أبدت الحكومة السودانية قلقها البالغ جراء النزاع داخل «الحركة الشعبية»، بقيادة نائب رئيس جمهورية جنوب السودان، رياك مشار، والمواجهات المسلحة في المناطق المتاخمة للحدود الجنوبية للسودان (الشمالي)، التي راح ضحيتها عدد من القتلى والجرحى، ودعت الأطراف كافة لوقف القتال والالتزام باتفاقية السلام، بصفة رئاسة السودان لمجموعة دول «إيقاد» التي رعت اتفاق السلام بين الفرقاء في الجنوب.
وأجرت وزيرة الخارجية مريم الصادق المهدي، أمس، مشاورات مع وزراء خارجية دول «إيقاد»، باعتبارها رئيس المجلس الوزاري، باعتبار السودان رئيس الدورة الحالية للمنظمة الإقليمية، وذلك لاحتواء الأزمة التي تفجرت بين فصائل الحركة الشعبية في المعارضة، والتابعة للنائب الأول لحكومة جنوب السودان.
واندلع قتال عنيف بين قادة منشقين عن رئيس الحركة الشعبية، بقيادة رياك مشار، استخدمت فيه الأسلحة الثقيلة، ضد قوات موالية له وقوات تابعة لحكومة جنوب السودان، عند منطقة المقينص التابعة لولاية النيل الأبيض الحدودية بين السودان وجنوب السودان، وأعلنوا تنحية مشار، ما دفع الجيش السوداني للتموضع في المنطقة، وتحذير القوات المتقاتلة من المساس بأمن وسلامة المواطنين السودانيين.
وذكرت مصادر صحافية أن رئيس هيئة أركان جيش الحركة الشعبية التابعة لمشار سايمون قارويت، والمرشح السابق لولاية أعالي النيل جونسون أولونج، انشقا على قائدهما رياك مشار، وأعلنا تنحيته من منصبه، واستخدما الأسلحة الثقيلة ضد القوات الموالية له وضد قوات جنوب السودان عند منطقة المقينص بولاية النيل الأبيض السودانية.
ووفقاً لتلك المصادر، يرجع الخلاف بين الرجلين وحكومة الجنوب إلى أن قارويت رفض قبول مشار لمنصب النائب الأول قبل إتمام عملية إعادة دمج قوات الحركة الشعبية في جيش جنوب السودان، وإلى رفض رئيس جنوب السودان سلفا كير ميارديت تسمية أولونج حاكماً لإقليم أعالي النيل.
وعدت الخارجية السودانية القتال الدائر قرب حدود السودان بين المنشقين عن مشار والقوات الحكومية والقوات الموالية له، تهديداً لاتفاقية السلام الموقعة بين الطرفين برعاية مجموعة «إيقاد»، وبموجبها تقرر وقف الحرب وتقاسم السلطة بين الرجلين.
ووفقاً لنشرة صحافية صادرة عن الخارجية السودانية، أجرت الوزيرة المهدي مشاورات مع كل من وزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف، ووزيرة خارجية كينيا راهيل أومامو، ووزير خارجية الصومال محمد عبد الرازق، ووزيرة خارجية جنوب السودان باتريشيا خميسة واني، ووزير خارجية أوغندا أودنقو جيجي، والسكرتير التنفيذي لـ«إيقاد» الإثيوبي وقنة جيبهيو، بصفتهم أعضاء في الهيئة الحكومية للتنمية في شرق أفريقيا.
وحذرت الوزيرة من التطور الخطير للأوضاع في جنوب السودان، التي نجمت عن اندلاع القتال والاشتباكات العسكرية بين الفصائل، ودعت رصفاءها في «إيقاد» لاحتوائها بصورة فورية، وحثت أصحاب المصلحة كافة للعمل على الوقف الفوري لإطلاق النار بين المجموعتين، والعودة للحوار، واعتماد اتفاقية السلام المنشطة لاستدامة السلام في جمهورية جنوب السودان، وتجديد الالتزام بها وتسريع تنفيذ بنودها التي لم تُنفَّذ.
وذكرت النشرة أن وزراء خارجية الهيئة الحكومية للتنمية في شرق أفريقيا (إيقاد) الذين تواصلت بهم المسؤولة السودانية، اتفقوا على تكثيف المشاورات بينهم حول تطورات الأوضاع، وعقد اجتماع افتراضي طارئ للمجلس الوزاري لـ«إيقاد»، اليوم (الاثنين)، على أن تواصل المهدي المشاورات مع رصفائها والأطراف الإقليمية والدولية لاحتواء الأزمة.
ودأبت القوات المتمردة على الاعتداء على المواطنين عبر الحدود، ما دفع الجيش السوداني للتموضع في المنطقة للدفاع عن مواطنيه، في الوقت الذي تتزايد فيه المطالبات بإبعاد القوات التابعة لأولونج من المنطقة من قبل القوات الحكومية التي هددت بالهجوم عليهم داخل الأراضي السودانية. ونقلت تقارير صحافية عن المتحدث باسم الحركة الشعبية في المعارضة، لام بول غابرييل، قوله إن القوات المتمردة قتلت نحو 30 من جنود جنوب السودان وأصابت نحو 13 آخرين، في اشتباكات بين القوات الحكومية والقوات الموالية لمشار. وأضاف، وفقاً لوكالة «رويترز»، أن قوات الحركة الشعبية ردت دفاعاً عن النفس، وقتلت 29 من جنود القوات المتمردة، بينهم قائدان كبيران.
ولمح قادة من جنوب السودان، بمن فيهم رئيس جنوب السودان، سلفا كير ميارديت، إلى دعم كانت تتلقاه مجموعة «أولونج» من السودان، وهو ما دفع الخارجية السودانية للتأكيد في بيان صحافي منفصل، أمس، موقفها المحايد تجاه الأطراف في جنوب السودان.
وقال البيان: «تؤكد حكومة السودان، انطلاقاً من علاقتها الثنائية المتميزة مع حكومة جنوب السودان والروابط الكبيرة بين البلدين وشعبيهما الشقيقين، واستناداً على رئاستها للدورة الحالية لـ(إيقاد) على دعمها غير المحدود لاتفاقية السلام المنشطة وضرورة الالتزام ببنودها». وتابع: «كما تؤكد على موقفها المحايد تجاه جميع الأطراف بغية تحقيق السلم والاستقرار في جنوب السودان، باعتباره هدفاً استراتيجياً للحكومة السودانية لآثاره المباشرة على أمن وسلامة السودان والمحيط الإقليمي».
واندلعت حرب شرسة بين القوات الموالية للرئيس سلفا كير ميارديت، والقوات الموالية لنائبه رياك مشار، بعد عامين من انفصال جنوب السودان عن السودان، وتكوين دولته المستقلة في 2011. تحولت لاحقاً لصراع عرقي بين المجموعتين المواليتين لكل من الرئيس ونائبه استمرت عدة أعوام.
وفي سبتمبر (أيلول) 2018، وقع الطرفان اتفاقية سلام برعاية «إيقاد» قضت بتقاسم السلطة بين الرئيس سلفا كير ونائبه الأول مشار، لكن تنفيذ الاتفاقية شابه كثير من التعثُّر، ويرجع القتال الجاري بين المجموعة المتمردة ضد مشار لمزاعمهم بالنكوص عن تنفيذ بنود اتفاقية السلام.
السودان قلق من القتال قرب حدوده الجنوبية
وزيرة الخارجية تجري مشاورات مع مجموعة «إيقاد» لاحتواء الأزمة
السودان قلق من القتال قرب حدوده الجنوبية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة