هاكايندي هيشيليما... «رجل أعمال عصامي» رئيساً لزامبيا

نجح في بلوغ القمة بعد 5 محاولات سابقة

هاكايندي هيشيليما... «رجل أعمال عصامي» رئيساً لزامبيا
TT
20

هاكايندي هيشيليما... «رجل أعمال عصامي» رئيساً لزامبيا

هاكايندي هيشيليما... «رجل أعمال عصامي» رئيساً لزامبيا

تجاوز المعارض الزامبي المُخضرم هاكايندي هيشيليما، لقبه المعروف به «بالي»، وهي كلمة تعني «كبير العائلة»، ليصبح «كبيراً» لبلاده كلياً، وذلك بعدما أدّى اليمين الدستورية، بنهاية أغسطس (آب) رئيساً لزامبيا، في عملية انتقال سلمي للسلطة، شكّلت حدثاً لافتاً في القارة الأفريقية.
هيشيليما، خاض السباق تحت راية «الحزب المتحد للتنمية الوطنية» الوسطي، بأكثر من 59 في المائة من الأصوات، وبفارق مليون صوت تقريباً على منافسه الرئيس السابق إدغار لونغو (يسار الوسط)، وسط نسبة مشاركة كثيفة بلغت 71 في المائة. وذهب مراقبون إلى أن فوز هيشيليما، بوصفه زعيما للمعارضة الزامبية، قد يؤثر بشكل إيجابي على عمليات نقل السلطة في أفريقيا. من ناحية ثانية، أضفى انتصار هيشيليما، رجل الأعمال الذي لامس 60 سنة، نوعاً من الإثارة والتقدير الدولي للعملية الانتخابية في زامبيا، كونه خالف التوقعات السائدة قبل الانتخابات، إذ رجح كثيرون على أفضل التقديرات أن يتعادل المتنافسان، ما يجبرهما على خوض جولة الإعادة. لكن النتيجة جاءت خلاف التوقعات؛ وحصل هيشيليما على 2.8 مليون صوت، في دولة سجّل فيها 7 ملايين ناخب فقط من المواطنين للمشاركة في الانتخابات.
بتولّي هاكايندي هيشيليما رئاسة زامبيا في أعقاب انتخاباتها الرئاسية الأخيرة، تكون هذه المرة الثالثة التي تنتقل فيها السلطة في البلاد سلمياً من حزب حاكم إلى حزب معارض منذ استقلال هذه الجمهورية الأفريقية عن بريطانيا عام 1964. وهو ما دفع الرئيس الجديد إلى اعتبار انتخابه «لحظة تاريخية كان ينتظرها ملايين الزامبيين».
وحقاً في خطاب هيشيليما الأول إلى الشعب - وقد تعمد توجيهه من منزله الواقع في أحد الأحياء السكنية الشعبية في العاصمة لوساكا - أشاد الرئيس بدور الشباب، ولا سيما الذين تقل أعمارهم عن 35 سنة، والذين شكلوا غالبية الناخبين، قائلاً: «هذا النصر ليس لبالي، إنما لرجال ونساء زامبيا، خصوصاً الشباب».
للعلم، كان إدغار لونغو، الرئيس المنتهية ولايته، قد أقرّ قبيل ذلك بهزيمته، وأشاد بفوز منافسه التاريخي. ومما قاله لونغو، الذي كان يرأس زامبيا منذ 6 سنوات: «أريد تهنئة أخي، هاكايندي هيشيليما، الرئيس المنتخب الذي أصبح سابع رئيس للجمهورية».
- رجل أعمال عصامي
ولد هاكايندي هيشيليما في إحدى قرى محافظة مونزي جنوب زامبيا، لعائلة منخفضة الدخل. ويصفه المقرّبون وأعضاء حملته بأنه «رجل أعمال عصامي»، عمل بجهد في المدرسة للفوز بمنحة حكومية للالتحاق بجامعة زامبيا. وفيها تخرّج بدرجة البكالوريوس في الاقتصاد وإدارة الأعمال عام 1986. ومن ثم، واصل دراسته في جامعة برمنغهام البريطانية حيث حصل على درجة الماجستير في إدارة الأعمال.
ولدى عودته إلى زامبيا، عمل هيشيليما في مجال إدارة الأعمال والتجارة، فشغل منصب الرئيس التنفيذي لكل من شركة كوبرز وليبراند - زامبيا (1994 - 1998) وغرانت ثورنتون - زامبيا (1998 - 2006). وبجانب ذلك، يشمل سجل أعماله إدارة الممتلكات والاستشارات المالية والسياحة، وامتلاكه أحد أكبر قطعان الماشية وتربية المواشي في زامبيا.
