الضربات الجوية في ليبيا تدخل يومها الثالث.. وانطلاق الحوار الوطني بالمغرب

الجيش يعلن هدنة من جانب واحد لمدة 3 أيام بناء على طلب الأمم المتحدة

الضربات الجوية في ليبيا تدخل يومها الثالث.. وانطلاق الحوار الوطني بالمغرب
TT

الضربات الجوية في ليبيا تدخل يومها الثالث.. وانطلاق الحوار الوطني بالمغرب

الضربات الجوية في ليبيا تدخل يومها الثالث.. وانطلاق الحوار الوطني بالمغرب

في حين انطلقت محادثات سلام ترعاها الأمم لمتحدة في المغرب بين الفرقاء الليبيين، في محاولة للحد من التدهور الأمني والعسكري، تواصل لليوم الثالث على التوالي أمس تبادل الضربات الجوية بين قوات الجيش الليبي وميلشيات ما يسمى بعملية «فجر ليبيا»، وشن سلاح الجو بالجيش الليبي ضربة جوية جديدة على مطار معيتيقة بطرابلس، بينما استهدفت طائرات تابعة لميليشيات «فجر ليبيا» مدينة الزنتان للمرة الثالثة، ونفذت غارات جوية بالقرب من الأحياء السكنية والسوق الشعبية.
وقال أحد قادة سلاح الجو الليبي، لـ«الشرق الأوسط»، إن طائرتين تابعتين للجيش قصفتا صباح أمس مطار معيتيقة وعادتا إلى قاعدتهما سالمتين، مشيرا إلى تصاعد أعمدة الدخان من المطار مع صوت انفجارات قوية في ثالث قصف من نوعه خلال هذا الأسبوع.
بينما قال مصدر أمني إن الطائرات قصفت منطقة مفتوحة قرب مدرج المطار؛ لكنها لم تحدث أضرارا بالغة، وإن العمل بالمطار يجري بصورة طبيعية. ونقلت وكالة «رويترز» عن محمد الحجازي، المتحدث باسم عملية الكرامة، قوله «نحن من قمنا بقصف مطار معيتيقة.. ولن نتوقف حتى نحرر طرابلس من الميليشيات»، في إشارة لجماعة «فجر ليبيا».
لكن المكتب الإعلامي لـ«فجر ليبيا» هدد بأن «كل ثوار ليبيا المساندين لهم سيضربون بيد من حديد من دون رحمة ولا شفقة كل من يفكر حتى مجرد التفكير أن يعبث بأمن العاصمة طرابلس»، ومن وصفهم بالذين «يريدون تحويل طرابلس لساحة حرب». وأضاف المكتب، على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، أن «طرابلس عاصمة كل الليبيين، وليست حكرا على سكانها ولا على ثوار بعض المدن أو القبائل، وهي تفتح صدرها لكل من دخلها آمنا من دون سلاح ولا إثارة فوضى ولا نعرات جهوية ولا قبلية». وقال مصدر أمني إن «مقاتلة من نوع (ميغ 23) حلقت على علو منخفض فوق مطار معيتيقة، وحاولت استهداف المهبط الرئيسي؛ لكنها لم تصب أهدافها بدقة، وسقطت ثلاث قنابل في منطقة خالية»، مضيفا «تم استئناف الرحلات بعد تعليقها لمدة ساعة».
من جانبه، قال الصادق التريكي، آمر كتيبة أمن وحماية مطار معيتيقة الدولي، إن الغارة الجوية لم تسفر عن خسائر مادية أو بشرية، لافتا إلى تعمد الطائرات التابعة للجيش قصف المطار بالتزامن مع مواعيد هبوط الطائرات المدنية.
واستهدفت مقاتلة حربية تابعة لميلشيات «فجر ليبيا» مواقع لآبار مياه الشرب في بلدة الزنتان التي تقع على بعد 180 كم جنوب غربي طرابلس، حيث قال مسؤول بمديرية أمن الزنتان إن «مقاتلة حربية يعتقد أنها انطلقت من القاعدة الجوية بمصراتة نفذت ضربة جوية استهدفت مواقع الآبار». وتابع أنه لا يعرف الأسباب لاستهداف هذا الموقع الحيوي والمدني، خاصة أنه خال من أي وجود عسكري، مؤكدا حدوث أضرار في ملحقات الآبار دون تسجيل خسائر بشرية.
يأتي هذا في وقت أعلن فيه مصدر مقرب من الفريق خليفة حفتر، القائد العلم للجيش الليبي، أن القيادة العامة للقوات المسلحة الليبية استجابت لطلب الأمم المتحدة وقف القصف الجوي لمدة ثلاثة أيام ومن جانب واحد، موضحا أن هذه الاستجابة جاءت من أجل إفساح المجال للحوار الليبي.
وفي المغرب تأخر الحوار بين الأطراف الليبية، الذي انطلق، أمس، في الرباط تحت رعاية الأمم المتحدة، لبضع ساعات بسبب تأخر وصول وفد مجلس النواب الليبي (برلمان طبرق). وخيمت، صباح أمس، سحابة من الشك على الفندق الذي احتضن فعاليات المؤتمر بسبب التخوف من تخلف مجلس النواب الليبي عن المشاركة.
ووصل أعضاء المؤتمر الوطني العام، البرلمان المنتهية ولايته، وحكومة طرابلس، مساء الأربعاء، إلى الرباط، بينما وصل، أمس، ليون بيرنادينو، المبعوث الأممي إلى ليبيا، برفقة أعضاء من البرلمان الذي تعترف به الأسرة الدولية، ومقره طبرق.
