الانتخابات تضع مكونات «14 آذار» أمام إحياء تحالفها

أزمة العلاقات اللبنانية ـ الخليجية أعادت خلط الأوراق

وزير الإعلام جورج قرداحي تسبب بأزمة بين لبنان والخليج (الوكالة المركزية)
وزير الإعلام جورج قرداحي تسبب بأزمة بين لبنان والخليج (الوكالة المركزية)
TT

الانتخابات تضع مكونات «14 آذار» أمام إحياء تحالفها

وزير الإعلام جورج قرداحي تسبب بأزمة بين لبنان والخليج (الوكالة المركزية)
وزير الإعلام جورج قرداحي تسبب بأزمة بين لبنان والخليج (الوكالة المركزية)

يتأهب لبنان للدخول في مرحلة سياسية جديدة غير تلك المرحلة التي كانت قائمة قبل إساءة وزير الإعلام جورج قرداحي لدول الخليج العربي، وتحديداً المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، التي يُفترض أن تفتح الباب أمام قيام تحالفات جديدة، من شأنها أن تعيد خلط الأوراق في الانتخابات النيابية العامة التي ستُجرى قبل انتهاء ولاية البرلمان الحالي، في 21 مايو (أيار) المقبل، هذا إذا ما تصاعدت الانقسامات، وصولاً لاضطرار أبرز المكوّنات السياسية لإعادة تموضعها وانتشارها، بخلاف ما هو حاصل اليوم.
ومن يراقب ردود الفعل الأولية الرافضة للإساءة التي ألحقها قرداحي بدول الخليج العربي، يلاحظ أن قوى «14 آذار» سابقا توحّدت في رفع الصوت عالياً لإخراج لبنان من عزلته الخليجية، من دون أن تتوحّد حتى الساعة في جبهة سياسية متراصّة تؤدي إلى لملمة صفوفها، في مقابل تفرُّد «حزب الله» إلى حد كبير في تشكيل رأس حربة في دعمه لمواقف قرداحي، فيما يتجنّب حليفه «التيار الوطني الحر» برئاسة جبران باسيل مجاراته في هجومه، تاركاً لرئيس الجمهورية ميشال عون معالجة أزمة تدهور العلاقات اللبنانية - الخليجية بالتنسيق مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي.
فباسيل قرر - كما يقول مصدر سياسي لـ«الشرق الأوسط» - بأن يلوذ بالصمت حيال التداعيات السلبية التي ألحقها قرداحي بلبنان، وقرر أن يتفرّغ للدخول مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري في معركة مفتوحة يريد من خلالها الدخول في تصفية حساباته مع حركة «أمل»، باعتبارها من وجهة نظره المنازلة الكبرى، وهذا ما يتبين في البيانات الأسبوعية التي صدرت عن اجتماعات المجلس السياسي لـ«التيار الوطني»، والتي تعمّد فيها عن سابق تصوّر وتصميم النأي بنفسه عن التدخّل في السجال الدائر حول تدهور العلاقات لتفادي الإحراج أمام حليفه، «حزب الله».
ويلفت المصدر السياسي إلى أن «حزب الله»، بحملته على السعودية لأغراض إقليمية ولمصلحة محور الممانعة بقيادة إيران، هو مَن تسبب بالإطاحة بتنظيم الاختلاف وبربط النزاع الذي يرعى علاقته بتيار «المستقبل» وبالحزب «التقدمي الاشتراكي»، وليس العكس. ويعزو السبب إلى أن لديه أجندة خارجية كانت وراء تظهير خلافه معها إلى العلن، رغم الحرص الذي أبداه رئيس «التقدمي»، وليد جنبلاط، في انفتاحه على جميع الأطراف، من دون أن يتنازل عن ثوابته ومسلّماته في الإبقاء على لبنان في الحاضنة العربية.
ويؤكد أن قوى «14 آذار} سابقاً، وإن كانت توحّدت في موقفها الرافض لإساءة قرداحي لدول الخليج، لن ترتقي حتى الساعة إلى مستوى إعادة الاعتبار لتحالفها في جبهة موحدة، على غرار ما حصل في أعقاب اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري، ويقول إن «حزب الله» أخطأ في التعامل مع الردود الرافضة لموقفه، على أن أصحابها يتوخّون من مواقفهم تقديم أوراق اعتمادهم بالمعنى السياسي للكلمة للمملكة العربية السعودية.
ويعزو السبب إلى أن الحزب يريد أن يتغاضى عن الأسباب الكامنة وراء مبادرة خصومه إلى تحميله مسؤولية مباشرة حيال تدهور العلاقات اللبنانية - الخليجية، التي تتعلق بوجود مشروع يتصدّره الحزب ويرعاه مباشرة يقضي بسلخ لبنان عن محيطه العربي، وإلحاقه بمحور الممانعة، وتحويله إلى جزيرة سياسية تفتقد كل المقوّمات لتأمين بقائها على قيد الحياة، لأنها تقحمها في مشروع سياسي يبقى غريباً عن دول الجوار.
ويرى المصدر أن القوى السياسية التي توحّدت برفضها لمشروع «حزب الله» لن تتحالف انتخابياً معه أو مع من يشكّل امتداداً له، وإن كانت بمعظمها تميّز بين الحزب والرئيس بري الذي أخذ على نفسه التموضع في منطقة وسطية، من دون أن يعني ذلك أنه على توافق مع معظم طروحات حليفه الاستراتيجي، وتحديداً بالنسبة لانتماء لبنان إلى محيطه العربي، وهذا ما يفسر التزامه وقيادة حركة «أمل» بعدم الدخول في سجال حول الأزمة التي تسبب بها قرداحي.
ويعتبر أن القوى السياسية المناوئة لـ«حزب الله» وطروحاته انتقت العناوين الرئيسية لمواقفها من المبادئ التي كانت وراء انطلاق ثورة الأرز، التي تموضعت لاحقاً وبعد اغتيال رفيق الحريري في قوى «14 آذار» في دفاعها عن سيادة لبنان، وأيدت لاحقاً بعد تشرذمها دعوة البطريرك الماروني بشارة الراعي لحياد لبنان الإيجابي.
ومع أن إعادة تموضع قوى «14 آذار» سابقاً في جبهة سياسية موحّدة لا يزال خجولاً - كما يقول المصدر السياسي - مع أنها توحّدت في موقفها من «حزب الله»، فإنها في المقابل ليست مستعدّة، حتى لو اختلّت التحالفات الإقليمية واهتزّت، للتسليم بمشروع «حزب الله»، وهي تلتقي في مواقفها مع «الحراك الشعبي»، ولو بالمراسلة، على خلفية اعتبارها بأنها جزء من الطبقة السياسية التي أوصلت لبنان إلى الانهيار.
لذلك يقف لبنان الآن، وبحسب المصدر السياسي، أمام لحظة تبدّل في المناخ والجغرافيا السياسية التي تشكّل سداً منيعاً في وجه الدعوات للفيدرالية، ويبقى التريُّث إلى حين عودة زعيم تيار «المستقبل» رئيس الحكومة السابق سعد الحريري إلى بيروت قادماً من الإمارات العربية المتحدة، في ضوء ما يتردد بأنه سيعود قبل نهاية الشهر الحالي، للوقوف على خياراته الانتخابية ليكون في مقدور قوى «14 آذار» سابقاً أن تبني على الشيء مقتضاه، رغم أن المسار العام للتحالفات الانتخابية قد لا يتبدّل إلى ما كان عليه في الانتخابات السابقة، باستثناء انقطاع التواصل بين «المستقبل» و«التيار الوطني».
وعليه، تترقّب الأوساط السياسية ما ستؤول إليه خريطة التحالفات الانتخابية، أكانت بالجملة أو على القطعة، مع أن قوى «14 آذار» سابقاً مضطرة للتوحُّد، من دون أن تلتقي في جبهة موحّدة.