- 5 محاولات فاشلة
دخل هيشيليما السياسية عبر «الحزب المتحد للتنمية الوطنية» المعارض، وهو حزب سياسي ليبرالي. وبعد وفاة أندرسون مازوكا في عام 2006، انتخب رئيساً جديداً للحزب. كما شغل منصب زعيم «التحالف الديمقراطي المتحد» (UDA)، وهو تحالف من 3 أحزاب سياسية معارضة. وما يذكر أنه قبل الفوز الأخير برئاسة الجمهورية، خاض هيشيليما 5 انتخابات سابقة خلال أعوام 2006 و2008 و2011 و2015 و2016، فشل في تحقيق الفوز فيها كلها، كما تعرض إبّان هذه الفترة لعدة محاولات انتقامية.
كانت أولى المحاولات، انتخابات عام 2006، يوم كان هيشيليما مرشحاً لـ«التحالف الديمقراطي المتحد» وخاض الانتخابات ضد الرئيس يومذاك ليفي مواناواسا من «الحركة من أجل الديمقراطية المتعددة الأحزاب» ومرشح «الجبهة الوطنية» مايكل ساتا. وفي حينه حصل هيشيليما على دعم الرئيس السابق والزعيم الاستقلالي التاريخي كينيث كاوندا، إلا أنه احتل المركز الثالث بنحو 25 في المائة من الأصوات.
وبعدها ترشح هيشيليما عن حزب «الاتحاد الوطني الديمقراطي» في انتخابات عام 2008 التي أجريت بعد وفاة الرئيس مواناواسا. ومجدداً جاء في المركز الثالث بنسبة 19.7 في المائة من الأصوات. ثم في يونيو (حزيران) 2009 عقد حزب هيشيليما تفاهماً مع «الجبهة الوطنية» بقيادة مايكل ساتا لخوض انتخابات 2011 معاً. ومع ذلك، أدت عوامل التردّد وقلة الثقة بين طرفي التفاهم والاتهامات القبلية من كلا الجانبين إلى انهيار ذلك التفاهم في مارس (آذار) 2011.
وجاءت الانتخابات الرئاسية خلال يناير (كانون الثاني) 2015. وفيها كان هيشيليما أحد المرشحين الأساسيين. إلا أنه خسرها هذه المرة بهامش ضيق بلغ 27757 صوتاً (1.66 في المائة) ضد مرشح الحزب الحاكم، إدغار لونغو. وحينئذ استنكر هيشيليما الانتخابات، وشكك بنزاهة الاقتراع، لكنه في المقابل حثّ أنصاره على التزام الهدوء. ولقد واجه مرة أخرى لونغو مرشحاً رئيساً للمعارضة في الانتخابات أغسطس 2016 الرئاسة، وهُزم مرة أخرى بفارق ضئيل.
بعدها، يوم أبريل (نيسان) 2017، ألقي القبض على هيشيليما بشبهة الخيانة، ووجهت إليه تهمة محاولة قلب نظام الحكم، بعدما رفض موكبه فتح الطريق لموكب الرئيس لونغو. وهي قضية اعتبرها كثيرون في حينه مخالفة مرورية بسيطة، لا يمكن أن ترقى إلى مستوى الخيانة. غير أنه على أي حال، قبع في السجن لمدة 4 أشهر، قبل أن تُسقَط التهم تحت ضغط دولي مكثف.
بل إنه بعد سجنه منحته مؤسسة «فريدريش ناومان» للحرية جائزة «الحرية الأفريقية» يوم 27 أكتوبر (تشرين الأول) 2017 في حدث استضافته مدينة جوهانسبورغ، كبرى مدن جنوب أفريقيا وعاصمتها الاقتصادية.
- وعود من رحم المعاناة
أما بعد الانتصار الكبير، فقد تعهد هاكايندي هيشيليما في خطاب تنصيبه، بأن تضمن حكومته حصول المواطنين على 3 وجبات لائقة كل يوم؛ قائلاً: «لا يجوز لأي مواطن زامبي أن ينام جائعاً». وأضاف متعهداً بأنه «سيركز على إنعاش الاقتصاد، وخلق فرص عمل للشباب العاطلين عن العمل». وفي حين يُنظَر إلى تعهدات هيشيليما على أنها ترفع آمال الزامبيين البسطاء فوق استطاعة الواقع الراهن لاقتصاد البلاد؛ فإن الخطاب أيضاً ينمّ عن خلفية هيشيليما الذي عانى في صغره، وفق الباحث النيجيري المتخصص في الشؤون الأفريقية، الدكتور حكيم نجم الدين. وبالفعل، لم يفوّت الرئيس المنتخب، الذي وعد بأن يكون رئيساً لكل المواطنين، فرصة التنديد بالنظام المنتهية ولايته... ووعد «بديمقراطية أفضل».
وفي المقابل، ربط نجم الدين، في بحثه بـ«قراءات أفريقية»، أهم التحديات التي تواجه إدارة هيشيليما بإخفاقات حكومة سلفه لونغو، التي أدّت إلى انهيار الثقة العامة. وتتمثّل هذه التحديات في إنعاش الاقتصاد وإعادة تعزيز العمليات الديمقراطية من خلال التركيز على أولويات شملت معالجة أزمة الديون الاقتصادية الزامبية، ومحاربة الفساد، والحدّ من هيمنة الفرع التنفيذي للحكومة.
ووفق الخبير الأفريقي، فإن الديون الاقتصادية كانت من القضايا الأساسية التي أدّت إلى هزيمة الرئيس السابق لونغو. إذ أثّرت خدمة الديون المتراكمة بشكل سلبي في العائلات والأسر الزامبية. ذلك أن الديون في عهد لونغو ارتفعت من نسبة 36 في المائة إلى نسبة 110 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي الزامبي. ثم إن زامبيا تخلّفت عن سداد الفائدة التي تبلغ 42.5 مليون دولار أميركي على سندات دولية في نوفمبر (تشرين الثاني) 2020. وكان بين أبرز العوامل التي ساهمت في ارتفاع هذه الديون؛ تذبذب أسعار النحاس (أحد أهم ثروات البلاد)، والجفاف الشديد في عام 2019. وبطبيعة الحال، تداعيات جائحة «كوفيد 19».
- سوء استخدام السلطة
من ناحية أخرى، تورّطت - أو قُل شوهت سمعة - حكومة الرئيس السابق إدغار لونغو بعدة قضايا تتعلق بالفساد؛ ففي عام 2017 كُشف النقاب عن أن الحكومة اشترت 42 سيارة إطفاء مقابل 42 مليون دولار، واكتَشف مركز الاستخبارات المالية في زامبيا أن مسؤولين رفيعي المستوى غسلوا مليارات من العملة الزامبية (الكواتشا) من خلال مسارب الفساد والتهرب الضريبي. كذلك، أدّى سوء الإدارة في عام 2018 إلى تعليق الجهات الدولية المانحة تقديم مبلغ 34 مليون دولار لتمويل برامج التعليم والرعاية الاجتماعية في البلاد. وأيضاً، اكتُشفت مخالفات تقدّر بـ17 مليون دولار في عقد وزارة الصحة الزامبية صفقات شراء عدة في خضمّ أزمة «كوفيد 19».
وأخيراً لا آخراً، في عام 2019 قدمت حكومة لونغو مشروع قانونٍ هدَف إلى تحقيق عدة أمور؛ منها إزالة إشراف المشرّعين على التعاقدات المتعلقة بالدَّيْن العام. إلا أن حكومته فشلت في تحقيق الأهداف من مشروع القانون، إذ تضمنت الأحكام الأخرى للمشروع الحدّ من سلطات الجمعية الوطنية لعزل الرئيس، بينما سمح المشروع بإقالة القضاة من خلال محكمة يعينها الرئيس؛ بدلاً من لجنة الشكاوى القضائية القائمة.
هذا، وعلى الرغم من رفض قوى المعارضة ومنظمات المجتمع المدني والقانونيين هذه المحاولة من قبل حكومة لونغو، فإن المحاولة أيضاً عززت شعبية المعارضة. وفي أكتوبر 2020 انسحب النواب أعضاء «الحزب المتحد للتنمية الوطنية» من الجمعية الوطنية (البرلمان) من أجل منع تمرير مشروع القانون الذي قدّمته حكومة لونغو.
وبناءً على ما تقدّم، دعا باحثون سياسيون الرئيس الجديد هيشيليما إلى الحذر من الخطوات والمحاولات التي أدت إلى الاستياء العام تجاه الرئيس السابق لونغو، كما حذّروه من استغلال منصبه التنفيذي لإسكات هيئة البثّ المستقلة أو تضييق الخناق على المنافذ الإخبارية الخاصة؛ حيث خلقت مثل هذه الممارسات بيئة متحيّزة في أواخر الشهور من عهد الرئيس السابق لونغو.
