مخاوف من مخاطر تهدد «وحدة السودان واستقراره»

خبراء: كل الاحتمالات واردة بما في ذلك السيناريو السوري

جانب من احتجاجات سابقة في الخرطوم تطالب بعودة الحكم المدني (أ.ف.ب)
جانب من احتجاجات سابقة في الخرطوم تطالب بعودة الحكم المدني (أ.ف.ب)
TT

مخاوف من مخاطر تهدد «وحدة السودان واستقراره»

جانب من احتجاجات سابقة في الخرطوم تطالب بعودة الحكم المدني (أ.ف.ب)
جانب من احتجاجات سابقة في الخرطوم تطالب بعودة الحكم المدني (أ.ف.ب)

عبر عدد من السياسيين والخبراء في السودان عن مخاوفهم من مخاطر أمنية وسياسية تمر بها البلاد حالياً، وقد تهدد وحدته واستقراره، خصوصاً في ظل انتشار السلاح بين أيدي جهات عديدة لا تزال خارج الأجهزة العسكرية والأمنية الرسمية. وأشاروا إلى أن الأزمة في السودان تتفاقم باطراد يهدد بسيناريوهات خطرة على المديين المتوسط والبعيد، ما يجعل الاحتمالات الأسوأ هي الأرجح، بما في ذلك السيناريوهان الليبي والسوري الدمويان، خصوصاً بعد فشل عودة عبد الله حمدوك رئيساً للوزراء، في تهدئة المخاوف وتقليل المهددات الأمنية في البلاد.
فقد وجد حمدوك بعد عودته لمكتبه مياهاً كثيرة مرت تحت الجسر، فالشارع السياسي الذي كان يؤيده بشده تخلى عنه، وخرجت مرجعيته السياسية عن المشهد، ولم تفلح القوى المؤيدة لإجراءات الجيش في 25 أكتوبر (تشرين الأول)، التي عدها الكثيرون «انقلاباً عسكرياً»، في توفير مرجعية سياسية مؤثرة له تتيح تكوين حكومته والمضي قدماً في الانتقال. ورغم مرور نحو الشهر على اتفاق 21 أكتوبر بين قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان ورئيس مجلس الوزراء عبد الله حمدوك، فقد فشل حتى الآن في تكوين حكومته الجديدة، ولا تزال احتمالات قدرته على «لملمة» الأزمة السياسية الخانقة التي تعيشيها البلاد شديدة الضعف.
- مستشار رئيس الوزراء
يقول مستشار رئيس الوزراء الإعلامي فيصل محمد صالح، إن الانقلاب فشل في تحقيق أهدافه، مثلما فشل اتفاق حمدوك - البرهان في معالجة الأزمة، وبذلك يصبح الباب مفتوحاً أمام كل الاحتمالات. ووصلت المبادرات المحلية لتقريب وجهات النظر بين أطراف النزاع إلى طريق مسدودة، وانتهت بأن أصبحت جزءاً من المعسكر الموالي للجيش، فيما يصعد الشارع السياسي مواكبه واحتجاجاته المستمرة منذ سبتمبر (أيلول) الماضي دون توقف.
وقال المحلل السياسي صالح عمار، إن الشارع والحراك الشعبي المناوئ لحكم العسكر هو العامل الأساسي الذي يحكم تطور الأوضاع في البلاد، وإن المواكب المتزامنة مع الذكرى الثالثة للثورة السودانية التي اندلعت في 19 ديسمبر (كانون الأول) 2018، ستعطي مؤشراً رئيسياً تبني عليه القوى الأساسية موقفها. ورأى عمار أن أي تعامل عنيف مع الاحتجاجات قد يدفع المجتمع الدولي للتحرك بصورة أكثر فاعلية ضد سلطة الأمر الواقع في الخرطوم، قائلاً إن «الأطراف الفاعلة الأساسية في حيرة من أمرها، والشارع السياسي متقدم عليها، أما الجيش فقد نفذ نصف انقلاب، وتحالف الحرية والتغيير غير متماسك، وحمدوك في وضع ضعف ويعيش حالة توهان». ورغم رهانه على قوة الجماهير والقوة الناعمة، فإن عمار يرى أن الشارع لا يمكن أن يحسم وحده المعركة، ويقول إن «تجارب التاريخ تقول ذلك، والبلاد من ناحية استراتيجية تعيش حالة خطر محدق، وهي تعاني هشاشة ظلت تتفاقم باطراد».
وأضاف: «الاقتصاد أيضاً مهدد بانهيار سريع من دون حلول تلوح في الأفق، ولا أحد يدري ما يحدث منذ الآن حتى يوم 19 ديسمبر، ولا إلى أين تسير الأوضاع».
واستبعد عمار إمكان تقديم تنازلات من قبل المكون العسكري لحل الأزمة، لا سيما أنهم يملكون أوراقاً رئيسية في اللعبة، قائلاً: «هم أنفسهم غير متوافقين، وهناك احتمال صدام بين مكوناتهم. وتقول المعلومات العامة إن هناك تياراً متشدداً داخلهم، لكن من الذكاء عليهم تقديم تنازلات لأنهم في موقف ضعيف، ولأنهم حققوا بعض ما كانوا يطمحون لتحقيقه، بما يمكنهم من تقديم التنازلات».
- انهيار اقتصادي
وحذر من انهيار سياسي واقتصادي وشيك يهدد وحدة البلاد، «ففي ظل وجود جيوش متعددة، وقطاع عريض من الشعب يرفض السلطة، وفي ظل إغلاق أبواب الحوار بين الفرقاء، وانتهاء المبادرة المدنية باتفاق البرهان وحمدوك المرفوض جماهيرياً، تصبح الحاجة ملحة لمبادرة دولية أو إقليمية».
وأضاف: «لكن للأسف، لا تلوح في الأفق مبادرة دولية لأن المجتمع الدولي مثقل بأعباء كثيرة أخرى، منها النزاع في إثيوبيا».
من جهته، رأى مستشار رئيس الوزراء الإعلامي السابق، فايز السليك، أن السودان يواجه سيناريوهات مفتوحة تحتمل مواجهات بين الشعب من جهة وقيادة الجيش والقوى الحليفة لها من جهة أخرى. وقال: «تحالف قوى إعلان الحرية والتغيير يقود جزءاً من الشارع، لكن غالب الشارع تجاوز هذا التحالف، وهو نفسه بحاجة لقيادة. مشكلة تحالف الحرية والتغيير أنه سيفقد الشارع وثقته فيه مجدداً إذا اتجه نحو التفاوض مع الجيش».
ويوضح أن أحد السيناريوهات المحتملة أن يتجه قائد الجيش والمجموعة المؤيدة له نحو «انقلاب ثانٍ، لأن الانقلاب الأول رضخ تكتيكياً للضغوط الشعبية والدولية، لكن ربما بعد إكمال إحراق حمدوك شعبياً وسياسياً فربما يمكنهم إكمال الانقلاب الثاني». وأضاف: «قد لا ينهي الانقلاب الثاني المواجهة بين المجموعة الانقلابية والشارع السياسي، وقد يتطور الأمر لمواجهة مسلحة تعيد للأذهان السيناريو السوري».
- مواجهات مسلحة
ويتوقع السليك أن تشهد البلاد مواجهات مسلحة ناتجة عن حالة التشظي الناتجة عن عدم إكمال الترتيبات الأمنية مع الحركات المسلحة ودمج الجيوش المتعددة، وقد ينتقل سيناريو دارفور إلى بقية أنحاء البلاد بما في ذلك العاصمة الخرطوم «وهذا سيناريو شبيه بالسيناريو الليبي». أما السيناريو الثالث فيتمثل في ازدياد الضغوط الشعبية والدولية على الأطراف كلها، بحيث يفتح الأفق المسدود بين المجموعات المتصارعة حالياً، «وهو السيناريو المفضل، ونأمل في أن ينتصر الشعب في النهاية، وهذا يتطلب اتخاذ مواقف مرنة لأن الموقف الشعبي الحالي الرافض للتفاوض والشراكة والشرعية يمثل حالة عدمية قد تعيد إنتاج السيناريو السوري في السودان». واستطرد قائلاً: «على القوى السياسية تقديم رؤية مقنعة للشارع، تحول دونه والوقوع في شباك الرومانسية الثورية، وللوصول إلى مصفوفة تسلم السلطة للمدنيين وتقود البلاد حتى الانتخابات، مع تحقيق العدالة الانتقالية».
ويرجح عمار أن تكون دوافع ما تشهده البلاد من صراعات هي «جريمة فض الاعتصام، والجرائم التي تلت سقوط نظام الإسلاميين، لا سيما أن عدد القتلى بعد سقوط النظام أكبر من الذين قتلوا أثناء الثورة».
وأضاف: «هناك خوف من مترتبات التحقيق في جريمة فض الاعتصام، وتحديد المسؤولين عنها، وهذا يجعل البعض يطمعون في الاستمرار في السلطة لحماية أنفسهم».



