موسكو تواجه «تضارب مصالح اللاعبين» في سوريا بتعزيز دعمها النظام

تطوّرات درعا وضعت الروس أمام اختبار القوة والنفوذ

موسكو تواجه «تضارب مصالح اللاعبين» في سوريا بتعزيز دعمها النظام
TT

موسكو تواجه «تضارب مصالح اللاعبين» في سوريا بتعزيز دعمها النظام

موسكو تواجه «تضارب مصالح اللاعبين» في سوريا بتعزيز دعمها النظام

قد تكون التطورات التي شهدها الجنوب السوري خلال الأسابيع الأخيرة، قد شكّلت أصعب اختبار لقدرة روسيا على فرض أجندتها على اللاعبين المحليين من جانب، والأطراف الخارجية المنخرطة في النزاع السوري من الجانب الآخر. ومع أن الحصيلة التي آلت إليها الأمور عكست تمكّن موسكو من تثبيت اتفاق وصفته المعارضة السورية بأنه مجحف، فالمهم، مع تعزيز النفوذ العسكري الروسي في الجنوب، أن التطور حمل تقويضاً كاملاً لاتفاق الهدنة الموقع في العام 2018. وهو اتفاق ضمنته روسيا بالاتفاق مع الولايات المتحدة والأردن وبحضور غير مباشر من جانب إسرائيل. وهذا الأمر يعني أن النتيجة وضعت أسساً جديدة للتعامل في المنطقة، لم تكن موسكو هي صاحبة المبادرة إليها، بقدر ما أنها اضطرت إلى التعامل فيها مع أمر واقع فرضه النظام وحلفاؤه من القوى المدعومة من جانب إيران.
ولقد بدا «الارتباك» الروسي واضحاً منذ بداية أزمة الجنوب الجديدة، إذ إن احتمال انزلاق الوضع نحو مواجهة واسعة، كان آخر ما شغل بال موسكو، بينما هي تضع تصورات للمرحلة المقبلة. وهذه المرحلة، حسب موسكو، تقوم على تعزيز مسار الإصلاح الدستوري في جنيف، عبر حمل النظام على إبداء مرونة كافية، بالتوازي مع إبراز ملف اللاجئين وتحويله إلى بند ثابت على أجندة الحوارات الإقليمية والدولية.

أظهرت التصريحات الروسية في الفترة السابقة اطمئناناً كاملاً إلى تثبيت مناطق النفوذ في سوريا، وتراجع احتمالات استخدام القوة العسكرية لتوسيع أو تغيير الخرائط القائمة. حتى إن المستويين الدبلوماسي والعسكري في روسيا ردّدا أكثر من مرة أن مراحل المواجهات الحربية انتهت، وأن الدور الأساسي في المرحلة المقبلة سيكون للترتيبات السياسية.
لكن في هذه الظروف جاءت الاستعدادات العسكرية والحشود التي تعاظمت حول درعا، والمناوشات التي بدأت في محيطها، لتضع الروس أمام موقف محرج. لذلك، سارعت أوساط روسية في البداية إلى الحديث عن «رفض الاستفزازات» التي يمارسها النظام، وعن ضرورة الالتزام بالهدنة وباتفاق وقف النار بكل تفاصيله. وأكثر من ذلك، لجأت أوساط دبلوماسية إلى توجيه رسائل تحذير إلى نظام دمشق من «خطورة هذه التحرّكات التي تقوض الثقة بروسيا كضامن أساسي، وتعرقل جهود موسكو لدفع التسوية السياسية في البلاد».

- 3 أولويات سقطت لاحقاً
على هذه الخلفية، ومع اتجاه العشائر في حوران، تحديداً محافظة درعا، إلى «الضامن الروسي»؛ خصوصاً بعد اتضاح مطالب النظام حول تسليم الأسلحة وانسحاب المقاتلين وفرض السيطرة في المدينة ومحيطها، وضعت موسكو 3 أولويات لسياستها، تمثلت بالتالي...
أولاً، رفض السماح بانزلاق الوضع نحو مواجهة شاملة.
وثانياً، رفض مطالب ترحيل سكان درعا أو تهجيرهم إلى مناطق أخرى.
وثالثاً، تثبيت اتفاق وقف النار الموقّع في 2018.
غير أن اللافت هو أن التطورات سرعان ما أظهرت عجز موسكو عن فرض وجهة نظرها على حليفيها السوري والإيراني، وهو ما برز من خلال تعزيز الحشود العسكرية وإطلاق أوسع عمليات قصف لمناطق في درعا ومحيطها، في تجاهل صريح للتوجهات الروسية نحو التهدئة.
وعلى الرغم من تسريبات عدّة عكست «الغضب» الروسي من تحرّكات النظام في تلك المرحلة من الأزمة، بينها التسريب الذي تحدث عن إقدام جنرال روسي على إخراج وزير الدفاع السوري من أحد الاجتماعات بسبب خطاب التهديد والتلويح بالقوة العسكرية، فقد بدا واضحاً أن موسكو لا ترغب أو لا تقدر على «كبح جماح النظام خلافاً لما أظهرته خلال مواجهات سابقة» وفقاً لتعبير محلل وخبير سوري. وتابع هذا المحلل القول إن القوات الروسية «لم تتدخل عسكرياً لتحسم المعركة لصالح النظام، كما كانت تفعل سابقاً (..) وفي الوقت ذاته لم يبدُ أنها تريد أن تستغل نفوذها كما يجب لإرغام النظام والإيرانيين على وقف حملتهم العسكرية في المنطقة». ومن ثم، استطرد شارحاً أن «روسيا قد تكون مستفيدة من بقاء الوضع على حاله واستمرار حالة التوتر في جنوب سوريا، ولو لمرحلة محددة من الزمن، تأمل خلالها تحقيق مجموعة أهداف، في مقدمتها استعادة الزخم للاهتمام بالدور الروسي في سوريا، بعد تراجعه قليلاً خلال الفترة الأخيرة».
لكن في المقابل، برز رأي آخر، مفاده أن موسكو عندما فشلت في الضغط على قوات نظام دمشق، سعت إلى قياس درجة قدرة المعارضة في الجنوب على تغيير الوضع العسكري الميداني. ولذلك وقفت متفرّجة، واكتفت بالسعي إلى لعب دور الوسيط في الحوارات، عندما كانت قوات المعارضة السورية تتقدّم بشكل واسع، حتى نجحت في استعادة السيطرة على ثلثي المساحة التي كانت تحت سيطرة النظام في محيط درعا البلد. هنا تدخلت بقوة وعزّزت جهودها ليصل الجانبان برعاية روسية إلى اتفاق لوقف النار لم يصمد طويلاً.
خبير عسكري يقول إن موسكو تعمّدت ترك قوات النظام والقوات الحليفة والداعمة لها، تحت رحمة نجاحات مؤقتة لقوات المعارضة، بغرض إظهار أن دمشق لن تكون قادرة على تحقيق تقدم واسع من دون مساعدة روسية... وهذا أمر سبق أن تعرّضت له قوات النظام في معركة سابقة قرب مدينة حلب في الشمال السوري.

- تبني موسكو الكامل لموقف النظام
إن صحت هذه التقديرات، فهي لا تنفي حقيقة أن الموقف الروسي سرعان ما تبدّل بشكل واسع تحت ضغط الأمر الواقع الذي نجحت دمشق وحلفاؤها، ولا سيما الميليشيات الإيرانية، في فرضه على الروس. والحاصل أن روسيا بعدما كانت ترفض وقوع أي مواجهات عسكرية، انتقلت بالكامل إلى تأييد التحرك العسكري لقوات نظام دمشق، انطلاقاً من ذريعة ضرورة «مدّ سيطرة الحكومة الشرعية على كل الأراضي السورية».
وبالأمس، كان هذا فحوى كلام وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أثناء مؤتمر صحافي مشترك عقده في موسكو مع نظيره الإسرائيلي يائير لبيد، عندما قال إن الاتفاق الذي تم التوصل إليه في درعا «يقضي بإعادة سيطرة القوات المسلحة السورية الشرعية على هذه المنطقة، وأما بخصوص الأسلحة فيقضي الاتفاق المبرم بتسليم المسلحين كل أسلحتهم الثقيلة إلى الجيش السوري مع احتفاظهم بأسلحتهم النارية الخفيفة التي سوف يخرجونها معهم... والتفاوض جارٍ الآن بشأن المكان الذي يمكن لهم الانسحاب إليه من هذه المنطقة لأن بقاءهم هناك ليس مرجحاً». وفي تبنٍ كامل لموقفي النظام وإيران، أشار لافروف إلى ضرورة «ألا تبقى في درعا، بل في سوريا عموماً، أراضٍ خاضعة لسيطرة تشكيلات مسلحة غير الجيش العربي السوري» حسب تعبيره. وهكذا، انتقل الموقف الروسي مرة واحدة من رفض عمليات تهجير جديدة، ورفض اندلاع مواجهات جديدة... إلى إعطاء «الضوء الأخضر» ومباركة النتيجة التي وصلت إليها الأمور في الجنوب السوري.
هنا، وفقاً لتحليلات خبراء روس وسوريين، ظهر أن «توازنات دولية دقيقة فسّرت المشهد في درعا. إذ إن إيقاف الدعم عن الجبهة الجنوبية التابعة للمعارضة من قبل الولايات المتحدة الأميركية وبعض البلدان العربية لم يكن مكسباً مجانياً بالنسبة للروس، بل كان مشروطاً بالتعهد بضبط النفوذ الإيراني. وبالتالي، فإنَّ الحسم العسكري الشامل كان سيفوِّت على روسيا فرصة تعزيز المكاسب السياسية، ولذا سعت روسيا إلى إيجاد حالة من التوازن بين المكوِّن المحلي من خلال القبول بفكرة بقاء بعض المجموعات غير المنضبطة بسلاحها الخفيف، وكتلة أكبر تابعة لـ(الفيلق الخامس) بشكل مباشر، في مقابل قوات النظام والميليشيات الإيرانية».

- مكاسب سياسية مأمولة
هذا الحديث يعكس القناعة السائدة بأن موسكو، مع ميلها نحو التشدد لاحقاً، ومساعدة النظام في فرض شروط تسليم الأسلحة وتهجير الرافضين للهدنة وفقاً للشروط الجديدة، فإنها عملياً كانت تمهّد لاستخدام التطورات حول درعا لتحقيق مكاسب سياسية لاحقة من اللاعبين الإقليميين والدوليين... وعلى رأسهم الولايات المتحدة.
بهذا المعنى، فإن روسيا، كما يقول محللون: «أدركت أن الولايات المتحدة أظهرت بعض المرونة في ملفات مهمَّة بالنسبة لروسيا، في خطوة تشير إلى الرغبة بجعل درعا نموذجَ اختبار مصغَّراً عن الحالة السورية». ولذلك «أتاحت التوصل إلى اتفاق بشأن فتح معبر جابر نصيب مع الأردن، ووافقت على تمرير الغاز المصري إلى لبنان عبر سوريا، بهدف سبر حجم التعاطي الإيجابي مع مطالب المجتمع الدولي المتعلِّقة بالوصول إلى حلٍّ مناسبٍ للأزمة السورية».
وإذا صح هذا التحليل، فإن موسكو ستجد نفسها في المرحلة المقبلة أمام استحقاق جدّي، عليها معه الإجابة على سؤال حول مدى قدرتها على التعامل مع امتداد النفوذ الإيراني في الجنوب. واللافت في هذا الموضوع أن الأوساط الدبلوماسية الروسية كانت تتشدّد مع تفاقم أزمة درعا في الحديث على أن «كل الدعاية التي تتحدث عن الدور الإيراني في درعا لا تستند إلى أساس... وهي متعمّدة لتشويه الوضع ولفت الأنظار عن الأسباب الحقيقية لاندلاع الأزمة»، وفقاً لما أبلغ به مصدر دبلوماسي «الشرق الأوسط» في وقت سابق.
لكن ملف الوجود الإيراني ونشاط القوى القريبة من طهران في الجنوب السوري له أبعاد أخرى. ذلك أنه يتعلق أيضاً بالعلاقة الروسية - الإسرائيلية التي مرّت بمرحلة فتور وتوتر بسبب رفض تل أبيب الاستجابة لمطالب روسية بوضع قواعد جديدة للتعامل العسكري في سوريا ووقف الغارات المتواصلة على مواقع داخل الأراضي السورية.
ولقد كان لافتاً أن البيان الروسي الذي صدر تعليقاً على الغارات الإسرائيلية الأخيرة في 3 سبتمبر (أيلول) على مناطق قرب دمشق لم يحمل جديداً في لهجته أو مضمونه، إذ جاءت الإفادة التي أعلنها نائب رئيس المركز الروسي للمصالحة، فاديم كوليت، مقتضبة خالية من أي موقف، وتكاد تكون تكراراً حرفياً لبيانات مماثلة صدرت بعد سلسلة غارات استهدفت مواقع في سوريا في يوليو (تموز) الماضي.
ويومذاك، قال البيان إن القوات السورية تصدّت للغارات الإسرائيلية، وأسقطت 21 صاروخاً من أصل 24 جرى إطلاقها على الموقع المستهدف. وهذا التكرار الحرفي لبيانات سبق أن صدرت مثيلات لها قبل شهرين لا يخلو من دلالات، لأن روسيا باتت توجه رسائل مباشرة إلى الإسرائيليين بأنها «ترصد» و«تساعد السوريين على مواجهة الهجمات».

- موافقة أميركية على كبح الإسرائيليين
كانت أوساط المراقبين والمعلقين العسكريين انشغلت قبل شهرين بالحديث عن تبدّل في «قواعد اللعبة»، وأن روسيا تعمل على إغلاق المجال الجوي السوري أمام الطيران الإسرائيلي. وأكثر من ذلك أن هذا التطور يجري بعلم وموافقة ضمنية من جانب الولايات المتحدة، التي لا تحبذ ضمن أولوياتها الحالية في المنطقة تفجير الوضع في سوريا.
وفي هذا السياق، جاء تسريب معطيات عن قيام موسكو بتزويد دمشق بنسخ محدثة من أنظمة «بوك» الصاروخية، ومدّها بخبراء عسكريين روس لمساعدة القوات السورية على تشغيلها بفاعلية قصوى، ليؤكد التوجه الروسي الحاسم لوضع حد نهائي للغارات المتكررة.
إلا أن التباين الروسي - الإسرائيلي القديم حول الوجود الإيراني في سوريا، وآليات التعامل معه، ليس العنصر الأساسي للتطور الحاصل في الموقف الروسي. إذ كانت موسكو قد توصلت إلى تفاهمات مبكّرة مع الإسرائيليين بأن من حق تل أبيب استهداف مواقع في سوريا، إذا رأت خطراً أو تهديداً ينطلق منها، لذلك صمتت موسكو طويلاً على الهجمات الإسرائيلية في السابق. لكن «صبر الروس بدأ ينفد»، وفقاً لتعبير دبلوماسي روسي، عندما وسّعت إسرائيل دائرة أهدافها، لتشمل مواقع للسيطرة والتحكم تابعة لقوات النظام، وأيضاً بسبب تجاهل الجانب الإسرائيلي في عدد من المرات قواعد التنسيق المسبق، ما كاد يوقع في أكثر من مرة ضحايا بين العسكريين الروس العاملين في مواقع سورية.
ولذلك، بدأت موسكو منذ مطلع العام تهيئ لـ«قواعد جديدة» في التعامل مع ملف الغارات الإسرائيلية. وهذا أمر أوضحه وزير الخارجية الروسي لافروف، عندما اقترح على تل أبيب مبادرته حول استعداد موسكو للتعامل بشكل مباشر مع أي تهديد يصدر ضد الدولة العبرية من الأراضي السورية. وقال لافروف، في حينه: «إذا توافرت لديكم معطيات عن خطر مباشر أو تهديد أبلغونا بها ونحن سنتعامل مع الموقف فوراً». وهذا الموضوع، بعد اتساع هوة المواقف بين موسكو وتل أبيب، غدا الموضوع الأساسي للحديث خلال الزيارة الأولى لوزير الخارجية الإسرائيلي الجديد يائير لبيد إلى موسكو.


مقالات ذات صلة

أفريقيا... ساحة تنافس جديد بين الهند والصين

حصاد الأسبوع Chinese Foreign Minister Wang Yi (C) speaks during a press conference with Senegal's Foreign Minister Yassine Fall (L) and Congo Foreign Minister Jean-Claude Gakosso (R) at the Forum on China-Africa Cooperation (FOCAC) in Beijing on September 5, 2024. (Photo by GREG BAKER / AFP)

أفريقيا... ساحة تنافس جديد بين الهند والصين

منذ فترة ولايته الأولى عام 2014، كان رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي أكبر مناصر للعلاقات بين الهند وأفريقيا.

براكريتي غوبتا (نيودلهي)
حصاد الأسبوع نيتومبو ندايتواه... أول امرأة تترأس ناميبيا

نيتومبو ندايتواه... أول امرأة تترأس ناميبيا

سطرت نيتومبو ناندي ندايتواه، 72 عاماً، اسمها في التاريخ بوصفها أول امرأة تتولى رئاسة ناميبيا منذ استقلال البلاد عام 1990، بعدما حصدت 57 في المائة من الأصوات في

فتحية الدخاخني ( القاهرة)
رياضة سعودية السعودية تستمر في تشكيل خريطة مختلف الرياضات العالمية بتنظيم واستضافات غير مسبوقة (الشرق الأوسط)

السعودية ستُشكل خريطة الرياضة العالمية في 2025

شارف عام حافل بالأحداث الرياضية بما في ذلك الألعاب الأولمبية التي حظيت بإشادة واسعة وأربع بطولات قارية لكرة القدم على الانتهاء ومن المتوقع أن يكون عام 2025 أقل.

«الشرق الأوسط» (لندن)
حصاد الأسبوع فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟

فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟

بعد 9 أيام من سقوط الحكومة الفرنسية بقيادة ميشال بارنييه في اقتراع لحجب الثقة، عيّن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، فرنسوا بايرو، زعيم رئيس حزب الوسط (الموديم)،

أنيسة مخالدي (باريس)
حصاد الأسبوع خافيير ميلي (أ.ب)

خافيير ميلي... شعبية «المخرّب الأكبر» لا تعرف التراجع

في المشهد الشعبوي واليميني المتطرف، المتنامي منذ سنوات، يشكّل الصعود الصاعق لخافيير ميلي إلى سدّة الرئاسة في الأرجنتين، حالة مميّزة، لا بل فريدة، من حيث الأفكار

شوقي الريّس (مدريد)

أفريقيا... ساحة تنافس جديد بين الهند والصين

Chinese Foreign Minister Wang Yi (C) speaks during a press conference with Senegal's Foreign Minister Yassine Fall (L) and Congo Foreign Minister Jean-Claude Gakosso (R) at the Forum on China-Africa Cooperation (FOCAC) in Beijing on September 5, 2024. (Photo by GREG BAKER / AFP)
Chinese Foreign Minister Wang Yi (C) speaks during a press conference with Senegal's Foreign Minister Yassine Fall (L) and Congo Foreign Minister Jean-Claude Gakosso (R) at the Forum on China-Africa Cooperation (FOCAC) in Beijing on September 5, 2024. (Photo by GREG BAKER / AFP)
TT

أفريقيا... ساحة تنافس جديد بين الهند والصين

Chinese Foreign Minister Wang Yi (C) speaks during a press conference with Senegal's Foreign Minister Yassine Fall (L) and Congo Foreign Minister Jean-Claude Gakosso (R) at the Forum on China-Africa Cooperation (FOCAC) in Beijing on September 5, 2024. (Photo by GREG BAKER / AFP)
Chinese Foreign Minister Wang Yi (C) speaks during a press conference with Senegal's Foreign Minister Yassine Fall (L) and Congo Foreign Minister Jean-Claude Gakosso (R) at the Forum on China-Africa Cooperation (FOCAC) in Beijing on September 5, 2024. (Photo by GREG BAKER / AFP)

منذ فترة ولايته الأولى عام 2014، كان رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي أكبر مناصر للعلاقات بين الهند وأفريقيا.

على خلفية ذلك، تجدر الإشارة إلى أن الحكومة الهندية بذلت جهداً استثنائياً للتواصل مع الدول الأفريقية عبر زيارات رفيعة المستوى من القيادة العليا، أي الرئيس ونائب الرئيس ورئيس الوزراء، إلى ما مجموعه 40 بلداً في أفريقيا بين عامي 2014 و2019. ولا شك أن هذا هو أكبر عدد من الزيارات قبل تلك الفترة المحددة أو بعدها.

من ثم، فإن الزيارة التي قام بها مؤخراً رئيس الوزراء الهندي مودي إلى نيجيريا قبل سفره إلى البرازيل لحضور قمة مجموعة العشرين، تدل على أن زيارة أبوجا (في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي) ليست مجرد زيارة ودية، وإنما خطوة استراتيجية لتعزيز القوة. مما يؤكد على التزام الهند ببناء علاقات أعمق مع أفريقيا، والبناء على الروابط التاريخية، والخبرات المشتركة، والمنافع المتبادلة.

صرح إتش. إس. فيسواناثان، الزميل البارز في مؤسسة «أوبزرفر» للأبحاث وعضو السلك الدبلوماسي الهندي لمدة 34 عاماً، بأنه «من خلال تعزيز الشراكات الاقتصادية، وتعزيز التعاون الدفاعي، وتعزيز التبادل الثقافي، تُظهِر الهند نفسها بصفتها لاعباً رئيسياً في مستقبل أفريقيا، في الوقت الذي تقدم فيه بديلاً لنهج الصين الذي غالباً ما يتعرض للانتقاد. إن تواصل الهند في أفريقيا هو جزء من أهدافها الجيوسياسية الأوسع نطاقاً للحد من نفوذ الصين».

سافر مودي إلى 14 دولة أفريقية خلال السنوات العشر الماضية من حكمه بالمقارنة مع عشر زيارات لنظيره الصيني شي جينبينغ. بيد أن زيارته الجديدة إلى نيجيريا تعد أول زيارة يقوم بها رئيس وزراء هندي لهذه الدولة منذ 17 عاماً. كانت الأهمية التي توليها نيجيريا للهند واضحة من حقيقة أن رئيس الوزراء الهندي مُنح أعلى وسام وطني في البلاد، وسام القائد الأكبر، وهو ثاني شخصية أجنبية فقط تحصل على هذا التميز منذ عام 1969، بعد الملكة إليزابيث الثانية؛ مما يؤكد على المكانة التي توليها نيجيريا للهند.

نجاح الهند في ضم الاتحاد الأفريقي إلى قمة مجموعة العشرين

كان الإنجاز الكبير الذي حققته الهند هو جهدها لضمان إدراج الاتحاد الأفريقي عضواً دائماً في مجموعة العشرين، وهي منصة عالمية للنخبة تؤثر قراراتها الاقتصادية على ملايين الأفارقة. وقد تم الإشادة برئيس الوزراء مودي لجهوده الشخصية في إدراج الاتحاد الأفريقي ضمن مجموعة العشرين من خلال اتصالات هاتفية مع رؤساء دول مجموعة العشرين. وكانت جهود الهند تتماشى مع دعمها الثابت لدور أكبر لأفريقيا في المنصات العالمية، وهدفها المتمثل في استخدام رئاستها للمجموعة في منح الأولوية لشواغل الجنوب العالمي.

يُذكر أن الاتحاد الأفريقي هو هيئة قارية تتألف من 55 دولة.

دعا مودي، بصفته مضيف مجموعة العشرين، رئيس الاتحاد الأفريقي، غزالي عثماني، إلى شغل مقعده بصفته عضواً دائماً في عصبة الدول الأكثر ثراء في العالم، حيث صفق له القادة الآخرون وتطلعوا إليه.

وفقاً لراجيف باتيا، الذي شغل أيضاً منصب المدير العام للمجلس الهندي للشؤون العالمية في الفترة من 2012 - 2015، فإنه «لولا الهند لكانت مبادرة ضم الاتحاد الأفريقي إلى مجموعة العشرين قد فشلت. بيد أن الفضل في ذلك يذهب إلى الهند لأنها بدأت العملية برمتها وواصلت تنفيذها حتى النهاية. وعليه، فإن الأفارقة يدركون تمام الإدراك أنه لولا الدعم الثابت من جانب الهند ورئيس الوزراء مودي، لكانت المبادرة قد انهارت كما حدث العام قبل الماضي أثناء رئاسة إندونيسيا. لقد تأثرت البلدان الأفريقية بأن الهند لم تعد تسمح للغرب بفرض أخلاقياته».

التوغلات الصينية في أفريقيا

تهيمن الصين في الواقع على أفريقيا، وقد حققت توغلات أعمق في القارة السمراء لأسباب استراتيجية واقتصادية على حد سواء. بدأت العلاقات السياسية والاقتصادية الحديثة بين البر الصيني الرئيسي والقارة الأفريقية في عهد ماو تسي تونغ، بعد انتصار الحزب الشيوعي الصيني في الحرب الأهلية الصينية. زادت التجارة بين الصين وأفريقيا بنسبة 700 في المائة خلال التسعينات، والصين حالياً هي أكبر شريك تجاري لأفريقيا. وقد أصبح منتدى التعاون الصيني - الافريقي منذ عام 2000 المنتدى الرسمي لدعم العلاقات. في الواقع، الأثر الصيني في الحياة اليومية الأفريقية عميق - الهواتف المحمولة المستخدمة، وأجهزة التلفزيون، والطرق التي تتم القيادة عليها مبنية من قِبل الصينيين.

كانت الصين متسقة مع سياستها الأفريقية. وقد عُقدت الدورة التاسعة من منتدى التعاون الصيني - الأفريقي في سبتمبر (أيلول) 2024، في بكين.

كما زوّدت الصين البلدان الأفريقية بمليارات الدولارات في هيئة قروض ساعدت في بناء البنية التحتية المطلوبة بشدة. علاوة على ذلك، فإن تعزيز موطئ قدم لها في ثاني أكبر قارة من حيث عدد السكان في العالم يأتي مع ميزة مربحة تتمثل في إمكانية الوصول إلى السوق الضخمة، فضلاً عن الاستفادة من الموارد الطبيعية الهائلة في القارة، بما في ذلك النحاس، والذهب، والليثيوم، والمعادن الأرضية النادرة. وفي الأثناء ذاتها، بالنسبة للكثير من الدول الأفريقية التي تعاني ضائقة مالية، فإن أفريقيا تشكل أيضاً جزءاً حيوياً من مبادرة الحزام والطريق الصينية، حيث وقَّعت 53 دولة على المسعى الذي تنظر إليه الهند بريبة عميقة.

كانت الصين متسقة بشكل ملحوظ مع قممها التي تُعقد كل ثلاث سنوات؛ وعُقدت الدورة التاسعة لمنتدى التعاون الصيني - الأفريقي في سبتمبر 2024. وفي الوقت نفسه، بلغ إجمالي تجارة الصين مع القارة ثلاثة أمثال هذا المبلغ تقريباً الذي بلغ 282 مليار دولار.

الهند والصين تناضلان من أجل فرض الهيمنة

تملك الهند والصين مصالح متنامية في أفريقيا وتتنافسان على نحو متزايد على الصعيدين السياسي والاقتصادي.

في حين تحاول الصين والهند صياغة نهجهما الثنائي والإقليمي بشكل مستقل عن بعضهما بعضاً، فإن عنصر المنافسة واضح. وبينما ألقت بكين بثقلها الاقتصادي الهائل على تطوير القدرة التصنيعية واستخراج الموارد الطبيعية، ركزت نيودلهي على كفاءاتها الأساسية في تنمية الموارد البشرية، وتكنولوجيا المعلومات، والتعليم، والرعاية الصحية.

مع ذلك، قال براميت بول شاودهوري، المتابع للشؤون الهندية في مجموعة «أوراسيا» والزميل البارز في «مركز أنانتا أسبن - الهند»: «إن الاستثمارات الهندية في أفريقيا هي إلى حد كبير رأسمال خاص مقارنة بالصينيين. ولهذا السبب؛ فإن خطوط الائتمان التي ترعاها الحكومة ليست جزءاً رئيسياً من قصة الاستثمار الهندية في أفريقيا. الفرق الرئيسي بين الاستثمارات الهندية في أفريقيا مقابل الصين هو أن الأولى تأتي مع أقل المخاطر السياسية وأكثر انسجاماً مع الحساسيات الأفريقية، لا سيما فيما يتعلق بقضية الديون».

ناريندرا مودي وشي جينبينغ في اجتماع سابق (أ.ب)

على عكس الصين، التي ركزت على إقامة البنية التحتية واستخراج الموارد الطبيعية، فإن الهند من خلال استثماراتها ركزت على كفاءاتها الأساسية في تنمية الموارد البشرية، وتكنولوجيا المعلومات، والأمن البحري، والتعليم، والرعاية الصحية. والحقيقة أن الشركات الصينية كثيراً ما تُتهم بتوظيف أغلب العاملين الصينيين، والإقلال من جهودها الرامية إلى تنمية القدرات المحلية، وتقديم قدر ضئيل من التدريب وتنمية المهارات للموظفين الأفارقة. على النقيض من ذلك، يهدف بناء المشاريع الهندية وتمويلها في أفريقيا إلى تيسير المشاركة المحلية والتنمية، بحسب ما يقول الهنود. تعتمد الشركات الهندية أكثر على المواهب الأفريقية وتقوم ببناء قدرات السكان المحليين. علاوة على ذلك، وعلى عكس الإقراض من الصين، فإن المساعدة الإنمائية التي تقدمها الهند من خلال خطوط الائتمان الميسرة والمنح وبرامج بناء القدرات هي برامج مدفوعة بالطلب وغير مقيدة. ومن ثم، فإن دور الهند في أفريقيا يسير جنباً إلى جنب مع أجندة النمو الخاصة بأفريقيا التي حددتها أمانة الاتحاد الأفريقي، أو الهيئات الإقليمية، أو فرادى البلدان، بحسب ما يقول مدافعون عن السياسة الهندية.

ويقول هوما صديقي، الصحافي البارز الذي يكتب عن الشؤون الاستراتيجية، إن الهند قطعت في السنوات الأخيرة شوطاً كبيراً في توسيع نفوذها في أفريقيا، لكي تظهر بوصفها ثاني أكبر مزود للائتمان بالقارة. شركة الاتصالات الهندية العملاقة «إيرتل» - التي دخلت أفريقيا عام 1998، هي الآن أحد أكبر مزودي خدمات الهاتف المحمول في القارة، كما أنها طرحت خطاً خاصاً بها للهواتف الذكية من الجيل الرابع بأسعار زهيدة في رواندا. وكانت الهند رائدة في برامج التعليم عن بعد والطب عن بعد لربط المستشفيات والمؤسسات التعليمية في كل البلدان الأفريقية مع الهند من خلال شبكة الألياف البصرية. وقد ساعدت الهند أفريقيا في مكافحة جائحة «كوفيد – 19» بإمداد 42 بلداً باللقاحات والمعدات.

تعدّ الهند حالياً ثالث أكبر شريك تجاري لأفريقيا، حيث يبلغ حجم التجارة الثنائية بين الطرفين نحو 100 مليار دولار. وتعدّ الهند عاشر أكبر مستثمر في أفريقيا من حيث حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة. كما توسع التعاون الإنمائي الهندي بسرعة منذ أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وكانت البلدان الأفريقية هي المستفيد الرئيسي من برنامج الخطوط الائتمانية الهندية.

قالت هارشا بانغاري، المديرة الإدارية لبنك الهند للاستيراد والتصدير: «على مدى العقد الماضي، قدمت الهند ما يقرب من 32 مليار دولار أميركي في صورة ائتمان إلى 42 دولة أفريقية، وهو ما يمثل 38 في المائة من إجمالي توزيع الائتمان. وهذه الأموال، التي تُوجه من خلال بنك الهند للاستيراد والتصدير، تدعم مجموعة واسعة من المشاريع، بما في ذلك الرعاية الصحية والبنية التحتية والزراعة والري».

رغم أن الصين تتصدر الطريق في قطاع البنية التحتية، فإن التمويل الصيني للبنية التحتية في أفريقيا قد تباطأ بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة. برزت عملية تطوير البنية التحتية سمةً مهمة من سمات الشراكة التنموية الهندية مع أفريقيا. وقد أنجزت الهند حتى الآن 206 مشاريع في 43 بلداً أفريقياً، ويجري حالياً تنفيذ 65 مشروعاً، يبلغ مجموع الإنفاق عليها نحو 12.4 مليار دولار. وتقدم الهند أيضاً إسهامات كبيرة لبناء القدرات الأفريقية من خلال برنامجها للتعاون التقني والتكنولوجي، والمنح الدراسية، وبناء المؤسسات في القارة.

وتجدر الإشارة إلى أن الهند أكثر ارتباطاً جغرافياً من الصين بالقارة الأفريقية، وهي بالتالي تتشاطر مخاوفها الأمنية أيضاً. وتعتبر الهند الدول المطلة على المحيط الهندي في افريقيا مهمة لاستراتيجيتها الخاصة بمنطقة المحيطين الهندي والهادئ، ووقّعت الهند مع الكثير منها اتفاقيات للدفاع والشحن تشمل التدريبات المشتركة. كما أن دور قوات حفظ السلام الهندية موضع تقدير كبير.

