إعلان غير مسبوق لـ«حماس» عن فشل اللقاء مع المبعوث الأممي

إسرائيل تسمح بحركة بضائع محدودة من غزة وإليها

شرطي فلسطيني يوجه شاحنة محملة بمواد معدة للتصدير في معبر أبو كرم أمس (أ.ف.ب)
شرطي فلسطيني يوجه شاحنة محملة بمواد معدة للتصدير في معبر أبو كرم أمس (أ.ف.ب)
TT

إعلان غير مسبوق لـ«حماس» عن فشل اللقاء مع المبعوث الأممي

شرطي فلسطيني يوجه شاحنة محملة بمواد معدة للتصدير في معبر أبو كرم أمس (أ.ف.ب)
شرطي فلسطيني يوجه شاحنة محملة بمواد معدة للتصدير في معبر أبو كرم أمس (أ.ف.ب)

قال قائد «حماس» في قطاع غزة يحيى السنوار إن الوضع في القطاع، يتطلب ممارسة المقاومة الشعبية لإلزام إسرائيل بتخفيف الأزمة في قطاع غزة.
وأضاف السنوار بعد لقاء متوتر جمعه بوفد من الأمم المتحدة ترأسه المنسق الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط تور وينسلاند: «بالمجمل كان لقاء سيئاً. لم يكن إيجابياً باتجاه حل الأزمة في قطاع غزة، ولا توجد أي بوادر تشير إلى حل الأزمة الإنسانية هنا». وتابع أن «الاحتلال يحاول أن يبتز الشعب الفلسطيني في موضوع التخفيف عن سكان القطاع».
وكان وينسلاند وصل إلى غزة، أمس، من أجل متابعة مباحثات تثبيت التهدئة، لكن «حماس» أبلغته بأنها لن تقبل بدوره وسيطاً بهذه الطريقة، طالما لم يشكلوا (الأمم المتحدة) ضغطاً كافياً على إسرائيل. وأكد السنوار إبلاغ وينسلاند، رسمياً، بأن «حماس» تعتزم عقد اجتماعات مع الفصائل الفلسطينية لبحث سبل الضغط على إسرائيل. وأردف أن «الوضع الحالي يتطلب ممارسة المقاومة الشعبية، واضح جداً أن الاحتلال يحتاج إلى موقف ضغط بعد عدم فهمه لرسالة شعبنا خلال الأيام الأخيرة». واتهم السنوار إسرائيل بمحاولة ابتزاز الفصائل الفلسطينية في غزة، قائلاً إنهم يستمرون في منع المنحة القطرية التي توفر سبل العيش لفقراء غزة، إضافة إلى تضييق مساحة الصيد وإدخال الوقود إلى محطة الكهرباء. الاحتلال يعاقب كل مواطن فلسطيني في غزة عبر التيار الكهربائي الذي يصل إلى البيوت، وفي لقمة العيش».
وإعلان السنوار غير المسبوق عن فشل اللقاء مع وفد الأمم المتحدة، وتهديداته الواضحة، محاولة للضغط على إسرائيل والأطراف المختلفة، عبر التهديد الضمني باستئناف البالونات الحارقة من جديد، والتظاهر قبالة الحدود وتفعيل وحدات الإرباك الليلي، ما ينذر بتفجر الأوضاع في ظل اتباع إسرائيل سياسة جديدة تقضي بالرد على أي بالون. وكانت «حماس» أوقفت إرسال البالونات الحارقة من قطاع غزة تجاه المستوطنات الإسرائيلية القريبة، في اليومين الماضيين، لإعطاء فرصة دفع اتفاق التهدئة للأمام، واستجابت الحركة لطلبات من مصر والأمم المتحدة وقطر، بإعطاء فرصة لإعادة الوضع لما قبل حرب الـ11 يوماً التي اندلعت الشهر الماضي.
وتريد «حماس» إعادة فتح المعابر والسماح بتدفق الوقود والبضائع، وإدخال أموال المنحة القطرية كما كان معمولاً به، وتوسيع مساحة الصيد البحري بشكل سريع، ثم البدء بإعادة إعمار قطاع غزة، لكن إسرئيل تربط كل ذلك بعقد صفقة تبادل أسرى، وهو ما ترفضه الحركة.
وتهديدات السنوار جاءت بعد ساعات من إعلان مسؤولين إسرائيليين، أن «الحكومة الإسرائيلية ستخفف بعض القيود على خروج ودخول البضائع والبريد من وإلى قطاع غزة»، بعد حظر مشدد استمر منذ جولة القتال الأخيرة في الشهر الماضي. وقال مسؤولون في الجيش إنه بعد اجتماع أمني عقد الأحد، اتخذ القادة السياسيون قراراً بالسماح بخروج الصادرات الزراعية وصادرات المنسوجات من القطاع. وسيُسمح بتصدير السلع الزراعية إلى السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وخارجها، ولكن ليس إلى إسرائيل. وسيتم السماح بدخول المنسوجات إلى إسرائيل بناء على طلب محدد من شركة نسيج إسرائيلية تعمل مع الموردين في غزة، وكل ذلك سيتم عبر معبر كرم أبو سالم.
وأكد الفلسطينيون أنهم أُبلغوا برفع قيود إضافية. وقال صالح الزق، وهو مسؤول رفيع في الهيئة العامة للشؤون المدنية التابعة للسلطة الفلسطينية ومقيم في غزة: «أبلغ الجانب الإسرائيلي منذ فترة قصيرة الهيئة العامة للشؤون المدنية، بأنه سيُسمح بدخول وخروج البريد من وإلى قطاع غزة… بعد حظر استمر أكثر من شهر ونصف الشهر». ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن الزق قوله إنه سيتم الإفراج عن جوازات السفر التي بحوزة البريد الإسرائيلي. وفي الأسبوع الماضي، أفادت صحيفة «هآرتس» بأن نحو 5000 وثيقة سفر مصرح بها محتجزة في رام الله في انتظار إرسالها إلى أصحابها. وأضاف أن سكان غزة العالقين في الخارج منذ 10 مايو (أيار)، سيُسمح لهم الآن بدخول القطاع عبر معبر إيريز (بيت حانون) من إسرائيل. وقال إن تصدير الملابس والمواد الغذائية إلى إسرائيل والضفة الغربية سيستأنف أيضاً.
لكن ذلك لا يعد كافياً بالنسبة لقطاع غزة. وقال مدير عام التجارة والمعابر في وزارة الاقتصاد في القطاع، رامي أبو الريش، إنه تم فتح المعبر بشكل جزئي فقط. وأكد أبو الريش أن استمرار فتح المعبر بشكل جزئي، سيؤدي إلى شلل كامل في الحالة الاقتصادية، ما سيسبب إشكاليات كبيرة. ودعا أبو الريش المجتمع الدولي للضغط على الاحتلال وفتح المعبر بشكل كامل، دون أي قيود أو منع للبضائع والمواد الخام التي تشكل عصب الحياة للصناعات في القطاع الصغير.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».