«العودة للقواعد» تهبط بأسعار النفط

الأسواق حائرة بين تطمينات «أوبك» ومخاوف «وكالة الطاقة»

تراجعت أسعار النفط الثلاثاء مع أنباء تراجع قوات روسية إلى قواعدها (أ.ف.ب)
تراجعت أسعار النفط الثلاثاء مع أنباء تراجع قوات روسية إلى قواعدها (أ.ف.ب)
TT

«العودة للقواعد» تهبط بأسعار النفط

تراجعت أسعار النفط الثلاثاء مع أنباء تراجع قوات روسية إلى قواعدها (أ.ف.ب)
تراجعت أسعار النفط الثلاثاء مع أنباء تراجع قوات روسية إلى قواعدها (أ.ف.ب)

تراجعت أسعار النفط مع تقرير عن عودة بعض القوات في مناطق عسكرية روسية مجاورة لأوكرانيا إلى قواعدها، وذلك فيما تؤكد منظمة أوبك تركيزها على استمرار تدفق الإمدادات الكافية إلى أسواق النفط العالمية، رغم استمرار معاناة دول المنظمة من تراجع الاستثمارات في مشروعات التنقيب عن النفط وإنتاجه... بينما يشير تعديل بالرفع من جانب وكالة الطاقة الدولية للطلب التاريخي على النفط في تقريرها الشهري إلى شح في السوق العالمية أكبر مما توقعته الوكالة سابقا.
انخفضت أسعار النفط يوم الثلاثاء من أعلى مستوى في سبع سنوات لتصل إلى حوالي 94 دولارا للبرميل، وذلك بعد تقرير عن عودة بعض القوات في مناطق عسكرية روسية مجاورة لأوكرانيا إلى قواعدها، في خطوة من شأنها تخفيف حدة التوتر بين موسكو والغرب. ونقلت وكالة إنترفاكس الروسية للأنباء عن وزارة الدفاع قولها إنه، بينما تستمر التدريبات واسعة النطاق في أنحاء البلاد، استكملت بعض الوحدات في المناطق العسكرية الجنوبية والغربية تدريباتها، وبدأت في العودة إلى قواعدها.
وتراجعت أسعار خام برنت 2.35 دولار أو 2.4 في المائة لتصل إلى 94.13 دولارا للبرميل بحلول الساعة 09:12 بتوقيت غرينيتش، في حين انخفض الخام الأميركي بواقع دولارين أو 2.1 في المائة ليصل إلى 93.46 دولار للبرميل.
وفي غضون ذلك قالت الوكالة الدولية للطاقة لرويترز: «نعتقد أن التوازن الأكثر إحكاماً لعامي 2021 و2022 منعكس بالفعل على سعر النفط والمنحنى المستقبلي». وصعدت أسعار النفط صوب 100 دولار للبرميل في عام 2022 مع تعافي الطلب على الوقود من الانهيار الناجم عن الجائحة، في موجة صعود أدت إلى ارتفاع تكاليف الطاقة في جميع أنحاء العالم، مما أجبر بعض الشركات على خفض الإنتاج وضغط على السيولة لدى المستهلكين.
وعدلت وكالة الطاقة الدولية يوم الجمعة بالرفع تقديرها الأساسي للطلب العالمي بنحو 800 ألف برميل يوميا، أي أقل بقليل من واحد في المائة من سوق النفط العالمية البالغة 100 مليون برميل يوميا، بعد إعادة تقييم الطلب على البتروكيماويات في الصين والمملكة العربية السعودية حتى 2007.
واستهلك البلدان المزيد من النفط الخفيف، المعروف بسوائل الغاز الطبيعي، الذي يتم إنتاجه مع الغاز. وقالت وكالة الطاقة الدولية إن التعديل ساعد في تفسير الاختلافات التاريخية بين التغييرات المرصودة والتغييرات المقدرة في المخزون.
ولم تغير وكالة الطاقة الدولية، التي تتخذ من باريس مقرا، توقعاتها حيال وتيرة التعافي الاقتصادي، غير أن التعديل بالرفع في التقديرات التاريخية يعني أن الطلب في عام 2021 تجاوز المعروض بواقع 2.1 مليون برميل يوميا.
ويشير التغيير أيضا إلى أن الطلب على النفط تعافى تقريبا إلى المستوى المرتفع المسجل قبل الجائحة عند 100.3 مليون برميل يوميا في الربع الرابع، وهو أقرب مما كان متوقعا في السابق. ولا يزال من المتوقع حدوث انتعاش كامل للطلب في الربع الثالث من عام 2022،
وقال جيوفاني ستونوفو محلل السلع الأولية في يو بي إس: «ما يعنيه تعديل الطلب هو أن البعض - الذين ينظرون إلى قاعدة بيانات وكالة الطاقة الدولية كمدخل لتحليلاتهم - سيرون سوق نفط أكثر شحا». وأضاف «تمثل الأسواق الناشئة أكثر من 50 في المائة من الطلب على النفط، حيث تكون البيانات أقل شفافية، ويستمر الطلب لديها في الارتفاع بوتيرة أسرع مما هو عليه في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. وليس من المستغرب أن يكون لكل وكالات الطاقة أرقام مختلفة». وجاء ذلك بينما قال محمد باركيندو أمين عام منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، إن تركيز المنظمة ينصب على استمرار تدفق الإمدادات الكافية إلى أسواق النفط العالمية، رغم استمرار معاناة دول المنظمة من تراجع الاستثمارات في مشروعات التنقيب عن النفط وإنتاجه. وأضاف باركيندو، في تصريحات للصحافيين على هامش مؤتمر ومعرض مصر الدولي للبترول (إيجبس) بالقاهرة مساء الاثنين: «لا شك في أننا مهتمون بضمان تأمين الإمدادات للسوق، فالمنظمة وحلفاؤها يعملون على ضمان استمرارنا كمصدر يعتمد عليه وموثوق فيه لضخ النفط في الأسواق العالمية».
ورغم الزيادة المطردة في الإنتاج، فإن دول أوبك تكافح للوصول إلى كميات الإمدادات المستهدفة، نتيجة نقص الاستثمارات بشكل أساسي. كما تعاني دول أخرى، مثل ليبيا، من الاضطرابات الداخلية والتي تؤثر على الإنتاج.
وتابع باركيندو أن هذه الصعوبات إلى جانب التوترات الجيوسياسية في شرق أوروبا، ساعدت في استمرار ارتفاع أسعار النفط. وكانت أوبك قد ذكرت في تقرير صدر الأسبوع الماضي، أنها تتوقع نمو الطلب العالمي على الوقود بأكثر من نسبة الـ4.3 في المائة التي كانت تتوقعها للعام الحالي.


مقالات ذات صلة

«كوب 16» يختتم أعماله بالموافقة على 35 قراراً لتعزيز جهود مكافحة التصحر

الاقتصاد صورة جماعية للمشاركين في مؤتمر «كوب 16» في اختتام أعماله (واس)

«كوب 16» يختتم أعماله بالموافقة على 35 قراراً لتعزيز جهود مكافحة التصحر

أنتج مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (كوب 16) الذي عقد في الرياض، 35 قراراً حول مواضيع محورية.

عبير حمدي (الرياض)
خاص ترمب وشي في قمة زعماء مجموعة العشرين بأوساكا باليابان عام 2019 (أرشيفية - رويترز)

خاص قنابل موقوتة تهدد الاقتصاد العالمي في 2025

يقف عام 2025 عند منعطف محوري مع تنامي المواجهة التجارية بين الولايات المتحدة والصين ووسط استمرار التوترات الجيوسياسية.

هلا صغبيني (الرياض)
الاقتصاد امرأة على دراجتها الهوائية أمام «بورصة بكين»... (رويترز)

تراجع تدفقات رأس المال إلى الأسواق الناشئة... والصين الأكبر تضرراً

من المتوقع أن يشهد النمو العالمي تباطؤاً في عام 2025، في حين سيتجه المستثمرون الأجانب إلى تقليص حجم الأموال التي يوجهونها إلى الأسواق الناشئة.

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد برج المقر الرئيس لبنك التسويات الدولية في بازل (رويترز)

بنك التسويات الدولية يحذر من تهديد الديون الحكومية للأسواق المالية

حذّر بنك التسويات الدولية من أن تهديد الزيادة المستمرة في إمدادات الديون الحكومية قد يؤدي إلى اضطرابات بالأسواق المالية

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد متداولون في كوريا الجنوبية يعملون أمام شاشات الكومبيوتر في بنك هانا في سيول (وكالة حماية البيئة)

الأسواق الآسيوية تنخفض في ظل قلق سياسي عالمي

انخفضت الأسهم في آسيا في الغالب يوم الاثنين، مع انخفاض المؤشر الرئيسي في كوريا الجنوبية بنسبة 2.3 في المائة.

«الشرق الأوسط» (هونغ كونغ )

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
TT

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

من المتوقع على نطاق واسع أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي تكاليف الاقتراض خلال اجتماعه، يوم الأربعاء المقبل، مع احتمال أن يسلط المسؤولون الضوء على كيفية تأثير البيانات الاقتصادية الأخيرة على قراراتهم بشأن أسعار الفائدة في العام المقبل.

وتضع الأسواق المالية في الحسبان احتمالات بنسبة 97 في المائة أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية بمقدار ربع نقطة مئوية، ليصبح النطاق بين 4.25 في المائة و4.5 في المائة، وفقاً لأداة «فيد ووتش».

