لبنان: مخابرات الجيش تستدعي جعجع في «أحداث الطيونة»

نائب عن {القوات}: الاستدعاء نتيجة ضغط «الثنائي الشيعي» على أحد القضاة

رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع (الوكالة المركزية)
رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع (الوكالة المركزية)
TT

لبنان: مخابرات الجيش تستدعي جعجع في «أحداث الطيونة»

رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع (الوكالة المركزية)
رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع (الوكالة المركزية)

استدعت مديرية المخابرات في الجيش اللبناني، أمس (الاثنين)، رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، لسماع إفادته في أحداث الطيونة، صباح غد (الأربعاء)، فيما ادعت النيابة العامة العسكرية على 68 شخصاً في القضية ذاتها، بينهم 18 موقوفاً، وذلك بعدما أعلنت في بيان، أنه «بتاريخ 25/10/2021 أنهت مديرية المخابرات تحقيقاتها في أحداث الطيونة، وأحالت الملف مع الموقوفين على النيابة العامة العسكرية».
وفيما سادت بلبلة سببها اقفال التحقيق من قبل مديرية المخابرات، وما يستتبع ذلك من انتقال التحقيقات إلى النيابة العامة العسكرية بدلاً من الاستخبارات، قالت مصادر مطلعة على الملف لـ«الشرق الأوسط»، إن «استخبارات الجيش تتابع التحقيق في الحادثة، رغم إرسال الملف إلى قاضي التحقيق، وأن النيابة العامة العسكرية كلفت مديرية المخابرات بالاستماع إلى جعجع، وإفادتها بنتائج الاستماع». وأشارت المصادر إلى أن «قوة من استخبارات الجيش توجهت أمس إلى مقر جعجع لإبلاغه بالموعد، فأخبرها حرس المنزل أنه غير موجود، ما استدعى قيامها بلصق الاستدعاء على باب المنزل».
وأشارت المصادر أيضاً إلى أنه في «حال عدم حضور جعجع الأربعاء ستتبلغ النيابة العامة العسكرية بالأمر، وهي تقرر الخطوة التالية كصرف النظر عن الموضوع، أو المضي في الإجراءات القانونية».
وكان جعجع رد قبل أيام على معلومات حول استدعائه بالقول: «سأمثل أمام القضاء بشرط الاستماع إلى حسن نصر الله (أمين عام حزب الله) قبلي».
وأمس ردت زوجته النائب ستريدا جعجع، على طلب الاستدعاء، معتبرة أنها «مرحلة جديدة من مراحل محاولة حصار واحتواء (القوات) من قبل أعداء مشروع الوطن الحر السيد المستقل». وقالت جعجع في بيان، «ما نشهده في الآونة الأخيرة من هجوم ضار على حزب (القوات اللبنانية) ليس محض صدفة أبداً، وليس وليد لحظته، إنما هو مرحلة جديدة من مراحل محاولة حصار واحتواء (القوات اللبنانية) من قبل أعداء مشروع الوطن الحر السيد المستقل»، مضيفة: «حاولوا بشتى الطرق النيل من (القوات)، ولم يتوانوا عن استعمال أي وسيلة كانت؛ من محاولة محاصرتها سياسياً، إلى محاولة اغتيال رئيسها سمير جعجع في عام 2012، إلى محاولة شيطنة صورتها زوراً وكذباً وبهتاناً، وصولاً إلى يومنا هذا عن طريق بعض المراجع القضائية».
وأضافت: «يحاولون اليوم عبر هذه المراجع تدفيعنا، كحزب سياسي، ثمن عنادنا وصلابتنا وصمودنا ورسوخنا سياسياً في وجه مشاريعهم، وثمن مواقفنا السيادية والوطنية ورفضنا المهادنة أبداً تحت أي ذريعة أو مسوغ، وكذلك ثمن وقوفنا إلى جانب الحقيقة والعدالة، وإلى جانب أهلنا في بيروت الذين ارتكب بحقهم أكبر مجزرة في تاريخ لبنان وهي انفجار المرفأ».
وسألت: «لماذا هذا الكلام اليوم بالذات؟ لأنه بعد أن أبلغ رئيسنا سمير جعجع لصقاً طلب استدعائه للحضور كمستمع إليه إلى فرع التحقيق في مديرية المخابرات، أصبح من المؤكد أن هناك صيفاً وشتاءً في هذا الملف، وأن هناك من يريد استتباع بعض المراجع القضائية للضغط علينا باعتبار أنه من غير المنطقي استدعاء المعتدى عليه، في حين أن المعتدي بمنأى عن مجرد الاستماع إليه. لذا في هذا الإطار، أؤكد أن أي نوع من أنواع الضغوط لن يثنينا أبداً عن الاستمرار في مسيرتنا النضالية في سبيل لبنان».
من جانبه، قال النائب عن «القوات اللبنانية» فادي سعد، إن استدعاء جعجع «هو نتيجة ضغط من الثنائي الشيعي (حزب الله وحركة أمل) على أحد القضاة المقرب منهما». وقال سعد لـ«الشرق الأوسط»، «ليس هناك من قرار حتى الساعة بشأن الاستدعاء»، معتبراً أنه «كان يفترض أن يتم استدعاء من هاجم الأهالي وليس من دافع عنهم». وسأل: «أين هي العدالة؟»، مضيفاً: «النظام السوري الذي كان أكثر بطشاً من (حزب الله) لم يطوعنا، وهو ما لن يقدر عليه الحزب».
كذلك رد أمين سر حزب «القوات اللبنانية» النائب السابق فادي كرم، عبر حسابه على «تويتر»، قائلاً: «الاعتداء على سمير جعجع و(القوات) بمحاولة استخدام أجهزة الدولة، هو اعتداء على الكرامة اللبنانية والحريات وتدفيع لثمن الدفاع عن سيادة لبنان. إنه تبنٍ لكل مفاهيم التخلف والقمع والإجرام. المعركة الآن هي بين بقاء لبنان محكوماً من المجرمين أو إنقاذه ووضعه في المسار البشري الطبيعي».
بدوره، علق النائب في «القوات» وهبي قاطيشا، عبر «تويتر»، قائلاً: «قبل أن تستدعوا الضحية للتحقيق شاهدوا أفلام وصور المعتدين ورسالاتهم التهديدية عبر التلفزيونات ووسائل التواصل الاجتماعي». وأضاف: «قمة الوقاحة أن تحاول الدويلة محاكمة الدولة بدءاً بالرجال الأحرار... عندما تلتقي ثقافة الاحتلال مع ثقافة الإلغاء لمواجهة الأحرار في لبنان يزداد عدد (القواتيين) وكل الأحرار».
الادعاء على 68 متهماً
في موازاة ذلك، ذكرت «الوكالة الوطنية للإعلام» أن مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي فادي عقيقي، ادعى على 68 شخصاً في أحداث الطيونة، بينهم 18 موقوفاً، بجرائم القتل ومحاولة القتل وإثارة الفتنة الطائفية والتحريض وحيازة أسلحة حربية غير مرخصة، والتخريب في ممتلكات عامة وخاصة، وأحال الموقوفين مع الملف على قاضي التحقيق العسكري الأول بالإنابة القاضي فادي صوان.
مواصلة التصعيد
أتى ذلك في وقت لا تزال فيه المواقف التصعيدية من قبل الأطراف المعنية بالمواجهات، لا سيما من قبل «حزب الله»، وقال أمس عضو المجلس المركزي في الحزب الشيخ نبيل قاووق، إن «ما حصل في الطيونة أكد أن الهوية الإجرامية لميليشيا (القوات اللبنانية) لم تتغير ولم تتبدل، وأن مشروعها هو الوصفة المثالية لإشعال الحرب الأهلية من جديد».
في الإطار نفسه، استمرت «حركة أمل» في مهاجمة المحقق العدلي في قضية المرفأ، ودعا المكتب السياسي للحركة إلى «إحقاق الحق». وأكد في اجتماعه الدوري «ضرورة استكمال التحقيقات في مجزرة الطيونة ومحاسبة المجرمين ومنع تمييع القضية وهدر دماء الشهداء والجرحى مرة جديدة».
وسأل: «لماذا عندما تكون التحقيقات بجريمة تسير بشكلها الطبيعي والقانوني يرفض من يُستدعى إلى التحقيق؟ وعندما تتجاوز التحقيقات الدستور والقوانين يبدأ التنظير، كما يحدث في جريمة المرفأ التي يُصر المحقق العدلي على الاستمرار في مخالفاته وارتكاباته الدستورية والقانونية دون رادع ولا حسيب ولا رقيب، بل بكيدية واستنسابية وانتقائية مفضوحة ومكشوفة».



