أعلنت الحكومة الفرنسية تأجيل فرض التلقيح الإلزامي ضد كوفيد-19 للطواقم الطبية في جزر الأنتيل الفرنسية إلى 31 ديسمبر (كانون الأول) بعدما تسبب ذلك بأزمة اجتماعية غير مسبوقة تخللتها أعمال عنف لأيام عدة.
وتهز غوادلوب ومنذ الإثنين المارتينيك، وهما الجزيرتان الفرنسيتان في البحر الكاريبي اللتان تعانيان من فقر وارتفاع في معدلات البطالة، احتجاجات على فرض التلقيح الإلزامي ضد فيروس كورونا على مقدمي الرعاية الطبية ورجال الإطفاء. واختلطت الاحتجاجات بمطالب اجتماعية مرتبطة بغلاء المعيشة وارتفاع أسعار المحروقات.
وفي محاولة جديدة للتهدئة، أعلن الوزيران الفرنسيان لشؤون ما وراء البحار سيباستيان لوكورنو والصحة أوليفييه فيران في بيان، أمس الجمعة، عن «مهلة إضافية لوضع اللمسات الأخيرة على التنفيذ الفعال لفرض اللقاح في الأنتيل».
وجاء هذا الإعلان بعد أعمال عنف استمرت أياماً نصبت خلالها حواجز ونهبت متاجر واضرمت حرائق وسرقت أسلحة وذخيرة من مركز لقوة الجمارك التابعة لخفر السواحل في بوانت-آ-بيتر في غوادلوب. كما أطلق الرصاص على قوات الأمن وصحافيين في فور-دو-فرانس عاصمة المارتينيك ليل الخميس الجمعة.
وقالت الشرطة لوكالة الصحافة الفرنسية إن عشرة شرطيين جرحوا بينهم خمسة بالرصاص.
من جهة أخرى، تعرض أربعة صحافيين فرنسيين لثلاثة عيارات نارية أطلقها رجال يركبون دراجات نارية في شارع مهجور في فور-دو-فرانس، بينما كانوا يقومون بتصوير حاجز ناري مشتعل من بعيد.
وأدت التحقيقات الأولى التي فُتحت عقب أعمال العنف التي وقعت ليل الثلاثاء الأربعاء إلى مثول ثلاثة مشتبه بهم الجمعة أمام نيابة فور-دو-فرانس .
وقال رئيس الوزراء الفرنسي جان كاستيكس إن «هذه الأعمال الخطيرة للغاية تتطلب إدانة بالإجماع لا لبس فيها».
وأعلن المتحدث باسم الحكومة الفرنسية غابريال أتال «توقيف نحو 150 شخصا منذ بدء هذا الوضع في غوادلوب ومارتينيك».
في غضون ذلك، بدأت السلطات الفرنسية مناقشات مع نقابيين ومسؤولين محليين لتسوية الوضع.
وقال لوكورنو في خطاب موجه إلى غوادلوب بثه التلفزيون إن «بعض المسؤولين طرحوا مسألة الحكم الذاتي. برأيهم يمكن أن تدير غوادلوب نفسها بشكل أفضل. إنهم يريدون (...) مزيدا من حرية اتخاذ القرار لصانعي القرار المحليين»، مؤكدا أن «الحكومة (الفرنسية) مستعدة للتحدث عن ذلك وليس هناك نقاشات سيئة طالما أن هذه النقاشات تهدف إلى حل المشاكل الحقيقية للحياة اليومية لسكان غوادلوب».
وأعلن عن تمويل «ألف وظيفة مدعومة للشباب».
والوضع الاقتصادي والاجتماعي في غوادلوب والمارتينيك أكثر حساسية مما هو عليه في فرنسا القارية.
ففي غوادلوب يعيش 34,5 في المائة من السكان تحت خط الفقر الوطني مع ارتفاع معدل البطالة (19 في المائة)، حسب أرقام المعهد الوطني للإحصاء.
أما المارتينيك فهي أقل أراضي ما وراء البحار تأثرا بالبطالة (12,4 في المائة في 2020) والفقر مع أنه منتشر بشكل كبير. وقال معهد الإحصاء إن نسبة الفقر تبلغ 29,8 في المائة (أرقام 2018) أي ضعف ما هي عليه على المستوى الوطني، مع تفاوت في مستويات المعيشة أكبر مما هي عليه في فرنسا.
ورأى علماء اجتماع أن الاعتراض على التلقيح يعكس عدم ثقة السكان تجاه السلطات منذ «فضيحة الكلورديكون».
فقد حظر استخدام هذا المبيد للآفات الزراعية الذي يعتقد أنه يسبب مشاكل في الغدد الصماء والسرطان في فرنسا في 1990، لكن سمح بمواصلة استخدامه بموجب استثناء وزاري حتى 1993 في حقول الموز في المارتينيك وغوادلوب ما تسبب بتلوث كبير ودائم.
مع ذلك، منذ بداية الوباء الذي ضرب غوادلوب بقوة الصيف الماضي ارتفع معدل التلقيح ليصل حاليا إلى نحو 90 في المائة من مقدمي الرعاية الصحية و50 في المائة من العدد الإجمالي للسكان، لكنه يبقى بعيداً عن نسبة 75 في المائة من سكان فرنسا القارية.
فرنسا ترجئ فرض التلقيح الإلزامي للطواقم الصحية في جزر الأنتيل
فرنسا ترجئ فرض التلقيح الإلزامي للطواقم الصحية في جزر الأنتيل
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة