«الزعيم» بعيون رفاق الدرب

«عمر من البهجة»: شهادات في عادل إمام الإنسان و«الهرم الرابع»

TT

«الزعيم» بعيون رفاق الدرب

واحد وثمانون عاماً هو عمر عادل إمام؛ خمسون منها للعطاءات والتفوّق. يترافق الاسم مع هيبة برّاقة، تُقدّم مرتبته وتُرسّخ مكانته. مرّ عيده قبل مدّة، وقد حفر الثمانين حفراً، بالموهبة والقنص. لمعان كهذا، يتجوهر مع الوقت. تشترط قوانين الطبيعة على الأجساد البشرية الترهّل والذبول، لكنّها لا تقوى على إرادات جبارة تكرّست للإضحاك والفرح. فالتاريخ سلطان، يخلّد الروائع. تُعيّده «إم بي سي مصر»، بوثائقي يعرضه «شاهد VIP»، وتحلو استعادته، بعنوان «عمر من البهجة». «أنا الزعيم»، بصوته، تختصر الحديقة الفوّاحة.
استمر يُضحِك، حتى غاب في رمضان الماضي؛ وللغائب عذره، فإن كان من صنف عادل إمام، ظلّ مكانه محفوظاً. ولعله كرّر مواقف في مسلسلات، ولم يُوفّق في بعض النصوص، لكنّه دائماً «خفيف»، طاغٍ. ما له ليس لأحد، وما يتركه يبقى متروكاً للفراغ وكثافة الغبار. «هابي بيرث داي»، لشلالات البهجة، لوجه يمسح الهمّ، ولذاكرة لا تموت. «يلا حالاً بالاً هنّوا أبو الفصاد»، كما غنّاها في «السفارة في العمارة»، حول قالب حلوى؛ والكتاب - الهدية يتطاير، وهو هنا رواية لماركيز، لاعتباره عبثياً، لا يعني للمُحتفى به شيئاً. وعذراً ممن لم يشاهد الفيلم على الانجراف بالوصف.
يدخل الإعلامي مفيد فوزي كواليس فيلم «المنسي» للقاء «الزعيم». كان ذلك في عام 1993. أي قبل نحو ثلاثة عقود من هذه الأيام الجوفاء. الوثائقي، استعادة للحديث بين الرجلين، مع شهادات رفاق درب، لديهم ما يشاركونه في حب الفنان والإنسان. نتفهّم رداءة الصوت وضعف الصورة، فللزمن ظرفه وأحواله. ولعلّ القائمين على الشريط أرادوه من الأرشيف الصافي، من دون تدخّلات العصر. جمعوا المقاطع وأهدوها له. مع أمنيات سعيدة.
يسأله فوزي إن كان الزمن لا يزال منافسه، كما أجاب قبل عشر سنوات في لقاء جمعهما. «نعم، لا يزال». يسير الرجلان بجانب سكة حديد في موقع التصوير، ويتحدثان كصديقين. يتذكّر «الزعيم» حكاية من يوميات الموسيقار محمد عبد الوهاب، حين كان أحبّته يحتفلون بعيد ميلاده. «إيه شعورك؟»، سئل، «زي الزفت!»، أجاب. قصد أنّ عاماً قُطف من رزنامته، فأي معنى للابتهاج وأي داعٍ للغبطة؟
ومنافس آخر، «هو النجاح نفسه». يكملان السير بخطوات بطيئة، فيخبر فوزي أنّ عرض مسرحية «الواد سيد الشغال» استمر خمس سنوات، مما حرمه أدواراً كثيرة. «نجاحي ينافسني!». بشعرها البنّي، تمرّ يسرا في الشريط لتُبدي الإعجاب. تناديه «الأستاذ الكبير»، وتكمل: «ما أشبعش وما أزهقش منه»، لو تحدثت طويلاً عنه. أسماء كإلهام شاهين، ومحمد صبحي، وفؤاد المهندس، وكرم مطاوع وآخرين، يذكرونه بالخير، بالإبهار والجمال.
محطّات في مسيرة، هذه الشهادات. مع صور من مسرحياته بالأبيض والأسود، وحين كانت الألوان في بداياتها، تائهة بين الغبش والنقاء. يذكر صاحب «اللعب مع الكبار» يوم رفض عرضاً من إخراج شريف عرفة، وتوقّع فشله، فأصاب التوقُّع. ثم عملا معاً بعد صقل التجربة ونضج الفرصة. آنذاك، كان وجه «الزعيم» محصّناً ضد العمر، بجواره فوزي المُعجب بضيفه. سأله عن «الاتحاد مع الشخصية»، فردّ بكشف أحد أسراره: على الممثل إدارة الشخصية «وهي جوّاه». من الداخل. وسرد أنّه حين قدّم «شاهد ما شافش حاجة»، ظلّ يشعر بيدٍ تسدّد كفاً على رقبته. «شعور غريب»، إلى أن فسّره له الطب النفسي، فاستراح.
على شكل «بازل»، يذكّر الشريط بإنجازات السينما والمسرح. وفي نهايته، يظهر وجهه، كاختزال للمجد. «فنان حتى النخاع»، تقول يسرا، ويصفه محمد صبحي بـ«الهرم الرابع». لم يرقه سؤال مفيد فوزي عن كونه «النجم الأغلى أجراً في مصر». بطريقته في التحكم بتعابيره، يعبّر عن امتعاضه: «ما بحبش كده». يفضّل الكلام في أسرار المهنة، مستعيداً ذكريات فيلم «الهلفوت» حين لم يجد ملابس وإكسسوارات مناسبة للشخصية، حتى وقعت الصدفة على لاعب كرة قدم في حي العابدين، فاشترى ثيابه بخمسين جنيهاً. ومن حماسته خلعها في الشارع!
أجمعوا على أنّه ملتزم، وإنسان. «مع الصغيَّر والكبير»، تقول يسرا، وتحسم: «ما لهوش ثاني». عشق التمثيل، وتحلّى بـ«كيمياء الأداء». مرّت صور مع عائلته، «كبروا العيال»، وأصبح أولاده أصدقاءه. أخبر مفيد فوزي أنّ ظروف البلد تحرّكه، وبأنّه يتأمّل جيداً الشخصية قبل تجسيدها. الفنان بتفاصيله؛ من المكياج إلى اللباس والأداء، كلها أدوات نجاح. وثمة مفتاح يشرّع الأبواب: «كيفية التعامل مع الآخرين». «رح يبقى أمين علي وأنا بشتغل معاه»، تتحدث يسرا عن الأمانة، أعظم الفضائل.
يشبّه محمد صبحي عظمته بعظمة الستّ: «عنده جماهير زي أم كلثوم». مع فارق: كانت مصر آنذاك 30 مليوناً، وقبل 28 عاماً، يوم سُجّلت الشهادات، 60 مليوناً. اليوم، تتكاثر الملايين، ويتضاعف حجم الحب. «جاذبيته تستميل الناس من بعيد». وفي كل مرة يطلّ على المسرح، يعلو التصفيق. ويطول. وهو تصفيق له وللتاريخ. «يسرق الكاميرا»، ويسيطر. ملك «الفطرة الفنية». تحلّقوا حول سيرته، وهم شباب. اليوم، تتغيّر الملامح ويتجرأ العمر على بعثرة الوجوه. الوفاء لا يتغيّر. ثابت وأصيل، تُعتّقه السنوات، فيلمع ويشعّ.



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.