إطلاق سراح متعامل مع إسرائيل يفتح ملف علاقة «حزب الله» بالجيش اللبناني

TT

إطلاق سراح متعامل مع إسرائيل يفتح ملف علاقة «حزب الله» بالجيش اللبناني

أعاد إفراج المحكمة العسكرية عن اللبناني - الأميركي جعفر غضبوني، المتهم بالعمالة لإسرائيل، الحديث عن علاقة «حزب الله» بالجيش اللبناني، وإمكانية توتر هذه العلاقة من باب أحكام القضاء العسكري بحق المتعاملين، وهو ما ظهر في تحرك لممثلي الأسرى والمحررين أمام المحكمة العسكرية اعتراضاً على الإفراج عن المتعامل السابق مع إسرائيل.
وكان الأمن العام اللبناني قد أوقف غضبوني في مطار بيروت الدولي في السادس من يونيو (حزيران) قادماً من الولايات المتحدة، وذلك بعد أن تبين ورود اسمه في البرقية (303) التي تضم أسماء مطلوبين خطيرين في مجال العمالة لإسرائيل، ليعود مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية بالإنابة، القاضي فادي عقيقي، ويفرج عنه بعد أيام، مع حجز جواز سفره اللبناني، وترك جوازه الأميركي معه.
وعمل غضبوني رقيباً في سلاح مشاة الجيش الإسرائيلي، وخدم في صفوفه لنحو 10 سنوات، وعمل إبان فترة الاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان في جهاز الاستخبارات التابع لميليشيا جيش لبنان الجنوبي المتعاملة مع إسرائيل التي كان يقودها أنطوان لحد.
ويرى الباحث السياسي المعارض لـ«حزب الله» علي الأمين أن مسألة العميل غضبوني، بطبيعة الحال، لن تتسبب بأي توتر في العلاقة بين «حزب الله» والمحكمة العسكرية أو الجيش، وذلك انطلاقاً من أنها «ليست قضية جوهرية للحزب»، مضيفاً: «لو كانت كذلك، لما ذهبت المحكمة باتجاه الإفراج عنه، وهو الاتجاه القانوني»، معتبراً في حديث مع «الشرق الأوسط» أنه «غالباً ما يدخل موضوع العملاء عند (حزب الله) في المزايدات، أو يستخدمه بالسياسة أو المقايضات، تماماً كما حصل عند إخلاء سراح العميل عامر الفاخوري».
وكانت المحكمة العسكرية في لبنان قد قضت، العام الماضي، بكف التعقبات عن الفاخوري الذي أوقف أيضاً في المطار على خلفية التعامل مع إسرائيل. وعدت المحكمة حينها أن «الجرائم المسندة إلى المتهم الفاخوري سقطت بمرور الزمن العشري، قبل أن ينتقل إلى الولايات المتحدة، ويتوفى هناك جراء مضاعفات وضعه الصحي».
وأضاف الأمين أنه لو أن «حزب الله» كان يريد أن يتشدد في موضوع محاسبة العملاء، لتقدم بمشروع قانون بهذا الصدد في مجلس النواب، وهو يملك أكثرية، فالمحكمة العسكرية في النهاية تنفذ القانون.
وفيما خص علاقة «حزب الله» بالجيش اللبناني بشكل عام، يقول الأمين إن «حزب الله» يرغب في جيش ضعيف، ولكن عملياً علاقة الطرفين بعيدة عن التوتر، وهي تأخذ مسافة من التصادم، وذلك انطلاقاً من أمرين اثنين: أولهما أن لهذا الحزب مريديه داخل الجيش، من دون أن يعني ذلك أنه يسيطر عليه طبعاً، ولكن يبقى للحزب تأثير كبير في التعيينات، من باب وجود الحزب بصفته قوة سياسية تدخل في المحاصصة. أما السبب الثاني الذي يجعل التصادم غير مطروح، فهو الوجود العسكري لـ«حزب الله» الذي يتطلب من الجيش التنسيق معه في مواضيع معينة عملاً بالتفاهمات اللبنانية.
وفي الإطار نفسه، يعد العميد المتقاعد جورج نادر أن علاقة «حزب الله» بالجيش اللبناني «تنطلق من البيان الحكومي. وواقع الحال أن الحكومات التي تعاقبت مؤخراً محكومة من (حزب الله) بحكم الأمر الواقع». أما فيما خص المحكمة العسكرية، فيشير نادر إلى أنها مستقلة تتبع مباشرة وزارة الدفاع، وأنها لا تتبع الجيش.
ويرى نادر أن «حزب الله» ليس من مصلحته «وجود جيش قوي لدرجة يفرض معها نفوذه على الأراضي اللبنانية، ويلغي أي سلاح غير سلاحه، ولا من مصلحته أن يكون الجيش قوياً لدرجة يمنع معها التهريب إلى سوريا، أو يراقب موضوع العمالة مع الخارج، على الرغم من أن الجيش قادر على هذه الأمور»، مضيفاً في حديث مع «الشرق الأوسط» أن الحزب «يستفيد من الجيش، كما يستفيد من ضعف مؤسسات الدولة؛ وكل الكلام الذي يقوله في الإعلام عن دعمه للجيش ما هو إلا كلام سياسي».
وكانت هيئة ممثلي الأسرى والمحررين قد نفذت، أمس، وقفة احتجاجية أمام المحكمة العسكرية رفضاً لعودة أي متعامل مع إسرائيل إلى لبنان من دون عقاب. وخلال الوقفة، قام مواطنون بحرق صور للعميلين غضبوني والفاخوري مستنكرين الضغوطات التي يتعرض لها القضاء العسكري في ملف العملاء.
وفي الإطار، يشير الأسير المحرر عضو هيئة ممثلي الأسرى والمحررين نبيه عواضة إلى أن تحرك الهيئة يأتي بالتزامن مع سلوك 3 مسارات قضائية: يتمثل الأول في «التقدم بطلب لمنع سفر العميل غضبوني عند قاضي الأمور المستعجلة»، والمسار الثاني يتمثل في «الادعاء بصفة شخصية أمام النيابة العامة التمييزية»، أما الثالث فيتثمل في «تقديم إخبار أمام المحكمة العسكرية حتى لا يتم ترسيخ ما حصل في قضية العميل الفاخوري، من أن جرم التعامل مع إسرائيل يسقط مع الزمن، لا سيما أن نتائج وتبعات الاحتلال الإسرائيلي لم تنتهِ بعد».
وعد عواضة، في حديث مع «الشرق الأوسط»، أن تحرك الهيئة يقع في خانة «رفض الإجحاف الذي تلحقه المحكمة العسكرية بالجيش، من خلال تساهلها مع العملاء، لا سيما أن الجيش قدم تضحيات في موضوع مقاومة إسرائيل»، مطالباً بـ«عدم تسييس القضاء العسكري عبر الضغط عليه إرضاء للولايات المتحدة، كون العميل أميركي الجنسية، مع العلم بأنه ارتكب جرمه قبل الحصول على الجنسية الأميركية».



«حماس» ترفض اتهامات «العفو الدولية» بارتكاب جرائم ضد الإنسانية

عناصر من «حماس» برفقة أعضاء من اللجنة الدولية للصليب الأحمر يتوجهون إلى حي الزيتون في مدينة غزة للبحث عن رفات الرهائن المتوفين (أ.ب)
عناصر من «حماس» برفقة أعضاء من اللجنة الدولية للصليب الأحمر يتوجهون إلى حي الزيتون في مدينة غزة للبحث عن رفات الرهائن المتوفين (أ.ب)
TT

«حماس» ترفض اتهامات «العفو الدولية» بارتكاب جرائم ضد الإنسانية

عناصر من «حماس» برفقة أعضاء من اللجنة الدولية للصليب الأحمر يتوجهون إلى حي الزيتون في مدينة غزة للبحث عن رفات الرهائن المتوفين (أ.ب)
عناصر من «حماس» برفقة أعضاء من اللجنة الدولية للصليب الأحمر يتوجهون إلى حي الزيتون في مدينة غزة للبحث عن رفات الرهائن المتوفين (أ.ب)

رفضت حركة «حماس»، الخميس، التقرير الصادر عن منظمة العفو الدولية، والذي اتهمتها فيه بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، واعتبرت أن ما ورد فيه ما هو إلا «أكاذيب»، وأن الدوافع خلفه «مغرضة ومشبوهة»، فيما قالت إسرائيل إن التقرير لا يعكس الحجم الواسع لهذه الجرائم.

خلص تقرير جديد لمنظمة العفو الدولية إلى أن «حماس» ارتكبت جرائم ضد الإنسانية خلال هجومها على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وبحق الرهائن الذين احتجزتهم في قطاع غزة.

وقالت المنظمة التي تتخذ من لندن مقراً إن تقريرها الذي نُشر الأربعاء حلّل أنماط الهجوم والاتصالات بين المقاتلين أثناء الهجوم، وبيانات أصدرتها حركة «حماس»، وتصريحات من قادة جماعات مسلحة أخرى.

ووفقاً لـ«رويترز»، أجرت منظمة العفو الدولية مقابلات مع 70 شخصاً، منهم ناجون وعائلات قتلى وخبراء طب شرعي وعاملون احترافيون في القطاع الطبي، وزارت بعض مواقع الهجوم، وراجعت أكثر من 350 مقطع فيديو وصورة فوتوغرافية لمشاهد الهجوم وللرهائن أثناء أَسرهم. وخلص تحقيق المنظمة إلى أن الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية شملت القتل والإبادة والسجن والتعذيب والاغتصاب، إضافة إلى أشكال أخرى من الاعتداء الجنسي والأفعال اللاإنسانية.

وقالت المنظمة في بيان: «ارتُكبت هذه الجرائم في إطار هجوم واسع النطاق وممنهج على سكان مدنيين. خلص التقرير إلى أن المقاتلين تلقوا تعليمات بتنفيذ هجمات تستهدف مدنيين».

ووفقاً لإحصاءات إسرائيلية، ولمنظمة العفو الدولية، قُتل نحو 1200 معظمهم من المدنيين، في هجوم «حماس»، وجرى احتجاز 251 رهينة، من بينهم أطفال. وجرى الإفراج عنهم جميعاً باستثناء واحد منذ ذلك الحين، معظمهم في إطار وقف إطلاق النار، وبعضهم في عمليات عسكرية إسرائيلية.

وخلص تقرير أصدرته منظمة العفو الدولية في ديسمبر (كانون الأول) 2024 إلى أن إسرائيل ارتكبت إبادة جماعية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة. ورفضت إسرائيل اتهامات الإبادة الجماعية، وقالت إن حربها ضد «حماس» وليس ضد الفلسطينيين.

رفض «حماس»

وقالت «حماس» في بيان: «ترديد التقرير أكاذيب ومزاعم حكومة الاحتلال حول الاغتصاب والعنف الجنسي وسوء معاملة الأسرى، يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن هدف هذا التقرير هو التحريض وتشويه المقاومة عبر الكذب وتبني رواية الاحتلال الفاشي، وهي اتهامات نفتها العديد من التحقيقات والتقارير الدولية ذات العلاقة».

وذكرت «حماس»: «نرفض ونستهجن بشدة التقرير الصادر عن منظمة العفو الدولية، والذي يزعم ارتكاب المقاومة الفلسطينية جرائم». وأضافت: «نطالب منظمة العفو الدولية بضرورة التراجع عن هذا التقرير المغلوط وغير المهني».

ولم يعلق المسؤولون الإسرائيليون بعدُ على تقرير المنظمة.

«لا يعكس حجم الفظائع»

من جهتها، قالت إسرائيل إن التقرير لا يعكس الحجم الواسع لهذه الجرائم.
وكتب المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية أورين مارمورشتاين على منصة «إكس»: «احتاجت منظمة العفو الدولية إلى أكثر من عامين للحديث عن جرائم حماس الشنيعة، وحتى الآن لا يعكس تقريرها إلى حد بعيد حجم الفظائع المروعة لحماس»، متهماً المنظمة الحقوقية بأنها «منظمة منحازة».


