الحوثيون يستعدون لافتتاح مطار دولي في صعدة

مصادر عسكرية أكدت قدرته على استقبال مختلف أنواع الطائرات

صورة أرشيفية لمقاتلين حوثيين يجوبون شوارع صنعاء (رويترز)
صورة أرشيفية لمقاتلين حوثيين يجوبون شوارع صنعاء (رويترز)
TT

الحوثيون يستعدون لافتتاح مطار دولي في صعدة

صورة أرشيفية لمقاتلين حوثيين يجوبون شوارع صنعاء (رويترز)
صورة أرشيفية لمقاتلين حوثيين يجوبون شوارع صنعاء (رويترز)

تشهد محافظة صعدة في أقصى شمال اليمن، معقل جماعة «أنصار الله» (الحوثيين)، نشاطا ملحوظا وسريعا لاستكمال مشاريع استراتيجية في المحافظة، من أهمها مطار دولي أوشك على الانتهاء منه. وأعلنت الجماعة التي انقلبت بقوة السلاح على الدولة فتح خطوط نقل تجارية مع المدن الأخرى.
وتأتي هذه الإجراءات بعد توقيع اتفاق بين الجماعة وجمهورية إيران الحليف والداعم الأساسي لها مؤخرا، شمل تسيير رحلات جوية والتبادل التجاري بين البلدين.
وذكرت مصادر مطلعة، لـ«الشرق الأوسط»، أن السلطة المحلية والمكاتب التنفيذية الموالية للحوثيين أعلنت حالة الاستنفار لاستكمال المشاريع التنموية، وتشرف بشكل يومي على تنفيذها، خاصة أن المحافظة باتت الآن قبلة للقيادات الاجتماعية والعسكرية للالتقاء بزعيم الجماعة وتلقي التوجيهات والأوامر منه. وكشفت السلطات المحلية في صعدة عن استكمال الترتيبات النهائية لتدشين العمل في مطار صعدة الدولي بعد توقف المشروع لأكثر من سبع سنوات، وأكد محافظ صعدة محمد عوض استكمال كل الأعمال والتجهيزات المتعلقة بالمطار، وقال إنهم ينتظرون إكمال الهيئة العامة للطيران الإجراءات والتجهيزات الفنية المختلفة لتدشين المطار، ودخوله الخدمة وفقا للمواصفات الدولية، بحسب وكالة الأنباء «سبأ» التي تخضع في إدارتها للحوثيين، مشيرا إلى أن عملية التجهيزات شارفت على الانتهاء ولم يتبق إلا وقت قليل للبدء في تسيير الرحلات الجوية المختلفة من وإلى المطار، مؤكدا أن الجميع يعمل كخلية نحل من أجل سرعة استكماله وتجهيزه في الفترة المحددة سلفا.
ومن المتوقع أن يكون مطار صعدة محطة رئيسية للطيران الإيراني الذي يسير 14 رحلة أسبوعية بين البلدين وفقا للاتفاق الأخير، فيما توقعت مصادر عسكرية أن يستغل الحوثيون المطار في نقل الأسلحة والخبراء إلى معاقلهم، باعتباره وسيلة آمنة، بعيدة عن أي مخاطر قد تعترضهم.
وكان وزير الصحة والسكان في الحكومة المستقيلة الدكتور رياض شمسان أوضح، في تصريحات صحافية سابقة، أن اتفاق النقل الجوي بين اليمن وإيران هو في إطار دعم الحوثيين عسكريا، مشيرا إلى أن طهران ستدعم الحوثيين بمعدات تخدم توجهات إيران في اليمن. وبدأت الجماعة مؤخرا ولأول مرة في تسيير رحلات برية لشركات النقل بين معقلها بصعدة وعدة مدن، من بينها صنعاء، والحديدة، وهو ما يشير إلى رغبة الجماعة في فتح قنوات التواصل بين صعدة والمحافظات الأخرى خاصة أن صعدة تمتلك ثروة زراعية كبيرة تمكنها من توزيعها على الأسواق المحلية والخارجية. وقد شهدت الأيام الأخيرة توافد الكثير من رجال الأعمال والشخصيات القبلية والعسكرية إلى صعدة للالتقاء بزعيم الجماعة وقياداتها، الذين باتوا يمتلكون مقاليد الحكم والقرارات الخاصة بإدارة العاصمة صنعاء سياسيا واقتصادية وعسكريا. ويستحوذ زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي على قرار الجماعة منذ عام 2004، وقد اتخذ من صعدة مقره الرئيسي باعتبارها الملاذ الآمن له، مفضلا عدم الخروج إلى أي مدينة أخرى، رغم سيطرة جماعته على معظم المدن في الشمال خاصة العاصمة صنعاء، وإدارتهم للجيش والأجهزة الأمنية، وهو النمط نفسه الذي يتخذه زعيم حزب الله في لبنان حسن نصر الله، بحسب مراقبين.
وقالت مصادر عسكرية في القوات الجوية، لـ«الشرق الأوسط»: «إن مطار صعدة قادر على استقبال الطائرات ما عدا الطائرات العملاقة»، مشيرة إلى أن المطار لن يكون خاضعا لإشراف الأجهزة الأمنية والرسمية، وسيكون تحت إشراف الحوثيين فقط. وأشارت إلى أن هناك رغبة كبيرة لدى الجماعة في استخدام مطار صعدة كجسر جوي لنقل المعدات العسكرية الإيرانية إليهم. وأوضحت المصادر أن الحوثيين يحاولون من خلال فتح مطار صعدة دوليا استخدام الطيران الآمن والسريع في سفر زعيمهم وقيادتهم، خاصة أن مطار صنعاء محاط بعمق قبلي معاد لهم، فضلا عن أن الطريق الذي يربط صعدة بالعاصمة صنعاء، ويبلغ طوله 250 كيلو مترا، محفوف بالمخاطر ويمر من مناطق قبلية حاربتها الجماعة وتنتظر الفرصة للثأر.
ومنذ سيطرة الحوثيين على السلطة والعاصمة صنعاء في سبتمبر (أيلول) الماضي انخفضت حركة الملاحة الجوية في اليمن إلى أكثر من النصف، وأعلنت جميع شركات الطيران العالمية والإقليمية توقف تسيير رحلات إلى اليمن بسبب المخاطر.
وكان مطار صعدة يتبع القوات الجوية اليمنية، قبل أن يستولي عليه الحوثي في إحدى الحروب الست مع الدولة. ويقع المطار في مدينة صعدة بالقرب من القصر الجمهوري، ويبلغ طول مدرجه 3100 متر وعرضه 60 مترا، وفيه موقف ومدخل للطائرات. وقالت السلطات إنه تم تنفيذه بمواصفات دولية لاستقبال جميع الطائرات، بتكلفة بلغت خمسة مليارات ريال يمني (الدولار يساوي 215 ريالا).
وقال المحلل السياسي سامي نعمان إن سيطرة الحوثيين على السلطة أعطتهم أولوية لإنجاز المشاريع التي تعنيهم بالدرجة الأولى وتخدم مصالحهم وأجندتهم. وذكر نعمان في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «إعادة تأهيل مطار صعدة مخطط لها منذ فترة ما قبل سيطرة الحوثيين على صعدة عام 2011، وعلى كثير من المحافظات اليمنية بما فيها العاصمة عام 2014»، ولفت إلى أنه «في الوضع الطبيعي فإن صعدة تحتاج مطارا مؤهلا كغيرها من المحافظات، لكنه يجب أن يكون محكوما بسلطات دولة تطبق عليه أنظمة ومعايير المطارات المحلية أو الدولية المتعارف عليها خصوصا الأمنية»، مستبعدا أن يكون هذا الوضع الطبيعي متوافرا حاليا.
وعد نعمان الإعلان عن 14 رحلة بين إيران واليمن يبعث على القلق والريبة، خاصة مع انعدام الجدوى التجارية، في ظل انعدام النشاط السياحي والتجاري المتبادل بين البلدين، ناهيك عن أن الدولة ترتبط فيها جماعة مسلحة تسيطر على السلطة بدولة لها أجندتها الخاصة في المنطقة، مشيرا إلى أن الرحلات المتبادلة بين إيران واليمن شيء طبيعي، بل وإيجابي، لكنه تساءل «ما جدوى تسيير رحلات يومية من وإلى طهران؟!»، مؤكدا أن جماعة الحوثي ظهرت باعتبارها وكيلا لإيران في اليمن. وقال «الأمر الأهم في هذه الرحلات هو مدى خضوع الرحلات القادمة والمغادرة إلى طهران أو غيرها للإجراءات الرسمية الروتينية». وأوضح نعمان أن «أي مناطق يسيطر عليها الحوثيون تصبح تحت الوصاية الإيرانية، وأن حكام العهد الجديد أصبحوا تماما موالين لطهران رسميا، وبيدهم أدوات ومقومات دولة أصبحوا يسيرونها حسب أجندتهم».



السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية نموذج لتكامل التعاون في مجال الطاقة على المستوى الإقليمي، وبين مصر والمملكة خصيصاً. وأضاف: «كما يعد المشروع نموذجاً يحتذى به في تنفيذ مشروعات مماثلة مستقبلاً للربط الكهربائي»، موجهاً بإجراء متابعة دقيقة لكافة تفاصيل مشروع الربط الكهربائي مع السعودية.

جاءت تأكيدات السيسي خلال اجتماع مع رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ووزيري الكهرباء والطاقة المتجددة، محمود عصمت، والبترول والثروة المعدنية، كريم بدوي. وحسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية»، الأحد، تناول الاجتماع الموقف الخاص بمشروعات الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، في ظل ما تكتسبه مثل تلك المشروعات من أهمية لتعزيز فاعلية الشبكات الكهربائية ودعم استقرارها، والاستفادة من قدرات التوليد المتاحة خلال فترات ذروة الأحمال الكهربائية.

وكانت مصر والسعودية قد وقعتا اتفاق تعاون لإنشاء مشروع الربط الكهربائي في عام 2012، بتكلفة مليار و800 مليون دولار، يخصّ الجانب المصري منها 600 مليون دولار (الدولار يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية). وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، خلال اجتماع للحكومة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن خط الربط الكهربائي بين مصر والسعودية سيدخل الخدمة في مايو (أيار) أو يونيو (حزيران) المقبلين. وأضاف أنه من المقرر أن تكون قدرة المرحلة الأولى 1500 ميغاواط.

ويعد المشروع الأول من نوعه لتبادل تيار الجهد العالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من مدينة بدر في مصر إلى المدينة المنورة مروراً بمدينة تبوك في السعودية. كما أكد مدبولي، في تصريحات، نهاية الشهر الماضي، أن مشروع الربط الكهربائي مع السعودية، الذي يستهدف إنتاج 3000 ميغاواط من الكهرباء على مرحلتين، يعد أبرز ما توصلت إليه بلاده في مجال الطاقة.

وزير الطاقة السعودي يتوسط وزيري الكهرباء والبترول المصريين في الرياض يوليو الماضي (الشرق الأوسط)

فريق عمل

وفي يوليو (تموز) الماضي، قال وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري، خلال لقائه وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، في الرياض، إن «هناك جهوداً كبيرة من جميع الأطراف للانتهاء من مشروع الربط الكهربائي المصري - السعودي، وبدء التشغيل والربط على الشبكة الموحدة قبل بداية فصل الصيف المقبل، وفي سبيل تحقيق ذلك فإن هناك فريق عمل تم تشكيله لإنهاء أي مشكلة أو عقبة قد تطرأ».

وأوضحت وزارة الكهرباء المصرية حينها أن اللقاء الذي حضره أيضاً وزير البترول المصري ناقش عدة جوانب، من بينها مشروع الربط الكهربائي بين شبكتي الكهرباء في البلدين بهدف التبادل المشترك للطاقة في إطار الاستفادة من اختلاف أوقات الذروة وزيادة الأحمال في الدولتين، وكذلك تعظيم العوائد وحسن إدارة واستخدام الفائض الكهربائي وزيادة استقرار الشبكة الكهربائية في مصر والسعودية.

ووفق المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، الأحد، فإن اجتماع السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول تضمن متابعة مستجدات الموقف التنفيذي لمحطة «الضبعة النووية»، في ظل ما يمثله المشروع من أهمية قصوى لعملية التنمية الشاملة بمصر، خصوصاً مع تبنى الدولة استراتيجية متكاملة ومستدامة للطاقة تهدف إلى تنويع مصادرها من الطاقة المتجددة والجديدة، بما يسهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

وأكد السيسي أهمية العمل على ضمان سرعة التنفيذ الفعال لمشروعات الطاقة المختلفة باعتبارها ركيزة ومحركاً أساسياً للتنمية في مصر، مشدداً على أهمية الالتزام بتنفيذ الأعمال في محطة «الضبعة النووية» وفقاً للخطة الزمنية المُحددة، مع ضمان أعلى درجات الكفاءة في التنفيذ، فضلاً عن الالتزام بأفضل مستوى من التدريب وتأهيل الكوادر البشرية للتشغيل والصيانة.

وتضم محطة الضبعة، التي تقام شمال مصر، 4 مفاعلات نووية، بقدرة إجمالية تبلغ 4800 ميغاوات، بواقع 1200 ميغاوات لكل مفاعل. ومن المقرّر أن يبدأ تشغيل المفاعل النووي الأول عام 2028، ثم تشغيل المفاعلات الأخرى تباعاً.

جانب من اجتماع حكومي سابق برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء المصري)

تنويع مصادر الطاقة

وتعهدت الحكومة المصرية في وقت سابق بـ«تنفيذ التزاماتها الخاصة بالمشروع لإنجازه وفق مخططه الزمني»، وتستهدف مصر من المشروع تنويع مصادرها من الطاقة، وإنتاج الكهرباء، لسد العجز في الاستهلاك المحلي، وتوفير قيمة واردات الغاز والطاقة المستهلكة في تشغيل المحطات الكهربائية.

وعانت مصر من أزمة انقطاع للكهرباء خلال أشهر الصيف، توقفت في نهاية يوليو الماضي بعد توفير الوقود اللازم لتشغيل المحطات الكهربائية. واطلع السيسي خلال الاجتماع، الأحد، على خطة العمل الحكومية لضمان توفير احتياجات قطاع الكهرباء من المنتجات البترولية، وانتظام ضخ إمدادات الغاز للشبكة القومية للكهرباء، بما يحقق استدامة واستقرار التغذية الكهربائية على مستوى الجمهورية وخفض الفاقد.

ووجه بتكثيف الجهود الحكومية لتعزيز فرص جذب الاستثمارات لقطاع الطاقة، وتطوير منظومة إدارة وتشغيل الشبكة القومية للغاز، بما يضمن استدامة الإمدادات للشبكة القومية للكهرباء والقطاعات الصناعية والخدمية، وبتكثيف العمل بالمشروعات الجاري تنفيذها في مجال الطاقة المتجددة، بهدف تنويع مصادر إمدادات الطاقة، وإضافة قدرات جديدة للشبكة الكهربائية، بالإضافة إلى تطوير الشبكة من خلال العمل بأحدث التقنيات لاستيعاب ونقل الطاقة بأعلى كفاءة وأقل فقد.