على صعيد متصل، من الدروس المستفادة في الانتخابات الرئاسية الزامبية الأخيرة، كما يرى نجم الدين، أن إخراج الشباب من المعادلة السياسية قد يكلف الإدارة القائمة تفويضها الشعبي، ومن ثم الحكم، بالنظر إلى قوة العلاقة بين الشباب والسياسة ودور الشباب في العمليات الانتخابات. فالأرقام تشير إلى أن نحو 54 في المائة من الناخبين الـ7023499 المسجلين في لوائح الانتخابات كانوا تحت سن 35 سنة من العمر، وصوّت هؤلاء بأعداد كبيرة بسبب معارضتهم للسياسات التي رأوا أنها لا تمثّلهم، بل إنها سبب مفاقمة الصعوبات الاجتماعية والاقتصادية. ولا ننسى هنا الواقع المؤلم في مسألة البطالة، ذلك أن معدل بطالة الشباب في زامبيا خلال عام 2020 بلغ 22.63 في المائة.
وبالتالي، لدى مراجعة نتائج الانتخابات الأخيرة، يلاحظ أن الضآلة النسبية لعدد الأصوات التي حصل عليها إدغار لونغو في المناطق التي لم تحظَ باهتمام إدارته، والمناطق الريفية التي تنظر إلى سياسات التعدين أنها أتت لصالح النخبة التي تسرق وتنهب خيرات البلاد. ولذلك فسّر كثيرون خسارة لونغو وفوز منافسه هيشيليما بأنه «استعادة السلطة مِن قِبَل المواطنين» الزامبيين.
- قبول دولي
أما على الصعيد الدولي، فلوحظ أن انتخاب هاكايندي هيشيليما، حظي بقبول دولي لافت. إذ حضر مراسم تنصيبه عدد من القادة الأفارقة، يتقدمهم سامية حسن رئيسة تنزانيا، وموكويتسي ماسيسي رئيس بوتسوانا، وفيليكس تشيسيكيدي رئيس الكونغو الديمقراطية، وأوهورو كينياتا رئيس كينيا، ولازاروس رئيس شاكويرا ملاوي، وسيريل رامافوزا رئيس جنوب أفريقيا، وهاكه غينغوب رئيس ناميبيا، وإيمرسون منانغاغوا رئيس زيمبابوي. إضافة إلى ممثلين عن المملكة العربية السعودية وغانا وبريطانيا والولايات المتحدة، وممثلين رفيعي المستوى من مفوضية الاتحاد الأفريقي وأمانة رابطة الشعوب البريطانية المعروفة بـ«الكومنولث».
ولقد أشاد رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فقي، بالرئيس المنتهية ولايته على فترة حكمه وإظهار القيادة القوية وحنكة الدولة من خلال قبوله بنتائج الانتخابات. وكرّر رئيس المفوضية التأكيد على استمرار دعم مفوضية الاتحاد الأفريقي لجمهورية زامبيا في رحلتها لتعميق أوراق اعتماد الحكم الديمقراطي والتشاركي في البلاد.
وأيضاً رحّب الاتحاد الأوروبي، بنتائج الانتخابات في زامبيا، وهنّأ هيشيليما على فوزه، ونشر الموقع الرسمي الخاص بالشؤون الخارجية الأوروبية أن الاتحاد يثني على الناخبين الذين أظهروا بوضوح التزامهم بالديمقراطية. ووجد التقييم الأوليّ لبعثة الاتحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات أنه على الرغم من ورود بعض القصور إبان الحملة الانتخابية، كان يوم الانتخابات نفسه هادئاً إلى حد كبير ونظمت العملية الانتخابية بشكل جيد من الناحية الفنية.
ختاماً، يعول كثيرون اليوم على تكرار تجربة زامبيا في كثير من الدول الأفريقية، التي تفتقر إلى انتخابات ديمقراطية وانتقال سلمي للسلطة، إلا أن الخبير النيجيري حكيم نجم الدين، يرى أن ما حدث في زامبيا – على أهميته – «لن يغير الواقع السياسي في معظم الدول الأفريقية، خاصة تلك التي تعاني من أزمة قيادية وصراعات سياسية، يُعزّزها تمديد حكامها لولاياتهم الرئاسية ويمرحون في استبداديتهم تجاه مواطنيهم المنتقدين».


مقالات ذات صلة

زامبيا تعفي السعوديين من تأشيرة الدخول لأراضيها

الخليج تقع زامبيا في الجزء الجنوبي من القارة الأفريقية (الشرق الأوسط)

زامبيا تعفي السعوديين من تأشيرة الدخول لأراضيها

ثمّنت السعودية، اليوم (الاثنين)، قرار حكومة جمهورية زامبيا إعفاء المواطنين السعوديين من تأشيرة الدخول إلى أراضيها. وأشارت وزارة الخارجية السعودية إلى أن هذا القرار يأتي تأكيداً على عمق العلاقات المتطورة بين المملكة وزامبيا، وتجسيداً لمواصلة العمل المشترك بما يحقق تطلعات قيادتي البلدين الصديقين بالمزيد من التقدم والازدهار.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز (واس)

خادم الحرمين يتلقى رسالة من رئيس زامبيا

تلقى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، رسالة خطية من الرئيس الزامبي هاكيندي هيشيليما، تتعلق بتعزيز العلاقات بين البلدين الصديقين. وتسلم الرسالة الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية السعودي، خلال استقباله في الرياض اليوم (الأحد)، المبعوث الخاص لرئيس زامبيا وزير الخارجية والتعاون الدولي ستانلي كاكوبو. وجرى خلال الاستقبال، بحث العلاقات الثنائية بين البلدين، وسبل تعزيزها في شتى المجالات، إضافة إلى تبادل وجهات النظر حيال القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج خادم الحرمين يتلقى رسالة خطية من رئيس زامبيا

خادم الحرمين يتلقى رسالة خطية من رئيس زامبيا

تلقى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز رسالة خطية، من الرئيس الزامبي هاكيندي هيشيليما، تتعلق بالعلاقات الثنائية بين البلدين والشعبين الصديقين، وسبل دعمها وتعزيزها في مختلف مجالات التعاون والتنسيق المشترك. تسلم الرسالة الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية السعودي، خلال استقباله اليوم (الاثنين) وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي الزامبي ستانلي كاكوبو. وجرى خلال الاستقبال بحث العلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين، وسبل تعزيزها في شتى المجالات، إضافة إلى تبادل وجهات النظر حيال القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
حصاد الأسبوع زامبيا... التركيبة الجغرافية والاجتماعية

زامبيا... التركيبة الجغرافية والاجتماعية

جمهورية زامبيا هي بلاد مغلقة، لا ساحلية، تقع في الجزء الجنوبي من القارة الأفريقية. وتجاور زامبيا، التي كانت قبل استقلالها مستعمرة روديسيا الشمالية، كلاً من جمهورية الكونغو الديمقراطية في الشمال، وتنزانيا من الشمال الشرقي، وملاوي (نياسالاند سابقاً) من الشرق، وموزمبيق وزيمبابوي (روديسيا الجنوبية سابقاً) وبوتسوانا (بتشوانالاند سابقاً) وناميبيا (جنوب غربي أفريقيا سابقاً) إلى الجنوب، وأنغولا إلى الغرب. عاصمة زامبيا وكبرى مدنها مدينة لوساكا، التي تقع في الجزء الجنوبي الأوسط من البلاد.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق شاهد... مذيع يقطع نشرة الأخبار ليعلن أنه وزملاءه لم يتقاضوا رواتبهم

شاهد... مذيع يقطع نشرة الأخبار ليعلن أنه وزملاءه لم يتقاضوا رواتبهم

قاطع مذيع بالتلفزيون الزامبي النشرة الإخبارية التي كان يقدمها على الهواء مباشرةً، ليشتكي من أنه هو وزملاءه «لم يتلقوا رواتبهم». وأثار المذيع كابيندا كاليمينا ضجة، مساء يوم السبت الماضي، خلال نشرة قناة «KBN» الإخبارية عندما قال إن الموظفين لم يتلقوا رواتبهم، وأصر على أنه «يجب أن يُدفع لهم»، وفق ما نقلته صحيفة «ديلي ميل» البريطانية. وبدأ كاليمينا النشرة كالمعتاد، وكان يقدم تقريراً عن أهم الأخبار عندما توقف فجأة لتقديم الشكوى مباشرة على الهواء. وقال متحدثاً للكاميرا: «بعيداً عن الأخبار، سيداتي وسادتي، نحن بشر...

«الشرق الأوسط» (لوساكا)

حرب أميركا ـــ الصين التجارية... بين «واقعية» بكين و«طموح» ترمب


الرئيس الأميركي دونالد ترمب جعل حربه الاقتصادية ضد الصين استراتيجية لواشنطن (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب جعل حربه الاقتصادية ضد الصين استراتيجية لواشنطن (رويترز)
TT
20

حرب أميركا ـــ الصين التجارية... بين «واقعية» بكين و«طموح» ترمب


الرئيس الأميركي دونالد ترمب جعل حربه الاقتصادية ضد الصين استراتيجية لواشنطن (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب جعل حربه الاقتصادية ضد الصين استراتيجية لواشنطن (رويترز)

ثمة فوارق جوهرية بين استراتيجيات الولايات المتحدة والصين في الرسائل السياسية-الاقتصادية المتبادلة بين البلدين العملاقين. فواشنطن، من خلال تصعيد الرسوم بسرعة وبشدة، تظهر قوتها الاقتصادية وتستخدم التصعيد أداة ضغط سياسي واقتصادي، معتمدة على واقع الولايات المتحدة كقوة اقتصادية عالمية. بالمقابل، اختارت بكين نهجاً تدريجياً وأكثر تحفظاً، في البداية، ربما لتفادي التصعيد المباشر مع واشنطن ولتجنب الدخول في حرب تجارية شاملة قد تؤثر على الاقتصاد العالمي.

ولكن، مع مرور الوقت، رفع الجانب الصيني ردوده تدريجياً لتصل إلى مستوى قريب من حجم إجراءات الجانب الأميركي، ما يشير إلى رد بالمثل لكن محسوب، مع إظهار حرص على التوازن وتحاشي الانجرار نحو تصعيد كامل.

التفاوت الزمني

أيضاً، يكشف الفارق بين تواريخ التصعيد بين الطرفين عن مدى تفاعل كل طرف مع الآخر وردّه على تحركاته. فالتفاوت الزمني بين التصعيدات يعكس استراتيجية قائمة على مراقبة مستمرة وحسابات دقيقة من الجانبين، حيث يعكس كل تصعيد رد فعل مدروسا، وليس ردة فعل عشوائية. وبالتالي، كل طرف يراقب الآخر ويأخذ في اعتباره تحرّكاته قبل اتخاذ قراراته، ما يعكس تنسيقاً ضمنياً بين القرارات المتخذة.

«التحكم» و«الهيبة»

من خلال هذا التصعيد المتبادل، يظهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب وكأنه يبعث برسالة واضحة مضمونها «نحن نتحكّم بالسوق العالمي، وسنضغط بقوة».

إنه موقف يعكس صورة قوة الولايات المتحدة كداعم رئيس في الاقتصاد العالمي، ويؤكد أنها مستعدة للمضي بالضغط على الصين إلى أن تمتثل الأخيرة لمطالبها. وفي الجهة المقابلة، تسعى بكين من خلال الردّ المتدرّج إلى إرسال رسالة معاكسة مضمونها «نحن نرد بالمثل لكن بحكمة وتدرّج، ولسنا منفعلين». وهذا الموقف يعكس «توازناً» حذراً في الردود الصينية، ويعزّز من صورتها كدولة قوية اقتصادياً تستطيع اتخاذ قرارات مدروسة... بعيداً عن الانفعال وردود الفعل العاطفية.

أسلوب الرئيس الصيني ... و«الكتاب الأبيض»

في هذا السياق، يعود موقف الرئيس الصيني شي جينبينغ ليشكّل الإطار العام لفهم هذا السلوك؛ فالرئيس شدد مراراً على أن التعاون هو الخيار الصحيح الوحيد بين البلدين، وأن الصين لا تسعى إلى الهيمنة أو المواجهة، بل إلى حوار قائم على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة. غير أن هذا الانفتاح الصيني لا يعني قبولاً بالضغط أو الإملاءات، كما يوضح «الكتاب الأبيض» الصيني، الذي أكد أن بكين «لن تقف مكتوفة الأيدي أمام محاولات الترهيب الاقتصادي»، وإن كانت في الوقت ذاته تفضل استخدام أدوات محسوبة ومدروسة.

في التاسع من أبريل (نيسان) 2025، أصدر مكتب الإعلام التابع لمجلس الدولة الصيني «الكتاب الأبيض» الذي حمل عنوان «موقف الصين بشأن بعض القضايا المتعلقة بالعلاقات الاقتصادية والتجارية بين الصين والولايات المتحدة».

لم يكن الكتاب مجرّد وثيقة حكومية عابرة، بل جاء مرافعةً استراتيجيةً شاملة، مدعومة بالأرقام والحقائق، وتكشف عن موقف بكين من العلاقة الاقتصادية الأكثر حساسية في عالم اليوم: علاقتها مع واشنطن.