الحوثيون يعلنون هجوماً ضد إسرائيل ويزعمون إسقاط مسيرة أميركية

زعيم الحوثيين دعا أتباعه إلى الاحتشاد بأكبر قدر ممكن عقب فوز ترمب بمنصب الرئيس الأميركي (أ.ف.ب)
زعيم الحوثيين دعا أتباعه إلى الاحتشاد بأكبر قدر ممكن عقب فوز ترمب بمنصب الرئيس الأميركي (أ.ف.ب)
TT

الحوثيون يعلنون هجوماً ضد إسرائيل ويزعمون إسقاط مسيرة أميركية

زعيم الحوثيين دعا أتباعه إلى الاحتشاد بأكبر قدر ممكن عقب فوز ترمب بمنصب الرئيس الأميركي (أ.ف.ب)
زعيم الحوثيين دعا أتباعه إلى الاحتشاد بأكبر قدر ممكن عقب فوز ترمب بمنصب الرئيس الأميركي (أ.ف.ب)

بعد نحو 10 أيام من الهدوء وتراجع الهجمات الحوثية ضد السفن، تبنّت الجماعة المدعومة من إيران قصف قاعدة إسرائيلية في منطقة النقب، الجمعة، وزعمت إسقاط مسيرة أميركية من طراز «إم كيو 9»، بالتزامن مع إقرارها تلقي غارتين غربيتين استهدفتا موقعاً في جنوب محافظة الحديدة الساحلية.

وجاءت هذه التطورات بعد يومين فقط من فوز دونالد ترمب بانتخابات الرئاسة الأميركية؛ حيث تتصاعد مخاوف الجماعة الحوثية من أن تكون إدارته أكثر صرامة فيما يتعلّق بالتصدي لتهديداتها للملاحة الدولية وتصعيدها الإقليمي.

صاروخ زعمت الجماعة الحوثية أنه «فرط صوتي» أطلقته باتجاه إسرائيل (إعلام حوثي)

وتهاجم الجماعة منذ أكثر من عام السفن المرتبطة بإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا في البحرين الأحمر والعربي، كما تطلق الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، وأخيراً مساندة «حزب الله» اللبناني.

وقال المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، يحيى سريع، في بيان، إن قوات جماعته نفّذت عملية عسكرية استهدفت قاعدة «نيفاتيم» الجوية الإسرائيلية في منطقة النقب بصاروخ باليستي فرط صوتي من نوع «فلسطين 2»، وإذ ادّعى المتحدث الحوثي أن الصاروخ أصاب هدفه، أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراضه دون الحديث عن أي أضرار.

وتوعّد المتحدث العسكري الحوثي بأن جماعته ستواصل ما تسميه «إسناد فلسطين ولبنان»، من خلال مهاجمة السفن وإطلاق الصواريخ والمسيرات باتجاه إسرائيل، زاعماً أن هذه العمليات لن تتوقف إلا بتوقف الحرب على قطاع غزة ولبنان.

حريق ضخم في ميناء الحديدة اليمني إثر ضربات إسرائيلية استهدفت خزانات الوقود (أرشيفية - أ.ف.ب)

وكان آخر هجوم تبنّته الجماعة الحوثية ضد إسرائيل في 28 من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إذ أعلن الجيش الإسرائيلي، حينها، أن طائرة مسيّرة أُطلقت من اليمن عبرت أجواء مدينة عسقلان قبل أن تسقط في منطقة مفتوحة.

وخلال الأشهر الماضية تبنّت الجماعة إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو (تموز) الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة؛ وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكررت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

12 مسيّرة تجسسية

زعم المتحدث العسكري الحوثي، في البيان الذي ألقاه خلال حشد في صنعاء، أن الدفاعات الجوية التابعة للجماعة أسقطت، فجر الجمعة، «طائرة أميركية من نوع (إم كيو 9) في أثناء تنفيذها مهام عدائية في أجواء محافظة الجوف».