العليمي يدعو لاحتواء التصعيد في شرق اليمن ويشيد بدور السعودية

جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن يتفقدون شاحنة خارج مجمع القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن يتفقدون شاحنة خارج مجمع القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
TT

العليمي يدعو لاحتواء التصعيد في شرق اليمن ويشيد بدور السعودية

جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن يتفقدون شاحنة خارج مجمع القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن يتفقدون شاحنة خارج مجمع القصر الرئاسي في عدن (رويترز)

دعا رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن، رشاد العليمي، الخميس، القوى السياسية والقبلية والاجتماعية في محافظتي حضرموت والمهرة (شرق) إلى توحيد الصف خلف جهود الدولة والسلطات المحلية، بهدف احتواء تداعيات التصعيد الأمني والعسكري في المحافظتين.

وفي حين أشاد العليمي بالدور السعودي لإنهاء التوتر، حذر من انعكاسات هذه التوترات على الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، التي بدأت مؤشراتها بالظهور، مع إعلان صندوق النقد الدولي تعليق أنشطته الحيوية في اليمن نتيجة تفاقم البيئة الأمنية.

ونقل مصدر في مكتب رئاسة الجمهورية أن العليمي شدّد، خلال اتصالَين هاتفيَين مع محافظَي حضرموت سالم الخنبشي، والمهرة محمد علي ياسر، على ضرورة انسحاب جميع القوات الوافدة من خارج المحافظتين، وتمكين السلطات المحلية من أداء دورها الأمني والخدمي وفقاً للدستور والقانون.

كما أعاد التأكيد على توجيهاته السابقة بإجراء تحقيق شامل في جميع انتهاكات حقوق الإنسان المرتبطة بما وصفها بـ«الإجراءات الأحادية» للمجلس الانتقالي الجنوبي، بما في ذلك الاعتقالات التعسفية، والإخفاء القسري، والاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة، مع التشديد على مبدأ المحاسبة وعدم الإفلات من العقاب.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

وحذّر العليمي من خطورة أي تصعيد إضافي قد يؤدي إلى إراقة مزيد من الدماء ويعمّق الأزمة الاقتصادية والإنسانية، مشدداً على أن الأولوية الوطنية يجب أن تبقى منصبّة على مواجهة الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران، باعتبارها التهديد الأكبر للأمن والاستقرار.

وأشاد بجهود السعودية في خفض التوتر ودعم الاستقرار في محافظتَي حضرموت والمهرة، مؤكداً دعم الدولة الكامل لهذه الجهود، وحرصها على تعزيز دور السلطات المحلية في حماية السلم الاجتماعي ورعاية مصالح المواطنين.

إعادة الأمور إلى نصابها

حسب المصدر الرئاسي، شدد العليمي على ضرورة إعادة الأوضاع في المحافظتين إلى ما كانت عليه قبل التصعيد، واحترام مرجعيات المرحلة الانتقالية، وتمكين الحكومة والسلطات المحلية من أداء واجباتها الدستورية.

وحذر رئيس مجلس القيادة الرئاسي من أن الأوضاع المعيشية الصعبة التي يمر بها المواطنون «لا تحتمل فتح مزيد من الجبهات الداخلية»، داعياً جميع الأطراف إلى تغليب المصلحة العامة وعدم التفريط بالمكاسب الوطنية المحققة خلال السنوات الماضية، بما يضمن تركيز الجهود على المعركة الرئيسية ضد الحوثيين والتنظيمات الإرهابية المتخادمة معهم.

وتأتي دعوة العليمي في سياق أوسع من الرفض للإجراءات الأحادية في الشرق. فقد أصدر مجلس النواب بياناً عبّر فيه عن رفضه القاطع لأي تحركات عسكرية خارج إطار التوافق الوطني والمرجعيات السياسية، معتبراً التطورات الأخيرة «مخالفة صريحة للشرعية الدستورية وصلاحيات مجلس القيادة الرئاسي».