ما قدّمته الصين في هذا الكتاب ليس دفاعاً بقدر ما هو دعوة إلى «الفهم الواقعي». ذلك أن العلاقات الاقتصادية بين الصين والولايات المتحدة - وفق بكين - ليست «لعبة صفرية»، بل منظومة تكامل معقّدة، قائمة على المنفعة المتبادلة والنتائج المُربحة للطرفين. وترى جهات قريبة من بكين أن هذا المنطلق يغيب عن بعض دوائر صنع القرار في العاصمة الأميركية، التي ما زالت تعاني من تبعات «ذهول ما بعد الهيمنة»، وتُصرّ على قراءة الحاضر بعدسات الماضي الإمبراطوري.

من التعاون إلى التوتر... أرقام لا تكذب

تبدأ القيادة الصينية في «كتابها الأبيض» بتشخيص للعلاقات الاقتصادية الثنائية، فتشير إلى أن هذه العلاقة «لم تُبْنَ في فراغ، بل هي نتاج تطور طبيعي استجابت فيه قوانين السوق والمنطق الاقتصادي لحاجات كل من البلدين».

فمنذ تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين البلدين عام 1979، ارتفع حجم التجارة الثنائية من أقل من 2.5 مليار دولار أميركي إلى نحو 688.3 مليار دولار في عام 2024.

هذا النمو المذهل ما كان ليتحقّق لولا التكامل العميق في الموارد، ورأس المال، والتكنولوجيا، واليد العاملة، والأسواق بين البلدين. إذ أصبحت الصين سوقاً رئيسة للمنتجات الزراعية الأميركية مثل فول الصويا إلى القطن ووصولاً للغاز والأجهزة الطبية. وفي المقابل، استفاد المستهلك الأميركي من المنتجات الصينية ذات الجودة العالية والتكلفة المعقولة، ما خفّض تكاليف المعيشة ورفع مستوى القدرة الشرائية للطبقات المتوسطة والدنيا.

من الزاوية الصينية، لم يكن الفائض التجاري هدفاً مقصوداً، بل نتيجة طبيعية لتركيبة الاقتصاد العالمي، وللخيار الأميركي بالتركيز على الصناعات ذات القيمة المضافة العالية والاعتماد على الاستيراد من الصين في قطاعات التصنيع. ثم إن تقييم هذا الفائض باستخدام منهجية «القيمة المضافة» يغيّر الصورة جذرياً، إذ إن القيمة التي تحصل عليها الصين من العديد من صادراتها لا تمثل سوى جزء بسيط من القيمة النهائية للسلع.

واشنطن والتناقض البنيوي: عن العجز والتضليل

على الرغم من هذه الحقائق، تصرّ بعض الجهات السياسية والاقتصادية - اليمينية، بالذات - في واشنطن على تصوير العلاقات الاقتصادية مع الصين على أنها سبب رئيس للعجز التجاري الأميركي، مُتناسية العوامل البنيوية التي تعاني منها منظومتها الصناعية، بما في ذلك ارتفاع التكاليف الداخلية، ونقل الصناعات إلى الخارج، والتركيز على قطاع الخدمات على حساب الصناعة التحويلية.

الإحصاءات التي أوردها «الكتاب الأبيض» تشير إلى أن الولايات المتحدة تحقق فوائض كبيرة في تجارة الخدمات مع الصين بلغت 26.57 مليار دولار في عام 2023، كما أن الشركات الأميركية في الصين تحقق أرباحاً ضخمة، إذ بلغ حجم مبيعاتها في السوق الصينية عام 2022 نحو 490.52 مليار دولار أميركي، بفارق يزيد على 400 مليار دولار عن مبيعات الشركات الصينية في الولايات المتحدة.

بلغة الأرقام، يتّضح أن المكاسب المتبادلة أكثر توازناً مما يحاول بعض الساسة الأميركيين تصويره. وإذا ما جرى احتساب المبيعات والخدمات وتدفقات الاستثمار بشكل مشترك، فإن العلاقات الصينية ـ الأميركية تبدو بعيدة كل البعد عن «الرواية الأحادية» التي تتكلّم عن «استغلال» أو «سرقة» اقتصادية.