وحسب مزاعم الجماعة، تُعدّ هذه الطائرة المسيرة الـ12 التي تمكّنت من إسقاطها منذ بدأت تصعيدها البحري ضد السفن في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

المتحدث العسكري باسم الحوثيين يردّد «الصرخة الخمينية» خلال حشد في صنعاء (أ.ف.ب)

وتحدّثت وكالة «أسوشييتد برس» عما وصفه شهود، الجمعة، بأنه سقوط مسيّرة في أحدث إسقاط محتمل لمسيرّة تجسس أميركية. وأوردت أن الجيش الأميركي على علم بشأن مقاطع الفيديو المتداولة عبر الإنترنت التي تُظهر ما بدا أنها طائرة مشتعلة تسقط من السماء والحطام المحترق في منطقة، وصفها من هم وراء الكاميرا بأنها منطقة في محافظة الجوف اليمنية.

وحسب الوكالة، قال الجيش الأميركي إنه يحقّق في الحادث، رافضاً الإدلاء بمزيد من التفاصيل، وذكرت أنه «لم يتضح على الفور طراز الطائرة التي أُسقطت في الفيديو الليلي منخفض الجودة».

غارتان في الحديدة

في سياق الضربات الغربية التي تقودها واشنطن لإضعاف قدرة الجماعة الحوثية على مهاجمة السفن، اعترفت وسائل الجماعة بتلقي غارتين، الجمعة، على موقع في جنوب محافظة الحديدة.

وحسب ما أوردته قناة «المسيرة» الذراع الإعلامية للجماعة، استهدفت الغارتان اللتان وصفتهما بـ«الأميركية - البريطانية» مديرية التحيتا الواقعة في جنوب محافظة الحديدة التي تتخذ منها الجماعة منطلقاً رئيسياً لشن الهجمات البحرية ضد السفن.

قاذفة شبحية أميركية من طراز «بي 2» مضادة للتحصينات (أ.ب)

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تبنّت الجماعة الحوثية قصف أكثر من 200 سفينة، وأدت الهجمات في البحر الأحمر إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، وإصابة آخرين في هجوم رابع ضد سفينة ليبيرية.

يُشار إلى أن الجماعة أقرت بتلقي أكثر من 770 غارة غربية، بدءاً من 12 يناير (كانون الثاني) الماضي؛ سعياً من واشنطن التي تقود تحالف «حارس الازدهار»، إلى تحجيم قدرات الجماعة الهجومية.

وكانت واشنطن لجأت إلى استخدام القاذفات الشبحية لأول مرة في 17 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي في استهداف المواقع المحصنة للجماعة الحوثية في صنعاء وصعدة، في رسالة استعراضية فُهمت على أنها موجهة إلى إيران بالدرجة الأولى.

وتقول الحكومة اليمنية، إن الضربات الغربية ضد الجماعة الحوثية غير مجدية، وإن الحل الأنجع هو دعم القوات الشرعية لاستعادة الحديدة وموانيها، وصولاً إلى إنهاء الانقلاب الحوثي واستعادة العاصمة المختطفة صنعاء.

صورة طوربيد بحري وزّعها الحوثيون زاعمين أنه بات ضمن أسلحتهم الجديدة (إكس)

ويتهم مراقبون يمنيون الجماعة الحوثية بأنها وجدت في الحرب الإسرائيلية على غزة فرصة للهروب من استحقاقات السلام مع الحكومة اليمنية؛ إذ كان الطرفان وافقا أواخر العام الماضي على خريطة سلام توسطت فيها السعودية وعمان، قبل أن تنخرط الجماعة في هجماتها ضد السفن وتعلن انحيازها إلى المحور الإيراني.

وتترقّب الجماعة، ومعها حلفاء المحور الإيراني، بحذر شديد ما ستؤول إليه الأمور مع عودة ترمب إلى سدة الرئاسة الأميركية؛ إذ يتوقع المراقبون اليمنيون أن تكون إدارته أكثر صرامة في التعامل مع ملف إيران والجماعات الموالية لها، وفي مقدمتها الجماعة الحوثية.

وحاول زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، في خطبته الأسبوعية، الخميس، التهوين من أهمية فوز ترمب بالرئاسة الأميركية، كما حاول أن يطمئن أتباعه بأن الجماعة قادرة على المواجهة، وأنها لن تتراجع عن هجماتها مهما كان حجم المخاطر المرتقبة في عهد ترمب.