لندن: اعتقال مشتبه به بقتل الإمام السوري عرواني

المتهم مثل أمام قضاة المحكمة لمدة دقيقة واحدة.. ومددت احتجازه لحين ظهوره أمام «أولد بيلي»

الإمام السوري المعارض عبد الهادي عرواني قبل مقتله («الشرق الأوسط»)
الإمام السوري المعارض عبد الهادي عرواني قبل مقتله («الشرق الأوسط»)
TT

لندن: اعتقال مشتبه به بقتل الإمام السوري عرواني

الإمام السوري المعارض عبد الهادي عرواني قبل مقتله («الشرق الأوسط»)
الإمام السوري المعارض عبد الهادي عرواني قبل مقتله («الشرق الأوسط»)

وجهت شرطة اسكوتلنديارد البريطانية الاتهام إلى ليسلي كوبر، 36 عاما، بقتل الإسلامي السوري المعارض، عبد الهادي عرواني، أمس في لندن، ومثل المتهم كوبر وسط إجراءات أمنية مشددة في محكمة كامبرويل أمس حيث وجهت إليه الاتهام رسميا بقتل المعارض السوري، ومددت احتجازه إلى حين مثوله أمام محكمة الأولد بيلي الجنائية في غضون 48 ساعة.
ومثل كوبر أمام قضاة المحكمة لمدة دقيقة واحدة في جنوب شرقي لندن في وقت لاحق أمس حيث تحدث فقط لتأكيد اسمه وتاريخ ميلاده قبل أن ينقل إلى الحجز. وكان عرواني من أشد المنتقدين للرئيس السوري بشار الأسد وتردد أنه كان يدير شركة لأعمال البناء في لندن في السنوات الأخيرة. وكان يعمل إماما بمسجد النور المثير للجدل في منطقة أكتون بغرب لندن ومدرسا في عدد من المدارس الإسلامية في المدينة. وقال نجله مرهف عرواني، 20 عاما، الأسبوع الماضي «لا نفهم ما الدافع وراء الجريمة».
ووجدت جثة عرواني مصابة بعدة رصاصات في منطقة الصدر في سيارته، في منطقة ويمبلي في 7 أبريل (نيسان) الحالي. ويعتبر عرواني من الشخصيات المناهضة لنظام بشار الأسد، ومعروف بمنهجه الوسطي في الدعوة ومناهضته أيضا لأفكار المتشددين.
وقال روب ديفيس ممثل الادعاء البريطاني إنّ عرواني وجد مقتولا في منطقة غرين هيل في لندن، وإنّ كوبر مثل أمام المحكمة أمس في جلسة استماع أولية لارتكابه الجريمة، ويبقى لديه حق الحصول على محاكمة عادلة. ولفت ديفيس إلى ضرورة عدم نشر تقارير أو معلومات على المواقع الإلكترونية من شأنها أن تعرقل الإجراءات.
وجاء تحرك الشرطة بعد أسبوع من مقتل عرواني، وسط تكهنات حول علاقة النظام السوري بالجريمة، خاصة أن عرواني كان من الناجين من مذبحة حماه عام 1982. وكان ناقدا شديدا لنظام بشار الأسد، وشارك في مظاهرات السوريين أمام السفارة في لندن، وسافر إلى سوريا أكثر من مرة للقاء المقاتلين والحديث معهم حول مخاطر التشدد. وكانت تقارير صحافية قد ذكرت أن نجل عرواني شاهد القاتل قبل أسبوع من مقتله، حيث ذهب مع والده إلى مكان طلب صاحبه إجراء إصلاحات في البيت، ولكن القاتل أجّل العملية على ما يبدو؛ نظرا لوجود الابن، وتعلل بعدم وجود مفتاح البيت معه. ونقلت محطة «سكاي نيوز» عن روب ديفيس من وحدة التحقيق في شرطة اسكوتلنديارد قوله إن «النيابة العامة طلبت من الشرطة توجيه اتهامات لليزلي كوبر بقتل عبد الهادي عرواني». وقال ديفيس إن القرار اتخذ بناء على قوانين الادعاء العام». وأضاف أن كوبر متهم بارتكاب فعل إجرامي، وسيمنح محاكمة عادلة ونزيهة، ودعا ديفيس إلى عدم نشر معلومات أو تعليقات قد تؤثر على مسار التحقيق والمحاكمة.
والشيخ عرواني أب لستة أولاد، وكان إمام جامع النور في منطقة أكتون غرب لندن منذ عام 2005 حتى 2011.
وغادر عرواني سوريا حين كان مراهقا في 1982، وذلك بعد نجاته من مجزرة حماه. وهو من الذين شاركوا عام 2012 في التظاهر ضد نظام بشار الأسد أمام السفارة السورية في لندن.
وأوضحت الشرطة في بيان أن عناصر من مكافحة الإرهاب يجرون التحقيق بسبب البعد الدولي للقضية.
وكان عرواني «شخصية محترمة جدا في غرب لندن»، كما أكد مرهف عرواني أحد أبنائه الستة في بيان.
وأضاف: «كان أبي يخوض فعلا المعركة ضد التطرف، ويقوم بحملة من أجل السلام، ويشدد على أهمية الديمقراطية والحرية».
ورفضت أسرة عرواني التكهنات بأن تكون معارضته لنظام الأسد سببا في مقتله. وقالت ابنته إلهام عرواني (23 عاما) لصحيفة «إيفنينغ ستاندرد» «ليس لدينا أي فكرة عما حصل».
وتابعت: «أي سوري حر ويعرف الحقيقة معارض للأسد. لا يمكن أن يكون ذلك حصل بسبب معارضته للأسد. لا بد أن يكون هناك سبب آخر لكن لا يمكننا التفكير في شيء».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.