«دعاة المدنية» يعدون مواكب «ردع» في الخرطوم والولايات الخميس

اعتصامات أمام القصر الرئاسي لأنصار الجيش للتفويض وحل الحكومة

متظاهرون مؤيدون للمكون العسكري في مجلس السيادة بأحد شوارع الخرطوم لليوم الثاني أمس (أ.ف.ب)
متظاهرون مؤيدون للمكون العسكري في مجلس السيادة بأحد شوارع الخرطوم لليوم الثاني أمس (أ.ف.ب)
TT

«دعاة المدنية» يعدون مواكب «ردع» في الخرطوم والولايات الخميس

متظاهرون مؤيدون للمكون العسكري في مجلس السيادة بأحد شوارع الخرطوم لليوم الثاني أمس (أ.ف.ب)
متظاهرون مؤيدون للمكون العسكري في مجلس السيادة بأحد شوارع الخرطوم لليوم الثاني أمس (أ.ف.ب)

يشهد السودان منذ المحاولة الانقلابية الفاشلة، الشهر الماضي، حالة من الشحن والتوتر «الخطيرين» عطلت دولاب الدولة، وزادت الشقة بين المكونين العسكري والمدني وأنصار الطرفين. ولم يفلح خطاب رئيس الوزراء عبد الله حمدوك الأخير في إطفاء شرارتها تماماً، وإن خفف من ضراوة اشتعالها، في وقت فشلت فيه محاولة نظمها مؤيدون للعسكر للإطاحة بالحكومة المدنية، وفي المقابل، نشط مؤيدو المدنية لتسيير مواكب مضادة للإجهاز على محاولات إجهاض الانتقال الديمقراطي.
ونظمت مجموعة من مناصري العسكريين أول من أمس موكباً للمطالبة بحل الحكومة الانتقالية، أو صدور بيان «عسكري»، على شاكلة انقلاب مدني، ثم طوروا الموكب إلى اعتصام مدعوم مستمر، ما زاد من حدة التوتر، وشكل استفزازاً كبيراً للمعسكر الداعم للمدنية وإنجاح الانتقال، فسارعوا إلى إعلان مواكب مليونية يمكن أن يطلق عليها مواكب «الردع»، الخميس المقبل.
وقال عضو لجنة الميدان شريف محمد عثمان لـ«الشرق الأوسط»، إن مواكب دعم المدنية والانتقال ستبدأ غداً بقطار من الثوار إلى مدينة ود مدني (وسط) لإقامة نشاط هناك، بعد اكتمال التجهيزات الفنية للموكب المليوني، الذي سيخرج بشعارات تندد بمحاولة الانقلاب على المدنية ودعم الانتقال، وأن دعوة المواطنين للمشاركة في الموكب ستتم عبر كل وسائل التواصل.
وتتكون المجموعة المدعومة من العسكريين في مجلس السيادة وقوات الدعم السريع، بشكل رئيسي من «حركة العدل والمساواة»، برئاسة وزير المالية جبريل إبراهيم، و«حركة تحرير السودان»، برئاسة حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي، بجانب أنصار نظام الإسلاميين المطاح به، والمتضررين من الثورة الشعبية، والانتقال المدني، وتتمثل مطالبهم المعلنة حل الحكومة الانتقالية وتكوين حكومة كفاءات، بيد أن بعض قادتها، وأبرزهم التوم هجو، هتف مردداً: «لن نطلع حتى البيان يطلع»، وهي إشارة لبيان عسكري يحل الحكومة، فيما هتف آخرون بصراحة: «بيان بيان يا برهان»، وهي مطالبة صريحة بتسلم العسكر للحكم في البلاد، والإطاحة بحكومة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك.
وأعلن عثمان أن المواكب المساندة للمدنية ستشمل كل ولايات ومدن السودان، وأضاف: «اليوم (أمس)، سيضع اجتماع تنسيقيات (قوى إعلان الحرية والتغيير) اللمسات الأخيرة للمواكب، بعد حضور ممثليه من كل أنحاء البلاد»، وتابع: «هناك تنسيق تام مع لجان المقاومة، والكيانات المهنية ولجان التسيير، التي أعلنت حتى أمس نحو 43 منها مشاركتها في المواكب».
وقال المحلل السياسي الجميل الفاضل لـ«الشرق الأوسط» إن ما حدث نهار أول من أمس، موكب يشبه المظاهرات التي درج النظام المعزول على تصنيعها عبر التحشيد «الغوغائي» لخلق صورة ذهنية بأن هناك أعداداً كبيرة من المؤيدين الذين يتم جلبهم باحترافية ينفذها وسطاء لا يمتون لفكرة الموكب بصلة، وأضاف: «تبدى هذا واضحاً في نوعية الهتافات والشعارات التي تم تلقينها للمحتشدين».
وقدرت تقارير صحافية محلية وعالمية أعداد المشاركين في الموكب بالآلاف، بينما تمسك منظموه بأنه «موكب حاشد»، وحسب حسابات «الشرق الأوسط»، فإن عدد المشاركين كان في حدود 3 - 4 آلاف، ثم تراجع العدد عند الاعتصام إلى أقل من خمسمائة معتصم.
وأشار الفاضل إلى أن حجم الإنفاق الكبير على الموكب في شكل معدات لوجيستية وسيارات وخدمات للمتظاهرين، مقرونة بعدم الحماس اللافت لدى المشاركين يكشف أنها «مواكب مصنوعة» بكثير من المال، وأضاف: «هناك روايات مسنودة إلى من يراقبون المشهد، كشفت أساليب الترغيب التي استخدمت مع تم تجميعهم وسط الخرطوم».
وقال إن السلطات الأمنية والعسكرية تعاملت مع الموكب بشكل مختلف تماماً عن تعاملها مع كل المواكب السابقة، سواء أثناء الثورة أو بعد انتصارها، مع قوى الثورة أو مع غيرها، وأضاف: «أزالت المتاريس الموضوعة تقليدياً في المناطق الحساسة لفتح الطرقات أمام المشاركين، وأتاحت لهم شوارع القصر الجامعة والقيادة العامة، وهي شوارع درجت على إغلاقها لمجرد الحديث عن موكب».
واعتبر الفاضل «فتح الأبواب على مصراعيها» تعزيزاً لفكرة أن المكوّن العسكري له مصلحة في وصول هذه المواكب إلى المكان الأكثر أهمية وحساسية في البلاد - القصر الرئاسي - والتظاهر أمامه، ونصب خيام لإيواء المعتصمين في باحته مباشرة، ونصب منصات الخطابة، ما يؤكد توفير ضمانات للمتظاهرين، بعدم وضع عوائق أمامهم.
وقال الفاضل إن المجموعات التي شاركت في الموكب لا تحمل فكرة أو رؤية محددة للدفاع عنها، ويغلب عليها أنهم مواطنون غير معنيين بالنشاط السياسي، غالبهم من أطفال قصر وتلاميذ خلاوي القرآن ممن لا يدخل العمل السياسي ضمن نطاق اهتماماتهم بطبيعة السن، فضلاً عن نساء في أعمار كبيرة، بينهن مرضعات، ورجال كبار في السن، مع ضعف تمثيل ومشاركة الشباب، وأضاف: «وهذا يرجّح فرضية أن هذه المجموعات أتت لمصالح ضيقة تم تقديمها لهم».
ويرجح الفاضل أن يكون من بين المشاركين مجندون في الحركات المسلحة، أو من القوات النظامية أو أفراد الدعم السريع بثياب مدنية لدعم الموكب، وقال: «تصريحات القيادي في المجموعة التوم هجو قبل يوم من الموكب، التي قال فيها إن «من يتظاهرون عسكريون ومقاتلون» تؤكد ذلك.
ودرج المكوّن العسكري على إغلاق كل الطرق التي تؤدي للأماكن الحساسة، بمجرد سماعه بأن هناك تحركاً احتجاجياً (قيادة الجيش، القصر الرئاسي)، واستخدام القوة لمنع المحتجين من الاقتراب منها، وقد منع الخميس الماضي موكباً نظمه المحامون السودانيون لتسليم مذكرة لمجلس السيادة من الاقتراب من القصر الرئاسي، وفرض حوله سياجاً من رجال الجيش، وأغلقت الطريق المؤدي إليه، وقال الفاضل: «هذا الكيل بمكيالين يؤكد فرضية أن المجموعة هذه وصلت إلى القصر الرئاسي بتنسيق مع المكون العسكري في مجلس السيادة».
وقال الفاضل إن خطاب رئيس الوزراء عبد الله حمدوك غداة تسيير الموكب أحبط فكرة إحلال مرجعية سياسية بديلة لـ«قوى إعلان الحرية»، والتغيير بالاسم ذاته، وحليفة للعسكريين، ما أكد أن حمدوك لم يكن ضمن السيناريو الذي تم الترويج له عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فتعقدت فرص واحتمالات تحقيق الموكب لأهداف والوصول للنتيجة التي كان يرغب فيها مَن رتبوه.
وأوضح أن منصب رئيس الوزراء وصلاحياته بصفته المسؤول الأعلى في الدولة، وفقاً للوثيقة الدستورية، حال دون تنفيذ المخطط الذي كان يرتب له المكون العسكري في مجلس السيادة ذات الطابع التشريفي الرمزي، وقال: «أي إجراء يتجاوز رئيس الوزراء يعني العودة لنقطة البدء، 17 أغسطس (آب) 2019، قبيل توقيع الوثيقة الدستورية».
ورأى الفاضل أن أي إجراء منفرد من رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان يعيد البلاد لمرحلة ما قبل التوافق السياسي، ويلغي المشروعية التي منحها له، ونقلته من انقلاب عسكري إلى حكومة ثورة، وما قد ينتج عنه من مواقف محلية وإقليمية ودولية.
وتابع: «أي إجراء منفرد لرئيس مجلس السيادة استجابة لضغوط مجموعة الميثاق الوطني، سيعود لتصنيف الوضع السياسي في البلاد بأنه انقلاب عسكري».
وقطع بأن البلاد والجنرالات لا تحتمل تبعات انقلاب عسكري في هذا التوقيت الحرج، خصوصاً أن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن قد أعلن صراحة تأييد حكومته لخريطة طريق رئيس الوزراء، واعتبارها مخرجاً من الأزمة يجب الالتزام به، وبيان السفارة الأميركية في الخرطوم، الذي أوضحت فيه بلا مواربة التزام واشنطن بدعم القوى المؤيدة للانتقال المدني الديمقراطي.
ولمح الفاضل إلى وجود تباينات داخل المكون العسكري في مجلس السيادة حول الأزمة، بقوله: «لا أعتقد أن جنرالات مجلس السيادة على قلب رجل واحد تجاه هذه الأزمة، ما يحد من قدرة من صنعوا الحراك للانتقال به إلى منتهاه المقرر له وفقاً لهذه المعطيات جميعها».



مصر تتابع التطورات في اليمن وتثمن التعامل البنّاء للسعودية والإمارات

العاصمة المصرية القاهرة (الشرق الأوسط)
العاصمة المصرية القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

مصر تتابع التطورات في اليمن وتثمن التعامل البنّاء للسعودية والإمارات

العاصمة المصرية القاهرة (الشرق الأوسط)
العاصمة المصرية القاهرة (الشرق الأوسط)

قال بيان للمتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، اليوم (الثلاثاء)، إن القاهرة تتابع باهتمام بالغ الأوضاع الأخيرة على الساحة اليمنية، وذلك من خلال الاتصالات المكثفة التي تجريها على أعلى المستويات وعلى مدار الساعة مع الأطراف المعنية كافة.

وأضاف البيان أن مصر تؤكد ثقتها التامة في حرص الأشقاء في كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة على التعامل بحكمة مع التطورات الحالية في اليمن، وذلك في إطار إعلاء قيم الأخوة بين البلدين الشقيقين، وصون وحدة الصف والمصير العربي المشترك في هذه المرحلة الدقيقة التي يمر بها اليمن الشقيق والمنطقة.

وتعرب جمهورية مصر العربية في هذا السياق عن تقديرها البالغ لحكمة القيادتين السعودية والإماراتية في التعامل البنّاء مع تطورات الأوضاع في اليمن، والحرص على تحقيق الاستقرار في اليمن، والحفاظ على سيادته ومصالح شعبه الشقيق.

وتؤكد جمهورية مصر العربية أنها لن تألو جهداً في مواصلة اتصالاتها المستمرة مع الأشقاء في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، ومع الجانب اليمني، وباقي الأطراف الإقليمية والدولية المعنية؛ للعمل على خفض التصعيد، وبما يمهد إلى التوصل لتسوية سياسية شاملة في اليمن، تحقق طموحات وتطلعات الشعب اليمني الشقيق المشروعة في مستقبل آمن ومزدهر وتدعم الأمن والاستقرار في المنطقة.


العليمي: فرض الأمر الواقع في أراضينا يهدد الدولة ومكافحة الإرهاب ليست ذريعة سياسية

اجتماع العليمي مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن (سبأ)
اجتماع العليمي مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن (سبأ)
TT

العليمي: فرض الأمر الواقع في أراضينا يهدد الدولة ومكافحة الإرهاب ليست ذريعة سياسية

اجتماع العليمي مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن (سبأ)
اجتماع العليمي مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن (سبأ)

حذّر الرئيس الدكتور رشاد محمد العليمي، رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، من خطورة التحركات العسكرية الأحادية في المحافظات الشرقية، مؤكداً أنها تُمثل تهديداً مباشراً لوحدة القرار العسكري والأمني، وتقويضاً للمركز القانوني للدولة، وإعادة إنتاج لمنطق السلطات الموازية الذي يرفضه المجتمع الدولي.

جاء ذلك خلال لقائه، الثلاثاء، سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن، بحضور وزير الخارجية وشؤون المغتربين الدكتور شائع الزنداني، حيث خُصص اللقاء لاستعراض آخر مستجدات الأوضاع المحلية، وفي مقدمتها التطورات في محافظتي حضرموت والمهرة، الأمر الذي استدعى اتخاذ حزمة من القرارات والإجراءات الدستورية والقانونية الحازمة، حمايةً لأمن المواطنين، وصوناً لوحدة اليمن وسيادته واستقراره وسلامة أراضيه.

وفي مستهل اللقاء، رحّب الرئيس بالسفراء، مثمّناً وحدة مواقف دولهم الداعمة للشعب اليمني في أصعب مراحله، سياسياً وإنسانياً واقتصادياً، ومؤكداً أن ما تشهده المحافظات الشرقية لا يندرج في إطار خلاف سياسي داخلي، بل يُشكّل مساساً خطيراً بأسس الدولة ووحدة مؤسساتها.

وأوضح الرئيس العليمي أن القيادة اليمنية بذلت خلال الفترة الماضية جهوداً مكثفة للتهدئة وخفض التصعيد، واحتواء تداعيات الإجراءات العسكرية الأحادية التي اتخذها المجلس الانتقالي الجنوبي خارج مرجعيات المرحلة الانتقالية، ودون موافقة مجلس القيادة الرئاسي أو التنسيق مع قيادة تحالف دعم الشرعية، غير أن هذه المساعي قوبلت - حسب تعبيره - بالتعطيل والإصرار على فرض الأمر الواقع.

وأشار إلى أنه بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة، وجّه صراحة بمنع أي تحركات عسكرية خارج إطار الدولة، وتمت الموافقة على خطة إعادة تموضع تدريجية لقوات «درع الوطن» من ثلاث مراحل، نُفذت مرحلتان منها بالفعل. كما كشف عن تشكيل لجنة تواصل رفيعة المستوى لاحتواء التصعيد وفتح قنوات الحوار، إلا أن تلك الجهود لم تلقَ استجابة.

وشدّد الرئيس العليمي على أن المشكلة لم تكن يوماً نقصاً في الحلول، بل تعطيلها المتعمد، مفنداً في الوقت ذاته ما وصفها بالسرديات المضللة التي تحاول تبرير فرض الأمر الواقع بالقوة تحت لافتة مكافحة الإرهاب. وقال إن مكافحة الإرهاب «قرار دولة ومؤسسات شرعية، وليست ذريعة سياسية»، مذكّراً بالإنجازات التي حققتها المؤسسات العسكرية والأمنية اليمنية، بدعم شركائها، في تفكيك الخلايا الإرهابية، وتجفيف مصادر تمويلها، وتأمين المدن والممرات الحيوية.

وفي ملف القضية الجنوبية، جدّد الرئيس العليمي التأكيد على الموقف المبدئي والثابت من معالجتها، وفق أي خيارات تقررها الإرادة الشعبية الحرة، مع رفض قاطع لفرض أي حلول بقوة السلاح أو الأمر الواقع.

وعدّ أن اختزال القضية الجنوبية في تمثيل حصري أو تحركات عسكرية يسيء إلى عدالتها ويقوّض فرص الحل السياسي المستدام، ويلحق الضرر بأبناء الجنوب قبل غيرهم، لافتاً إلى أن هذا الموقف يتطابق مع ما أكدته المملكة العربية السعودية من أن القضية الجنوبية لا تُحل إلا عبر الحوار وفي إطار تسوية سياسية شاملة.

وحذّر رئيس مجلس القيادة الرئاسي من أن وجود ميليشيات لا تأتمر لأوامر الدولة يعرّض أولويات المجتمع الدولي ومصالحه في المنطقة للخطر، فضلاً عن تطلعات الشعب اليمني للأمن والاستقرار والعيش الكريم.

وأكد أن أي اضطراب في حضرموت والمهرة سينعكس مباشرة على تصدير النفط، ودفع المرتبات، ويعمّق الأزمة الإنسانية، ويقوّض الثقة مع مجتمع المانحين.

وتطرق الرئيس العليمي إلى الدور الإماراتي في التطورات الأخيرة، مؤكداً أن اليمن لا ينكر ما قدمته دولة الإمارات من أدوار ومساهمات في مراحل سابقة، لكنه شدد على أن المرحلة الراهنة تتطلب وضوحاً كاملاً، والنأي بالنفس عن دعم أي مكون خرج على آليات التوافق التي رعتها الإمارات نفسها ضمن تحالف دعم الشرعية. وقال إن أي ضغوط لدفع قوات محلية إلى تحركات عسكرية تشكل تهديداً للأمن القومي اليمني والسعودي، وتتعارض مع الأسس التي قام عليها التحالف.

وأضاف أن المطالبة بمغادرة القوات التي خرجت عن تلك الأسس «مطلب سيادي طبيعي»، لا يستهدف العلاقات الثنائية ولا ينكر التاريخ، بل يهدف إلى حماية فكرة التحالف ذاتها.

وفي ختام اللقاء، دعا رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدول الراعية للعملية السياسية إلى موقف دولي موحد وصريح يرفض الإجراءات الأحادية، ويدعم قرارات الدولة اليمنية وجهود التهدئة التي تقودها المملكة العربية السعودية، مع ممارسة ضغط سياسي وقانوني لتمكين الحكومة الشرعية من ممارسة سلطاتها الحصرية، وترجمة ذلك داخل مجلس الأمن والمحافل الدولية وفق القانون الدولي.

وختم الرئيس العليمي بالتأكيد على أن سقوط منطق الدولة في اليمن يعني غياب أي استقرار يمكن البناء عليه أو الاستثمار فيه، محذراً من تحويل اليمن إلى نموذج جديد لتفكك الدول، ومشدداً على أن الشعب اليمني يستحق فرصة حقيقية للسلام والحياة الكريمة.


اليمن يعلن حالة الطوارئ ويطلب خروج القوات الإماراتية خلال 24 ساعة

المجلس الانتقالي الجنوبي حاول إخضاع شرق اليمن بالقوة المسلحة (رويترز)
المجلس الانتقالي الجنوبي حاول إخضاع شرق اليمن بالقوة المسلحة (رويترز)
TT

اليمن يعلن حالة الطوارئ ويطلب خروج القوات الإماراتية خلال 24 ساعة

المجلس الانتقالي الجنوبي حاول إخضاع شرق اليمن بالقوة المسلحة (رويترز)
المجلس الانتقالي الجنوبي حاول إخضاع شرق اليمن بالقوة المسلحة (رويترز)

أعلن رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد العليمي، الثلاثاء، إلغاء اتفاقية الدفاع المشترك مع الإمارات، مع إلزام قواتها بالانسحاب الكامل من الأراضي اليمنية خلال 24 ساعة، في إطار جهود الحكومة اليمنية للحفاظ على سيادة البلاد ووحدتها إزاء تمرد المجلس الانتقالي الجنوبي وتصعيده في حضرموت والمهرة، ومواجهة انقلاب الحوثيين المستمر منذ عام 2014.

وجاء في نص القرار الذي صدر عن العليمي، أن إلغاء الاتفاقية يستند إلى الصلاحيات الدستورية الممنوحة لرئيس المجلس الرئاسي، وبمقتضى القرار رقم (9) لسنة 2022، مؤكداً على أهمية حماية المواطنين وسلامة الأراضي اليمنية. كما نص القرار على تسليم المعسكرات كافة في محافظتي حضرموت والمهرة إلى قوات «درع الوطن».

وفي خطوة متزامنة، أصدر الرئيس اليمني قراراً بإعلان حالة الطوارئ في أنحاء اليمن كافة لمدة 90 يوماً قابلة للتمديد. القرار يستند إلى الصلاحيات الدستورية نفسها، ويستهدف مواجهة الانقلاب على الشرعية والفوضى الداخلية التي قادتها عناصر عسكرية، قالت الحكومة اليمنية إنها تلقت أوامر من الإمارات بالتحرك ضد المحافظات الشرقية بهدف تقسيم البلاد.

الدخان يتصاعد في أعقاب غارة جوية شنها التحالف بقيادة السعودية استهدفت شحنة عسكرية غير قانونية (رويترز)

وتضمنت إجراءات حالة الطوارئ، وفقاً للقرار الرسمي، فرض حظر شامل على الحركة الجوية والبحرية والبرية في جميع المواني والمنافذ لمدة 72 ساعة، باستثناء الحالات المصرح بها رسمياً من قيادة تحالف دعم الشرعية، الذي تمثله المملكة العربية السعودية. كما منح القرار محافظي حضرموت والمهرة صلاحيات كاملة لإدارة شؤون محافظتيهما، والتعاون مع قوات «درع الوطن» حتى تسلُّم المعسكرات.

أشار القرار إلى أن جميع القوات العسكرية في حضرموت والمهرة مطالبة بالعودة فوراً إلى مواقعها ومعسكراتها الأساسية، والتنسيق التام مع قيادة التحالف العربي بقيادة السعودية، دون أي اشتباك، لضمان استقرار الوضعين العسكري والمدني في المحافظتين.

توضيح الموقف

في سياق بيان الموقف، أكد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي الالتزام بحماية المدنيين، وصون المركز القانوني للدولة، ووحدة قرارها العسكري والأمني، محذّراً من خطورة التصعيد الذي يقوده «المجلس الانتقالي الجنوبي» في محافظتَي حضرموت والمهرة، ومندداً بما وصفه بتورط دولة الإمارات في دعم هذا التمرد، وتقويض مؤسسات الدولة الشرعية.

وقال العليمي، في بيان وجّهه إلى الشعب اليمني، إن التطورات الأخيرة في المحافظات الشرقية، وما رافقها من انتهاكات جسيمة بحق المدنيين «تأتي في توقيت بالغ الحساسية، بينما يخوض اليمن معركته المصيرية ضد الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران، ويكابد واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم». وشدد على أن أي انزلاق إلى صدامات داخلية أو فتح جبهات استنزاف جديدة لن يخدم سوى أعداء اليمن، ويقوّض فرص السلام.

مناصرون للمجلس الانتقالي الجنوبي الداعي للانفصال عن اليمن (إ.ب.أ)

وخاطب رئيس مجلس القيادة أبناء المحافظات الجنوبية، مؤكداً أن قضيتهم العادلة كانت ولا تزال في صلب مشروع الدولة الوطنية، وأن حقوقهم السياسية والاقتصادية والإدارية محل التزام كامل ضمن مرجعيات المرحلة الانتقالية، وبما يضمن شراكة مسؤولة تحفظ الكرامة، وتؤسس لاستقرار دائم. وفي الوقت نفسه حذّر من احتكار تمثيل القضية الجنوبية أو توظيفها لتحقيق أهداف سياسية غير مشروعة على حساب وحدة الدولة وسيادتها.

وأوضح العليمي أنه، ومن موقعه الدستوري بصفته قائداً أعلى للقوات المسلحة، أصدر توجيهات واضحة بمنع أي تحركات عسكرية أو أمنية خارج إطار الدولة أو دون أوامر صريحة من القيادة العليا «حرصاً على حقن الدماء ومنع الانزلاق إلى مواجهات داخلية». غير أن هذه التوجيهات، وفق البيان، قوبلت بالتجاهل، حيث مضت التشكيلات التابعة لـ«المجلس الانتقالي» في تنفيذ تحركات أحادية، تعدّ تمرداً على مؤسسات الدولة الشرعية.