مصر تشيد بـ«التعاون المتطور» مع قطر خلال السنوات الأخيرة

نائب رئيس الوزراء المصري خالد عبد الغفار يلتقي الشيخ جاسم بن عبد الرحمن بن محمد آل ثاني سفير دولة قطر في القاهرة على هامش احتفالات اليوم الوطني (مجلس الوزراء المصري)
نائب رئيس الوزراء المصري خالد عبد الغفار يلتقي الشيخ جاسم بن عبد الرحمن بن محمد آل ثاني سفير دولة قطر في القاهرة على هامش احتفالات اليوم الوطني (مجلس الوزراء المصري)
TT

مصر تشيد بـ«التعاون المتطور» مع قطر خلال السنوات الأخيرة

نائب رئيس الوزراء المصري خالد عبد الغفار يلتقي الشيخ جاسم بن عبد الرحمن بن محمد آل ثاني سفير دولة قطر في القاهرة على هامش احتفالات اليوم الوطني (مجلس الوزراء المصري)
نائب رئيس الوزراء المصري خالد عبد الغفار يلتقي الشيخ جاسم بن عبد الرحمن بن محمد آل ثاني سفير دولة قطر في القاهرة على هامش احتفالات اليوم الوطني (مجلس الوزراء المصري)

أشاد نائب رئيس الوزراء وزير الصحة المصري، خالد عبد الغفار، بـ«التعاون المتطور» بين بلاده وقطر خلال السنوات الأخيرة، حيث شهدت العلاقات بين البلدين تطورات لافتة على المستويين السياسي والاقتصادي.

وخلال مشاركته في احتفالية «العيد الوطني» لدولة قطر، التي نظمتها السفارة القطرية في القاهرة، مساء الثلاثاء، قال عبد الغفار - نيابة عن رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي - إن المناسبة «تعكس عمق الروابط الأخوية والعلاقات التاريخية بين مصر وقطر»؛ مشيداً «بالتعاون المتطور في السنوات الأخيرة، خصوصاً في قطاع الصحة، إلى جانب التنمية والاستثمار والتعليم والعمل الإنساني، بما يخدم مصالح الشعبين».

وأكد نائب رئيس الوزراء المصري «أهمية استمرار التنسيق والتعاون المشترك لدعم الاستقرار والتنمية في المنطقة، انعكاساً لعمق العلاقات الأخوية بين البلدين».

نائب رئيس الوزراء المصري خالد عبد الغفار أثناء مشاركته في احتفالات العيد الوطني لدولة قطر (مجلس الوزراء المصري)

وتشهد العلاقات المصرية - القطرية تطوراً نوعياً الفترة الحالية، بعد زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للدوحة في أبريل (نيسان) الماضي، وأعلنت قطر وقتها «دعم الشراكة الاقتصادية مع مصر»، من خلال الإعلان عن حزمة من الاستثمارات المباشرة بقيمة 7.5 مليار دولار.

