اتفاق بين البرهان وحمدوك وحميدتي على تعديلات دستورية

«الحرية والتغيير» تجدد رفض الاتفاق السياسي عشية مواكب احتجاجية

اتفاق بين البرهان وحمدوك وحميدتي على تعديلات دستورية
TT

اتفاق بين البرهان وحمدوك وحميدتي على تعديلات دستورية

اتفاق بين البرهان وحمدوك وحميدتي على تعديلات دستورية

جدد تحالف «الحرية والتغيير» السوداني تأكيد موقفه الرافض للاتفاق السياسي الموقّع بين رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، ورئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، وعدّه استكمالاً للقرارات «الانقلابية»، وذلك قبل ساعات من مواكب مليونية دعت لها لجان المقاومة الشعبية لمواصلة الاحتجاجات المستمرة منذ 25 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
في غضون ذلك، توافق اجتماع ثلاثي، ضم كلاً من حمدوك والبرهان ونائبه محمد حمدان دقلو «حميدتي»، على إجراء تعديلات على الوثيقة الدستورية لتتلاءم مع الاتفاق السياسي الأخير. وقال بيان عن المجلس المركزي لـتحالف «الحرية والتغيير»، صدر أمس، وحصلت «الشرق الأوسط» نسخة منه، رداً على تقارير صحافية تحدثت عن تقديم التحالف ممثلاً في مجلسه المركزي «إعلاناً سياسياً جديداً» يمهد لاتفاق مبنيّ على اتفاق «حمدوك - البرهان» في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، إن التحالف متمسك بموقفه من الإعلان السياسي.
وأوضح البيان أن التحالف يَعدّ الإعلان السياسي بين الرجلين محاولة لإضفاء الشرعية على الانقلاب، قائلاً: «نعدّ الإعلان السياسي الموقّع بين الدكتور حمدوك وقائد الانقلاب الجنرال البرهان محاولة لإضفاء شرعية للانقلاب، وما هو إلاّ استكمال للقرارات الانقلابية المتوالية منذ تاريخ 25 أكتوبر الماضي». وأكد البيان أن المجلس المركزي للحرية والتغيير، وهو يمثل قيادة التحالف، عليه العمل على مقاومة الانقلاب حتى دحره، والعمل مع من أطلق عليهم «المجموعات العريضة من شعبنا الأبيّ الرافضة للانقلاب، من أجل مقاومته ودحره».
وفي الأثناء، شرعت تنظيمات شبابية ونشطاء بتنظيم مواكب إعدادية تمهيداً، للمواكب المليونية التي دعت إليها لجان المقاومة الشعبية، لرفض الانقلاب والاتفاق السياسي بين رئيس الوزراء ورئيس مجلس السيادة، وتأكيد موقفها المستند إلى اللاءات الثلاث: «لا تفاوض، ولا شراكة، ولا شرعية» للحكومة الانقلابية.
وحددت لجان المقاومة في «شرق النيل» حسب بيان، مسارات موكب اليوم التي تنتهي بـ«اعتصام» ليوم واحد، وتعهدت بمواصلة «الدعوات بشتى الطرق واختلاف الأساليب» من أجل الوصول لمطالب الشعب التي خرج من أجلها ومن أجل حكم مدني شامل. وحذرت لجان المقاومة مَن أطلقت عليهم «الانقلابيين» من محاولات كبت الحريات ومحاولات تفكيك «الكتلة الثورية»، وقالت: «يوهمون أنفسهم بكبت الشارع، وتفكيك الكتلة الثورية، ظانين أن الثورة قابلة للهزيمة، لكن هيهات هيهات فقد ولى زمن الانقلابات العسكرية».
من جهة أخرى، نقلت فضائية «الشرق» عن مصادر حكومية، أن اجتماعاً ضم كلاً من «البرهان وحميدتي وحمدوك»، بحث القضايا الخلافية، وأمر تعديل الوثيقة الدستورية لتتلاءم مع الاتفاق السياسي. وذكرت الفضائية أن التعديل سيطال البند (1) من المادة (15) في الوثيقة الدستورية، ويُلزم رئيس الوزراء بالتشاور مع «تحالف قوى إعلان الحرية والتغيير، وأطراف العملية السلمية لتشكيل الحكومة». وبحث الاجتماع تشكيل الحكومة المرتقبة وتعيين حكام الأقاليم، وتوافق على تشكيل لجنة قانونية مشتركة بين المكون العسكري ومجلس الوزراء وأطراف السلام لصياغة تعديلات الوثيقة الدستورية المطلوبة.
في غضون ذلك، ما زالت أزمة شرق السودان قائمة، خصوصاً بين قوى «مسار شرق السودان» من جهة، وبين مجلس نظارات البجا من جهة أخرى، حيث تطالب الأخيرة بإلغاء اتفاق مسار شرق السودان الذي جاء ضمن اتفاق جوبا للسلام، بحجة انضواء شخصيات وقبائل ترفضها. إلا أن القوى الموقِّعة على الاتفاق وبعد صمت طيلة الفترة الماضية، أكدت في بيان أمس (الأحد)، رفضها المساس بالاتفاق، مطالبين الحكومة السودانية بتنفيذه فوراً.
وجددت عدم اعترافها بمجلس نظارات البجا والعموديات المستقلة، متهمةً إياه بالعمل بتوجيهات وتعليمات النظام السابق لزعزعة الاستقرار في شرق السودان.
كذلك، رأت أن التصعيد غير المبرر الذي انتهجه المجلس في بياناته، يهدف لإغلاق الباب أمام أي حل ووفاق، كما يُفشل عمل لجنة مجلس السيادة لحل الأزمة، وذلك تنفيذاً لتوجيهات قيادات نظام الرئيس المعزول عمر البشير.
إلى ذلك، حذّر البيان من أن «الصراع في شرق البلاد يوجَّه ليكون صراعاً حول المواطنة، وذلك بخطاب شعبوي بغيض يقسم شعب شرق السودان إلى مواطنين من الدرجة الأولى وإلى أجانب ولاجئين»، مشيراً إلى أن «هذه مقدمات الحرب الأهلية».
في موازاة ذلك، أكدت قوى مسار شرق السودان «تعاونها غير المحدود مع لجنة المجلس السيادي التي يترأسها النائب الأول لرئيس مجلس السيادة الفريق محمد حمدان دقلو، للوصول إلى حل عادل ومُنصف يُرضي الجميع». وأشاد البيان بموقف أصحاب المصلحة في مدينة بورتسودان لرفضهم القاطع عمليات قفل الموانئ وقطع الطرق، معتبراً أنها إحدى أدوات النظام السابق لإجهاض الثورة.
يشار إلى أن المجلس الأعلى لنظارات البجا، الذي يرأسه محمد الأمين ترك زعيم قبيلة الهدندوة يضغط في اتجاه إلغاء مسار الشرق، حيث نفّذ أنصاره إغلاقاً شاملاً لشرق السودان امتد نحو 3 أسابيع، قبل رفعه، تجاوباً مع وساطات محلية وخارجية، لكنهم أمهلوا السلطات في الخرطوم شهراً لتنفيذ المطلب. وعلق أنصار ترك إغلاقاً شاملاً كان مقرراً تنفيذه في المنطقة اعتباراً من أول من أمس (السبت)، بعد انقضاء مهلة شهر منحها مجلس البجا للحكومة لتنفيذ مطالبه.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.