العراق و«استحقاق أكتوبر الانتخابي» وسط رهانات الداخل والخارج

صالح يرسم صورة العراق المستقبلية... والكاظمي يفي بأهم تعهداته

العراق و«استحقاق أكتوبر الانتخابي» وسط رهانات الداخل والخارج
TT

العراق و«استحقاق أكتوبر الانتخابي» وسط رهانات الداخل والخارج

العراق و«استحقاق أكتوبر الانتخابي» وسط رهانات الداخل والخارج

قبل نحو أسبوع من أهم استحقاق انتخابي ينتظره العراق، يوم 10 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، حرص الرئيس العراقي الدكتور برهم صالح على رسم صورة أرادها أن تكون واقعية، سواء لمستقبل بلاده أو مستقبل المنطقة. ففي الأسبوع الماضي، كان لصالح خطابان: الأول من على منصة الأمم المتحدة حيث ألقى كلمة العراق أمام الجمعية العامة للمنظمة في دورتها الـ76. والثاني مقابلة مع قناة «سي إن إن». وفي الخطابين كرر صالح آراءه وقناعاته، وكذلك مخاوفه وتحذيراته. وعرض أيضاً رؤى ومقاربات لكيفية بناء علاقات مستقبلية بين جميع دول المنطقة، لا سيما بعد الانسحاب الأميركي من أفغانستان وبدء الانسحاب من العراق. وفي غضون ذلك، سعى صديقه ورفيق دربه رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي للإيفاء بوعوده وتعهداته بشأن أهم استحقاق سياسي أجمع عليه الجميع بعد انتفاضة أكتوبر (تشرين الأول) عام 2019، وهو الانتخابات المبكرة.
على صعيد الانتخابات المبكّرة، فإنها كانت أحد أهم المطالب التي تضمنتها مطالب مَن عُرفوا بـ«ثوار تشرين» شريطة تنظيمها في ظل قانون جديد يعتمد الدوائر المتعددة والفوز بأعلى الأصوات. وهو ما حصل بالفعل، مع تغيير مفوضية الانتخابات التي اختيرت من القضاة. وقبل ذلك كله أُقيلت حكومة عادل عبد المهدي، وأُتي بالكاظمي رئيساً للوزراء في «مرحلة انتقالية» أهم ما فيها التعهُّد بإجراء انتخابات مبكّرة، فضلاً عن الكشف عن قتلة المتظاهرين وحصر السلاح بيد الدولة. إلا أن الكتل السياسية التي قدّمت للكاظمي دعمها أثناء تكليفه بتشكيل الحكومة... تراجع معظمها عن دعمه تحت مختلف التبريرات. لكن الكاظمي واصل العمل بما توافر لديه من أدوات بفضل تأييد بعض القوى السياسية المؤمنة باستمرار مسار الدولة، حتى لو كانت لديها خلافات مع الحكومة وجهازها التنفيذي.
خلال فترة السنة ونصف السنة التي أمضاها مصطفى الكاظمي رئيساً لوزراء العراق، يمكن القول، طبقاً لأوصاف المراقبين السياسيين، إن هناك «تكاملاً» في الأداء بينه وبين رئيس الجمهورية. وفيما بدا أن الرجلين يتبادلان الأدوار في السياستين الخارجية والداخلية، فإن النتيجة التي انتهت بها الأوضاع، أكدت هذا «التكامل» لدى اتجاه البلاد إلى خوض الانتخابات قبل أيام على تحوّل الحكومة إلى «حكومة تصريف أعمال»، بعد حلّ البرلمان نفسه في السابع من الشهر الحالي.
لقد استقبل العراق في الشهر الثالث من هذا العام بابا الفاتيكان عبر حدث بدا استثنائياً شاهده العالم أجمع. ونجحت الزيارة، وكانت الترتيبات البروتوكولية متميزة حتى في طريقة الاستقبال والفعاليات بين رئيسي الجمهورية والوزراء. وخلال يونيو (حزيران) الماضي، استضاف العراق القمة الثلاثية بين العراق ومصر والأردن التي بدت خطوة مهمة على صعيد إعادة العراق إلى محيطه العربي، بعد قطيعة طالت لأكثر من عقد ونصف العقد. ومع نهاية أغسطس (آب) الماضي، استضاف العراق أهم حدث إقليمي خلال السنوات الماضية، حين استضاف مؤتمر «بغداد للتعاون والشراكة»، الذي شاركت فيه دول الجوار العراقي فضلاً عن بعض الدول الإقليمية، بجانب فرنسا التي مثّلها رئيسها إيمانويل ماكرون. وعلى الأثر، ظهر الأداء العراقي مختلفاً مقارنة بالفترة الماضية، وبدا العراق مؤهلاً بالفعل للعب دور متميز في العلاقات الإقليمية والدولية خلال المرحلة المقبلة، وهي الأخطر في الشرق الأوسط.
الرئيس صالح حرص، عبر كلمته في الأمم المتحدة وفي مقابلته مع «سي إن إن»، على تحديد أهم المخاطر التي تواجهها المنطقة، والحلول التي تقترحها بغداد. وداخلياً، كما حاول صالح تقديم رؤى وتصورات لمستقبل المنطقة من دون التفكير بما إذا كان سيعود لدورة ثانية أم لا، استكمل الكاظمي كل مستلزمات إجراء الانتخابات، ومعها عقد الاتفاقيات مع الأشقاء والأصدقاء، من دون التفكير في أن عمر حكومته الافتراضي كحكومة انتقالية انتهى.
- رؤى وتصورات
قال برهم صالح من على منصة الأمم المتحدة إن «تحقيق السلام في المنطقة لن يتم من دون عراق آمن ومستقر بسيادة كاملة». وشدد على أن «إعادة العراق لدوره المحوري في المنطقة يستدعي دعماً إقليمياً ودولياً وإنهاء تنافسات وصراعات الآخرين على أرضنا».
ثم دعا صالح إلى «تشكيل تحالف دولي لمحاربة الفساد واسترجاع الأموال المنهوبة، على غرار التحالف الدولي ضد الإرهاب»، مضيفاً إنه «لا يمكن القضاء على الإرهاب إلا بإنهاء الفساد بوصفه اقتصاداً سياسياً للعنف والإرهاب... فالفساد والإرهاب مترابطان ومتلازمان ومتخادمان، ويديم أحدهما الآخر».
وفي سياق رؤيته لطبيعة التحديات التي تواجه المنطقة اهتم رئيس الجمهورية بالتعبير عن طبيعة ما يواجه المنطقة التي هي باتت بأمس الحاجة «إلى التعاون والعمل على خطط بناء البنية التحتية وتوسيع ودمج اقتصاداتنا ومكافحة تغير المناخ، والعمل على تلبية متطلبات سكاننا من الوظائف وتعليم جيد ورعاية صحية أفضل، ولا يمكنك الانتظار حتى يقوم الآخرون بحل هذا من أجلنا، علينا أن نعمل عليها بأنفسنا. العراق كان ساحة للصراع الإقليمي والدولي بأموال العراقيين وأرواحهم، ويجب أن تنتهي هذه الحالة».
وفي مقابلته مع «سي إن إن»، رسم صالح صورة لمن يتصدى بعد الانتخابات لقيادة العراق قائلاً إن «عدد سكان العراق الآن 40 مليون نسمة، وفي 2050 سيصبح نحو 80 مليون نسمة، ونفس الحال مع كل دول المنطقة التي تشهد تزايداً في السكان. وقد لا نستطيع إيجاد الوظائف للأجيال القادمة إذا استمرت الديناميكية الحالية من الصراعات في المنطقة، وهذا ينطبق أيضاً على إيران والأردن ومصر وباقي الجيران».
- نسب المقاطعة والاقتراع
على صعيد آخر، في الانتخابات العراقية تجري المراهنة على نوعين من الجمهور، حسب طبيعة وموقف كل كتلة أو حزب سياسي؛ فثمة قوى وأحزاب تراهن على المشاركة العالية في الانتخابات المقبلة بوصفها الطريق الوحيد لتغيير المعادلة السياسية التي توقفت عند جمهور نسبته طوال الدورات البرلمانية الأربع الماضية ثابتة وتتراوح بين 20 و25 في المائة. بينما تراهن قوى وأحزاب على «تكلّم» الغالبية الصامتة من الناخبين التي تتعدى نسبتها 70 في المائة.
وبالعكس، طبقاً للخريطة السياسية العراقية منذ أول دورة برلمانية عام 2005، ترهن الكتل السياسية الحالية التي تتسيد المشهد السياسي، والأحزاب التي تمثلها، وجودها باستمرار النسب المتدنية من الاقتراع، أي أنه في حال بقيت النسبة بحدود 20 إلى 25 في المائة ستظل كبيرة فرص بقاء الكتل والزعامات الحالية (الشيعية والسنّية والكردية) ذاتها قائمة. وحتى بافتراض حصول تغيير، فإنه داخل الكتلة من المكوّن نفسه صعوداً أو نزولاً.
أما في حال تعدت نسبة الاقتراع حدود 30 أو40 أو 50 أو 60 في المائة، فإن الخربطة ستتبدل لجهة بروز قوى جديدة من شأنها تغيير المعادلة السياسية أو في الأقل إحداث شرخ كبير فيها لغير صالح الأحزاب المتنفذة. ولذا، بينما تسعى الأحزاب المتنفذة لضمان المقاطعة الجماهيرية حفظاً لوجودها، فإن القوى الداعمة للتغيير تعمل على المشاركة الجماهيرية الواسعة بوصفها السبيل الوحيد لإقصاء الأحزاب والكتل الحالية.
ومعلوم أن الانتخابات المبكرة أُقِرّت بناء على الحراك الجماهيري الذي أخذ تسميات عديدة، منها «انتفاضة تشرين» (أكتوبر) عام 2019 أو «تظاهرات تشرين» أو «ثورة تشرين»، فصار ممثلو هذا الحراك - الذي راح ضحيته نحو 600 قتيل وأكثر من 24 ألف جريح - يسمّون «التشارنة». وفي المقابل، لقّبت أحزاب السلطة المهيمنة على القرار السياسي في العراق المنتفضين بـ«الذيول» و«أبناء السفارات»، متهمة إياهم بالانتماء إلى الخارج، مع أن الشعار الوحيد الذي رفعه المتظاهرون في بغداد والمحافظات الوسطى والجنوبية هو: «نريد وطناً». ثم إنه، رغم كل عمليات الخطف والاغتيالات والمطاردات التي مورست ضد المنتفضين، فإنهم تمكنوا من فرض معادلة جديدة تمثلت في إسقاط الحكومة السابقة (حكومة عادل عبد المهدي) وتغيير قانون الانتخابات من الدائرة الواحدة إلى الدوائر المتعددة، وكذلك مفوضية الانتخابات، بجانب إجبار السلطة على إجراء الانتخابات مبكرة.
ولقد وفر رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، الذي جاء على وقع تلك الاحتجاجات، الأرضية المناسبة لإجراء الانتخابات ومحاولة تسهيل عملية تغيير المعادلة السياسية، الأمر الذي دفع الكتل والأحزاب المتضررة من سياساته، إلى شن حملات إعلامية عليه وعلى فريقيه الحكومي والاستشاري، حاولت تحميلهم تبعات 18 سنة من الفشل المتراكم في العديد من المجالات والميادين.
- السيستاني يدعم التغيير
من ناحية أخرى، قبل أيام أعلنت المرجعية الشيعية العليا في النجف إنها ستعاود خطب الجمعة بدءًا من يوم أمس (الجمعة)، بعد توقف دام نحو سنتين نتيجة لتفشي وباء «كوفيد - 19». وكما فرح كثيرون بالقرار، فإنه قوبل بفتور من قبل عدد من القوى والأحزاب التي تدعي أنها تسير على خط المرجعية، لكنها لا تنفذ ما تطرحه من تعليمات أو إرشادات. وطبقاً لمراقبين، فإن السبب الذي جعل المرجعية تعيد خطبة الجمعة - قبل أسبوعين من الانتخابات - هو إدراكها أن الأحزاب والقوى التقليدية تعمل على زرع اليأس في نفوس المواطنين كي لا يتوجهوا إلى مراكز الاقتراع... بسبب خشية هذه القوى من خسارة مزيد من مقاعدها في مجلس النواب، وبالتالي نفوذها وامتيازاتها. لكن المفاجأة التي جاءت من النجف، ومن مرجعية السيد علي السيستاني بالذات، هي صدور تعليمات عن مكتبه، منذ يوم الأربعاء الماضي. وطبقاً للبيان الصادر عن المرجعية، فإنها «تشجّع الجميع على المشاركة الواعية والمسؤولة في الانتخابات القادمة، فإنها وإن كانت لا تخلو من بعض النواقص، ولكنها تبقى هي الطريق الأسلم للعبور بالبلد إلى مستقبل يُرجى أن يكون أفضل مما مضى، وبها يتفادى خطر الوقوع في مهاوي الفوضى والانسداد السياسي». وأضاف البيان أن «على الناخبين الكرام أن يأخذوا العِبَر والدروس من التجارب الماضية، ويعوا قيمة أصواتهم ودورها المهم في رسم مستقبل البلد، فيستغلوا هذه الفرصة المهمة لإحداث تغيير حقيقي في إدارة الدولة وإبعاد الأيادي الفاسدة وغير الكفؤة عن مفاصلها الرئيسة، وهو أمر ممكن إن تكاتف الواعون وشاركوا في التصويت بصورة فاعلة وأحسنوا الاختيار، وبخلاف ذلك فسوف تتكرر إخفاقات المجالس النيابية السابقة والحكومات المنبثقة عنها، ولات حين مندم».
كذلك أكدت المرجعية، كما قبيل الانتخابات الماضية، من أنها لا تساند أي مرشح أو قائمة انتخابية على الإطلاق، وأن الأمر كله متروك لقناعة الناخبين وما تستقر عليه آراؤهم. ونبّهت أيضاً إلى أهمية التدقيق في سِيَر المرشحين في دوائرهم الانتخابية كي لا ينتخبوا منهم إلا الصالح النزيه، الحريص على سيادة العراق وأمنه وازدهاره.
- أربيل... ومفاجأة التطبيع مع إسرائيل!
> بينما كانت أربيل، عاصمة إقليم كردستان العراق، تتأهب للبدء باستقبال الوفود السياسية الوافدة إليها بعد إجراء الانتخابات المرشحة لرسم ملامح الخريطة السياسية المقبلة، شهدت المدينة عقد مؤتمر دعا للتطبيع مع إسرائيل.
المؤتمر الذي جرى الإعلان عنه بوصفه «مؤتمراً للتطبيع مع إسرائيل» عُقد في أحد فنادق المدينة، وضم نحو 300 شخصية، بمن فيهم نجل الرئيس الإسرائيلي الأسبق شمعون بيريس، بدا مفاجئاً بكل المعايير. وفي حين أن وزارة الداخلية في إقليم كردستان أعلنت عدم علمها وموافقتها على عقد المؤتمر في أربيل، لكن البيان الختامي للمؤتمر، الذي دعا إلى التطبيع علناً، والانضمام إلى «اتفاقات إبراهيم» أثار ردود فعل غاضبة في بغداد.
بيان المؤتمر الختامي، الذي تلاه وسام الحردان رئيس «صحوة العراق»، وجّه طلباً للعراق عامة بالدخول في علاقات مع إسرائيل وشعبها. وبينما رحَّب وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لبيد، بدعوة تجمع عراقي للتطبيع مع بلاده، ووصف الحدث بأنه «يبعث على الأمل»، جاء رد الحكومة العراقية في بيان شديد اللهجة صادر عن مكتب رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، وفيه رفضت بشدة مثل هذه المحاولات.
وجاء في البيان أن «الحكومة العراقية تعرب عن رفضها القاطع للاجتماعات غير القانونية، التي عقدتها بعض الشخصيات العشائرية المقيمة في مدينة أربيل بإقليم كردستان، من خلال رفع شعار التطبيع مع إسرائيل». وأردف أن «هذه الاجتماعات لا تمثل أهالي وسكان المدن العراقية العزيزة، التي تحاول هذه الشخصيات بيأس الحديث باسم سكانها، وأنها تمثل مواقف من شارك بها فقط، فضلاً عن كونها محاولة للتشويش على الوضع العام وإحياء النبرة الطائفية المقيتة، في ظل استعداد كل مدن العراق لخوض انتخابات نزيهة عادلة ومبكرة، انسجاماً مع تطلعات شعبنا وتكريساً للمسار الوطني الذي حرصت الحكومة على تبنيه والمسير فيه».
كذلك، ذكر البيان أن «طرح مفهوم التطبيع مرفوض دستورياً وقانونياً وسياسياً في الدولة العراقية، وأن الحكومة عبّرت بشكل واضح عن موقف العراق التاريخي الثابت الداعم للقضية الفلسطينية العادلة، والدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني، وفي مقدمتها حقه بدولة مستقلة عاصمتها القدس الشريف، ورفض كل أشكال الاستيطان والاعتداء والاحتلال التي تمارسها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني الشقيق».
من جهتها، أعلنت الرئاسة العراقية رفضها لمخرجات مؤتمر أربيل. وقال بيان رئاسي إنه «في الوقت الذي تؤكد فيه رئاسة الجمهورية موقف العراق الثابت والداعم للقضية الفلسطينية وتنفيذ الحقوق المشروعة الكاملة للشعب الفلسطيني، فإنها تجدد رفض العراق القاطع لمسألة التطبيع مع إسرائيل، وتدعو إلى احترام إرادة العراقيين وقرارهم الوطني المستقل».
وأضاف البيان الرئاسي: «تؤكد رئاسة الجمهورية أن الاجتماع الأخير الذي عُقد للترويج لهذا المفهوم لا يمثّل أهالي وسكان المدن العراقية، بل يمثّل مواقف من شارك بها فقط، فضلاً عن كونه محاولة لتأجيج الوضع العام واستهداف السلم الأهلي».
ودعت الرئاسة العراقية، من ثم، إلى «الابتعاد عن الترويج لمفاهيم مرفوضة وطنياً وقانونياً، وتمس مشاعر العراقيين، في الوقت الذي يجب أن نستعد فيه لإجراء انتخابات نزيهة وشفافة تدعم المسار الوطني في العراق وتعيد لجميع العراقيين حياة حرة كريمة».
في أي حال، فإن مؤتمر أربيل عقّد المشهد السياسي كثيراً، لا سيما أن الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني كان قد عقد عدة اتفاقيات مع زعامات شيعية من أجل التحالفات في فترة ما بعد الانتخابات، الأمر الذي قد يخلّف تداعيات بسبب استضافة أربيل - معقل بارزاني - لهذا المؤتمر، رغم إعلانها رفض تبني مخرجاته.
هذا، ولم يقف الأمر عند حد رفض كل الكتل والأحزاب والقيادات العراقية ما حصل في أربيل؛ إذ أصدر القضاء العراقي مذكرات قبض بحق عدد من المشاركين في المؤتمر - الذي حمل اسم «السلام والاسترداد» - ما دفع عدداً كبيراً من الشخصيات المشاركة فيه إلى التراجع والاعتذار. ولقد شملت حملة التنصّل من المؤتمر والتبعات الناجمة عنه النائب السابق في البرلمان العراقي، مثال الآلوسي، الذي كان أول سياسي ونائب عراقي يزور إسرائيل علناً بعد سنة تقريباً من سقوط النظام السابق بعد الغزو الأميركي للعراق. ولقد أصدر القضاء العراقي مذكرة قبض بحق الألوسي، بينما هو يقيم حالياً في ألمانيا لإجراء عملية جراحية، طبقاً لما أعلنه. ومع أن الآلوسي كرّر «إيمانه بالتطبيع ودعوته لإقامة علاقات مع إسرائيل»، فإنه نفى علاقته بأي حال من الأحوال بالمؤتمر المذكور.



لبنان يواجه تحدّيات مصيرية في زمن التحوّلات

جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)
جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)
TT

لبنان يواجه تحدّيات مصيرية في زمن التحوّلات

جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)
جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)

يواجه لبنان جملة من التحديات السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية، خصوصاً في مرحلة التحوّلات الكبرى التي تشهدها المنطقة وترخي بثقلها على واقعه الصعب والمعقّد. ولا شك أن أهم هذه التحوّلات سقوط نظام بشّار الأسد في سوريا، وتراجع النفوذ الإيراني الذي كان له الأثر المباشر في الأزمات التي عاشها لبنان خلال السنوات الأخيرة، وهذا فضلاً عن تداعيات الحرب الإسرائيلية وآثارها التدميرية الناشئة عن «جبهة إسناد» لم تخفف من مأساة غزّة والشعب الفلسطيني من جهة، ولم تجنّب لبنان ويلات الخراب من جهة ثانية.

إذا كانت الحرب الإسرائيلية على لبنان قد انتهت إلى اتفاق لوقف إطلاق النار برعاية دولية، وإشراف أميركي ـ فرنسي على تطبيق القرار 1701، فإن مشهد ما بعد رحيل الأسد وحلول سلطة بديلة لم يتكوّن بعد.

وربما سيحتاج الأمر إلى بضعة أشهر لتلمُّس التحدّيات الكبرى، التي تبدأ بالتحدّيات السياسية والتي من المفترض أن تشكّل أولوية لدى أي سلطة جديدة في لبنان. وهنا يرى النائب السابق فارس سُعَيد، رئيس «لقاء سيّدة الجبل»، أنه «مع انهيار الوضعية الإيرانية في لبنان وتراجع وظيفة (حزب الله) الإقليمية والسقوط المدوّي لحكم البعث في دمشق، وهذا إضافة إلى الشغور في رئاسة الجمهورية، يبقى التحدّي الأول في لبنان هو ملء ثغرات الدولة من أجل استقامة المؤسسات الدستورية».

وأردف سُعَيد، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أنه «بعكس الحال في سوريا، يوجد في لبنان نصّ مرجعي اسمه الدستور اللبناني ووثيقة الوفاق الوطني، وهذا الدستور يجب أن يحترم بما يؤمّن بناء الدولة والانتقال من مرحلة إلى أخرى».

الدستور أولاً

الواقع أنه لا يمكن لمعطيات علاقة متداخلة بين لبنان وسوريا طالت لأكثر من 5 عقود، و«وصاية دمشق» على بيروت ما بين عامَي 1976 و2005 - وصفها بعض معارضي سوريا بـ«الاحتلال» - أن تتبدّل بين ليلة وضحايا على غرار التبدّل المفاجئ والصادم في دمشق. ثم إن حلفاء نظام دمشق الراحل في لبنان ما زالوا يملكون أوراق قوّة، بينها تعطيل الانتخابات الرئاسية منذ 26 شهراً وتقويض كل محاولات بناء الدولة وفتح ورشة الإصلاح.

غير أن المتغيّرات في سوريا، وفي المنطقة، لا بدّ أن تؤسس لواقع لبناني جديد. ووفق النائب السابق سُعَيد: «إذا كان شعارنا في عام 2005 لبنان أولاً، يجب أن يكون العنوان في عام 2024 هو الدستور أولاً»، لافتاً إلى أن «الفارق بين سوريا ولبنان هو أن سوريا لا تملك دستوراً وهي خاضعة فقط للقرار الدولي 2254. في حين بالتجربة اللبنانية يبقى الدستور اللبناني ووثيقة الوفاق الوطني المرجعَين الصالحَين لبناء الدولة، وهذا هو التحدي الأكبر في لبنان».

وشدّد، من ثم، على ضرورة «استكمال بناء المؤسسات الدستورية، خصوصاً في المرحلة الانتقالية التي تمرّ بها سوريا»، وتابع: «وفي حال دخلت سوريا، لا سمح الله، في مرحلة من الفوضى... فنحن لا نريد أن تنتقل هذه الفوضى إلى لبنان».

العودة للحضن العربي

من جهة ثانية، يحتاج لبنان في المرحلة المقبلة إلى مقاربة جديدة عمّا كان الوضع عليه في العقود السابقة. ولا يُخفي السياسي اللبناني الدكتور خلدون الشريف، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن لبنان «سيتأثّر بالتحوّلات الكبرى التي تشهدها المنطقة، وحتميّة انعكاس ما حصل في سوريا على لبنان». ويلفت إلى أن «ما حصل في سوريا أدّى إلى تغيير حقيقي في جيوبوليتيك المنطقة، وسيكون له انعكاسات حتمية، ليس على لبنان فحسب، بل على المشرق العربي والشرق الأوسط برمته أيضاً».

الاستحقاق الرئاسي

في سياق موازٍ، قبل 3 أسابيع من موعد جلسة انتخاب الرئيس التي دعا إليها رئيس مجلس النواب نبيه برّي في التاسع من يناير (كانون الثاني) المقبل، لم تتفق الكتل النيابية حتى الآن على اسم مرشّح واحد يحظى بأكثرية توصله إلى قصر بعبدا.

وهنا، يرى الشريف أنه بقدر أهمية عودة لبنان إلى موقعه الطبيعي في العالم العربي، ثمّة حاجة ماسّة لعودة العرب إلى لبنان، قائلاً: «إعادة لبنان إلى العرب مسألة مهمّة للغاية، شرط ألّا يعادي أي دولة إقليمية عربية... فلدى لبنان والعرب عدوّ واحد هو إسرائيل التي تعتدي على البشر والحجر». وبغض النظر عن حتميّة بناء علاقات سياسية صحيحة ومتكافئة مع سوريا الجديدة، يلفت الشريف إلى أهمية «الدفع للتعاطي معها بإيجابية وانفتاح وفتح حوار مباشر حول موضوع النازحين والشراكة الاقتصادية وتفعيل المصالح المشتركة... ويمكن للبلدين، إذا ما حَسُنت النيّات، أن يشكلّا نموذجاً مميزاً للتعاون والتنافس تحت سقف الشراكة».

يحتاج لبنان في المرحلة المقبلة إلى مقاربة جديدة

النهوض الاقتصادي

وحقاً، يمثّل الملفّ الاقتصادي عنواناً رئيساً للبنان الجديد؛ إذ إن بناء الاقتصاد القوي يبقى المعيار الأساس لبناء الدولة واستقرارها، وعودتها إلى دورها الطبيعي. وفي لقاء مع «الشرق الأوسط»، قال الوزير السابق محمد شقير، رئيس الهيئات الاقتصادية في لبنان، إن «النهوض الاقتصادي يتطلّب إقرار مجموعة من القوانين والتشريعات التي تستجلب الاستثمارات وتشجّع على استقطاب رؤوس الأموال، على أن يتصدّر الورشة التشريعية قانون الجمارك وقانون ضرائب عصري وقانون الضمان الاجتماعي».

شقير يشدّد على أهمية «إعادة هيكلة القطاع المصرفي؛ إذ لا اقتصاد من دون قطاع مصرفي». ويشير إلى أهمية «ضبط التهريب على كل طول الحدود البحرية والبرّية، علماً بأن هذا الأمر بات أسهل مع سقوط النظام السوري، الذي طالما شكّل عائقاً رئيساً أمام كل محاولات إغلاق المعابر غير الشرعية ووقف التهريب، الذي تسبب بخسائر هائلة في ميزانية الدولة، بالإضافة إلى وضع حدّ للمؤسسات غير الشرعية التي تنافس المؤسسات الشرعية وتؤثر عليها».

نقطة جمارك المصنع اللبنانية على الحدود مع سوريا (آ ف ب)

لبنان ودول الخليج

يُذكر أن الفوضى في الأسواق اللبنانية أدت إلى تراجع قدرات الدولة، ما كان سبباً في الانهيار الاقتصادي والمالي، ولذا يجدد شقير دعوته إلى «وضع حدّ للقطاع الاقتصادي السوري الذي ينشط في لبنان بخلاف الأنظمة والقوانين، والذي أثّر سلباً على النمو، ولا مانع من قوننة ليعمل بطريقة شرعية ووفق القوانين اللبنانية المرعية الإجراء». لكنه يعبّر عن تفاؤله بمستقبل لبنان السياسي والاقتصادي، قائلاً: «لا يمكن للبنان أن ينهض من دون علاقات طيّبة وسليمة مع العالم العربي، خصوصاً دول الخليج... ويجب أن تكون المهمّة الأولى للحكومة الجديدة ترسيخ العلاقات الجيّدة مع دول الخليج العربي، ولا سيما المملكة العربية السعودية التي طالما أمّنت للبنان الدعم السياسي والاقتصادي والمالي».

ضبط السلاح

على صعيد آخر، تشكّل الملفات الأمنية والعسكرية سمة المرحلة المقبلة، بخاصةٍ بعد التزام لبنان فرض سلطة الدولة على كامل أراضيها تطبيقاً للدستور والقرارات الدولية. ويعتبر الخبير العسكري والأمني العميد الركن فادي داوود، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «تنفيذ القرار 1701 ومراقبة تعاطيها مع مكوّنات المجتمع اللبناني التي تحمل السلاح، هو التحدّي الأكبر أمام المؤسسات العسكرية والأمنية». ويوضح أن «ضبط الحدود والمعابر البرية مع سوريا وإسرائيل مسألة بالغة الدقة، سيما في ظل المستجدات التي تشهدها سوريا، وعدم معرفة القوة التي ستمسك بالأمن على الجانب السوري».

مكافحة المخدِّرات

وبأهمية ضبط الحدود ومنع الاختراق الأمني عبرها، يظل الوضع الداخلي تحت المجهر في ظلّ انتشار السلاح لدى معظم الأحزاب والفئات والمناطق اللبنانية، وهنا يوضح داوود أن «تفلّت السلاح في الداخل يتطلّب خطة أمنية ينفّذها الجيش والأجهزة الأمنية كافة». ويشرح أن «وضع المخيمات الفلسطينية يجب أن يبقى تحت رقابة الدولة ومنع تسرّب السلاح خارجها، إلى حين الحلّ النهائي والدائم لانتشار السلاح والمسلحين في جميع المخيمات»، منبهاً إلى «معضلة أمنية أساسية تتمثّل بمكافحة المخدرات تصنيعاً وترويجاً وتصديراً، سيما وأن هناك مناطق معروفة كانت أشبه بمحميات أمنية لعصابات المخدرات».

