أكد علماء، بعد أن عثروا على أدلة قاطعة مستقاة من حفريات لأسنان بشرية عمرها 20 ألف عام اكتشفت في سريلانكا، أن البشر تكيفوا مع العيش في الغابات المدارية المطيرة قبل آلاف السنين مما كان يعتقد من قبل.
وقال الباحثون إن ثمة جدلا يثور بشأن متى بدأ الجنس البشري في العيش في الغابات المطيرة لأول مرة، فيما يقول بعض الخبراء إن الإنسان الأول الذي كان يتغذى على اصطياد الحيوانات وما يجمعه من نبات قبل تعلم حرفة الزراعة ربما كان يهاب أماكن المعيشة تلك. وتضمنت دراسة نشرت نتائجها الخميس في دورية «ساينس» العلمية فحص أسنان 26 شخصا عثر على حفرياتهم في عدة مواقع أثرية مختلفة في سريلانكا بحثا عن أدلة إن كان غذاؤهم يتكون من نباتات الغابات المطيرة والحيوانات. وانتزع الباحثون عينات المينا المأخوذة من أسنان صغيرة بالاستعانة بمثقاب ذي طرف من الماس وحللوها بجهاز يعرف باسم «مطياف الكتلة».
كانت جميع الأسنان تقريبا - بما في ذلك أقدمها التي ترجع إلى 20 ألف عام وعثر عليها في مخبأ صخري بمنطقة باتادومبا - لينا في جنوب غربي سريلانكا - تشير إلى تناول الإنسان الأول غذاء ينمو أساسا في الغابات المطيرة.
وقال باتريك روبرتس عالم الأحياء القديمة بجامعة أكسفورد الإنجليزية الذي يدرس تحورات وظائف الجسم البشري بغرض التكيف مع البيئة المحيطة: «كان البشر يتكيفون ببراعة للعيش داخل بيئات دينامية من الغابات المطيرة لمدة 20 ألف عام وربما قبل ذلك».
وأضاف: «كان نمط الحياة، كما يمكن أن نرى، يتسق والمعيشة في الغابات المطيرة».
ولم يسبق أن عثر العلماء على براهين مباشرة تعضد فرضية أن الإنسان الأول شغل مناطق الغابات المطيرة قبل نحو 10 آلاف عام. وإذا قورنت الغابات المطيرة بأماكن المعيشة المفتوحة لوجد أن الغابات تنطوي على صعوبات جمة، منها كثافة الغطاء النباتي، ما يعرقل حركة الإنسان البدائي وتنقله، علاوة على وجود حيوانات مفترسة رشيقة وصغيرة وسريعة الحركة، غالبا ما يمكنها تسلق الأشجار، مع انتشار مجموعات متنوعة من النباتات والفاكهة المدهشة، بما في ذلك السام منها.
وقال مايك بتراليا، وهو باحث آخر في الآثار في جامعة أكسفورد: «لكن من الواضح أن مجتمعات الصيد وجمع النباتات في سريلانكا اكتشفت كيفية التأقلم مع هذه الأوضاع».
وقال الباحثون إن الإنسان البدائي كان يعتمد على صيد القردة والسناجب العملاقة وأنواع الأيائل الصغيرة والشيهم وثدييات أخرى، فضلا عن حلزون المياه العذبة والغابات، فيما كان يأكل أيضا المكسرات والنباتات النشوية بالغابات المطيرة.
وقال روبرتس: «تؤكد هذه النتائج صورة أن الجنس البشري كان متأقلما بصورة خيالية، ويمكن القول بأن ذلك هو الذي جعل منا أول نوع يتوسع وينتشر عبر مختلف أرجاء بيئات وظروف الكرة الأرضية». وفيما تطرح الدراسة أقدم برهان مباشر على اعتماد البشر على موارد الغابات المطيرة، قال الباحثون إن شواهد أخرى تشير إلى أن الإنسان ربما يكون قد انتقل إلى غابات سريلانكا المطيرة منذ 38 ألف سنة.
وقال روبرتس إن جهودا أثرية أخرى في أفريقيا وجنوب شرقي آسيا وميلانيزيا تشير أيضا إلى أن الإنسان ربما يكون قد استغل موارد الغابات المطيرة منذ 45 ألف عام على أقل تقدير.
مكتشفات تثبت معيشة الإنسان الأول في الغابات المطيرة قبل 10 آلاف سنة
بعد فحص أسنان 26 شخصا عثر على حفرياتهم في مواقع أثرية مختلفة في سريلانكا
مكتشفات تثبت معيشة الإنسان الأول في الغابات المطيرة قبل 10 آلاف سنة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة