المعارضة التونسية لسحب الثقة من حكومة المشيشي

قالت إنها «ارتكبت انتهاكات متكررة في حق الشعب»

رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي (رويترز)
رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي (رويترز)
TT

المعارضة التونسية لسحب الثقة من حكومة المشيشي

رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي (رويترز)
رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي (رويترز)

في ظل توتر أمني واجتماعي، ترجمته المواجهات التي شهدتها منطقة سيدي حسين السيجومي، الواقعة غرب العاصمة التونسية، بين قوات الأمن وأعداد كبيرة من الشبان، الذين عمدوا إلى غلق الطرقات، وإحراق العجلات المطاطية وحاويات الفضلات، ومحاولة استهداف بعض مقرات الأمن بالجهة، تعكف الكتلة الديمقراطية (38 نائبا برلمانيا)، المكونة من حزبي التيار الديمقراطي وحركة الشعب، على صياغة عريضة لسحب الثقة من رئيس الحكومة ووزير الداخلية بالإنابة هشام المشيشي، وذلك على خلفية ما وصفته بـ«الانتهاكات المتكررة في حق الشعب التونسي منذ توليه هذه الوزارة». وأكدت معطيات من داخل البرلمان التونسي أن العريضة، التي تقودها المعارضة، لم تتبلور بعد بالكامل بسبب وجود خلافات في وجهات النظر بين مجموعة تريد سحب الثقة من المشيشي، باعتباره وزيرا للداخلية بالإنابة منذ الخامس من شهر يناير (كانون الثاني)، ومجموعة ثانية تريد سحب الثقة منه باعتباره رئيسا للحكومة، أو سحب الثقة من الحكومة بأكملها.
وتسعى الكتلة الديمقراطية إلى جمع توقيع ثلث النواب (73 نائبا) لتمرير العريضة للجلسة العامة، والتي تتطلب تصويت 109 نائبا للمصادقة عليها وسحب الثقة من الحكومة.
في سياق ذلك، طالب أحمد بن مصطفى، رئيس كتلة حركة «تحيا تونس» المشيشي بالحضور في جلسة مساءلة داخل البرلمان، مشددا على ضرورة الحسم في منصب وزارة الداخلية بشكل نهائي لأنها تشهد تسابقا محموما بهدف إخضاع أجهزتها الأمنية لنفوذ وسلطة بعض الأطراف السياسية، على حد قوله.
وتلقى المعارضة دعما قويا من الرئيس قيس سعيد، الذي انتقد اعتداء بعض قوات الأمن على طفل في منطقة سيدي حسين، مبرزا أن تونس «تمر بأوضاع لم تمر بها من قبل، وهي أوضاع شديدة الخطورة وتنبئ بمخاطر أكبر». وقال سعيّد خلال استقباله المشيشي، وحسناء بن سليمان، وزيرة العدل بالإنابة، إن ما حصل هذه الأيام «ينذر بخطر شديد على الدولة»، مشددا على أنه «لن يترك الدولة التونسية تسقط... وما يحدث غير مقبول».
من ناحيته، اعتبر المشيشي أن أحداث سيدي حسين «لا تمثل قوات الأمن، بل فقط أولئك الأشخاص الذين قاموا بها»، وأوضح أنه تم إيقاف الأمنيين المعتدين عن العمل وإحالتهم إلى القضاء. منتقدا «الأشخاص الذين استغلوا هذه الحادثة لتسجيل نقاط سياسية لأنها لم تفيد في شيء، بل ينبغي عليهم عوض ذلك إعطاء حلول حقيقية». على صعيد آخر، حمّلت حركة الشعب المعارضة، وزارة الداخلية «المسؤولية الكاملة عن تأمين حياة النائبين بدر الدين القمودي، وعلي بن عون»، وطالبت بالإسراع في متابعة من حاول دهسهما، خاصة وأن الجهة التي تقف وراء الحادثة «أصبحت معلومة»، على حد تعبيرها. مؤكدة أن «كل محاولات التضييق لن تثني نواب الحركة عن المضي قدما في فضح اللوبيات المستفيدة من الفساد والأطراف السياسية الشريكة لها».
ويأتي هذا الموقف إثر تعرض النائبين القمودي وبن عون، مساء أول من أمس، إلى محاولة دهس بواسطة سيارة رباعية الدفع، تأكد أنها تحمل علامات إحدى الشركات الناشطة في مجال النفايات بمحافظة صفاقس(وسط شرقي).
وكانا النائبان القمودي وبن عون، وهما من لجنة برلمانية تهتم بمكافحة الفساد، بصدد زيارة مصب للنفايات بمدينة عقارب بولاية صفاقس، قد أكدا أن المصب يمثل خطرا على صحة وحياة الأهالي، حين تعرضهما لمحاولة الدهس المذكورة. وكشفت هذه اللجنة البرلمانية خلال الأشهر الماضية عن عدة ملفات فساد، من بينها ملف النفايات الإيطالية، وصفقات القمح والأرز الفاسد المستورد من الخارج.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.