وقبل أيام افتتح وزير الاستثمار والتجارة الخارجية المصري، حسن الخطيب، فعاليات منتدى «الأعمال المصري - القطري»، بحضور وزير الدولة القطري لشؤون التجارة الخارجية، أحمد بن محمد السيد، وبمشاركة واسعة من ممثلي مجتمع الأعمال في البلدين.

وأعلنت الحكومة المصرية خلال المنتدى عن «تسهيلات استثمارية» جديدة لرجال الأعمال القطريين، وقرّر وزير الاستثمار المصري تشكيل لجنة متخصصة لتيسير إجراءات الاستثمار والتجارة بين بلاده وقطر، وفق ما جاء في بيان رسمي عن الحكومة المصرية.

وانعكس التقارب في العلاقات على حجم التعاون الاقتصادي، إذ وقّعت مصر وقطر في السادس من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي عقد شراكة استثمارية لتنمية منطقة «سملا وعلم الروم»، بالساحل الشمالي الغربي بمحافظة مطروح بشمال غربي مصر، بقيمة تبلغ نحو 29.7 مليار دولار.

ووقتها، قال رئيس الوزراء المصري إن توقيع عقد الشراكة الاستثمارية مع الجانب القطري «يُشكّل تتويجاً للعلاقات الثنائية بين البلدين، ويعكس عمق الروابط التاريخية بينهما».

وقبل أيام وقَّعت مصر مع شركة «المانع» القابضة القطرية عقد مشروع لإنتاج وقود الطائرات المستدام بمنطقة السخنة التابعة للهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، بتكلفة استثمارية تبلغ 200 مليون دولار.

مسؤولون مصريون حرصوا على المشاركة في عيد قطر الوطني (مجلس الوزراء المصري)

وبلغ حجم الاستثمارات القطرية في مصر نحو 3.2 مليار دولار، موزعة على أكثر من 266 شركة، تعمل في قطاعات متنوعة، منها المالي والصناعي والسياحي؛ كما ارتفع التبادل التجاري بين البلدين إلى 143 مليون دولار خلال العشرة أشهر الأولى من العام الحالي، في مقابل 80 مليون دولار عام 2023، بمعدل نمو يقترب إلى 80 في المائة، وفق إحصاءات وزارة الاستثمار المصرية.

وبمناسبة «العيد الوطني»، نقلت وكالة الأنباء القطرية تصريحات، الثلاثاء، للسفير المصري في الدوحة وليد فهمي الفقي قال فيها إن العلاقات بين مصر وقطر «أخوية وراسخة، وتمتد جذورها عبر عقود من التعاون المشترك، وتشهد اليوم مرحلة جديدة من الزخم والنماء بفضل الإرادة السياسية، والرؤية المتوافقة لقيادتي البلدين».

وأشار إلى «التطور الملحوظ في العلاقات بين القاهرة والدوحة خلال السنوات الأخيرة، من خلال تبادل الزيارات رفيعة المستوى، وتعزيز التعاون في مجالات السياسة والاقتصاد والاستثمار والطاقة والبنية التحتية والثقافة».

وأضاف: «التعاون المصري القطري في الملف الفلسطيني يُمثّل نموذجاً بارزاً للتنسيق البنَّاء بين البلدين، من خلال الجهود المشتركة لوقف العدوان على قطاع غزة، وتقديم الدعم للشعب الفلسطيني»، عادّاً أن قطر «أصبحت نموذجاً للدبلوماسية الهادئة والفاعلة القائمة على الحوار والاحترام المتبادل، ودولة مؤثرة تمتلك رؤية إنسانية ومسؤولية إقليمية ودولية متقدمة».

وتقود مصر وقطر، بالتعاون مع الولايات المتحدة، جهود الوساطة التي أدت إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وتعمل الدول الثلاث مع تركيا لتثبيت وقف إطلاق النار، وتنفيذ باقي خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لوقف الحرب في القطاع.


وزير يمني ينفي توقف تصاريح السفن إلى ميناء عدن

سفينة شحن أميركية راسية في ميناء عدن (أرشيفية - رويترز)
سفينة شحن أميركية راسية في ميناء عدن (أرشيفية - رويترز)
TT

وزير يمني ينفي توقف تصاريح السفن إلى ميناء عدن

سفينة شحن أميركية راسية في ميناء عدن (أرشيفية - رويترز)
سفينة شحن أميركية راسية في ميناء عدن (أرشيفية - رويترز)

نفى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني، معمر الإرياني، صحة الأنباء التي تداولتها بعض المنصات الإعلامية ومواقع التواصل الاجتماعي بشأن وقف منح تصاريح دخول السفن إلى ميناء العاصمة المؤقتة عدن، مؤكداً أن هذه المزاعم لا أساس لها من الصحة، وأنها تندرج في إطار الإشاعات التي تستهدف إرباك المشهد الاقتصادي والملاحي في البلاد.

وأوضح الإرياني، في تصريح رسمي، أنه وانطلاقاً من المسؤولية الوطنية وحرصاً على طمأنة الرأي العام والقطاعَين التجاري والملاحي، جرى التواصل المباشر مع الجانب السعودي للتحقق مما أُثير، حيث تم تأكيد عدم صحة هذه الادعاءات بشكل قاطع، وأن الإجراءات المعمول بها تسير بصورة طبيعية ودون أي تغيير.

وأضاف أن عدداً من تصاريح دخول السفن إلى ميناء عدن تم إصدارها خلال الساعات الثماني والأربعين الماضية، بما يدحض كل ما تم تداوله من معلومات مغلوطة.

وشدد الوزير اليمني على أن ميناء عدن يواصل أداء مهامه وفق الأطر القانونية والتنظيمية المعتمدة، وأن حركة الملاحة والتجارة مستمرة بوتيرة طبيعية.

ودعا الإرياني وسائل الإعلام ورواد المنصات الرقمية إلى تحري الدقة واستقاء المعلومات من مصادرها الرسمية، وتجنّب الانجرار خلف الشائعات التي لا تخدم استقرار البلاد ولا تصب في مصلحة المواطنين أو الاقتصاد الوطني.

وفي هذا السياق، ثمّن الوزير عالياً المواقف السعودية، ودورها الداعم لليمن في مختلف الظروف، وحرصها المستمر على تسهيل حركة التجارة والإمدادات، بما يُسهم في تخفيف المعاناة الإنسانية وتعزيز الاستقرار في المناطق المحررة.

تنسيق حكومي - أممي

بالتوازي مع ذلك، بحث وزير النقل اليمني، الدكتور عبد السلام حُميد، في العاصمة المؤقتة عدن، مع مصطفى البنا المنسق الإقليمي لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، أوجه الدعم الذي يقدمه المكتب إلى القطاعات والمؤسسات والهيئات التابعة للوزارة، خصوصاً في مجالات التدريب والتأهيل وبناء القدرات وتوفير الوسائل والمعدات الفنية.

وأشاد وزير النقل اليمني بالدعم الذي قدمه البرنامج الأممي، بما في ذلك توفير وسائل الاتصالات والتجهيزات للمركز الإقليمي لتبادل المعلومات البحرية، ووسائل مراقبة التلوث للهيئة العامة للشؤون البحرية، بالإضافة إلى برامج بناء القدرات لمؤسسات المواني والهيئة عبر برنامج مكافحة الجريمة البحرية العالمية في خليج عدن والبحر الأحمر.

ميناء عدن تعرض لأضرار كبيرة جراء الحرب التي أشعلها الحوثيون (الأمم المتحدة)

وقدم الوزير حُميد عرضاً مفصلاً عن احتياجات المواني والمطارات اليمنية، وفي مقدمتها ميناء ومطار عدن، إلى أجهزة كشف المتفجرات، بهدف تنسيق الدعم مع البرنامج الأممي والدول والصناديق المانحة.

