مقتل قياديي «النصرة» يطرح تساؤلات حول ولاءاتها.. وخبير: توجه لتخليها عن «القاعدة»

أبو همام السوري يعد من أبرز الموالين للظواهري.. والجولاني «أكثر ليونة»

متعلقات وسط  أنقاض مقر اجتماع عناصر «جبهة النصرة» في ريف إدلب الذي دمرته ضربة جوية الخميس أدت إلى مقتل 5 قياديين من بينهم القائد العسكري البارز أبو همام السوري (رويترز)
متعلقات وسط أنقاض مقر اجتماع عناصر «جبهة النصرة» في ريف إدلب الذي دمرته ضربة جوية الخميس أدت إلى مقتل 5 قياديين من بينهم القائد العسكري البارز أبو همام السوري (رويترز)
TT

مقتل قياديي «النصرة» يطرح تساؤلات حول ولاءاتها.. وخبير: توجه لتخليها عن «القاعدة»

متعلقات وسط  أنقاض مقر اجتماع عناصر «جبهة النصرة» في ريف إدلب الذي دمرته ضربة جوية الخميس أدت إلى مقتل 5 قياديين من بينهم القائد العسكري البارز أبو همام السوري (رويترز)
متعلقات وسط أنقاض مقر اجتماع عناصر «جبهة النصرة» في ريف إدلب الذي دمرته ضربة جوية الخميس أدت إلى مقتل 5 قياديين من بينهم القائد العسكري البارز أبو همام السوري (رويترز)

تضاعفت الأسئلة، أمس، عن مدى إمكانية قطع قادة تنظيم جبهة النصرة المتشدد، علاقته بتنظيم القاعدة، تمهيدًا ليكون «كيانًا عسكريًا جديدًا» في البلاد، وذلك بعد العملية العسكرية التي استهدفت اجتماعًا لقادة التنظيم في ريف إدلب (شمال سوريا) أدى إلى مقتل 5 قياديين، يوصفون بأنهم «من المتصلبين بالرأي ضد الانفصال عن القاعدة».
وربط متابعون مباشرة بين الضربة، التي «جاءت بعد انكشاف أمني لهؤلاء القادة»، وبين الجهود التي تبذل في شمال سوريا لإقناع التنظيم بالتخلي عن ولائه لزعيم «القاعدة» أيمن الظواهري، على الرغم من أن مصادر بارزة في الائتلاف الوطني السوري تستبعد «تأثير الضربة، وتبدل أجندة تنظيم النصرة على ضوء ارتباط وثيق لقادتها بـ(القاعدة)»، إضافة إلى أن «(النصرة) عبارة عن كيانات مستقلة في أنحاء سوريا، لا ترتبط بهيكلية تنظيمية واحدة، وتتفاوت الآراء بين زعماء التنظيم في حلب وإدلب والقلمون ودرعا في جنوب البلاد».
وكان القائد العسكري العام لـ«جبهة النصرة» المعروف باسم أبو همام السوري، قتل و4 قياديين آخرين في ظروف لم تتضح، في شمال غربي سوريا، وذلك في قصف جوي استهدف مقر اجتماع لهم، ونفى التحالف الدولي صلته بالحادث، بينما تبنى النظام السوري تنفيذه، قائلاً في خبر نشرته وكالة «سانا» الرسمية السورية للأنباء، إن «أبو همام قتل مع عدد من متزعمي التنظيم خلال عملية نوعية للجيش استهدفت اجتماعا لهم في الهبيط بريف إدلب»، من دون إعطاء تفاصيل إضافية.
وقالت مصادر سورية مطلعة على شؤون الحركات المتشددة لـ«الشرق الأوسط»، إن المسؤول العسكري العام للنصرة، أبو همام السوري «كان معروفًا عنه تشدده لناحية الالتزام بالولاء لتنظيم القاعدة، بصرف النظر عن النقاشات التي يتم الحديث عنها أخيرًا، ولا نعرف طبيعتها»، مشيرة إلى أنه «كان من المقربين من زعيم (القاعدة) السابق أسامة بن لادن، وقاتل في أفغانستان والعراق قبل أن ينتقل إلى سوريا».
وجاء الاستهداف غداة الإعلان عن أن «قادة (جبهة النصرة) في سوريا يدرسون قطع ارتباطهم بتنظيم القاعدة لتكوين كيان جديد في محاولة الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد»، بحسب ما ذكرت وكالة «رويترز» الأربعاء الماضي، نقلاً عن مصادر أشارت إلى أن «مسؤولين من أجهزة المخابرات من دول إقليمية، اجتمعوا مع أبو محمد الجولاني زعيم (جبهة النصرة) عدة مرات في الأشهر القليلة الماضية لتشجيعه على التخلي عن تنظيم القاعدة ومناقشة الدعم الذي يمكن لهذه الأجهزة تقديمه. ووعد المسؤولون بالتمويل بمجرد تحقق الانفصال». وأكد الخبير اللبناني بالجماعات المتشددة أحمد الأيوبي أن «الاجتماع كان يحضره الجولاني الذي يُعتقد أنه تعرض لإصابة جراء الانفجار، وكان مخصصًا للنقاش والحوار واتخاذ القرار بالتخلي عن الولاء لتنظيم القاعدة، عبر مجلس الشورى التابع للتنظيم في سوريا»، مشيرًا إلى أن «الشورى لا تلزم الجولاني عادة لأن القرار يعود للأمير، لكنه يهتم بألا تحصل انشقاقات وتمزقات»، معربًا عن اعتقاده بأن الجبهة «كانت متجهة إلى قرار للانضمام إلى الشرعية العربية والتخلي عن الولاء لتنظيم القاعدة، وقتال النظام السوري وإيران في البلاد». وأوضح الأيوبي أن «الجولاني يعتبر من كبار القادة الجهاديين، وعنده توجهات أكثر مرونة من بعض حديثي الانخراط، وذلك على ضوء التجارب التي قد تكون دافعًا للمرونة وليس للتصلب»، مشيرًا إلى أن استهداف المجموعة «أتى من النظام لمحاولة تعطيل اتخاذ القرار من قبل أعلى هيئة بـ(النصرة) لاحتمال قبول الخيار، والتخلي عن الارتباط بـ(القاعدة)». ورأى أن «إيران والنظام على خط واحد لمنع عودة (النصرة) إلى حاضنة عربية، تشعر أن الصدام مع إيران حتمي عبر تدخله في العراق واستعداداته لاحتلال العراق»، لافتًا إلى أن «هناك محاولة عربية لمن يمكن استقطابه من الجهاديين الذين يتخلون عن الأفكار السلبية المرتبطة بـ(القاعدة) وتصبح الأولوية لقتال النظام وليس (داعش)».
ولا يرى الأيوبي أن تخلي «النصرة» عن «القاعدة» سهلاً، لكنه لفت إلى أن التنظيم «اتخذ في السابق خطوات متقدمة وأقام علاقات مع بعض الدول العربية قبل تصنيفه بالإرهابي». وأشار إلى أن «النصرة» «يمتلك خبرة في نسج العلاقات والتواصل، لأنه قطع أشواطًا بذلك، عبر إعلان الجولاني بأنه يمتنع عن تكفير عموم المسلمين، وأنه يقف إلى جانب خيار الشعب السوري، إضافة إلى امتداده السوري فقط، وهو إعلان خارج أدبيات تنظيم القاعدة».
وكانت غارة جوية استهدفت اجتماعًا لـ«النصرة»، مساء أول من أمس (الخميس)، في منطقة الهبيط الواقعة على بعد نحو 55 كلم إلى الجنوب من مدينة إدلب. وأشار «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إلى أن أبو همام هو واحد من القادة الخمسة في «جبهة النصرة» الذين كان أفاد عن مقتلهم في وقت سابق، لكنه لم يجزم ما إذا كان القائد العسكري قتل مع الأربعة الآخرين في قصف جوي لم يتضح مصدره الخميس على منطقة لم تحدد في إدلب، أم إذا كان أصيب في غارة جوية نفذها التحالف الدولي في 27 فبراير (شباط) في أبو طلحة في شمال غربي إدلب وقتل فيها قياديان آخران في الجبهة.
من جهة أخرى، تحدث الناشط المعارض إبراهيم الإدلبي لوكالة «الصحافة الفرنسية» عن معلومات تسري على نطاق واسع حول وجود «صراعات داخل جبهة النصرة (...) تتعلق باحتمال انشقاق الجبهة» الساعية إلى بناء إمارة لها في سوريا على غرار إمارة تنظيم «داعش».



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.