وفد سعودي زار حضرموت في شرق اليمن للتهدئة وتثبيت الاستقرار (سبأ)

وكان اللواء محمد القحطاني، الذي ترأس وفداً سعودياً زار حضرموت، قد شدد على أن الرياض ترفض «أي محاولات لفرض أمر واقع بالقوة» في المحافظتين، وتؤيد عودة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل التصعيد.

وأكد القحطاني أن السعودية، بصفتها قائدة لتحالف دعم الشرعية، تعمل على حلّ الأزمة عبر حزمة من الإجراءات تم الاتفاق عليها مع مختلف الأطراف، بما يشمل المجلس الانتقالي الجنوبي.

وأوضح أن هذه الإجراءات تهدف إلى تعزيز الأمن والاستقرار، ومنع انزلاق شرق اليمن إلى صراعات جديدة. ووفق الإعلام الرسمي اليمني، فقد شملت مباحثات الوفد ترتيبات عاجلة للتهدئة ووقف التحشيدات، بالتوازي مع دعم السلطات المحلية وتمكينها من أداء مهامها.


الأمم المتحدة تطلب 2.5 مليار دولار للاحتياجات الإنسانية في اليمن

مجموعة من الصبية النازحين يتجمعون داخل مخيم مؤقت وسط طقس بارد في صنعاء (إ.ب.أ)
مجموعة من الصبية النازحين يتجمعون داخل مخيم مؤقت وسط طقس بارد في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الأمم المتحدة تطلب 2.5 مليار دولار للاحتياجات الإنسانية في اليمن

مجموعة من الصبية النازحين يتجمعون داخل مخيم مؤقت وسط طقس بارد في صنعاء (إ.ب.أ)
مجموعة من الصبية النازحين يتجمعون داخل مخيم مؤقت وسط طقس بارد في صنعاء (إ.ب.أ)

حذّرت الأمم المتحدة من اتساع غير مسبوق في رقعة الاحتياجات الإنسانية باليمن خلال العام المقبل، مؤكدة أن البلاد تتجه نحو إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم ما لم يتوفر التمويل العاجل لخطة الاستجابة.

وأظهر أحدث البيانات الأممية أن 23.1 مليون يمني (نحو ثلثي السكان) سيحتاجون إلى مساعدات منقذة للحياة، في وقت أعلنت فيه المنظمة الدولية حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لتمويل خطة لن تصل إلا إلى أقل من نصف هذا العدد.

وجاء هذا التحذير في سياق نداء تمويلي جديد شددت فيه الأمم المتحدة على أن خطة الاستجابة للعام المقبل ستستهدف فقط 10.5 مليون شخص، وأن التدخلات ستركز بشكل صارم على الجوانب الأشد إلحاحاً، مثل منع المجاعة، وعلاج سوء التغذية، واحتواء تفشي الأمراض، خصوصاً في المناطق النائية والمحرومة من الخدمات.

إلا إن الخطة لم تقدم توضيحات بشأن كيفية تنفيذ الأنشطة في مناطق سيطرة الحوثيين التي تشهد قيوداً متصاعدة، بعد أن أغلقت الجماعة مكاتب تابعة للأمم المتحدة ومنظمات دولية منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، واعتقلت العشرات من موظفيها، بينهم 59 موظفاً أممياً.

23.1 مليون يمني سيكونون دون مساعدات مع حلول العام الجديد (إعلام محلي)

وفي سياق استعراضها الأوضاع، أكدت الأمم المتحدة أن استمرار الصراع، وتدهور الاقتصاد، والصدمات المناخية، إلى جانب القيود المفروضة على الوصول الإنساني، ونقص التمويل... كلها عوامل عمّقت الاحتياجات الإنسانية بدرجة غير مسبوقة.

وكشفت بيانات خطة الاستجابة عن وجود 18.1 مليون شخص يواجهون بالفعل انعداماً حاداً في الأمن الغذائي، منهم 5.8 مليون شخص يعيشون مستويات جوع طارئة، و40 ألف شخص معرضون لخطر المجاعة المباشرة.