وأكد أن توفير أجهزة حديثة ومتطورة لتفتيش الشحنات والمسافرين يُعد أولوية قصوى في ظل التحديات الأمنية الراهنة، لما لذلك من أثر مباشر في تعزيز أمن الملاحة البحرية وسلامة حركة الطيران المدني.

وتحدّث وزير النقل اليمني عن حرص وزارته على تسهيل عمل مكتب الأمم المتحدة وتذليل الصعوبات التي قد تعترض تنفيذ أنشطته، بما ينعكس إيجاباً على كفاءة أداء المواني والمطارات، ويعزز ثقة المجتمع الدولي بقدرة المؤسسات اليمنية على إدارة المنافذ الحيوية وفق المعايير المعتمدة.

ونسب الإعلام الرسمي اليمني إلى المسؤول الأممي أنه أشاد بمستوى التعاون والتنسيق القائم مع وزارة النقل والمؤسسات التابعة لها، مثمناً الجهود المبذولة لإنجاح برامج الدعم الفني والأمني.

وأكد المسؤول أن المكتب الأممي سيواصل تقديم الدعم اللازم إلى المؤسسات البحرية وسلطات إنفاذ القانون في اليمن، إلى جانب التنسيق مع الجهات المانحة لتوفير وسائل الكشف عن المتفجرات والأسلحة، بما يُسهم في تعزيز أمن النقل البحري والجوي ودعم الاستقرار الاقتصادي.


الحوثيون يجندون مئات السجناء في عمران وصعدة مقابل إطلاقهم

سجناء أفرج عنهم الحوثيون في عمران مقابل الالتحاق بصفوفهم (إعلام حوثي)
سجناء أفرج عنهم الحوثيون في عمران مقابل الالتحاق بصفوفهم (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يجندون مئات السجناء في عمران وصعدة مقابل إطلاقهم

سجناء أفرج عنهم الحوثيون في عمران مقابل الالتحاق بصفوفهم (إعلام حوثي)
سجناء أفرج عنهم الحوثيون في عمران مقابل الالتحاق بصفوفهم (إعلام حوثي)

كشفت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» عن مواصلة الجماعة الحوثية توسيع عمليات التجنيد القسري داخل السجون الخاضعة لسيطرتها، عبر إجبار مئات المحتجزين على الالتحاق بصفوفها والمشاركة في القتال مقابل الإفراج عنهم.

وبحسب المصادر، فقد أُجبر نحو 370 سجيناً على ذمة قضايا مختلفة في محافظتي عمران وصعدة، معقل الجماعة الرئيسي، على الخضوع لدورات تعبوية وعسكرية تمهيداً لإرسالهم إلى الجبهات.

وأفادت المصادر بأن الجماعة أطلقت في الأيام الماضية حملة تجنيد جديدة استهدفت مئات المحتجزين، بينهم سجناء على ذمة قضايا جنائية، في سجون عمران وصعدة. وشملت الحملة وعوداً بالعفو، وتسوية الملفات القضائية، مقابل الموافقة على الانخراط في القتال، في خطوة وُصفت بأنها جزء من سياسة ممنهجة لاستغلال أوضاع السجناء وظروفهم القاسية.

وفي محافظة عمران، تحدثت المصادر عن زيارات ميدانية نفذها قادة حوثيون، يتصدرهم القيادي نائف أبو خرفشة، المعين مشرفاً على أمن المحافظة، وهادي عيضة المعين في منصب رئيس نيابة الاستئناف، إلى السجون في مركز المحافظة ومديريات أخرى. ووفقاً للمصادر، جرى الإفراج عن 288 سجيناً بعد إجبارهم على القبول بالالتحاق بالجبهات القتالية.