ومع ذلك، تضاءل مبرر بنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض الفائدة مؤخراً بعد التقارير التي تشير إلى أن التضخم لا يزال مرتفعاً بشكل مستمر مقارنةً بالهدف السنوي لـ«الفيدرالي» البالغ 2 في المائة، في حين أن سوق العمل لا تزال قوية نسبياً. وكان البنك قد خفض أسعار الفائدة في سبتمبر (أيلول) ونوفمبر (تشرين الثاني) بعد أن أبقاها عند أعلى مستوى في عقدين طوال أكثر من عام، في محاولة للحد من التضخم المرتفع بعد الوباء.

ويؤثر سعر الأموال الفيدرالية بشكل مباشر على أسعار الفائدة المرتبطة ببطاقات الائتمان، وقروض السيارات، وقروض الأعمال. ومن المتوقع أن تكون أسعار الفائدة المرتفعة في الوقت الحالي عقبة أمام النشاط الاقتصادي، من خلال تقليص الاقتراض، مما يؤدي إلى تباطؤ الاقتصاد لتخفيف الضغوط التضخمية والحفاظ على الاستقرار المالي.

لكن مهمة بنك الاحتياطي الفيدرالي لا تقتصر فقط على مكافحة التضخم، بل تشمل أيضاً الحد من البطالة الشديدة. وفي وقت سابق من هذا الخريف، أدى تباطؤ سوق العمل إلى زيادة قلق مسؤولي البنك بشأن هذا الجزء من مهمتهم المزدوجة، مما دفعهم إلى خفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في سبتمبر. ورغم ذلك، تباطأ التوظيف، فيما تجنب أصحاب العمل تسريح العمال على نطاق واسع.

توقعات الخبراء بتخفيضات أقل في 2025

تدور الأسئلة المفتوحة في اجتماع الأربعاء حول كيفية موازنة بنك الاحتياطي الفيدرالي بين أولويتيه في مكافحة التضخم والحفاظ على سوق العمل، وكذلك ما سيقوله رئيس البنك جيروم باول، عن التوقعات المستقبلية في المؤتمر الصحفي الذي سيعقب الاجتماع. وبينما تبدو التحركات المتعلقة بأسعار الفائدة في الأسبوع المقبل شبه مؤكدة، فإن التخفيضات المستقبلية لا تزال غير واضحة.

وعندما قدم صناع السياسات في بنك الاحتياطي الفيدرالي آخر توقعاتهم الاقتصادية في سبتمبر، توقعوا خفض المعدل إلى نطاق يتراوح بين 3.25 في المائة و4.5 في المائة بحلول نهاية عام 2025، أي بتقليص بنسبة نقطة مئوية كاملة عن المستوى المتوقع في نهاية هذا العام.

وتوقع خبراء الاقتصاد في «ويلز فارغو» أن التوقعات الجديدة ستُظهر ثلاثة تخفيضات ربع نقطة فقط في عام 2025 بدلاً من أربعة، في حين توقع خبراء «دويتشه بنك» أن البنك سيُبقي على أسعار الفائدة ثابتة دون خفضها لمدة عام على الأقل. فيما تتوقع شركة «موديز أناليتيكس» خفض أسعار الفائدة مرتين في العام المقبل.

التغيير الرئاسي وتأثير التعريفات الجمركية

يشكّل التغيير في الإدارة الرئاسية تحدياً كبيراً في التنبؤ بمستقبل الاقتصاد، حيث يعتمد مسار التضخم والنمو الاقتصادي بشكل كبير على السياسات الاقتصادية للرئيس المقبل دونالد ترمب، خصوصاً فيما يتعلق بالتعريفات الجمركية الثقيلة التي تعهَّد بفرضها على الشركاء التجاريين للولايات المتحدة في أول يوم من رئاسته.

وتختلف توقعات خبراء الاقتصاد بشأن شدة تأثير هذه التعريفات، سواء كانت مجرد تكتيك تفاوضي أم ستؤدي إلى تأثيرات اقتصادية كبيرة. ويعتقد عديد من الخبراء أن التضخم قد يرتفع نتيجة لنقل التجار تكلفة التعريفات إلى المستهلكين.

من جهة أخرى، قد تتسبب التعريفات الجمركية في إضعاف الشركات الأميركية والنمو الاقتصادي، مما قد يضطر بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة لدعم الشركات والحفاظ على سوق العمل. كما يواجه البنك تحدياً في فصل تأثيرات التعريفات الجمركية عن العوامل الأخرى التي تؤثر في التوظيف والتضخم.

وتزداد هذه القضايا غير المحسومة وتزيد من تعقيد حسابات بنك الاحتياطي الفيدرالي، مما قد يدفعه إلى اتباع نهج أكثر حذراً بشأن تخفيضات أسعار الفائدة في المستقبل. كما أشار مات كوليار من «موديز أناليتيكس» إلى أن التغيرات المحتملة في السياسة التجارية والمحلية تحت إدارة ترمب قد تضيف طبقة إضافية من عدم اليقين، مما يدعم الحاجة إلى نهج الانتظار والترقب من لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية.