قضية «تسريب أسئلة» تفتح باب السؤال عن «حق المراقبة»

مشروع قانون أميركي يقيد استخدام بيانات الطلبة

النائب الديمقراطي جيرد بوليس أحد المشاركين في قانون حماية الخصوصية الرقمية للطلاب («الشرق الأوسط»)
النائب الديمقراطي جيرد بوليس أحد المشاركين في قانون حماية الخصوصية الرقمية للطلاب («الشرق الأوسط»)
TT

قضية «تسريب أسئلة» تفتح باب السؤال عن «حق المراقبة»

النائب الديمقراطي جيرد بوليس أحد المشاركين في قانون حماية الخصوصية الرقمية للطلاب («الشرق الأوسط»)
النائب الديمقراطي جيرد بوليس أحد المشاركين في قانون حماية الخصوصية الرقمية للطلاب («الشرق الأوسط»)

هل الثورة الرقمية داخل الحجرات الدراسية تمنح مجال تكنولوجيا التعليم تصريحا غير مقيد لاستخدام بيانات الطلبة؟ كان هذا هو السؤال الذي طرحته بعض مجموعات المعلمين والآباء في ردهم المعلن على النبأ، الذي ورد الأسبوع الماضي، الخاص بقيام شركة «بيرسون» للنشر في مجال التعليم، بمراقبة مواقع التواصل الاجتماعي بشكل سري لتحديد هوية الطلبة الذين من المحتمل أن يكونوا قد قاموا بتسريب أسئلة وردت في اختبارات التقييم التي مروا بها.. وفي محاولة لتهدئة مخاوف الآباء والمعلمين، يعتزم عضوان في الكونغرس تقديم مشروع قانون يضع قيودا على إمكانية استخدام شركات تكنولوجيا التعليم للمعلومات الخاصة بالطلبة من مرحلة الحضانة وحتى الثانوي.
ومن شأن هذا القانون، الذي يحمل اسم خصوصية الطالب الرقمية وحقوق الآباء، أن يمنع الشركات، التي تقدم خدمات مدرسية، مثل بوابات الفروض المنزلية الإلكترونية، أو الكتب المدرسية الرقمية للطلبة، أو برامج البريد الإلكتروني الخاصة بالطلبة، من الكشف عن بيانات الطالب الشخصية، أو استخدامها بغرض عمل إعلانات موجهة لهم. كذلك يحظر القانون جمع أو استخدام أي بيانات للطلبة بهدف عمل ملفات تسويق.
خلال مقابلات تمت عن طريق الهاتف، أعرب كل من جيرد بوليس، عضو مجلس النواب الديمقراطي عن ولاية كولورادو، ولوك ميسير، عضو مجلس النواب الجمهوري عن ولاية إنديانا، المؤيدين لمشروع القانون، عن أملهما في زيادة الثقة في شركات تكنولوجيا التعليم. وقال بوليس: إن «هذه خطوة أولى لتقديم إطار يستطيع التعامل مع مخاوف وبواعث قلق الآباء والتربويين، ويتيح في الوقت ذاته فرصة تحقيق الوعد بإحداث تكنولوجيا التعليم تحولا في مدارسنا». مع ذلك من المرجح أن يلقى مشروع القانون معارضة من مؤيدي خصوصية التعليم، الذين يستهدفون آليات إقرار أقوى بالنسبة إلى الطلبة والآباء، وكذا من الأطراف المنخرطة في هذه الصناعة، والتي تفضل تنظيم العملية من الداخل. وكتب مسؤول تنفيذي في إحدى مجموعات التكنولوجيا قبل أيام في رسالة بالبريد الإلكتروني موجهة إلى زملائه تم إرسالها إلى صحافي قطع على نفسه عهدا بألا يكشف اسم صاحب الرسالة: «كل ما يمكن لمشروع القانون أن يفعله هو إضافة عقبات قانونية أمام مقدمي الخدمات التعليمية المبتكرة».
ومع تطلع المناطق التعليمية في مختلف أنحاء البلاد نحو وسائل تعليمية رقمية جديدة فعالة، تضاعفت محاولات تعزيز موافقة المعلمين والآباء. ويقول مسؤولون تنفيذيون في هذا المجال إن منتجات التعلم، التي تتسم بالقدرة على التكيف كما يقال، تبدو واعدة. وتتمتع هذه التطبيقات، والمواقع الإلكترونية، بالقدرة على جمع، وتحليل كمية كبيرة من المعلومات الخاصة بالطلبة في إطار صياغة الدروس بشكل فوري بحيث تناسب قدرات كل طفل. وقال ميسير: «لقد غزا عالم البيانات الهائلة الحجرة الدراسية. نحن نريد أن نحافظ على المنافع التي يمكن للتكنولوجيا أن تعود بها على الطلبة».
مع ذلك بدأ بعض الآباء يحذرون من افتقار المناطق التعليمية للوسائل اللازمة لمراقبة كيفية استخدام مقدمي التكنولوجيا لسجلات أطفالهم وتأمينهم لها. ويقول أولئك الآباء إنهم منزعجون من خطر كل ما يتعلق بذلك، بداية باختراق البيانات، وانتحال الشخصية، ووصولا إلى احتمال كشف الشركات عن تفاصيل حساسة مثل درجات الطلبة، أو الإجراءات التأديبية، أو البيانات الخاصة بالصحة، للكليات أو أصحاب العمل. ورغم وجود القانون الفيدرالي لخصوصية التعليم، والذي يفرض على المدارس الحفاظ على سيطرتها على سجلات الطلبة التعليمية، يقول المنتقدون إن «القانون لم ينجح في مواكبة ممارسات شركات تكنولوجيا التعليم». وقالت آنا شاه بومبا، والدة طالب في المرحلة الابتدائية، وطالب في الجامعة في بوكيبسي بنيويورك: «أنا كولية أمر أشعر بالقلق من جمع المعلومات والبيانات الخاصة بالدراسة، والصحة الجسمانية والسلوكية للأطفال لما لها من تأثيرات سلبية محتملة على مستقبل أطفالنا». على سبيل المثال خلال العام الماضي، سعى موقع إلكتروني مختص بالتخطيط للمسار المهني ويضم قوائم تتضمن تفاصيل دراسية، وشخصية، ومهنية، خصوصا بملايين الطلبة، إلى بيع قاعدة بيانات خلال عملية إشهار إفلاسه. وبعد تدخل المسؤولين الفيدراليين، أخطرت الشركات المستحوذة أصحاب الحسابات على الموقع الإلكتروني بأنها قد تتخذ قرارا بحذف تلك المعلومات والبيانات.
وردا على تلك الأحداث، أعلن الرئيس أوباما في يناير (كانون الثاني) الماضي اقتراحا بسن قانون جديد عن الخصوصية الرقمية للطالب. وصرح أوباما قائلا آنذاك: «نحن نقول إن البيانات، التي يتم جمعها عن الطلبة داخل الحجرة الدراسية لا ينبغي استخدامها إلا لأغراض تعليمية». ويتضمن مشروع قانون ميسير - بوليس هذا المبدأ. إضافة إلى منع مقدمي الخدمات المدرسية من عمل إعلانات موجهة لهم ذات صبغة شخصية، ينص مشروع القانون على ضرورة حذف مقدمي تلك الخدمات لسجلات أي طالب في حال طلبت المدرسة ذلك. كذلك يلزم مشروع القانون مقدمي الخدمات بالسماح للطلبة أو الآباء بالاطلاع على ملفات الطلبة وتصحيح ما يحتاج إلى تصحيح.
مع ذلك رأى بعض الخبراء في شؤون الخصوصية بعض الثغرات الكبيرة في مشروع القانون، مشيرين إلى أنها قد تسمح لمقدمي الخدمات المدرسية باستخدام معلومات خاصة بالطلبة بطرق غير متوقعة أو غير مقبولة بالنسبة للآباء أو الطلبة أنفسهم. على سبيل المثال، يسمح مشروع القانون لمقدمي الخدمات المدرسية بعمل تغييرات أحادية الجانب في عقودهم والسياسات المتعلقة بالخصوصية. كذلك يسمح لهم بالكشف عن بيانات الطلبة لأغراض مثل التحضير لـ«فرص توظيف». كذلك لن يمنع القانون مواقع إلكترونية مثل «كونيكت إيديو» من بيع سجلات الطلبة في إطار أي عملية دمج أو استحواذ. كذلك من غير المرجح أن يمنع هذا القانون شركات مثل «بيرسون» من مراقبة مشاركات الطلبة على مواقع التواصل الاجتماعي إذا كانت تلك الأنشطة تتم نيابة عن هيئات تعليمية تابعة للولاية. وقالت كليلة بارنز، مديرة مشروع خصوصية الطالب في مركز معلومات الخصوصية الإلكترونية، وهو مركز بحثي في واشنطن: «رغم أن مشروع القانون يتضمن بعض السمات الواعدة، لن ينجح في تحقيق وعد الرئيس أوباما باستخدام البيانات، التي يتم جمعها في إطار العملية التعليمية، فقط للأغراض التعليمية».
* خدمة «نيويورك تايمز»



كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات
TT

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

التحدث عن كلية الطب في «الجامعة الأميركية» وما حققته من إنجازات وتطورات منذ تأسيسها عام 1867 لا يمكن تلخيصه بمقال؛ فهذه الكلية التي تحتل اليوم المركز الأول في عالم الطب والأبحاث في العالم العربي والمرتبة 250 بين دول العالم بالاعتماد على QS Ranking، استطاعت أن تسبق زمنها من خلال رؤيا مستقبلية وضعها القيمون عليها، وفي مقدمتهم الدكتور محمد صايغ نائب الرئيس التنفيذي لشؤون الطب والاستراتيجية الدولية وعميد كلية الطب في الجامعة الأميركية، الذي أطلق في عام 2010 «رؤيا (2020)»، وهي بمثابة خطة طموحة أسهمت في نقل الكلية والمركز الطبي إلى المقدمة ووضعهما في المركز الأول على مستوى المنطقة.

رؤية 2025

اليوم ومع مرور 150 عاماً على تأسيسها (احتفلت به أخيراً) ما زالت كلية الطب في «الجامعة الأميركية» تسابق عصرها من خلال إنجازات قيمة تعمل على تحقيقها بين اليوم والغد خوّلتها منافسة جامعات عالمية كـ«هارفرد» و«هوبكينز» وغيرهما. وقد وضعت الجامعة رؤيا جديدة لها منذ يوليو (تموز) في عام 2017 حملت عنوان «رؤية 2025»، وهي لا تقتصر فقط على تحسين مجالات التعليم والطبابة والتمريض بل تطال أيضاً الناحية الإنسانية.
«هي خطة بدأنا في تحقيقها أخيراً بحيث نستبق العلاج قبل وقوع المريض في براثن المرض، وبذلك نستطيع أن نؤمن صحة مجتمع بأكمله». يقول الدكتور محمد صايغ. ويضيف خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «لا نريد أن ننتظر وصول وفود المرضى إلى مركزنا الطبي كي نهتم بهم، بل إننا نعنى بتوعية المريض قبل إصابته بالمرض وحمايته منه من خلال حملات توعوية تطال جميع شرائح المجتمع. كما أننا نطمح إلى إيصال هذه الخطة إلى خارج لبنان لنغطي أكبر مساحات ممكنة من مجتمعنا العربي».
تأسَّسَت كلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت عام 1867، وتعمل وفقاً لميثاق صادر من ولاية نيويورك بالولايات المتحدة الأميركية، ويقوم على إدارتها مجلس أمناء خاص ومستقل.
وتسعى الكلية لإيجاد الفرص التي تمكن طلبتها من تنمية روح المبادرة، وتطوير قدراتهم الإبداعية واكتساب مهارات القيادة المهنية، وذلك من خلال المشاركة في الندوات العلمية والتطبيقات الكلينيكية العملية مما يُسهِم في تعليم وتدريب وتخريج أطباء اختصاصيين.
وملحَق بكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت مركز طبي يضم أقساماً للأمراض الباطنية والجراحة والأطفال وأمراض النساء والتوليد ‏والطب النفسي. كما يقدم المركز الطبي خدمات الرعاية الصحية المتكاملة في كثير من مجالات الاختصاص، وبرامج للتدريب على التمريض وغيرها ‏من المهن المرتبطة بالطب.

اعتمادات دولية

منذ عام 1902، دأب المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت على توفير أعلى معايير الرعاية للمرضى في مختلف أنحاء لبنان والمنطقة. وهو أيضاً المركز الطبي التعليمي التابع لكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت التي درّبت أجيالاً من طلاب الطب وخريجيها المنتشرين في المؤسسات الرائدة في كل أنحاء العالم. المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت هو المؤسسة الطبية الوحيدة في الشرق الأوسط التي حازت على خمس شهادات اعتماد دولية وهي JCI)، وMagnet، وCAP، وACGME - I و(JACIE مما يشكّل دليلاً على اعتماد المركز أعلى معايير الرعاية الصحية المتمحورة حول المريض والتمريض وعلم الأمراض والخدمات المخبرية والتعليم الطبي والدراسات العليا. وقد خرَّجَت كلية الطب أكثر من أربعة آلاف طالب وطبيب. وتقدم مدرسة رفيق الحريري للتمريض تعليماً متميزاً للعاملين في مجال التمريض، ويلبي المركز الطبي احتياجات الرعاية الصحية لأكثر من 360 ألف مريض سنوياً.
ويتألف المركز من عدد من مراكز الامتياز كمركز سرطان الأطفال التابع لمستشفى «سانت جود» البحثي في ولايتي ممفيس وتينيسي. كما تتضمن برنامج باسيل لأورام البالغين وفيه وحدة لزرع نخاع العظام، إضافة إلى مراكز طب الأعصاب المختلفة وأمراض القلب والأوعية الدموية ومركز للرعاية الصحية للنساء.
«هناك استثمارات تلامس نحو 400 مليون دولار رصدت من أجل بناء البنية التحتية اللازمة للمركز الطبي مع مشروع افتتاح عدة مبانٍ وأقسام جديدة خاصة بأمراض السرطان وأخرى تتعلق بالأطفال، إضافة إلى نقلة نوعية من خلال زيادة عدد الأسرة لتلبية الحاجات الصحية المختلفة لمرضانا»، كما أوضح د. صايغ في سياق حديثه.

