أديس أبابا تُعدد فوائد «سد النهضة»... والقاهرة تعتبر المياه «أولوية»

وزير خارجية إثيوبيا طالب مصر بـ«تشجيع» بلاده على استكمال المشروع

سد النهضة الإثيوبي (رويترز)
سد النهضة الإثيوبي (رويترز)
TT

أديس أبابا تُعدد فوائد «سد النهضة»... والقاهرة تعتبر المياه «أولوية»

سد النهضة الإثيوبي (رويترز)
سد النهضة الإثيوبي (رويترز)

فيما عددت إثيوبيا فوائد «سد النهضة»، مطالبة مصر بـ«تشجيعها» على استكمال المشروع المقام على الرافد الرئيسي لنهر النيل، شددت مصر على أهمية قضية المياه بالنسبة إليها، مؤكدة أنها على «رأس أولوياتها السياسية».
وتطالب مصر والسودان (دولتا مصب نهر النيل)، إثيوبيا، بالامتناع عن اتخاذ أي إجراءات أحادية، فيما يتعلق بملء بحيرة السد أو التشغيل، قبيل إبرام اتفاقية قانونية مُلزمة تضمن لهما الحد من التأثيرات السلبية المتوقعة للسد، وهو ما فشلت فيه المفاوضات الثلاثية، والممتدة بشكل متقطع منذ 10 سنوات.
لكن في المقابل، قال وزير الدولة الإثيوبي للشؤون الخارجية السفير رضوان حسين، إن «مصر يجب أن تشجع إثيوبيا على إكمال بناء سد النهضة الإثيوبي الكبير، لأنه سيكون بمثابة شريان حياة وبنك مياه في مواسم الجفاف».
وأضاف رضوان، وفقاً لوكالة الأنباء الإثيوبية: «قلنا للسودان إننا مستعدون لتبادل البيانات بانتظام لتلبية مخاوفهم بشأن أمن سدودهم، لكن موقفهم يخدم مصالح طرف ثالث غير مصلحة الشعب السوداني»، في إشارة إلى مصر.
وتقيم أديس أبابا السد، منذ عام 2011، ووصل حجم الإنشاءات به أكثر من 80 في المائة. فيما أعلنت عزمها الأيام المقبلة تشغيل أول توربينين في توليد الكهرباء. وجاءت تصريحات وزير الدولة خلال مقابلة مع قناة «العربية»، وخلال اللقاء قال رضوان إنه «لا ينبغي للسودان ومصر التمسك بموقفهما، لأن الإثيوبيين لا يمكنهم الانتظار حتى يتلقوا الضوء الأخضر في تطوير مواردهم المائية». وبحسب الوزير، فإن إثيوبيا «وفرت عدة فرص لمصر والسودان للاستفادة من السد، على الرغم من عدم تقديرهما لجهود البلاد»، مشيراً إلى أنه «يتعين على إثيوبيا الآن استخدام مواردها، دون التسبب في أي ضرر كبير لدول المصب». وأضاف أن «السد هو مشروع للتعاون والتكامل الإقليمي وليس مصدر صراع بين الدول الثلاث». وترفض مصر اتهامات إثيوبيا لها بعرقة جهودها للتنمية، ووفق تصريحات رسمية متكررة، فإن مصر تسعى إلى التوصل لاتفاق لملء وتشغيل السد «يحقق المصالح المشتركة، من خلال الموازنة بين تحقيق إثيوبيا أقصى استفادة ممكنة من السد، في مجال توليد الكهرباء وتحقيق التنمية المستدامة، وعدم حدوث ضرر لدولتي المصب».
من جهته، بحث وزير الموارد المائية والري المصري محمد عبد العاطي، أمس، عقد أسبوع القاهرة الخامس للمياه، في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، تحت عنوان «المياه في قلب العمل المناخي» تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، مؤكداً أنه يأتي «إيماناً من الدولة المصرية بأهمية محور المياه».
وقال عبد العاطي إن «هذا الحدث السنوي المهم يأتي في إطار اهتمام الدولة الكبير بقضية المياه ووضعها على رأس أولويات الأجندة السياسية، حيث تعد من أهم مقتضيات التنمية الاجتماعية والاقتصادية».
وأضاف أنه تم، خلال الاجتماع، استعراض مهام اللجنة العلمية وأهم المحاور والمسابقات العلمية المزمع عقدها خلال الأسبوع، حيث تعكف اللجنة العلمية على وضع المعايير وقواعد قبول الأوراق البحثية، وكذا قواعد نشر الأبحاث المميزة، والتي سيتم قبولها للنشر بالمجلة العلمية للمركز القومي لبحوث المياه.
وأوضح الوزير أن أسبوع القاهرة للمياه يهدف لرفع الوعي بقضايا المياه، وتعزيز الابتكارات لمواجهة التحديات المائية الملحة بأساليب غير تقليدية باستخدام التكنولوجيا الحديثة، ودعم وتنفيذ سياسات الإدارة المتكاملة للمياه، والتوصل إلى حلول مستدامة لإدارة الموارد المائية لمواجهة الزيادة السكانية والتغيرات المناخية؛ ما جعله محور دعم واهتمام كل المعنيين بالمياه إقليمياً ودولياً.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».