الحرب التجارية ... سلاح ذو حدّين

في الحقيقة، لطالما استخدمت واشنطن التعريفات الجمركية سلاح ضغط اقتصادي، وفرضت منذ عام 2018 رسوماً جمركية أحادية الجانب على مئات المليارات من الدولارات من السلع الصينية. ومع أن هذه الإجراءات فُرضت تحت شعار «حماية الصناعة الوطنية»، فإن الواقع أثبت عكس ذلك.

وحقاً، تفيد دراسة لمعهد بيترسون للاقتصاد الدولي إلى أن أكثر من 90 % من تكاليف هذه الرسوم انتقلت فعلياً إلى المستهلكين الأميركيين. كذلك فإن هذه الإجراءات لم تساهم في تقليص العجز التجاري الإجمالي، ولم تُعِد الحيوية للصناعة الأميركية. بل على العكس، أدّت إلى ارتفاع أسعار السلع، وتباطؤ النمو، وإضعاف القدرة الشرائية للمواطن الأميركي.

بل، من المفارقات أن هذه الحرب التجارية تزامنت مع احتجاجات في الداخل الأميركي، لا سيما من القطاعات الزراعية والصناعية المتضرّرة، التي خسرت أسواقها في الصين بسبب سياسات التصعيد. ولقد أظهرت بيانات السوق تراجع التوقعات بشأن النمو الاقتصادي الأميركي على خلفية هذه السياسات.

الصين: لا صدام ... ولا تهديد

من جهة ثانية، جاء في «الكتاب الأبيض» أيضاً أن «الصين لا تسعى إلى حرب تجارية، لكنها في ذات الوقت لن تقف مكتوفة الأيدي أمام ما تعتبره ترهيباً اقتصادياً». وبالنسبة لبكين، فإن التعاون هو الخيار الأول، لكن الرد بالمثل خيار دائم إذا اقتضت الحاجة.

وهنا تؤكد بكين أن الحل الأمثل هو «الحوار المتكافئ، واحترام المصالح الأساسية لكل طرف»، لا سيما أن العالم لم يعُد ساحة للابتزاز، بل غدا شبكة معقدة من المصالح. وعليه فالانفصال القسري لن يؤدي إلا إلى مزيد من الخسائر للطرفين، وربما للنظام الاقتصادي الدولي بأسره.

ووفق جهات مقرّبة من بكين، فبين أكثر ما يلفت النظر في الموقف الصيني، ليس فقط إصرار بكين على «الحقائق الاقتصادية»، بل أيضاً محاولتها معالجة جذور الخلل في نظرة واشنطن للصين.

وحسب هذه الجهات، فإن نسبة عالية من الساسة الأميركيين ووسائل الإعلام التابعة لهم، لا تزال تنظر إلى الصين من خلال «عدسة الحرب الباردة»، فإما أن تكون الصين «شريكاً طيعاً» أو «عدواً مطلوباً تحجيمه». لكن الحقيقة التي تتجاهلها هذه الرؤية هي أن الصين المعاصرة ليست دولة تُدار وفق نص مكتوب في واشنطن، بل أمة عمرها خمسة آلاف سنة، سلكت طريقاً تنموياً خاصاً بها، قائماً على الواقعية، والإصلاح التدريجي، والتفاعل العميق مع العولمة. وهذا بالضبط ما عبّر عنه بوضوح كبير الدبلوماسيين الصينيين يانغ جيه تشي خلال قمة ألاسكا الشهيرة حين قال: «واشنطن لا تملك المؤهلات اللازمة للتكلّم إلى الصين من موقع قوة».

الهيمنة تُفقد البوصلة

أخيراً، يقول مقربّون من بكين إنه من خلال تتبع سياسات واشنطن، يظهر أن الأزمة الأعمق ليست في التجارة أو التوازن الاقتصادي، بل في نمط التفكير السائد في واشنطن. وحسب هؤلاء «هناك تيار سياسي أميركي لا يستطيع تقبّل فكرة عالم متعدّد الأقطاب، قارئاً في صعود الصين تهديداً لامتيازات استمرت لعقود، لا سيما بعد الحرب العالمية الثانية».

بالتالي - والكلام لا يزال للمقربين من بكين - «هذا النمط من التفكير جعل بعض السياسيين في واشنطن كمن يحاول قيادة قطار فائق السرعة بمحرك عربة تجرها الخيول. فهم يصرّون على استخدام معايير القرن التاسع عشر لفهم تفاعلات القرن الحادي والعشرين، ويحاولون لعب أدوار متناقضة في الوقت نفسه: الحكم واللاعب والمُشرّع». لطالما استخدمت واشنطن التعريفات الجمركية سلاح ضغط اقتصادي على الصين