أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت يعتصمون في «قصر العدل»

عدد من أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت أمام قصر العدل أمس (إ.ب.أ)
عدد من أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت أمام قصر العدل أمس (إ.ب.أ)
TT

أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت يعتصمون في «قصر العدل»

عدد من أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت أمام قصر العدل أمس (إ.ب.أ)
عدد من أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت أمام قصر العدل أمس (إ.ب.أ)

حذّر أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت من المماطلة في التحقيق، رافضين عرقلة مسار العدالة في القضية، وذلك في اعتصام أمام قصر العدل في بيروت نجحوا خلاله في الدخول إلى باحته الداخلية بعد تدافع مع القوى الأمنية، حيث التقوا رئيس مجلس القضاء الأعلى والرئيس الأول لمحاكم التمييز القاضي سهيل عبود.
ورفض الأهالي الخروج من قصر العدل قبل الحصول على جواب واضح من القضاء عن عمله في الأيام المقبلة بالنسبة للبت بطلبات الرد. وأفادت «الوكالة الوطنية» الرسمية أنه حصل لقاء بين وفد من أهالي الضحايا والناشطين مع القاضي سهيل عبود، الذي وعد باستمرار عمل القاضية رولا المصري للبت بهذا القرار، موضحاً «أنها لم تأخذ قراراً بالرد رفضاً أو قبولاً بسبب استمرار درسها للملف بروية وعناية».
وبدأ أهالي ضحايا انفجار المرفأ اعتصامهم صباحاً أمام قصر العدل في بيروت، ورفعوا لافتات وأعلاماً لبنانية وصور الضحايا وأقفلوا مداخل قصر العدل، مطالبين بـ«دعم العدالة والإسراع ببت طلبات الرد التي تعرقل مسار التحقيق ومسار العدالة، ودعم المحقق العدلي القاضي طارق البيطار لاستئناف عمله وتحقيقاته بعد كفّ يده لمدة شهرين بسبب عدم بت طلبات الرد»، كذلك طالبوا رئيسة الغرفة الثانية لمحكمة التمييز القاضية رولا المصري بـ«عدم تمييع قضيتهم من خلال التأخير في البت بهذا الموضوع»، وهو ما يؤدي حتى الآن إلى إيقاف عمل القاضي البيطار.
ولفت وليم نون، شقيق إحدى الضحايا، في تصريح لـ«الوكالة الوطنية»، إلى أن «هناك طلب رد ضد القاضي طارق البيطار، والقاضية رولا المصري لم تحضر للبت في هذا الموضوع»، مشيراً إلى أنه «كان من المفترض أن تبت بهذا الشأن منذ أسبوع، وحتى اليوم لم تحضر، ما يؤكد تمييع التعاطي مع هذه القضية وهذا غير مقبول بتاتاً من قبل أهالي الشهداء».
بدوره، لفت الناشط والصحافي سمير سكاف إلى «استمرار تمييع ملف التحقيق العدلي، واستلشاق قضائي وهذا غير مبرر ومقبول، لأن تعاطي قضاء العجلة والعادي مع قضية التحقيق هو أقل من عادي، وكأنه ملف غير مهم طال تدمير ثلث بيروت وأكثر من 200 شهيد وآلاف الجرحى وتدمير ممتلكات ومصالح وغيرها، وهذا مرفوض».
وقال: «نحن نقف مع أهالي الضحايا ونطلب من كل القضاء تسهيل التحقيق، ولدينا خوف من تضييع العدالة والحقيقة وخوف من كفّ يد القاضي البيطار وهو منذ شهرين متوقف عن العمل بالملف، وخوف من ضرب التحقيق».
ويأتي تحرك الأهالي في ظل استمرار عرقلة التحقيق وتكبيل عمل القاضي البيطار عبر الضغوط السياسية التي يتعرض لها، لا سيما عبر ما يعرف بطلبات الرد التي يقدمها النواب والوزراء السابقون بهدف كفّ يده. وأدت طلبات الرد إلى توقيف عمله وهو ما حصل مرات عدة آخرها نتيجة دعوى مخاصمة الدولة المقدمة من الوزير السابق يوسف فنيانوس، بسبب ما سمّاه «الأخطاء الجسيمة» التي ارتكبها البيطار، على خلفية الادعاء عليه وإصدار مذكرة توقيف غيابية بحقه، والثاني أمام محكمة التمييز المدنية برئاسة القاضية رولا المصري، المكلفة بالنظر بدعوى رد رئيس الغرفة الأولى لمحكمة التمييز القاضي ناجي عيد الموكل إليه البت بدعوى تنحية القاضي البيطار.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.