حقائق

علاقات لبنان مع سوريا... نصف قرن من الهيمنة

شهدت العلاقات اللبنانية - السورية العديد من المحطات والاستحقاقات، صبّت بمعظمها في مصلحة النظام السوري ومكّنته من إحكام قبضته على كلّ شاردة وواردة. وإذا كان نفوذ دمشق تصاعد منذ دخول جيشها لبنان في عام 1976، فإن جريمة اغتيال الرئيس اللبناني المنتخب رينيه معوض في 22 نوفمبر (تشرين الثاني) 1989 - أي يوم عيد الاستقلال - شكّلت رسالة. واستهدفت الجريمة ليس فقط الرئيس الذي أطلق مرحلة الشروع في تطبيق «اتفاق الطائف»، وبسط سلطة الدولة على كامل أراضيها وحلّ كل الميليشيات المسلّحة وتسليم سلاحها للدولة، بل أيضاً كلّ من كان يحلم ببناء دولة ذات سيادة متحررة من الوصاية. ولكنْ ما إن وُضع «اتفاق الطائف» موضع التنفيذ، بدءاً بوحدانية قرار الدولة، أصرّ حافظ الأسد على استثناء سلاح «حزب الله» والتنظيمات الفلسطينية الموالية لدمشق، بوصفه «سلاح المقاومة لتحرير الأراضي اللبنانية المحتلّة» ولإبقائه عامل توتر يستخدمه عند الضرورة. ثم نسف الأسد «الأب» قرار مجلس الوزراء لعام 1996 القاضي بنشر الجيش اللبناني على الحدود مع إسرائيل، بذريعة رفضه «تحويل الجيش حارساً للحدود الإسرائيلية».بعدها استثمر نظام دمشق انسحاب الجيش الإسرائيلي من المناطق التي كان يحتلها في جنوب لبنان خلال مايو (أيار) 2000، و«جيّرها» لنفسه ليعزّز هيمنته على لبنان. غير أنه فوجئ ببيان مدوٍّ للمطارنة الموارنة برئاسة البطريرك الراحل نصر الله بطرس صفير في سبتمبر (أيلول) 2000، طالب فيه الجيش السوري بالانسحاب من لبنان؛ لأن «دوره انتفى مع جيش الاحتلال الإسرائيلي من جنوب لبنان».مع هذا، قبل شهر من انتهاء ولاية الرئيس إميل لحود، أعلن نظام بشار الأسد رغبته بالتمديد للحود ثلاث سنوات (نصف ولاية جديدة)، ورغم المعارضة النيابية الشديدة التي قادها رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري، مُدِّد للحود بالقوة على وقع تهديد الأسد «الابن» للحريري ووليد جنبلاط «بتحطيم لبنان فوق رأسيهما». وهذه المرة، صُدِم الأسد «الابن» بصدور القرار 1559 عن مجلس الأمن الدولي، الذي يقضي بانتخاب رئيس جديد للبنان، وانسحاب الجيش السوري فوراً، وحلّ كل الميليشيات وتسليم سلاحها للدولة اللبنانية. ولذا، عمل لإقصاء الحريري وقوى المعارضة اللبنانية عن السلطة، وتوِّج هذا الإقصاء بمحاولة اغتيال الوزير مروان حمادة في أكتوبر (تشرين الأول) 2004، ثمّ باغتيال رفيق الحريري يوم 14 فبراير (شباط) 2005، ما فجّر «ثورة الأرز» التي أدت إلى انسحاب الجيش السوري من لبنان يوم 26 أبريل (نيسان)، وتبع ذلك انتخابات نيابية خسرها حلفاء النظام السوري فريق «14 آذار» المناوئ لدمشق.تراجع نفوذ دمشق في لبنان استمر بعد انسحاب جيشها بضغط أميركي مباشر. وتجلّى ذلك في «الحوار الوطني اللبناني»، الذي أفضى إلى اتخاذ قرارات بينها «ترسيم الحدود» اللبنانية السورية، وبناء علاقات دبلوماسية مع سوريا وتبادل السفراء، الأمر الذي قبله بشار الأسد على مضض. وأكمل المسار بقرار إنشاء محكمة دولية لمحاكمة قتلة الحريري وتنظيم السلاح الفلسطيني خارج المخيمات - وطال أساساً التنظيمات المتحالفة مع دمشق وعلى رأسها «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة» - وتحرير المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية. حرب 6002مع هذا، بعد الحرب الإسرائيلية على لبنان في يوليو (تموز) 2006، التي أعلن «حزب الله» بعدها «الانتصار على إسرائيل»، استعاد النظام السوري بعض نفوذه. وتعزز ذلك بسلسلة اغتيالات طالت خصومه في لبنان من ساسة ومفكّرين وإعلاميين وأمنيين - جميعهم من فريق «14 آذار» - وتوّج بالانقلاب العسكري الذي نفذه «حزب الله» يوم 7 مايو 2008 محتلاً بيروت ومهاجماً الجبل. وأدى هذا التطور إلى «اتفاق الدوحة» الذي منح الحزب وحلفاء دمشق «الثلث المعطِّل» في الحكومة اللبنانية، فمكّنهم من الإمساك بالسلطة.يوم 25 مايو 2008 انتخب قائد الجيش اللبناني ميشال سليمان رئيساً للجمهورية، وفي 13 أغسطس (آب) من العام نفسه عُقدت قمة لبنانية ـ سورية في دمشق، وصدر عنها بيان مشترك، تضمّن بنوداً عدّة أهمها: «بحث مصير المفقودين اللبنانيين في سوريا، وترسيم الحدود، ومراجعة الاتفاقات وإنشاء علاقات دبلوماسية، وتبنّي المبادرة العربية للسلام». ولكن لم يتحقق من مضمون البيان، ومن «الحوار الوطني اللبناني» سوى إقامة سفارات وتبادل السفراء فقط.ختاماً، لم يقتنع النظام السوري في يوم من الأيام بالتعامل مع لبنان كدولة مستقلّة. وحتى في ذروة الحرب السورية، لم يكف عن تعقّب المعارضين السوريين الذي فرّوا إلى لبنان، فجنّد عصابات عملت على خطف العشرات منهم ونقلهم إلى سوريا. كذلك سخّر القضاء اللبناني (خصوصاً المحكمة العسكرية) للتشدد في محاكمة السوريين الذين كانوا في عداد «الجيش السوري الحرّ» والتعامل معهم كإرهابيين.أيضاً، كان للنظام السوري - عبر حلفائه اللبنانيين - الدور البارز في تعطيل الاستحقاقات الدستورية، لا سيما الانتخابات الرئاسية والنيابية وتشكيل الحكومات، بمجرد اكتشاف أن النتائج لن تكون لصالحهم. وعليه، قد يكون انتخاب الرئيس اللبناني في 9 يناير (كانون الثاني) المقبل، الاستحقاق الأول الذي يشهده لبنان من خارج تأثير نظام آل الأسد منذ نصف قرن.