يقول السفير الهندي السابق والأمين المشترك السابق لشؤون أفريقيا في وزارة الخارجية، السفير ناريندر تشوهان: «إن الانتقادات الموجهة إلى المشاركة الاقتصادية للصين مع أفريقيا قد تتزايد من النقابات العمالية والمجتمع المدني بشأن ظروف العمل السيئة والممارسات البيئية غير المستدامة والتشرد الوظيفي الذي تسببه الشركات الصينية. ويعتقد أيضاً أن الصين تستغل نقاط ضعف الحكومات الأفريقية، وبالتالي تشجع الفساد واتخاذ القرارات المتهورة. فقد شهدت أنغولا، وغانا، وغامبيا، وكينيا مظاهرات مناهضة للمشاريع التي تمولها الصين. وهناك مخاوف دولية متزايدة بشأن الدور الذي تلعبه الصين في القارة الأفريقية».

القواعد العسكرية الصينية والهندية في أفريقيا

قد يكون تحقيق التوازن بين البصمة المتزايدة للصين في أفريقيا عاملاً آخر يدفع نيودلهي إلى تعزيز العلاقات الدفاعية مع الدول الافريقية.

أنشأت الصين أول قاعدة عسكرية لها في الخارج في جيبوتي، في القرن الأفريقي، عام 2017؛ مما أثار قلق الولايات المتحدة؛ إذ تقع القاعدة الصينية على بعد ستة أميال فقط من قاعدة عسكرية أميركية في البلد نفسه.

تقول تقارير إعلامية إن الصين تتطلع إلى وجود عسكري آخر في دولة الغابون الواقعة في وسط أفريقيا. ونقلت وكالة أنباء «بلومبرغ» عن مصادر قولها إن الصين تعمل حالياً على دخول المواني العسكرية في تنزانيا وموزمبيق الواقعتين على الساحل الشرقي لأفريقيا. وذكرت المصادر أنها عملت أيضاً على التوصل إلى اتفاقيات حول وضع القوات مع كلا البلدين؛ الأمر الذي سيقدم للصين مبرراً قانونياً لنشر جنودها هناك.

تقليدياً، كان انخراط الهند الدفاعي مع الدول الأفريقية يتركز على التدريب وتنمية الموارد البشرية.

في السنوات الأخيرة، زادت البحرية الهندية من زياراتها للمواني في الدول الأفريقية، ونفذت التدريبات البحرية الثنائية ومتعددة الأطراف مع الدول الأفريقية. من التطورات المهمة إطلاق أول مناورة ثلاثية بين الهند وموزمبيق وتنزانيا في دار السلام في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2022.

هناك مجال آخر مهم للمشاركة الدفاعية الهندية، وهو الدفع نحو تصدير معدات الدفاع الهندية إلى القارة.

ألقى التركيز الدولي على توسع الوجود الصيني في أفريقيا بظلاله على تطور مهم آخر - وهو الاستثمار الاستراتيجي الهندي في المنطقة. فقد شرعت الهند بهدوء، لكن بحزم، في بناء قاعدة بحرية على جزر أغاليغا النائية في موريشيوس.

تخدم قاعدة أغاليغا المنشأة حديثاً الكثير من الأغراض الحيوية للهند. وسوف تدعم طائرات الاستطلاع والحرب المضادة للغواصات، وتدعم الدوريات البحرية فوق قناة موزمبيق، وتوفر نقطة مراقبة استراتيجية لمراقبة طرق الشحن حول الجنوب الأفريقي.

وفي سابقة من نوعها، عيَّنت الهند ملحقين عسكريين عدة في بعثاتها الدبلوماسية في أفريقيا.

وفقاً لغورجيت سينغ، السفير السابق لدى إثيوبيا والاتحاد الأفريقي ومؤلف كتاب «عامل هارامبي: الشراكة الاقتصادية والتنموية بين الهند وأفريقيا»: «في حين حققت الهند تقدماً كبيراً في أفريقيا، فإنها لا تزال متخلفة عن الصين من حيث النفوذ الإجمالي. لقد بذلت الهند الكثير من الجهد لجعل أفريقيا في بؤرة الاهتمام، هل الهند هي الشريك المفضل لأفريقيا؟ صحيح أن الهند تتمتع بقدر هائل من النوايا الحسنة في القارة الأفريقية بفضل تضامنها القديم، لكن هل تتمتع بالقدر الكافي من النفوذ؟ من الصعب الإجابة عن هذه التساؤلات، سيما في سياق القوى العالمية الكبرى كافة المتنافسة على فرض نفوذها في المنطقة. ومع ذلك، فإن عدم القدرة على عقد القمة الرابعة بين الهند وأفريقيا حتى بعد 9 سنوات من استضافة القمة الثالثة لمنتدى الهند وأفريقيا بنجاح في نيودلهي، هو انعكاس لافتقار الهند إلى النفوذ في أفريقيا. غالباً ما تم الاستشهاد بجائحة «كوفيد - 19» والجداول الزمنية للانتخابات بصفتها أسباباً رئيسية وراء التأخير المفرط في عقد قمة المنتدى الهندي الأفريقي».