وقال مشاركون في الحوار إن أهم النقاط التي سيتم التطرق إليها «التوافق أولا حول وقف إطلاق النار، ثم التوافق على شخصية لقيادة حكومة الوحدة الوطنية، وثالثا محاولة التوصل إلى اختيار الوزراء الذين يمكن أن يمثلوا مختلف الأطراف في هذه الحكومة».
وقال مشارك ليبي في الحوار لـ«الشرق الأوسط»، إن «مجرد حضور برلمان طبرق يعتبر نتيجة جد إيجابية، وخطوة في اتجاه إنجاح الحوار». وأضاف المشارك، الذي فضل عدم ذكر اسمه: «كنا نتخوف أن يخضع مجلس النواب لضغوط بعض الأطراف التي لا ترغب في التوصل إلى توافق وطني».
وكان مجلس النواب الليبي قد قاطع جولات سابقة للحوار احتجاجا على العمليات الإرهابية التي عرفتها ليبيا، خصوصا تفجيرات مدينة القبة التي أوقعت 47 قتيلا منتصف الشهر الماضي.
وأحاطت السلطات المغربية مؤتمر الحوار الليبي بإجراءات أمنية مشددة، وتكتمت على مكان تنظيمه، الذي نقلته من مدينة الدار البيضاء إلى منتجع الصخيرات، جنوب الرباط، حيث جرت أشغال المؤتمر داخل جلسات مغلقة، ومنع الصحافيون من الولوج إلى الفندق الذي يحتضن أشغال المؤتمر.
وعبّر موسى الكوني، عضو المجلس الانتقالي السابق ولجنة الحوار الوطني الليبي، عند وصوله، أمس، إلى مطار محمد الخامس، عن تفاؤله الكبير بالتئام الليبيين على أرض المغرب، وقال في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن اللقاء سيتمخض عنه إصدار إعلان الصخيرات، مضيفا أن «كل شروط النجاح متوفرة لهذه الخطوة المباركة. وأنا جد متفائل بأن يتوصل الطرفان إلى توافق حول تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، التي ستكون اللبنة الأساسية لبناء دولة المؤسسات في ليبيا، وعلى رأسها مؤسسة الجيش الوطني الليبي».
وأوضح الكوني أن المعضلة الرئيسية التي يتحتم على المتحاورين إيجاد حل لها هي كيفية حل مختلف الميليشيات المسلحة، وتوحيدها في جيش ليبي واحد وموحد، وقال إنه «بنجاح حوار الرباط والوصول إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية سنتمكن من التغلب على كثير من الصعاب، مثل نزع السلاح، وتجميع كل هذه الجيوش المتفرقة في جيش ليبي وطني واحد».
وقال مصدر ليبي مشارك، رفض الإفصاح عن اسمه، لـ«الشرق الأوسط»، إن كل الأطراف الليبية المشاركة متوافقة حول ضرورة تشكيل حكومة وحدة وطنية، لكن لكل طرف شروطه وتصوره الخاص لسيرورة تشكيل هذه الحكومة. وأضاف المصدر ذاته: «في حال التوصل إلى اتفاق حول الإطار العام لتشكيل مثل هذه الحكومة في الجولة الحالية للحوار، يمكن أن تصبح الحكومة أمرا واقعا بعد نحو شهر»، مشيرا إلى أن الموضوع الرئيسي الذي هيمن على اليوم الأول من الحوار هو موضوع وقف إطلاق النار. وأوضح أنه «لا يمكن الحديث عن أي شيء قبل وقف الاقتتال. فما مصداقية التصريحات وإعلان المواقف، مهما كانت، في الوقت الذي يستمر فيه إهراق دماء الليبيين وتدمير بيوتهم».
وينعقد هذا الاجتماع في وقت طلبت فيه الحكومة الليبية، المعترف بها دوليا من لجنة العقوبات في مجلس الأمن الدولي، أول من أمس، عبر سفيرها لدى الأمم المتحدة «استثناءات على حظر الأسلحة المفروض عليها، والسماح لها بتعزيز قدراتها الجوية، لمواجهة الإرهابيين، وحماية الحقول والمنشآت النفطية وثروات البلاد».
كما ينعقد هذا الاجتماع بين مكونات برلماني طرابلس وطبرق، في وقت تتخوف فيه الدول المغاربية من الأخطار التي يشكلها مقاتلو «داعش» على أمن المنطقة، بعدما تمكن جزء مهم منهم من التسلل إلى الأراضي الليبية.
ومن المنتظر أن يلتئم سياسيون ليبيون، الأسبوع القادم، في الجزائر من أجل جولة جديدة من الحوار، حسبما أعلنت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا التي تحاول إيجاد حل سياسي للأزمة. وبهذا الخصوص قالت الجزائر التي تسعى بدورها إلى حل سياسي في ليبيا، إنها استقبلت حتى الآن 200 شخصية معنية بالأزمة في ليبيا التي تشهد أعمال عنف منذ سقوط العقيد معمر القذافي في 2011.
وكانت ليبيا قد غرقت منذ الإطاحة بنظام القذافي أواخر 2011 في الفوضى والعنف المسلح، وتتنازع السلطة فيها اليوم حكومتان وبرلمانان، في طرابلس وطبرق.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.