قادة حوثيون يزورون أحد السجون الخاضعة لهم في صعدة (إعلام حوثي)

وأكد حقوقيون في عمران لـ«الشرق الأوسط» أن عناصر حوثية مارست ضغوطاً وانتهاكات واسعة بحق المحتجزين، شملت التهديد بالعقوبات، وسوء المعاملة، والحرمان من الزيارة، لإجبارهم على القبول بالذهاب إلى الجبهات، مقابل الإفراج عنهم، وتقديم مساعدات محدودة لذويهم. وعدّ الحقوقيون هذه الممارسات شكلاً صارخاً من أشكال التجنيد القسري المحظور بموجب القوانين الدولية.

ويروي أحد السجناء المفرج عنهم حديثاً في عمران، طلب إخفاء اسمه لدواعٍ أمنية، أن قيادات في الجماعة نفذت زيارات متكررة للسجن الاحتياطي وسط المدينة، وعرضت على المحتجزين أكثر من مرة الإفراج مقابل الالتحاق بدورات قتالية. وقال: «من يرفض يتعرض لعقوبات داخل السجن أو يُحرم من الزيارة». وأضاف أن التهديد المستمر، وسوء المعاملة دفعاه في النهاية إلى القبول بالانضمام للجماعة.

تجنيد في صعدة

فيما تندرج هذه التحركات ضمن مساعي الحوثيين لزيادة أعداد مقاتليهم، أفادت مصادر محلية بأن الجماعة أفرجت في محافظة صعدة عن 80 سجيناً من الإصلاحية المركزية والسجن الاحتياطي، بعد إجبارهم على الموافقة على الالتحاق بصفوفها والخضوع لدورات تعبوية.

وسبق ذلك قيام القيادي المنتحل صفة النائب العام محمد الديلمي، إلى جانب رئيسي محكمة ونيابة الاستئناف في صعدة سليمان الشميري وإبراهيم جاحز، بزيارات إلى السجون، أصدروا خلالها تعليمات بالإفراج عن المحتجزين مقابل انخراطهم في القتال.

قيادات حوثية تفرج عن سجناء مقابل الالتحاق بجبهات القتال (فيسبوك)

وتقول أم أحد المعتقلين في السجن المركزي بصعدة لـ«الشرق الأوسط» إن عناصر حوثية زارت منزلهم وأبلغتهم بأن الإفراج عن ابنها مرهون بموافقة الأسرة على ذهابه للجبهات. وتضيف: «نحن بين نارين، إما أن يموت داخل السجن نتيجة التعذيب والانتهاكات، وإما يُزج به في جبهات القتال».

وتأتي هذه الخطوات في ظل سعي الجماعة إلى تعزيز حضورها العسكري في الجبهات التي تشهد ضغوطاً متواصلة، إلى جانب مشاركتها فيما تسميه «معركة تحرير فلسطين».

تصاعد الشكاوى

ولا تقتصر المساومات الحوثية على سجناء عمران وصعدة، إذ امتدت خلال الفترة الأخيرة إلى محتجزين في محافظات عدة تحت سيطرتها، من بينها صنعاء وريفها وإب وذمار والحديدة وحجة. وكان آخر هذه الحالات الإفراج عن نحو 219 محتجزاً في سجون بمحافظة تعز، تنفيذاً لتوجيهات أصدرها زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي.

جماعة الحوثي جندت مجاميع كبيرة من السجناء خلال الفترات الماضية (فيسبوك)

ويتزامن ذلك مع تصاعد شكاوى عائلات المحتجزين من تكثيف أعمال التطييف والتعبئة القسرية داخل السجون، حيث يحذر حقوقيون يمنيون من أن الإفراج المشروط بالتجنيد يمثل انتهاكاً خطيراً لحقوق الإنسان، ويحوّل السجناء إلى وقود بشري.

ويشدد الحقوقيون على ضرورة حماية حقوق المعتقلين، ووقف استغلالهم في العمليات القتالية، والدفع نحو حلول سلمية شاملة تضع حداً للنزيف الإنساني المتواصل.