة دينق الذي عقد لقاءات مع مسؤولين في وزارة العدل وقيادات منظمات المجتمع المدني ومراكز حقوق الإنسان وعدد من الهيئات النقابية والمهنية للأطباء والمحامين. وكلف مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، في 25 نوفمبر (تشرين الثاني) بجنيف الخبير الأممي لتقييم أوضاع حقوق الإنسان في السودان.
وقال تحالف المعارضة الرئيسي قوى «الحرية والتغيير» إن السلطات نقلت المعتقلين سياسيا من السجون والمعتقلات إلى أقسام الشرطة وفتح بلاغات جنائية ضدهم الغرض منها تضليل المبعوث الأممي بذريعة عدم وجود معتقلين آخرين. ولا تزال السلطات العسكرية تحتجز المئات من بينهم عضو مجلس السيادة الانتقالي المقال، محمد الفكي سليمان، ووزير شؤون مجلس الوزراء في الحكومة السابقة، خالد عمر يوسف، وقيادات بارزة بلجنة تصفية واجتثاث نظام الرئيس المعزول، عمر البشير، دون تقديمهم إلى المحاكمة، وتقول النيابة العامة إن التوقيف تم بموجب مواد متعلقة بخيانة الأمانة.
وذكر المكتب الموحد للأطباء السودانيين، في بيان، أنه قدم للخبير الأممي، إحصائيات بأعداد القتلى والمصابين بعد استيلاء الجيش على السلطة في 25 أكتوبر الماضي، بالإضافة إلى 250 قتيلا جراء الاعتداءات المسلحة في إقليم دارفور في الفترة ذاتها. وكشف بيان الأطباء عن انتهاكات يقول إن الكوادر الطبية والمصابين في المستشفيات تعرضوا لها من قبل الأجهزة الأمنية. وأشار الاطباء إلى اقتحام مستشفيات وإطلاق الغاز المسيل للدموع داخل غرف وعنابر المرضى.
وأعلنت السلطات السودانية، استعدادها لتقديم الدعم والمساعدات للخبير الأممي في مهمته، وأطلقت سراح العشرات من المعتقلين خلال التظاهرات بعد يوم من وصول الخبير المعني بحقوق الإنسان للبلاد مطلع الأسبوع الحالي.
من جهة ثانية، سلمت هيئة محامي دارفور وهيئة الدفاع عن المتأثرين بالاحتجاز غير المشروع، الخبير الأممي مذكرة تحوي إحصائيات عن المعتقلين السياسيين في سجون البلاد. ووصفت الهيئتان في بيان مشترك البلاغات الجنائية المدونة في مواجهة المحتجزين بالكيدية، وأن الإفراج عنهم بالضمان الغرض منه تقنين الانتهاكات وتحاشي التدابير الدولية وتقرير الخبير الأممي بشأن الأوضاع الإنسانية بالبلاد. ودعتا الخبير الأممي لزيارة السجون والمعتقلات ومراكز الشرطة وأماكن الاحتجاز الأخرى غير المعروفة.
وشكل رئيس مجلس السيادة الانتقالي، عبد الفتاح البرهان، لجنة المفقودين والأسرى برئاسة وكيل النيابة مولانا سليمان عمدة هجانه، إنفاذاً لبروتوكول الترتيبات الأمنية في اتفاق جوبا للسلام. وقال نائب رئيس اللجنة العسكرية العليا المشتركة، سليمان صندل حقار في تصريح صحافي عقب أداء أعضاء اللجنة القسم بالقصر الجمهوري بالخرطوم أمس، إن بروتوكول الترتيبات الأمنية، قضى بتشكيل لجنة لمعالجة قضية الأسرى والمفقودين، تضم أطراف العملية السلمية والحكومة، واعتبر القرار خطوة كبيرة لتطبيق اتفاقية السلام. وأوضح أن اللجنة ستقوم بدورها كاملاً للبحث عن الأسرى والمفقودين، بصلاحيات واسعة. وأضاف أن اللجنة العليا المشتركة للترتيبات الأمنية، ستعمل على دعم لجنة الأسرى والمفقودين لإنجاز مهامها بالصورة المطلوبة، مشيراً إلى أن اللجنة سترفع تقريرها النهائي لمجلس السيادة الانتقالي.
من جانبه، قال رئيس لجنة الأسرى والمفقودين، سليمان عمدة هجانه، إن اللجنة ستباشر أعمالها ابتداءً من اليوم الأربعاء، وإنها تتمتع بصلاحيات واسعة حسب قانون التحقيقات لعام 2017. وأوضح أن اللجنة ستسعى لتكوين مكاتب بالولايات المعنية لمباشرة عملها وتسهيل مهمتها، خاصة في المعارك التي دارت في مناطق ولايات دارفور الكبرى.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.