تسارع «مفاوضات فيينا» وسط تحذيرات غربية لطهران

إيران: أوروبا تقاعست عن تقديم اقتراحات بناءة

سيارة شرطة أمام قصر كوبورغ بفيينا حيث عقد اجتماع لبحث الملف النووي الإيراني الخميس (رويترز)
سيارة شرطة أمام قصر كوبورغ بفيينا حيث عقد اجتماع لبحث الملف النووي الإيراني الخميس (رويترز)
TT

تسارع «مفاوضات فيينا» وسط تحذيرات غربية لطهران

سيارة شرطة أمام قصر كوبورغ بفيينا حيث عقد اجتماع لبحث الملف النووي الإيراني الخميس (رويترز)
سيارة شرطة أمام قصر كوبورغ بفيينا حيث عقد اجتماع لبحث الملف النووي الإيراني الخميس (رويترز)

وسط تحذيرات شديدة اللهجة إلى طهران من نفاد الوقت، تسارعت خطوات الدبلوماسيين من أطراف الاتفاق النووي، بين الوفدين الإيراني والأميركي، بعد ساعات من أول اجتماع خلال الجولة السابعة في فيينا للجنة الخبراء الثالثة المعنية ببحث تطبيق تلازم الخطوات في أي اتفاق محتمل، في أول إشارة إلى بدء ظهور تغير في الموقف الإيراني في المفاوضات الرامية لإنعاش الاتفاق النووي لعام 2015.
وقال دبلوماسي أوروبي كبير لـ«الشرق الأوسط» إن هناك تغيراً طفيفاً في الموقف الإيراني، ولكنه وصف التغير بأنه «ليس جوهرياً»، إلا أن هذا كان كافياً على ما يبدو ليقنع الغربيين بإكمال المفاوضات التي كادت تنهار بسبب تمسك إيران بمطالب وصفتها الدول الغربية بأنها لا يمكنها أن تشكل قاعدة للتفاوض. وعقدت اللجنة المشتركة للاتفاق النووي اجتماعاً غير رسمي مساء أمس مع الوفد الأميركي من دون الوفد الإيراني، شاركت فيه الأطراف الأوروبية والوفدان الصيني والروسي. وقبل ذلك عقد الوفدان الصيني والروسي اجتماعاً ثلاثياً مع الوفد الإيراني بمشاركة الاتحاد الأوروبي.
وفور انتهاء اللقاء انتقلت الوفود من فندق باليه كوبور، المقر الرسمي للمحادثات، إلى فندق ماريوت المقابل الذي يعقد فيه الأميركيون اجتماعاتهم. وقال رئيس الوفد الروسي ميخائيل أوليانوف للصحافيين إن الاجتماع مع الأميركيين يشارك فيه المبعوث الخاص بإيران، روبرت مالي، وبأن الرسالة التي سينقلها إليه هي أن الوفد الإيراني جاد في المفاوضات وبأنه تعهد بالبقاء قدر اللازم للتوصل لاتفاق.
وبدأ اليوم المزدحم للدبلوماسيين أمس باجتماع اللجنة الثالثة التي تنظر في تنسيق خطوات تطبيق الاتفاق، في مؤشر إلى أن إيران قبلت ببحث العودة لالتزاماتها النووية في الوقت نفسه الذي تُرفع فيه العقوبات الأميركية. وتضم اللجنة خبراء من الدول المشاركة في الاتفاق النووي، أي الدول الأوروبية والاتحاد الأوروبي وروسيا والصين وإيران، ومهمتها دراسة خطوات تطبيق الاتفاق لجهة رفع العقوبات والعودة للالتزامات النووية. وبعد الاجتماع الموسع، أجرى مالي وأوليانوف مشاورات منفصلة استمرت قرابة الساعة خلف الأبواب المغلقة.
ونقلت قناة برس تي في الإيرانية التي تديرها الدولة قول كبير المفاوضين الإيرانيين علي باقري كني «تتقاعس الأطراف الأوروبية عن التقدم بأي مبادرات لإنهاء الخلافات إزاء رفع العقوبات» عن إيران، حسب (رويترز).
من جهته، قال كبير المفاوضين الإيرانيين، علي باقري في تصريحات أوردتها وكالة (إرنا) الرسمية إن «الجانبين يمضيان قدماً من أجل التوصل إلى إجماع واضح بشأن نطاق وحدود القضايا التي ستدرج في جدول المفاوضات». وقال إن ذلك «إنجاز جيد... لو تمكنا خلال المرحلة الراهنة من التوصل إلى هذا الإجماع، سيكون مهماً لأنه منذ البداية كانت هناك خلافات بين الطرفين في هذا الخصوص»، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.
ويصر الوفد الإيراني منذ بداية الجولة السابعة في 29 نوفمبر (تشرين الثاني)، أن طهران لن تقبل بالعودة إلى التزاماتها النووية ضمن اتفاق العام 2015، قبل أن يكون هناك رفع كامل للعقوبات والتأكد منها. وكان الوفد الإيراني برئاسة علي باقري كني يصر على أنه لن يكون هناك أي تلازم للخطوات بل إن خطوة رفع العقوبات يجب أن تأتي أولاً.
جاء التحرك في فيينا، على وقع ضغوط غربية متزايدة على إيران جاءت من ليفربول التي استضافت قمة مجموعة السبع، وشارك فيها رؤساء الوفود الأوروبية الثلاثة المفاوضة في فيينا إلى جانب رئيس الوفد الأميركي المفاوض روبرت مالي.
وحذرت وزيرة الخارجية البريطانية ليز تراس أمس إيران، من أنها «الفرصة الأخيرة لإيران لتأتي إلى طاولة المفاوضات باقتراح جاد لهذه المسألة»، وأضافت «هذه الفرصة الأخيرة، لن نسمح لإيران بأن تحصل على سلاح نووي». وشددت على أنه «لا يزال هناك وقت لإيران كي تأتي وتقبل هذا الاتفاق» لكن «هذه هي الفرصة الأخيرة» وحثت طهران على تقديم «اقتراح جدي».
ومساء السبت، انتقدت كذلك وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، تمسك إيران بمواقفها المتشددة، وقالت إن «الأيام الماضية أظهرت أننا لا نحرز أي تقدم مع إيران»، وإن «الاقتراحات التي تقدم بها الفريق الإيراني المفاوض أعادتنا ستة أشهر إلى الوراء»، لتضيف أن «الوقت يمر بسرعة».
وجاءت تصريحات الوزير الألمانية، بعد محادثات «مكثفة» بين وزراء خارجية مجموعة السبع التي وحدت موقفها بشأن محادثات فيينا، بحسب ما نقلت رويترز عن مسؤولين في الوزارة الخارجية الأميركية.
وتخشى الدول الأوروبية من أن تكون إيران تماطل في هذه المفاوضات لكسب وقت تطور فيه برنامجها النووي. ويكرر الأوروبيون أن هناك «إلحاحاً» للتعجل في التفاوض والعودة للاتفاق النووي وكامل التزامات إيران من ضمنه، ولكن إيران لا تبدو مستعجلة في المفاوضات، وقد طرحت مسودتين الأسبوع الماضي تطلب فيهما مراجعة جزء كبير مما تم الاتفاق عليه في الجولات الست الماضية. ورغم أن المنسق الأوروبي إنريكي مورا قال آنذاك إن المتفاوضين مستعدون للأخذ بالحسبان «حساسيات» الحكومة الإيرانية الجديدة، إلا أن الدول الأوروبية الثلاث (فرنسا وبريطانيا وألمانيا) والولايات المتحدة اعتبرت أن اقتراحات إيران توحي بأنها ليست جادة في التفاوض وبأنها تهدف لإضاعة الوقت.
لكن رئيس الوفد الروسي المفاوض ميخائيل أوليانوف قال في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن المفاوضات «تسير كما يجب». ورغم اعترافه بأن التصعيد الإيراني لجهة استمرار تخصيب اليورانيوم «لا يفيد» في تقدم المفاوضات، فهو أضاف أن «الطرف الأميركي عليه أن يتوقف عن التصعيد كذلك»، واتخاذ «خطوات استفزازية» مثل العقوبات التي فرضها على إيران عشية انطلاق الجولة السابعة من المفاوضات الأسبوع الماضي. ورفض أوليانوف القول كم هي نسبة المسودة الموجودة أصلاً والذي تريد إيران تعديلها، مكتفياً بالقول إن المفاوضات «تجري بهذا الشكل»، وأن المسودتين الجديدتين تمت إضافتهما للمسودة الموجودة أصلاً.



أميركا تطلب من تركيا الضغط على «حماس» للقبول بوقف النار في غزة

فيدان وبلينكن في تصريحات للصحافيين عقب انتهاء مباحثاتهما في أنقرة (الخارجية التركية)
فيدان وبلينكن في تصريحات للصحافيين عقب انتهاء مباحثاتهما في أنقرة (الخارجية التركية)
TT

أميركا تطلب من تركيا الضغط على «حماس» للقبول بوقف النار في غزة

فيدان وبلينكن في تصريحات للصحافيين عقب انتهاء مباحثاتهما في أنقرة (الخارجية التركية)
فيدان وبلينكن في تصريحات للصحافيين عقب انتهاء مباحثاتهما في أنقرة (الخارجية التركية)

طالبت الولايات المتحدة تركيا باستخدام نفوذها لجعل حركة «حماس» الفلسطينية تقبل مقترحاً لوقف إطلاق النار في غزة. وأكد البلدان اتفاقهما بشأن ضرورة العمل على تحقيق وقف إطلاق النار في أسرع وقت ممكن.

وقال وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، خلال مؤتمر صحافي مشترك قصير مع نظيره الأميركي أنتوني بلينكن، عقب ختام مباحثاتهما في أنقرة (الجمعة): «اتفقنا على تحقيق وقف إطلاق النار بغزة في أسرع وقت ممكن»، لافتاً إلى الجهود التي تبذلها تركيا والولايات المتحدة والشركاء الآخرون في المنطقة من أجل وقف إطلاق النار.

وأضاف فيدان أن «إسرائيل تواصل قتل المدنيين في غزة، وتعمل على استمرار دوامة العنف في المنطقة، وقد اتفقنا على أن تعمل تركيا وأميركا جنباً إلى جنب مع الشركاء الآخرين للحد من العنف».

وتابع أن العنف المستمر في غزة، أسفر عن سقوط عدد كبير من الضحايا المدنيين. وأعربت كل من تركيا وأميركا عن قلقهما إزاء الوضع.

جانب من مباحثات فيدان وبلينكن في أنقرة الجمعة (الخارجية التركية)

بدوره، قال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، إنه رأى خلال الفترة الأخيرة «مؤشرات مشجّعة» على التقدّم نحو وقف لإطلاق النار في قطاع غزة.

وأضاف: «ناقشنا الوضع في غزة، والفرصة التي أراها للتوصّل إلى وقف لإطلاق النار. وما رأيناه خلال الأسبوعين الماضيين هو مزيد من المؤشرات المشجّعة».

وطالب بلينكن تركيا باستخدام نفوذها كي ترد حركة «حماس» بالإيجاب على مقترح لوقف إطلاق النار، مضيفاً: «تحدثنا عن ضرورة أن ترد (حماس) بالإيجاب على اتفاق ممكن لوقف إطلاق النار؛ للمساهمة في إنهاء هذا الوضع، ونُقدِّر جداً الدور الذي تستطيع تركيا أن تلعبه من خلال استخدام صوتها لدى (حماس) في محاولة لإنجاز ذلك».

وكان بلينكن وصل إلى أنقرة، مساء الخميس، والتقى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، في مطار إسنبوغا بالعاصمة التركية، قبل أن يجري مباحثات مع نظيره هاكان فيدان استغرقت أكثر من ساعة بمقر وزارة الخارجية التركية، حيث ركّزت مباحثاته بشكل أساسي على الوضع في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد، والوضع في المنطقة وبشكل خاص التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة.

جانب من لقاء إردوغان وبلينكن بمطار إسنبوغا في أنقرة مساء الخميس (الرئاسة التركية)

وجاءت زيارة بلينكن لتركيا بعدما زار الأردن، الخميس، لإجراء مباحثات تتعلق بسوريا والوضع في غزة أيضاً.

وتبدي أميركا قلقاً من أن تؤدي التطورات الجديدة إلى مخاطر على أمن إسرائيل، وأن تجد جماعات إرهابية فرصة في التغيير الحادث بسوريا من أجل تهديد إسرائيل، التي سارعت إلى التوغل في الأراضي السورية (في الجولان المحتل) في انتهاك لاتفاقية فض الاشتباك الموقّعة عام 1974، وهو ما أدانته تركيا، في الوقت الذي عدّت فيه أميركا أن من حق إسرائيل اتخاذ الإجراءات اللازمة لتأمين نفسها ضد التهديدات المحتملة من سوريا.