كما يعاني 2.5 مليون طفل دون الخامسة و1.3 مليون امرأة حامل ومرضعة من سوء التغذية الحاد، وسط تراجع كبير في برامج التغذية والدعم الغذائي خلال الأشهر الماضية.

تفاقم انهيار الخدمات

أوضحت الأمم المتحدة أن الخدمات الحيوية، مثل الرعاية الصحية، والمياه، والصرف الصحي، والمأوى... تعرضت لانهيار كبير خلال العامين الماضيين، مشيرة إلى أن 8.41 مليون شخص يواجهون صعوبة في الحصول على الرعاية الصحية الأساسية، فيما يعيش 15 مليوناً في ظل انعدام الأمن المائي، ويُحرم 17.4 مليون شخص من خدمات الصرف الصحي والنظافة.

كما تسبب ضعف البنية الأساسية والاجتماعية في زيادة الاحتياج إلى خدمات الحماية لأكثر من 16 مليون شخص، بينهم 4.7 مليون نازح داخلي يتوزعون على مئات المخيمات ومواقع النزوح، إلى جانب 6.2 مليون شخص (غالبيتهم نساء وفتيات) يحتاجون إلى خدمات الحماية من العنف القائم على النوع الاجتماعي.

1.3 مليون يمنية يواجهن سوء التغذية الحاد مع تراجع الدعم الدولي (إعلام محلي)

ويضاف إلى ذلك 2.6 مليون طفل خارج المدرسة؛ بسبب النزوح، والفقر، والتدهور المستمر في البنية التعليمية، فيما تأثر أكثر من 1.5 مليون شخص بالصدمات المناخية، مثل الفيضانات والعواصف خلال العام الحالي.

وتوضح هذه المؤشرات أن الوضع في اليمن يسير نحو مزيد من الانهيار ما لم يُتعامل معه بحزمة عاجلة من التمويل والتدخلات الميدانية، مع رفع القيود التي تعرقل وصول المساعدات إلى الفئات الأضعف.

قيود الحوثيين

ومنذ أغسطس (آب) الماضي، تضاعفت القيود التي يفرضها الحوثيون على أنشطة الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية الأخرى في مناطق سيطرتهم، حتى وصلت إجراءاتهم إلى اقتحام مكاتب أممية ومصادرة أصولها وإغلاقها؛ مما أدى إلى توقف برامج أساسية، مثل «برنامج الأغذية العالمي» الذي كان يوفر مساعدات لنحو 13 مليون يمني.

وتقول الأمم المتحدة إن هذه الإجراءات حرمت ملايين اليمنيين من التدخلات الأساسية، خصوصاً مع تقييد حركة العاملين الإنسانيين واعتقال موظفين أمميين منذ فترات طويلة دون إجراءات قانونية.

الحوثيون أغلقوا مكاتب الأمم المتحدة واعتقلوا 59 من موظفيها (إعلام محلي)

وفي هذا السياق، جدد الأمين العام للأمم المتحدة الإعراب عن «قلقه البالغ» من استمرار احتجاز الحوثيين 59 من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات العاملين في منظمات غير حكومية وبالمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

وقال المتحدث باسمه، ستيفان دوجاريك، إن المحتجزين يخضعون للعزل عن العالم الخارجي؛ «بعضهم منذ سنوات»، دون أي إجراءات قانونية، في انتهاك واضح للقانون الدولي الذي يكفل لهم الحصانة، خصوصاً بشأن مهامهم الرسمية.

ودعا دوجاريك سلطات الحوثيين إلى التراجع عن إحالة هؤلاء الموظفين إلى محكمتهم الجنائية الخاصة، والعمل فوراً وبحسن نية على الإفراج عن جميع المحتجزين من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية والسلك الدبلوماسي.

وأكد أن الأمم المتحدة ستظل ملتزمة دعم الشعب اليمني وتقديم المساعدات الإنسانية «وفق مبادئ الحياد وعدم التحيز»، رغم التحديات الكبيرة التي تواجه عملها في البلاد.