كيف تغيرت التهديدات الإرهابية بعد 20 عاماً من «هجمات سبتمبر»

قوات أميركية تنزل علم بلادها وقت انسحابها من إحدى القواعد العسكرية بأفغانستان في مايو الماضي (رويترز)
قوات أميركية تنزل علم بلادها وقت انسحابها من إحدى القواعد العسكرية بأفغانستان في مايو الماضي (رويترز)
TT

كيف تغيرت التهديدات الإرهابية بعد 20 عاماً من «هجمات سبتمبر»

قوات أميركية تنزل علم بلادها وقت انسحابها من إحدى القواعد العسكرية بأفغانستان في مايو الماضي (رويترز)
قوات أميركية تنزل علم بلادها وقت انسحابها من إحدى القواعد العسكرية بأفغانستان في مايو الماضي (رويترز)

لم تنتظر أميركا طويلاً في أعقاب «هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001» التي نفذها تنظيم «القاعدة» في واشنطن ونيويورك، واندفعت في حرب عالمية على الإرهاب، بدأتها بالهجوم على أفغانستان، ثم العراق، وها هي أميركا قد سحبت كامل قواتها من أفغانستان تقريباً، كما أكد الرئيس الأميركي، جو بايدن، نهاية الشهر الماضي أن بلاده ستنهي مهمتها القتالية في العراق بحلول نهاية العام الحالي، مع استمرار بعض قوات تتولى تدريب الجيش العراقي وإمداده بالاستشارات العسكرية.
وأثار بروس هوفمان، الكاتب الأميركي والأستاذ في «كلية والش للخدمة الخارجية» بجامعة جورج تاون، وخبير مكافحة الإرهاب والأمن الداخلي في «مجلس العلاقات الخارجية الأميركي»، سؤالاً جوهرياً في هذا الشأن، عن التغير الذي يمكن أن يكون قد طرأ على التهديد الذي يمثله الإرهاب بعد 20 عاماً من «هجمات سبتمبر».
ويرى هوفمان، في تحليل نشره «مجلس العلاقات الخارجية»، أن الرد الأميركي على «هجمات سبتمبر» حقق نجاحات بارزة، وأيضاً إخفاقات كارثية، وأنه «مع ذلك؛ فإن التهديد الإرهابي الأخطر حالياً داخلي وليس خارجياً».
وفي معرض حديثه عن تنظيم «القاعدة» وفروعه والتهديد الذي يشكله لأميركا والعالم، قال هوفمان: «ليست (القاعدة) اليوم كما كانت قبل عقدين، فقد مات أسامة بن لادن؛ مؤسسها وزعيمها منذ سنوات. وبعيداً عن بعض الاستثناءات المهمة، مثل أيمن الظواهري خليفة بن لادن، وسيف العدل الضابط السابق في الجيش المصري والخليفة المحتمل للظواهري، لقي تقريباً جميع قادة (القاعدة) حتفهم، أو جرى اعتقالهم. فقد قتل 7 من كبار قادة التنظيم منذ 2019، ويتردد حاليا أن الظواهري نفسه يعاني من تدهور حالته الصحية».
ولسوء الحظ؛ لا تزال الآيديولوجية والدوافع التي يتبناها التنظيم قوية، كما كانت دائماً. وعلى سبيل المثال، فإن عدد الجماعات الإرهابية المتطرفة التي تصنفها وزارة الخارجية الأميركية منظمات إرهابية أجنبية أصبح 4 أمثال ما كانت عليه الحال عقب «11 سبتمبر».
ويشير أحدث تقرير لفريق المراقبة التابع للأمم المتحدة إلى أن «(القاعدة) تنمو في قارة أفريقيا دون عائق، والتنظيم قد رسخ أقدامه في سوريا، وهو يوجد الآن في 15 ولاية أفغانية، على الأقل، فضلاً عن علاقاته المتواصلة مع حركة (طالبان) المسلحة».
وحول ما يتعلق بالنجاحات الأعظم، والإخفاقات التي سجلتها أميركا في مكافحتها للإرهاب على مدار 20 عاماً، يرى هوفمان أن «النجاح الأول كان إحباط جميع محاولات (القاعدة) لتنفيذ هجمات أخرى داخل أميركا، بحجم (هجمات سبتمبر). أما وجه الفشل الأسوأ، بلا أي شك، فقد كان غزو العراق في عام 2003، والذي شهد تحويل موارد أساسية بعيداً عن جهود القضاء على (القاعدة في جنوب آسيا)، في أفضل فرصة أتيحت لذلك. كما أسفر غزو العراق، عن غير قصد، عن سلسلة من الأحداث التي أدت بدورها إلى ظهور تنظيم (داعش)، والذي يمثل نسخة من (القاعدة) أكثر عنفا وانفلاتاً».
وعلى المستوى الأسوأ؛ «يتعين القول إنه في إطار الرد على (هجمات سبتمبر)، وفي سعيها للدفاع عن البلاد ضد التعرض لمزيد من الهجمات، أساءت واشنطن لبعض القيم ومبادئ العدالة الأميركية الأساسية، ومن الأمثلة على ذلك معتقل غوانتانامو، والمواقع السوداء للاستخبارات الأميركية، و(سجن أبو غريب) في العراق».
وعن أهم التحولات التي شهدها جهاز الأمن القومي الأميركي منذ 2001، قال هوفمان إن «البيروقراطية الواسعة في مكافحة الإرهاب، والتي نشأت عقب (هجمات سبتمبر) كانت التحول الأكبر، والأكثر رسوخاً. وعلى سبيل المثال، كشف تحقيق أعدته صحيفة (واشنطن بوست) في عام 2010 عن وجود أرخبيل هائل لمكافحة الإرهاب يضم نحو 1271 كياناً حكومياً و1931 من الشركات الخاصة».
ويقول هوفمان إنه «بالنسبة لحماية أي بلد ضد الهجمات الإرهابية، يتعين تقدير ما يكفي لتحقيق ذلك. وتشير الدلائل إلى أن أميركا ربما بالغت في رد الفعل على (هجمات سبتمبر)، من خلال التكرار، أو منح صلاحيات واسعة لهيئات مختلفة».
والأمر المؤسف، في نظر هوفمان، هو أن «التهديد الإرهابي الذي تواجهه الولايات المتحدة قد صار داخلياً، بعدما كان خارجياً لنحو عقدين بعد (11 سبتمبر)، وهو ما ظهر جلياً في أعمال الشغب التي استهدفت مبنى الكونغرس الأميركي (الكابيتول) في 6 يناير (كانون الثاني) 2021، ولكن التهديدات التي يشكلها تنظيما (القاعدة) و(داعش) لم تنته بعد».
وتتضمن «الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الإرهاب لعام 2018»، و«الاستراتيجية الوطنية الأولى على الإطلاق في أميركا لمكافحة الإرهاب الداخلي»، الصادرة في يونيو (حزيران) 2021، تفسيرات واضحة للنهج المتكامل، الضروري لحماية البلاد من الإرهاب.
ويحذر هوفمان في ختام تحليله من أن «الانقسامات الحزبية المريرة في أميركا، قد تقوض تنفيذ استراتيجية محكمة لمكافحة الإرهاب، حيث لم تعد هناك عناصر الوحدة والهدف المشترك والمصير المشترك، التي وحدت الصفوف عقب (هجمات سبتمبر)، بل على النقيض من ذلك، يمكن لمناخ الاستقطاب السياسي الحالي أن يصيب الحكومة بشلل فعلي فيما يتعلق بالاستعداد للجيل المقبل من التهديدات.



مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
TT

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)

رجحت سلطات أرخبيل مايوت في المحيط الهندي، الأحد، مقتل «مئات» أو حتى «بضعة آلاف» من السكان جراء الإعصار شيدو الذي دمر في اليوم السابق قسماً كبيراً من المقاطعة الفرنسية الأفقر التي بدأت في تلقي المساعدات. وصرّح حاكم الأرخبيل، فرانسوا كزافييه بيوفيل، لقناة «مايوت لا بريميير» التلفزيونية: «أعتقد أنه سيكون هناك مئات بالتأكيد، وربما نقترب من ألف أو حتى بضعة آلاف» من القتلى، بعد أن دمر الإعصار إلى حد كبير الأحياء الفقيرة التي يعيش فيها نحو ثلث السكان، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أنه سيكون «من الصعب للغاية الوصول إلى حصيلة نهائية»، نظراً لأن «معظم السكان مسلمون ويدفنون موتاهم في غضون يوم من وفاتهم».

صور التقطتها الأقمار الاصطناعية للمعهد التعاوني لأبحاث الغلاف الجوي (CIRA) في جامعة ولاية كولورادو ترصد الإعصار «شيدو» فوق مايوت غرب مدغشقر وشرق موزمبيق (أ.ف.ب)

وصباح الأحد، أفاد مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية بأن الإعصار الاستوائي الاستثنائي خلّف 14 قتيلاً في حصيلة أولية. كما قال عبد الواحد سومايلا، رئيس بلدية مامودزو، كبرى مدن الأرخبيل، إن «الأضرار طالت المستشفى والمدارس. ودمّرت منازل بالكامل. ولم يسلم شيء». وضربت رياح عاتية جداً الأرخبيل، مما أدى إلى اقتلاع أعمدة كهرباء وأشجار وأسقف منازل.

الأضرار التي سببها الإعصار «شيدو» في إقليم مايوت الفرنسي (رويترز)

كانت سلطات مايوت، التي يبلغ عدد سكانها 320 ألف نسمة، قد فرضت حظر تجول، يوم السبت، مع اقتراب الإعصار «شيدو» من الجزر التي تبعد نحو 500 كيلومتر شرق موزمبيق، مصحوباً برياح تبلغ سرعتها 226 كيلومتراً في الساعة على الأقل. و«شيدو» هو الإعصار الأعنف الذي يضرب مايوت منذ أكثر من 90 عاماً، حسب مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية (فرانس-ميتيو). ويُرتقَب أن يزور وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، مايوت، يوم الاثنين. وما زالت المعلومات الواردة من الميدان جدّ شحيحة، إذ إن السّكان معزولون في منازلهم تحت الصدمة ومحرومون من المياه والكهرباء، حسبما أفاد مصدر مطلع على التطوّرات للوكالة الفرنسية.

آثار الدمار التي خلَّفها الإعصار (أ.ف.ب)

في الأثناء، أعلن إقليم لاريونيون الواقع أيضاً في المحيط الهندي ويبعد نحو 1400 كيلومتر على الجانب الآخر من مدغشقر، أنه جرى نقل طواقم بشرية ومعدات الطبية اعتباراً من الأحد عن طريق الجو والبحر. وأعرب البابا فرنسيس خلال زيارته كورسيكا، الأحد، تضامنه «الروحي» مع ضحايا «هذه المأساة».

وخفّض مستوى الإنذار في الأرخبيل لتيسير حركة عناصر الإسعاف، لكنَّ السلطات طلبت من السكان ملازمة المنازل وإبداء «تضامن» في «هذه المحنة». واتّجه الإعصار «شيدو»، صباح الأحد، إلى شمال موزمبيق، ولم تسجَّل سوى أضرار بسيطة في جزر القمر المجاورة من دون سقوط أيّ ضحايا.