شاشة الناقد

مشهد من «طفولتي، بلدي»
مشهد من «طفولتي، بلدي»
TT

شاشة الناقد

مشهد من «طفولتي، بلدي»
مشهد من «طفولتي، بلدي»

My Childhood, ‬ My Country‬‬
1-2 **
> إخراج: فِل غرابسكي، شهيب شريفي
> بريطانيا | (2021)
> تسجيلي - عرض خاص

سينمائيتان أفغانستانيتان استطاعتا، بفضل حماية عسكرية، من الفرار من كابل عن طريق مطارها قبل قصفه: المخرجة شهربانو سادات ورئيسة «منظّمة الفيلم الأفغاني» صحراء كريمي. الأولى حطّت في الدوحة (ربما مؤقتاً) والثانية ترتاح الآن من عناء السفر في العاصمة الأوكرانية.
لكن لا يوجد خبر حول المخرج الأفغاني شهيب شريفي الذي شارك في إخراج هذا الفيلم لجانب البريطاني فِل غرابسكي. هل وجد طريقاً للهرب إلى الغرب أو ما زال موجوداً في بلده؟
«طفولتي، بلدي» هو نوع من الأفلام الذي يجعلك تفكّر في مصائر شخصياته. إحدى هذه الشخصيات وأبرزها هي شخصية شاب اسمه مير حسين تابعه الفيلم من حين كان طفلاً قبل 20 سنة وحتى أصبح شاباً يعيش الآن في البلد الممزّق.
مير حسين كان موضوع فيلم سابق لهذا الثنائي (غرابسكي، شريفي) عندما عاد البريطاني غرابسكي إلى أفغانستان ليكمل مشروعه الذي بدأ عندما كان مير في الثامنة من عمره. والفيلم الماثل الآن هو نظرة بانورامية من الأمس وإلى اليوم. فمير تزوّج وأصبح أباً لثلاثة أطفال ويعمل، حين تُتاح له الفرصة، كمصوّر وكمدير تصوير.
ككثيرين من الأفغان مرّ مير بفترة بدت فيها البلاد مقبلة على تغيير كبير. الوجود الأميركي داعب آمال كثيرين من عامّة الشعب ببلد مزدهر ومنفتح على الثقافات. يتحدّث مير هنا عن نفسه وعن سواه عندما يُظهره الفيلم فرحاً بالوجود الأميركي في بلاده وحزيناً عندما بات واضحاً أن هذا الوجود لم ينجل عن استتباب الأمن واستقرار البلد.
المعالجة المختارة لهذا الفيلم ليست فريدة، لكنها تخدم الغاية. إنه من العسير تشخيص عشرين سنة من الحياة في كيان فرد واحد، لكنه اختيار شبه وحيد يذكّر بأفلام الراحل مايكل أبتد الذي لاحق حياة سبع شخصيات من الطفولة إلى الكهولة (في بيئة بريطانية آمنة) وبفيلم الأميركي ريتشارد لينكلاتر «بويهود» الذي تابع فيه حياة شخص واحد من الطفولة إلى الرجولة.
اختلاف الفيلم الجديد في شأنين مهمّين: الأول في احتوائه على مرارة وضع تبعث على السخرية أحياناً (مقاطع من خطابات الرؤساء الأميركيين المتوالين، بوش وأوباما وترمب وهم يكررون فعل الانتصار على «طالبان») والثاني في العلاقة الآنية مع الأحداث المستجدة. ما يفتقر إليه حين مقارنته بأعمال أبتد ولينكلاتر سلاسة الربط بين فتراته الزمنية. صعوبة احتواء هذا القدر من السنين في عمل واحد وتحت ظروف صعبة يتبدّى على الشاشة. فبعيداً عن العاطفة لا يستطيع الفيلم إلا أن يسجل نقاطه الأفضل على صعيد المضمون وحده.

Snake Eyes **
> إخراج: روبرت شوِنتكَ
> الولايات المتحدة | (2021)‬‬‬
> أكشن - عروض: تجارية

ثلاثة كتبوا سيناريو «سنايك آيز» والثلاثة أخفقوا في توفير تمهيد مختلف عما عهدناه: صبي مع أبيه ثم، وفي لحظات، الصبي بلا أبيه بعدما مقتله على أيدي مطارديه. من اللحظات الأولى وقبل أن تسمع السطرين الثاني والثالث من حوارهما، تدرك أن عنصر المفاجأة غير موجود.
هذا الغياب سيستمر لمعظم مراحل الفيلم لاحقاً بعدما ترعرع الصبي وأصبح بطل حلبات مصارعة وفنون قتال شرقية يفوز في كل جولة. هذا يلفت نظر منظّمة تريد توظيف مهاراته. «أغرب عني» يقول «سنايك آيز» لمن حمل العرض إليه، لكنه - وكما في الأفلام الأخرى - سوف يقبل المهمّة مقابل وعد المنظّمة بإرشاده على من قتل أبيه ولماذا.
هناك أخذ ورد في المواقف. لن يكون سنايك آيز سعيداً بمهامه، وبل سيرفض تنفيذ بعضها. هذا التردد والقفز من موقع لآخر يلتقي مع ارتباك النص في التعامل مع الشخصية التي تقود الفيلم. هل يطلقونه بطلاً بلا شوائب تذكر أو هو بطل معاد للبطولة بهالات حياة ومبادئ داكنة؟. لحين تبدو الحيرة مجازة على أساس أن صانعي الفيلم يفكّرون بمسلسل مستقل عن فيلم سابق قائم على شخصيات كوميكس بعنوان G‪.‬I‪.‬ Joe تم تحقيقه سنة 2009 من إخراج ستيفن سومرز.‬‬‬‬
شخصية سنايك آيز هناك (أداها واحد باسم راي بارك) كانت شخصية داكنة. في الفيلم الجديد الشخصية ما زالت داكنة لكن من مهامها أن تجذب المشاهدين وليس العكس.
إخراج شونتكَ هرولة دائمة تبعاً لإيقاع يريده مثيراً. هذا شأن أفلام اليوم، لكن المخرج ذاته أنجز قبل ثلاثة أعوام فيلماً أفضل بإيقاع جيد عنوانه «الكابتن» مما يعني أنه يحاول اللعب بالورقة المناسبة قدر المستطاع.

France **
> إخراج: برونو ديمونت
> فرنسا | (2021)‬‬‬
> دراما | عروض: مهرجان «كان».

بعد عرضه العالمي الأول في مهرجا «كان»، بعث به منتجوه (بينهم رشيد بوشارب) إلى مهرجان تورونتو ربما بحثاً عن حظ أفضل. هو فيلم يدّعي الجدّية في طرح موضوعه، لكن أسلوبه ليس جديّاً على الإطلاق. يحمل أفكاراً كان يمكن لها أن تؤدي إلى فيلم أفضل لكنها تمر تباعاً بلا أثر يُذكر.
قصة إعلامية فرنسية اسمها فرانس (ليا سيدوكس) وما تواجهه في حياتيها العملية والخاصة. تعريف ما تقوم به فعلياً خاضع للضرورة وليس للواقع. هي مراسلة تلفزيونية تنقل من موقع ساخن إلى آخر. تحضر حروباً وتلقي نصوصاً وتحاول أن تبقى على قيد الحياة. لكنها أيضاً مقدمّة ذات مكانة وحضور في النشرات الإخبارية. الواقع يؤكد أن لا أحد ينعم بالصفتين معاً على هذا النحو. على شاشة CNN ربما لكن ليس على هذا النحو. لكن لنعتبر أن هذا التجاوز ضروري تبعاً لسيناريو جهد فيه المخرج ديمونت، كيف يمكن تفسير طرحات الفيلم المشتتة والمغالاة في اعتماد مفارقات لا احتمال أن تقع على هذا النحو؟ حين تضرب بسيارتها صبياً (جواد زمّار) يسارع المخرج لبناء حالة مضخّمة من الشعور بالذنب، وما سيلي من تبعات عاطفية ونفسية. وهذا ليس سوى جانب من جوانب حياتها الخاصة، إذ عيش وضعاً عائلياً غير مرتاح. ليا سيدوكس هشّة وسريعة العطب وربما هذا مقصود، لكن الفيلم ذاته سريع العطب بدوره رغم حيويّته.


مقالات ذات صلة

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

يوميات الشرق مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

رغم وقوفها أمام عدسات السينما ممثلة للمرة الأولى؛ فإن المصرية مريم شريف تفوّقت على ممثلات محترفات شاركن في مسابقة الأفلام الطويلة بـ«مهرجان البحر الأحمر».

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)

من طهران إلى كابل... حكايات نساء يتحدّيْن الظلم في «البحر الأحمر»

«السادسة صباحاً» و«أغنية سيما» أكثر من مجرّد فيلمين تنافسيَّيْن؛ هما دعوة إلى التأمُّل في الكفاح المستمرّ للنساء من أجل الحرّية والمساواة.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق جوني ديب لفت الأنظار بحضوره في المهرجان (تصوير: بشير صالح)

اختتام «البحر الأحمر السينمائي» بحفل استثنائي

بحفل استثنائي في قلب جدة التاريخية ، اختم مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي» فعاليات دورته الرابعة، حيث أُعلن عن الفائزين بجوائز «اليُسر». وشهد الحفل تكريمَ

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق ياسمين عبد العزيز في كواليس أحدث أفلامها «زوجة رجل مش مهم» (إنستغرام)

«زوجة رجل مش مهم» يُعيد ياسمين عبد العزيز إلى السينما

تعود الفنانة المصرية ياسمين عبد العزيز للسينما بعد غياب 6 سنوات عبر الفيلم الكوميدي «زوجة رجل مش مهم».

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق رئيسة «مؤسّسة البحر الأحمر السينمائي» جمانا الراشد فخورة بما يتحقّق (غيتي)

ختام استثنائي لـ«البحر الأحمر»... وفيولا ديفيس وبريانكا شوبرا مُكرَّمتان

يتطلّع مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» لمواصلة رحلته في دعم الأصوات الإبداعية وإبراز المملكة وجهةً سينمائيةً عالميةً. بهذا الإصرار، ختم فعالياته.

أسماء الغابري (جدة)

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
TT

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة وإلقاء ما تيسَّر له من تعابير فرحٍ وثناء.

لا يختلف وضع العام الحالي عن الوضع في كل عام، فجميع آمال العاملين في هذه الصّناعة الفنية المبهرة يقفون على أطراف أصابعهم ينتظرون إعلان ترشيحات «الأوسكار» الأولى هذا الشهر. وحال إعلانها سيتراجع الأمل لدى من لا يجد اسمه في قائمة الترشيحات، وترتفع آمال أولئك الذين سترِد أسماؤهم فيها.

يتجلّى هذا الوضع في كل مسابقات «الأوسكار» من دون تمييز، لكنه أكثر تجلّياً في مجال الأفلام الأجنبية التي تتقدّم بها نحو 80 دولة كل سنة، تأمل كل واحدة منها أن يكون فيلمها أحد الأفلام الخمسة التي ستصل إلى الترشيحات النهائية ومنها إلى الفوز.

«ما زلت هنا» لوولتر ساليس (ڤيديو فيلمز)

من المسافة صفر

لا يختلف العام الحالي في شكل التنافس وقيمته بل بأفلامه. لدينا للمناسبة الـ97 من «الأوسكار» 89 دولة، كلّ واحدة منها سبق أن تنافست سابقاً في هذا المضمار. لكن المختلف هو بالطبع الأفلام نفسها. بعض ما شُوهد منها يستحق التقدير، والفرق شاسع بين ما يستحق التقدير وبين ما يستحق الترشيح والوصول إلى التّصفية.

الحلمُ في تحقيق هذه النقلة يسيطر على المخرجين والمنتجين العرب الذين نفّذوا أعمالهم الجديدة خلال هذه السنة وسارعوا لتقديمها.

من بينهم المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي، الذي وفّر خلال العام الحالي فيلمين، واحدٌ من إخراجه بعنوان «أحلام عابرة»، والثاني بتوقيع 22 مخرجاً ومخرجة أشرف مشهراوي على جمع أفلامهم في فيلم طويل واحد بعنوان «من المسافة صفر»، وجميعها تتحدّث عن غزة، وما حدث فيها في الأسابيع الأولى لما يُعرف بـ«طوفان الأقصى». بعض تلك الحكايا مؤثرٌ وبعضها الآخر توليفٌ روائي على تسجيلي متوقع، لكنها جميعها تكشف عن مواهب لو قُدِّر لها أن تعيش في حاضنة طبيعية لكان بعضها أنجز ما يستحق عروضاً عالمية.

لا ينحصر الوضع المؤلم في الأحداث الفلسطينية بل نجده في فيلم دانيس تانوفيتش الجديد (My Late Summer) «صيفي المتأخر». يقدم تانوفيتش فيلمه باسم البوسنة والهرسك، كما كان فعل سنة 2002 عندما فاز بـ«الأوسكار» بصفته أفضل فيلم أجنبي عن «الأرض المحايدة» (No Man‪’‬s Land). يفتح الفيلم الجديد صفحات من تاريخ الحرب التي دارت هناك وتأثيرها على شخصية بطلته.

«صيفي الأخير» لدانيس تانوفيتش (بروبيلر فيلمز)

مجازر كمبودية

تختلف المسألة بالنسبة للاشتراك الصّربي المتمثّل في «قنصل روسي» (Russian Consul) للمخرج ميروسلاڤ ليكيتش. في عام 1973 عندما كانت يوغوسلاڤيا ما زالت بلداً واحداً، عاقبت السلطات الشيوعية هناك طبيباً إثر موت مريض كان يعالجه، وأرسلته إلى كوسوڤو حيث وجد نفسه وسط تيارات انفصالية مبكرة ونزاع حول الهوية الفعلية للصرب. حسب الفيلم (الاشتراك الثاني لمخرجه للأوسكار) تنبأت الأحداث حينها بانهيار الاتحاد السوفياتي و«عودة روسيا كروسيا» وفق قول الفيلم.

التاريخ يعود مجدداً في فيلم البرازيلي والتر ساليس المعنون «ما زلت هنا» (I‪’‬m Still Here) وبطلته، أيضاً، ما زالت تحمل آلاماً مبرحة منذ أن اختفى زوجها في سجون الحقبة الدكتاتورية في برازيل السبعينات.

في الإطار نفسه يعود بنا الاشتراك الكمبودي (التمويل بغالبيته فرنسي) «اجتماع مع بُل بوت» (Meeting with Pol Pot) إلى حقبة السبعينات التي شهدت مجازرعلى يد الشيوعيين الحاكمين في البلاد، ذهب ضحيتها ما بين مليون ونصف ومليوني إنسان.

وفي «أمواج» (Waves) للتشيكي ييري مادل، حكاية أخرى عن كيف ترك حكمٌ سابقٌ آثاره على ضحاياه ومن خلفهم. يدور حول دور الإعلام في الكشف عن الحقائق التي تنوي السلطة (في السبعينات كذلك) طمسها.

تبعات الحرب الأهلية في لبنان ليست خافية في فيلم ميرا شعيب «أرزة»، الذي يدور حول أم وابنها يبحثان عن سارق دراجة نارية ويتقمصان، في سبيل ذلك، شخصيات تنتمي إلى الطائفة التي قد تكون مسؤولة عن السرقة. هما سنّيان هنا وشيعيان هناك ومسيحيان أو درزيان في مواقع أخرى وذلك للتأكيد على أن التربة الطائفية ما زالت تنبض حية.

حتى كوريا الجنوبية ما زالت تحوم حول الانقلاب (وهي تعيش اليوم حالة مشابهة) الذي وقع في مثل هذا الشهر من سنة 1979 عندما اغتيل الرئيس بارك على يد رئيس شعبة الدفاع لي تايدو-غوانغ (أُلقي القبض عليه لاحقاً وأُعدم). هذا هو ثالث فيلم شاهده الناقد كاتب هذه الكلمات حول الموضوع نفسه.