موجات مغناطيسية مثيرة في الغلاف الضوئي للشمس

موجات مغناطيسية مثيرة  في الغلاف الضوئي للشمس
TT

موجات مغناطيسية مثيرة في الغلاف الضوئي للشمس

موجات مغناطيسية مثيرة  في الغلاف الضوئي للشمس

كشف باحثون عن وجود موجات بلازما مغناطيسية، تعرف باسم «موجات ألفين»، في الغلاف الضوئي للشمس، وأعلنوا عن هذا الاكتشاف في دراسة نشرتها مجلة «نيتشر أسترونومي» في 11 مايو (أيار) الماضي.
الموجات اكتشفها لأول مرة العالم الحائز على جائزة نوبل هانيس ألفين عام 1947 وتكمن الإمكانات الهائلة لها في قدرتها على نقل الطاقة والمعلومات عبر مسافات كبيرة جداً بسبب طبيعتها المغناطيسية البحتة، وبالتالي فإن اكتشاف هذه الموجات في الغلاف الضوئي الشمسي، وهي الطبقة الدنيا من الغلاف المحيط بالشمس، يمثل الخطوة الأولى نحو استغلال خصائص هذه الموجات المغناطيسية.
وبالإضافة لذلك، فإن قدرة موجات ألفين على حمل الطاقة هي أيضاً ذات أهمية بالنسبة للفيزياء الفلكية والشمسية والبلازما، لأنها يمكن أن تساعد في تفسير التسخين الشديد للغلاف الجوي الشمسي، وهو لغز لم يتم حله لأكثر من قرن.
وتتشكل موجات ألفين عندما تتأرجح الجسيمات المشحونة (الأيونات) استجابة للتفاعلات بين المجالات المغناطيسية والتيارات الكهربائية.
ويمكن أن تتشكل حزم المجالات المغناطيسية، المعروفة باسم أنابيب التدفق المغناطيسي الشمسي، داخل الغلاف الجوي الشمسي، رغم أن موجات ألفين تظهر في أحد شكلين في أنابيب التدفق المغناطيسي الشمسية، إما الارتباطات الالتوائية المتناظرة (حيث تحدث التذبذبات المتناظرة حول محور أنبوب التدفق) وإما الارتباطات الالتوائية المضادة المتماثلة (حيث تحدث التذبذبات كدوامتين تدوران في اتجاهين متعاكسين في أنبوب التدفق).
ورغم الادعاءات السابقة، لم يتم تحديد موجات ألفين الالتوائية بشكل مباشر في الغلاف الضوئي الشمسي، حتى في أبسط أشكالها من التذبذبات المحورية المتماثلة لأنابيب التدفق المغناطيسي. وفي هذه الدراسة، استخدم الباحثون ملاحظات عالية الدقة للغلاف الجوي الشمسي، بواسطة جهاز التصوير IBIS على متن القمر الصناعي «أنتيغرال»، لإثبات وجود الموجات الالتوائية المضادة المتناظرة التي تم التنبؤ بها لأول مرة منذ حوالي 50 عاماً.
ووجدوا أنه يمكن استخدام هذه الموجات لاستخراج كميات هائلة من الطاقة من الغلاف الضوئي الشمسي، مما يؤكد إمكانات هذه الموجات في مجموعة واسعة من مجالات البحث والتطبيقات الصناعية.
وبالإضافة إلى هذه الملاحظات، أجرى الباحثون في جامعة كوين ماري البريطانية عمليات محاكاة لاستكشاف آليات الإثارة لهذه الموجات المراوغة. وصمم باحثو كوين ماري وأقاموا محاكاة مغناطيسية هيدروديناميكية (MHD)، والتي تُستخدم لنمذجة ديناميكيات السوائل الممغنطة مثل تلك الموجودة في الغلاف الجوي الشمسي، لإعادة إنتاج ملاحظات الفريق.
يقول الدكتور ديفيد تسيكلوري، كبير المحاضرين الزائرين في الفيزياء وعلم الفلك بجامعة كوين ماري: «المدهش هو أن فكرتنا القائلة بأن موجة ألفين المستقطبة خطياً التي تقود أسفل أنبوب التدفق المغناطيسي ستؤدي إلى توليد التذبذبات الالتوائية في أنبوب التدفق بأكمله، كانت صحيحة لمجموعة واسعة من الوسائط الفيزيائية، حيث كانت كل من الملاحظات والمحاكاة تشير إلى اكتشاف موجات ألفين».
ويأمل الباحثون أن يكونوا قادرين على استخدام الفرص الجديدة التي توفرها المرافق التي تم تدشينها مؤخراً، مثل القمر الصناعي (سولار أوروبيتر) و(تلسكوب الشمس دكيست) لمواصلة البحث حول خصائص موجات ألفين، وربما الكشف عن مزيد من المعلومات والأسرار الأساسية للشمس.


مقالات ذات صلة

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

علوم النموذج تم تطويره باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

أنتجت مجموعة من العلماء هيكلاً يشبه إلى حد كبير الجنين البشري، وذلك في المختبر، دون استخدام حيوانات منوية أو بويضات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم الهياكل الشبيهة بالأجنة البشرية تم إنشاؤها في المختبر باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء يطورون «نماذج أجنة بشرية» في المختبر

قال فريق من الباحثين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إنهم ابتكروا أول هياكل صناعية في العالم شبيهة بالأجنة البشرية باستخدام الخلايا الجذعية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

تمكنت مجموعة من العلماء من جمع وتحليل الحمض النووي البشري من الهواء في غرفة مزدحمة ومن آثار الأقدام على رمال الشواطئ ومياه المحيطات والأنهار.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
علوم صورة لنموذج يمثل إنسان «نياندرتال» معروضاً في «المتحف الوطني لعصور ما قبل التاريخ» بفرنسا (أ.ف.ب)

دراسة: شكل أنف البشر حالياً تأثر بجينات إنسان «نياندرتال»

أظهرت دراسة جديدة أن شكل أنف الإنسان الحديث قد يكون تأثر جزئياً بالجينات الموروثة من إنسان «نياندرتال».

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

توصلت دراسة جديدة إلى نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات على كوكب الأرض مشيرة إلى أن نظرية «تبلور العقيق المعدني» الشهيرة تعتبر تفسيراً بعيد الاحتمال للغاية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

المستقبل الغريب للحوم المستزرعة في المختبر

المستقبل الغريب للحوم المستزرعة في المختبر
TT

المستقبل الغريب للحوم المستزرعة في المختبر

المستقبل الغريب للحوم المستزرعة في المختبر

تلتمع «بارفيه» السمّان (وهي لحم مسحون لطير السمّان) على صحني، مقترنة بقرص من الذرة المقلية. وللوهلة الأول، يبدو هذا كنوع من طعام العشاء الفاخر الذي ستجده في العديد من المطاعم الراقية: عجينة غنية وردية مغطاة بالفلفل المخلل، وزهرة صالحة للأكل، ولمحة من الكوتيجا (الجبن المكسيكي المعتّق).

لحم طير مختبري

ولكن العرض التقليدي لهذا اللحم يحجب حقيقة أعمق، فهذه الوجبة غير تقليدية، بل وراديكالية. ومن بعض النواحي، تختلف عن أي شيء شهده العالم في أي وقت مضى.

لم تُصنع عجينة اللحم الموجودة على طبقي بالطريقة التقليدية مع كبد الإوزّ. لقد تمت زراعة اللحم من خلايا النسيج الضام لجنين السمان الياباني الذي تم حصاده منذ سنوات، وتم تحفيزه وراثياً على التكاثر إلى الأبد في المختبر. وقد قُدم لي هذا الطبق في فعالية «أسبوع المناخ» في نيويورك من قبل جو تيرنر، المدير المالي في شركة «فاو» الأسترالية الناشئة للتكنولوجيا الحيوية.

إن تسمية السمان «اللحم المستزرع في المختبرات» تعد تسمية خاطئة. فهذه النسخة الشبيهة بالهلام من السمان كانت تُزرع في مصنع حقيقي للحوم الخلوية، وهو الأول والأكبر من نوعه. وعلى وجه التحديد زرعت في خزان طوله 30 قدماً، وسعته 15 ألف لتر في مصنع «فاو» في سيدني، حيث، حتى كتابة هذه السطور، يمكن للشركة إنتاج 2000 رطل (الرطل 152 غراماً تقريباً) من السمان كل شهر.

وهذه كمية ضئيلة مقارنة بالكميات المتوفرة في مرافق اللحوم التقليدية، لكنها تمثل خطوة كبيرة إلى الأمام بالنسبة إلى التكنولوجيا التي - على مدى العقد الماضي - أسست سمعتها بالكامل تقريباً على تقديم قطع صغيرة شهية في جلسات التذوق الصحفية الفردية.

نجاحات وإخفاقات

وقد بدأت «فاو» للتو أعمالها هذه مع ما يقرب من 50 مليون دولار من تمويل شركات أخرى مثل «بلاكبيرد فينشرز»، و«بروسبيرتي 7»، و«تويوتا فينشرز» (التي رعت فاعلية أسبوع المناخ). وقامت الشركة حديثاً بتركيب مفاعل بيولوجي كبير آخر سعته 20 ألف لتر هذه المرة، أكبر بنسبة 33 في المائة من الأول. ومع تشغيل المفاعلين على الإنترنت، تُقدر الشركة أنها سوف تنتج قريباً 100 طن من السمان المستزرع كل عام.

قد يبدو كل ذلك متناقضاً مع التقارير السابقة، إذ وصف مقال استقصائي نشرته أخيرا صحيفة «نيويورك تايمز» كيف أن قطاع اللحوم المستزرعة الناشئ قد خرج عن مساره بسبب العقبات الاقتصادية والتقنية، رغم سنوات من الضجيج، وسلسلة من الموافقات التنظيمية البارزة، و3 مليارات دولار من الاستثمار.

جمعت شركة «أب سايد فودز»، ومقرها في بيركلي، بولاية كاليفورنيا، أكثر من 600 مليون دولار لتقييم نموذج لشريحة دجاج تبين أنها يمكنها أن تصنعه يدوياً فقط في أنابيب اختبار صغيرة، في حين أن محاولة شركة «إيت جاست»، ومقرها في كاليفورنيا لبناء مصنع للحوم أكبر 50 مرة من مصنع «فاو» انتهت بدعاوى قضائية ومشاكل مالية والقليل للغاية من الدجاج المستزرع.

وقد وعدت الجهات الداعمة لهذا القطاع بمحاكاة اللحوم التي نشأنا على تناولها، اللحم البقري والدجاج، من دون المعاناة التي تعرضت لها الحيوانات والطيور، ومن دون انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري. ولكن اليوم لم يعد هناك أي منتج متاح إلا بالكاد في هذه الصناعة. لقد حان الوقت، كما كتبتُ، للاعتراف بحقيقة أن هذا الحلم قد مات.

تطويرات غير مألوفة

كيف تستعد شركة «فاو» لشحن المنتجات بكميات كبيرة؟ بالتخلي عن المألوف واعتماد غير المألوف. إذ وبدلاً من محاولة إنتاج قطع الدجاج الصغيرة والبرغر، ركزت «فاو» على ما يمكن أن تقدمه الخزانات الفولاذية الكبيرة المليئة بالخلايا بشكل موثوق به في المدى القصير: منتجات غريبة ومميزة مخصصة لسوق السلع الفاخرة، وهي فئة جديدة من الأطعمة التي يسميها جورج بيبو الرئيس التنفيذي لشركة «فاو»: «اللحوم الغريبة».

اللحوم الغريبة هي انحراف عمّا وعدت به صناعة اللحوم الخلوية بالأساس. سيكون الأمر مكلفاً، في البداية. ابتداء من نوفمبر (تشرين الثاني)، كانت شركة «فاو» تبيع بارفيه السمان لأربعة مطاعم في سنغافورة مقابل 100 دولار للرطل. وسوف تتميز هذه اللحوم بمذاق وقوام غير موجودين في الطبيعة. وسوف تُصنع من الحيوانات التي لم يعتد الناس أكلها. فكروا في التمساح، والطاووس، وطائر الغنم، وغيرها. في العام الماضي، تصدرت «فاو» عناوين الأخبار العالمية بعد «كرات اللحم الضخمة» - وهي نموذج أولي ضخم وفريد مختلط مع خلايا الفيل والحمض النووي لحيوان الماموث الصوفي - مما أدى إلى ظهور مقطع ذائع الانتشار في برنامج «العرض الأخير» مع ستيفن كولبرت. في نهاية المطاف، تأمل «فاو» في أن يمنحها إنشاء سوق فاخرة قوية للحوم الغريبة الفرصة لخفض التكاليف تدريجياً من خلال مواصلة البحث والتطوير، رغم أنها سوف تحتاج أولاً إلى تطبيع فكرة تناول الأنواع غير التقليدية.

غرائب الأطباق

عندما أنظر إلى طبق بارفيه السمان خاصتي، يدهشني أنني لم أتناول السمان من قبل. أتناول قضمة، ويكون الطعم خفيفاً ومليئاً مثل الزبدة المخفوقة، مع ملاحظات بطعم معدني دقيق أقرنه بالكبد. إنها تمثل بداية عصر جديد غامض، عصر ستكون فيه اللحوم المستزرعة متوافرة أخيراً، ولكن ليس بالطريقة التي يتوقعها أي شخص.

* مجلة «فاست كومباني»

ـ خدمات «تريبيون ميديا»