تبرعات للمحتاجين

يعمل المركز الطبي على تأمين العلاج المجاني لأمراض مستعصية من خلال تأسيس صناديق تبرُّع للمحتاجين، هدفها تأمين العلاج لذوي الدخل المحدود. وهي تخصص سنوياً مبلغ 10 ملايين دولار لمساعدة هذه الشريحة من الناس التي تفتقر إلى الإمكانيات المادية اللازمة للعلاج.
وينظم المركز الطبي مؤتمراً سنوياً ودورات وورش عمل (MEMA) تتناول مواضيع مختلفة كطب الصراعات ومواضيع أخرى كصحة المرأة، والصحة العقلية، وعبء السرطان وغسل الكلى أثناء الصراع وتدريب وتثقيف المهنيين الصحيين للتعامل مع تحديات العناية بأفراد المجتمع.
تُعدّ كلية الطب في الجامعة الأميركية السباقة إلى تأمين برنامج تعليمي أكاديمي مباشر لطلابها، بحيث يطبقون ما يدرسونه مباشرة على الأرض في أروقة المركز الطبي التابع لها.
ويرى الدكتور محمد صايغ أن عودة نحو 180 طبيباً لبنانياً عالمياً من خريجيها إلى أحضانها بعد مسيرة غنية لهم في جامعات ومراكز علاج ومستشفيات عالمية هو إنجاز بحد ذاته. «ليس هناك من مؤسسة في لبنان استطاعت أن تقوم بهذا الإنجاز من قبل بحيث أعدنا هذا العدد من الأطباء إلى حرم الكلية وأنا من بينهم، إذ عملت نحو 25 عاماً في جامعة (هارفرد)، ولم أتردد في العودة إلى وطني للمشاركة في نهضته في عالم الطب». يوضح دكتور محمد صايغ لـ«الشرق الأوسط».

رائدة في المنطقة

أبهرت كلية الطب في الجامعة الأميركية العالم بإنجازاتها على الصعيدين التعليمي والعلاجي، ففي عام 1925. تخرجت فيها أول امرأة في علم الصيدلة (سارة ليفي) في العالم العربي، وبعد سنوات قليلة (1931) كان موعدها مع تخريج أول امرأة في عالم الطب (ادما أبو شديد). وبين عامي 1975 و1991 لعبت دوراً أساسياً في معالجة ضحايا الحرب اللبنانية فعالج قسم الطوارئ لديها في ظرف عام واحد (1976 - 1977) أكثر من 8000 جريح. وفي عام 2014 تلقت إحدى أضخم التبرعات المالية (32 مليون دولار) لدعم المركز الطبي فيها وتوسيعه.
كما لمع اسمها في إنجازات طبية كثيرة، لا سيما في أمراض القلب، فكان أحد أطبائها (دكتور إبراهيم داغر) أول من قام بعملية القلب المفتوح في العالم العربي، في عام 1958. وفي عام 2009، أجرت أولى عمليات زرع قلب اصطناعي في لبنان، وفي عام 2017 أحرز فريقها الطبي أول إنجاز من نوعه عربياً في أمراض القلب للأطفال، عندما نجح في زرع قلب طبيعي لطفل.
كما تصدرت المركز الأول عربياً في عالم الطب لثلاث سنوات متتالية (2014 - 2017) وحازت على جوائز كثيرة بينها «الجائزة الدولية في طب الطوارئ» و«جائزة عبد الحميد شومان» عن الأبحاث العربية، و«جائزة حمدان لأفضل كلية طبية في العالم العربي» لدورها في التعليم الطبي لعامي 2001 – 2002.