قاسم يعلن «انتصار» «حزب الله» ويتعهّد صون الوحدة الوطنية وانتخاب رئيس

الأمين العام لـ«حزب الله» نعيم قاسم معلناً «الانتصار الكبير» (رويترز)
الأمين العام لـ«حزب الله» نعيم قاسم معلناً «الانتصار الكبير» (رويترز)
TT

قاسم يعلن «انتصار» «حزب الله» ويتعهّد صون الوحدة الوطنية وانتخاب رئيس

الأمين العام لـ«حزب الله» نعيم قاسم معلناً «الانتصار الكبير» (رويترز)
الأمين العام لـ«حزب الله» نعيم قاسم معلناً «الانتصار الكبير» (رويترز)

قال الأمين العام لـ«حزب الله» إن الحزب حقّق «انتصاراً كبيراً يفوق النصر الذي تحقق عام 2006»، وذلك «لأن العدو لم يتمكن من إنهاء وإضعاف المقاومة».

وجاءت مواقف قاسم في الكلمة الأولى له بعد سريان اتفاق وقف إطلاق النار يوم الأربعاء الماضي. وقال قاسم: «قررت أن أعلن كنتيجة (...) بشكل رسمي وواضح أننا أمام انتصار كبير يفوق الانتصار الذي حصل في يوليو (تموز) 2006»، في إشارة إلى الحرب الأخيرة بين الجانبين. وأضاف: «انتصرنا لأننا منعنا العدو من تدمير (حزب الله)، انتصرنا لأننا منعناه من إنهاء المقاومة أو إضعافها إلى درجة لا تستطيع معها أن تتحرك، والهزيمة تحيط بالعدو الإسرائيلي من كل جانب» .

وتوجّه قاسم في مستهل كلمته إلى مناصري الحزب، قائلاً: «صبرتم وجاهدتم وانتقلتم من مكان إلى آخر، وأبناؤكم قاتلوا في الوديان، وعملتم كل جهدكم لمواجهة العدو». وأضاف: «كررنا أننا لا نريد الحرب، ولكن نريد مساندة غزة، وجاهزون للحرب إذا فرضها الاحتلال. والمقاومة أثبتت بالحرب أنها جاهزة والخطط التي وضعها السيد حسن نصر الله فعّالة وتأخذ بعين الاعتبار كل التطورات، و(حزب الله) استعاد قوّته ومُبادرته، فشكّل منظومة القيادة والسيطرة مجدداً ووقف صامداً على الجبهة».

 

ولفت إلى أن إسرائيل فشلت في إحداث فتنة داخلية، قائلاً: «الاحتلال راهن على الفتنة الداخلية مع المضيفين، وهذه المراهنة كانت فاشلة بسبب التعاون بين الطوائف والقوى». وعن اتفاق وقف إطلاق النار، قال قاسم: «الاتفاق تمّ تحت سقف السيادة اللبنانية، ووافقنا عليه ورؤوسنا مرفوعة بحقنا في الدفاع، وهو ليس معاهدة، بل هو عبارة عن برنامج إجراءات تنفيذية لها علاقة بالقرار 1701، يؤكد على خروج الجيش الإسرائيلي من كل الأماكن التي احتلها، وينتشر الجيش اللبناني جنوب نهر الليطاني لكي يتحمل مسؤوليته عن الأمن وعن إخراج العدو من المنطقة».

وأكد أن «التنسيق بين المقاومة والجيش اللبناني سيكون عالي المستوى لتنفيذ التزامات الاتفاق، ونظرتنا للجيش اللبناني أنه جيش وطني قيادة وأفراداً، وسينتشر في وطنه ووطننا».

وتعهّد بصون الوحدة الوطنية واستكمال عقد المؤسسات الدستورية، وعلى رأسها انتخاب رئيس للجمهورية في الجلسة التي حدّدها رئيس البرلمان نبيه بري، في 9 يناير (كانون الثاني) المقبل، واعداً بإعادة الإعمار بالتعاون مع الدولة، «ولدينا الآليات المناسبة»، قائلاً: «سيكون عملنا الوطني بالتعاون مع كل القوى التي تؤمن أن الوطن لجميع أبنائه، وسنتعاون ونتحاور مع كل القوى التي تريد بناء لبنان الواحد، في إطار اتفاق الطائف، وسنعمل على صون الوحدة الوطنية وتعزيز قدرتنا الدفاعية، وجاهزون لمنع العدو من استضعافنا».