تأييد مجلس الدفاع الوطني

أعلنت مؤسسات الدولة اليمنية، وفي مقدمها مجلس الدفاع الوطني، والحكومة الشرعية، والسلطة المحلية في محافظة حضرموت ووزارة الدفاع وهيئة الأركان، اصطفافها الكامل خلف قرارات العليمي، الهادفة إلى مواجهة تمرد المجلس الانتقالي الجنوبي، وإنهاء الوجود الإماراتي ضمن تحالف دعم الشرعية، إلى جانب إعلان حالة الطوارئ في عموم البلاد.

في ضوء هذا الاصطفاف، ترأس العليمي اجتماعاً لمجلس الدفاع الوطني، ضم أعضاء مجلس القيادة، ورؤساء السلطات التشريعية والتنفيذية، وقيادات عسكرية وأمنية، إلى جانب محافظ حضرموت؛ لمناقشة التطورات الخطيرة في محافظتي حضرموت والمهرة، وانعكاساتها على الأمن والاستقرار ووحدة القرار السيادي للدولة.

اجتماع لمجلس الدفاع الوطني اليمني برئاسة العليمي (سبأ)

وجدَّد مجلس الدفاع الوطني توصيفه لهذه التحركات بَعدّها «تمرداً صريحاً» على مؤسسات الدولة الشرعية، وتقويضاً لوحدة القرار العسكري والأمني، وتهديداً مباشراً للسلم الأهلي، محذراً من أن تداعيات هذا التصعيد تصبّ في مصلحة ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران، عبر تفجير الجبهة الداخلية، وتشتيت الجهد الوطني في مرحلة بالغة الحساسية.

وحسب الإعلام الرسمي، بارك المجلس قرارات العليمي المتضمنة إعلان حالة الطوارئ، وإنهاء الوجود العسكري الإماراتي في اليمن، عادَّاً أنها تجسد المسؤوليات الدستورية لقيادة الدولة في حماية المدنيين، وصون مؤسساتها الوطنية ومركزها القانوني، مؤكداً الرفض المطلق لأي محاولات لفرض أمر واقع بالقوة أو استخدام السلاح لتحقيق مكاسب سياسية.

ترحيب حكومي

أعلنت الحكومة اليمنية تأييدها المطلق لقرارات العليمي، عادّة إعلان حالة الطوارئ إجراءً دستورياً مشروعاً تفرضه الضرورة الوطنية لمواجهة التمرد المسلح، وحماية السلم الأهلي، ومنع الانزلاق نحو الفوضى وتقويض مؤسسات الدولة.

ورحَّبت الحكومة اليمنية في بيان بالإجراءات التي اتخذتها قيادة القوات المشتركة، بما في ذلك تنفيذ ضربة جوية محدودة ودقيقة استهدفت دعماً عسكرياً خارجياً غير مشروع في ميناء المكلا؛ بهدف حماية المدنيين ومنع عسكرة المواني والسواحل.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

وفي امتداد لاصطفاف مؤسسات الدولة اليمنية خلف قرارات رئيس مجلس القيادة الرئاسي، أعلنت قيادة وزارة الدفاع ورئاسة هيئة الأركان العامة تأييدهما الكامل ومباركتهما للقرارات، عادَّتين أنها جاءت في «لحظة مفصلية» من تاريخ البلاد، واستجابة لتطلعات الشعب اليمني، وإنفاذاً للواجبات الدستورية والصلاحيات المنصوص عليها في الدستور ومرجعيات المرحلة الانتقالية.

وأكد بيان صادر عن قيادة وزارة الدفاع وهيئة الأركان أن القوات المسلحة اليمنية بمختلف تشكيلاتها تتمتع بروح معنوية عالية وجاهزية قتالية كاملة، تخولها تنفيذ مهامها الدستورية والوطنية في جميع الظروف، مشدداً على الالتزام التام بتنفيذ القرارات والإجراءات الصادرة عن القيادة العليا، بوصفها التعبير الشرعي عن وحدة القرار السيادي للدولة.

بدورها، أعلنت السلطة المحلية في محافظة حضرموت تأييدها الكامل لقرارات القيادة السياسية، واستعدادها للتنسيق مع قوات «درع الوطن» لتسلم المعسكرات والمواقع الحيوية، وضمان انتقال سلس وآمن للمسؤوليات العسكرية، داعيةً أبناء المحافظة والقوات المسلحة والأمن إلى الالتفاف حول القيادة الشرعية؛ حفاظاً على أمن حضرموت واليمن.