دعوة أممية لـ«إبعاد السياسة» عن التحقيق في منشأ «كوفيد ـ 19»

دعوة أممية لـ«إبعاد السياسة» عن التحقيق في منشأ «كوفيد ـ 19»
TT

دعوة أممية لـ«إبعاد السياسة» عن التحقيق في منشأ «كوفيد ـ 19»

دعوة أممية لـ«إبعاد السياسة» عن التحقيق في منشأ «كوفيد ـ 19»

قال الخبير الوبائي الآيرلندي مايكل رايان الذي يشرف منذ سنوات على برنامج الطوارئ الصحية في منظمة الصحة العالمية، إن «الكشف عن منشأ فيروس كورونا المستجدّ يحتاج لفترة طويلة من البحث والتحليل ومقارنة البيانات، هذا إذا تمكّن العلماء يوماً من تحديد هذا المنشأ». وأضاف رايان في حديث خاص مع «الشرق الأوسط» صباح أمس (السبت)، في جنيف على هامش أعمال الجمعية العالمية للصحة: «نتمنّى على وسائل الإعلام والدول وجميع المهتمّين بهذا الموضوع الفصل بين المصالح والاعتبارات السياسية والشأن العلمي البحت الذي هو السبيل الوحيدة التي تساعدنا في كشف الحقائق وإرساء القرائن الثابتة التي نبني عليها تأهبنا واستجابتنا للأزمات والجائحات المقبلة». ولدى سؤاله عن موقف المنظمة من الطلب الرسمي الذي تقدّمت به الولايات المتحدة يوم الأربعاء الماضي، لفتح مرحلة ثانية من التحقيق المستقلّ حول منشأ الفيروس، قال رايان: «الدول حرّة في مواقفها وتصريحاتها وتبنّيها للفرضيّة التي تشاء حول منشأ الفيروس، لكن نحن منظمة حكومية دولية تعمل استناداً إلى القرائن والأساليب العلمية ونتصرّف بموجب توجيهات الدول الأعضاء. وإني أشكّ في أن الذين يطلقون الفرضيّات والنظريات قد اطّلعوا على التقارير والتوصيات والملاحق التي وضعتها بعثة الخبراء التي كلّفتها المنظمة التحقيق في منشأ الوباء، وأدعو الجميع إلى قراءتها بتمعّن».
وأضاف رايان: «يعكف خبراء المنظمة حالياً على دراسة هذه التقارير والتوصيات لتحديد مسار البحوث والتحقيقات المقبلة، لكننا نحتاج إلى إخراج هذا الموضوع من دائرة التجاذبات السياسية وإفساح المجال أمام العلماء للقيام بعملهم بكل تجرّد وموضوعية لاستخلاص العبر التي تساعدنا في عدم الوقوع بالأخطاء نفسها عندما نواجه أزمات صحية عالمية وجائحات أخرى في المستقبل».
وأكّد رايان في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن المنظمة «ستبقى على تواصل دائم مع الدول الأعضاء للاسترشاد بتوصياتها من أجل تحديد المراحل المقبلة لمعرفة منشأ الفيروس، لكن ذلك يقتضي دراسات وبعثات عديدة قبل التوصّل إلى استنتاج نهائي». وأضاف: «المهمّ الآن هو التصدّي للجائحة والسيطرة عليها، وإبعادها عن لعبة المصالح السياسية التي تؤخر تحقيق هذه الأهداف». وكانت منظمة الصحة قد احتفلت مساء الجمعة، بالذكرى السنوية الأولى لإطلاق برنامج «C-TAP» لتقاسم المعارف وبراءات العلاج واللقاحات ضد فيروس كورونا المستجدّ، الذي يهدف إلى تيسير حصول الدول النامية والفقيرة على المستلزمات الصحية والطبية اللازمة لمكافحة الوباء. وأفادت المنظمة بأن عشرات الدول والشركات قد انضمّت حتى الآن إلى هذا البرنامج، وتعهّدت تقاسم المعارف والبراءات من غير شروط حصرية.
وقال المدير العام للمنظمة تادروس أدهانوم غيبريسوس في كلمته الافتتاحية، إن نهاية هذه الأزمة ما زالت بعيدة، وإن الخسائر التي ألحقتها حتى الآن بالاقتصاد العالمي تزيد على 22 تريليون دولار، منبهّاً إلى خطورة الطفرات الجديدة التي يمكن أن تقضي على الجهود الضخمة والتضحيات التي قدّمها العالم منذ بداية الجائحة. وقال تادروس إن الهدف المرحلي الأول الذي وضعته المنظمة لتلقيح 10 في المائة من سكان العالم بحلول سبتمبر (أيلول) المقبل، يقتضي توزيع ما لا يقلّ عن 250 مليون جرعة على البلدان متوسطة الدخل والفقيرة، وتحصين جميع أفراد الطواقم الصحية والفئات الأكثر تعرّضاً للإصابة بالفيروس. وأضاف أنه إذا تجاوبت الدول الغنية فوراً وتقاسمت الفائض لديها من جرعات اللقاحات، وأعطت الشركات المنتجة الأولوية لبرنامج «كوفاكس»، يصبح من الممكن تحقيق هذا الهدف وإنقاذ عشرات الآلاف من الأرواح في البلدان النامية واستعادة النشاط في الحركة التجارية الدولية.
وكان رئيس كوستاريكا كارلوس ألفارادو الذي لعب دوراً أساسياً في إطلاق هذا البرنامج الذي تعوّل عليه منظمة الصحة كمنصّة لإرساء النظام الجديد للتأهب والاستجابة للطوارئ الصحية العالمية، قد حذّر من الإجحاف الصارخ بين الدول في وسائل التصدّي لجائحة «كوفيد - 19»، وقال: «من غير المقبول إطلاقاً، بأي معيار كان، أن ما يزيد على نصف اللقاحات المتاحة حالياً تستأثر بها 5 دول تمثّل 50 في المائة من إجمالي الناتج العالمي. ومن المخجل أن البلدان متوسطة الدخل والفقيرة لم تحصل سوى على 0.3 في المائة من اللقاحات الموجودة في العالم». وانتقد ألفارادو الدول الغنيّة، وقال إن معظمها ما زال يكتفي بتصريحات خطابية حول ضرورة التعاون وتقاسم الموارد الصحية، وإن حفنة ضئيلة منها قرنت القول بالفعل.
وفي موازاة ذلك، قالت ماري آنجيلا سيماو مديرة برنامج الأدوية واللقاحات في منظمة الصحة إن طلب الموافقة على استخدام لقاح «سينوفاك» الصيني هو الآن في مرحلة تقويم التوضيحات الأخيرة التي أرسلتها الشركة المنتجة إلى المنظمة، وتوقعت صدور الاستنتاج النهائي عن فريق الخبراء المستقلين يوم الأربعاء المقبل. ومن جهته، قال رئيس قسم الاستراتيجيات اللقاحية في الوكالة الأوروبية للأدوية ماركو كافاليري، إن الوكالة ما زالت تدرس طلب الموافقة على استخدام لقاح «كيورفاك» الألماني، وإنها في انتظار مزيد من المعلومات حول هذا اللقاح من الشركة المنتجة.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».