قلق في إسرائيل من انعكاس التطورات السياسية على «التهدئة»

مسؤول فلسطيني حذر من تحويل إعمار غزة إلى ابتزاز سياسي

عرض فني على أنقاض مبان مهدمة في غزة أمس (د.ب.أ)
عرض فني على أنقاض مبان مهدمة في غزة أمس (د.ب.أ)
TT

قلق في إسرائيل من انعكاس التطورات السياسية على «التهدئة»

عرض فني على أنقاض مبان مهدمة في غزة أمس (د.ب.أ)
عرض فني على أنقاض مبان مهدمة في غزة أمس (د.ب.أ)

قالت وسائل إعلام إسرائيلية، إن مصر تدرس احتمال تأجيل اللقاء المخطط له الأسبوع المقبل في القاهرة مع وفد إسرائيلي وآخر من حماس بشأن صفقة تبادل الأسرى.
ونقلت هيئة البث الإسرائيلية العامة الناطقة بالعربية، عن مصادر لم تحددها، أن إلغاء اللقاء القريب، قد يعود لأسباب تتعلق بالتطورات السياسية في إسرائيل المتعلقة بإمكانية تشكيل حكومة جديدة.
ويفترض أن يطير الأسبوع المقبل وفد إسرائيلي إلى القاهرة لبحث صفقة الأسرى مع حماس. لكن مصادر وسائل إعلام إسرائيلية، ترجح أن يكون لدى المصريين انطباع بأنه في الوقت الحال، وبسبب الوضع السياسي، لا تملك إسرائيل القدرة على المضي قدماً في مثل هذه الصفقة، وهذا يدعو إلى التشكيك في عقد الاجتماع. ويفترض أن يكون رئيس مجلس الأمن القومي مئير بن شبات، قد عقد أمس جلسة حول القضية بمشاركة ممثلين عن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية.
ولم يخف مسؤولون إسرائيليون قلقهم من تأجيل محادثات التهدئة برمتها في مصر، بسبب الأزمة السياسية، باعتبار أن موافقة إسرائيل على بحث إعادة الإعمار مشروطة بمناقشة قضية الجنود الأسرى. وكانت مصر استدعت إسرائيل وحماس والسلطة الفلسطينية، لإجراء محادثات في القاهرة استمراراً لوقف إطلاق النار بين الطرفين.
ويفترض أن تلتقي الفصائل الفلسطينية الأسبوع المقبل في القاهرة، برعاية الرئيس الفلسطيني محمود عباس، بعد اتفاق وزير المخابرات المصري معه السلطة وحماس والفصائل الفلسطينية، أثناء زيارته إلى رام الله وغزة يومي الأحد والاثنين، على إطلاق حوار وطني شامل في القاهرة من أجل ترتيب البيت الفلسطيني واستكمال مسار إنهاء الانقسام.
هذا ولم توزع مصر، حتى أمس، أي دعوات على الفصائل الفلسطينية للحضور إلى القاهرة، لكن مصدرا قريبا من حركة حماس أكد لـ«الشرق الأوسط» أنه لا تغيير على مخططات دعوة الفصائل بما فيها حركة حماس الأسبوع القادم.
وأضاف المصدر أنه «بغض النظر إذا كانت مصر ستستدعي وفدا إسرائيليا أم لا، فإن حماس لا تتفاوض مباشرة مع الإسرائيليين، وهي ذاهبة إلى مصر لمناقشة كل الملفات، صفقة تبادل وتهدئة وإعمار غزة وملفات أخرى، مع مصر من جهة، ومع الفصائل من جهة ثانية».
وتريد مصر تحقيق وحدة فلسطينية وصولا إلى هدنة شاملة في الأراضي الفلسطينية، تسمح بإعادة إعمار قطاع غزة وإطلاق عملية سياسية جديدة.
وقال مسؤولون فلسطينيون إن الرئيس عباس أبلغ كامل أنه مستعد فورا لتشكيل حكومة وحدة وطنية يكون على رأس أولوياتها الإشراف على إعادة إعمار قطاع غزة. لكن عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، صبري صيدم، اتهم إسرائيل بأنها لا ترى في ملف إعادة الإعمار إلا ملفا جديدا لابتزاز الفلسطينيين. ودعا في تصريحات للتلفزيون الفلسطيني، إلى «مزيد من الضغط العربي والدولي على حكومة الاحتلال، لإنهاء معاناة المواطنين المتضررين، والحيلولة دون تحويل ملف الإعمار لابتزاز سياسي».
وشدد صيدم على ضرورة وجود حراك دولي باتجاه ترجمة جهود القيادة، إلى حل دائم للقضية الفلسطينية، وألا ينحصر الموضوع في التهدئة. وأكد صيدم أن الرئيس محمود عباس يبذل جهودا كبيرة لإيجاد حراك دولي وتعظيمه بإشراك أكبر عدد من المؤسسات، لاتخاذ الخطوات العملية لدفع وتحفيز الجميع من أجل تحقيق عملية السلام.
وحذر المسؤول الفلسطيني من خطورة الأوضاع في القطاع، بقوله: «الأوضاع في غزة قبل العدوان الأخير كانت مأساوية، نتيجة الحصار وانعدام بعض الخدمات الأساسية ومشكلة الكهرباء، إلا أن المعاناة زادت بعد جولة القصف المهولة وأصبح حجم الدمار كبيرا جدا».
وفيما يتعلق بالشأن الداخلي، أضاف صيدم أن اللجنة المركزية لحركة فتح، اتخذت قرارا بأن تكون في حالة انعقاد دائم لمتابعة تفاصيل تطور العملية السياسية، وشكلت لجنة داخل اللجنة المركزية، عضويتها من نصف عدد أعضاء المركزية، ناقشت الشأن الداخلي ووضعت ورقة عمل، ثم ارتأت في اجتماعها أن ينبثق عنها تسع مجموعات عمل تغطي المحاور الحركية التي تخص الشأن الداخلي الفلسطيني، حتى يتم دعوة بقية الأطر للانخراط في عملية النقاش في إطار العناوين التي حددتها لعمل المجموعات.
وقال: «سنخرج بتصور مشترك يوضع على طاولة اللجنة المركزية بقيادة الرئيس لوضع خطة لمواجهة القضايا كافة». وثمن صيدم دور مصر ودعوتها لانعقاد اجتماع عاجل للفصائل في القاهرة خلال الأيام المقبلة، للاتفاق على رؤية موحدة للحراك الوطني الفلسطيني.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.