عراقيل تواجه حكومة «الوحدة» تعيد مخاوف الليبيين من الحرب

أبرزها إنجاز الانتخابات وتوحيد المؤسسات المنقسمة... والإنفاق على الصحة والكهرباء والأمن

شبان ليبيون يلعبون كرة القدم على الشاطئ في بلدة القرة بوللي شرق العاصمة (أ.ف.ب)
شبان ليبيون يلعبون كرة القدم على الشاطئ في بلدة القرة بوللي شرق العاصمة (أ.ف.ب)
TT

عراقيل تواجه حكومة «الوحدة» تعيد مخاوف الليبيين من الحرب

شبان ليبيون يلعبون كرة القدم على الشاطئ في بلدة القرة بوللي شرق العاصمة (أ.ف.ب)
شبان ليبيون يلعبون كرة القدم على الشاطئ في بلدة القرة بوللي شرق العاصمة (أ.ف.ب)

يرى كثير من الليبيين أن فرص إجراء الانتخابات الوطنية في موعدها المحدد باتت قليلة، بالنظر إلى حجم «العراقيل»، التي تعترض عمل حكومة «الوحدة الوطنية»، مما يفاقم أجواء التشاؤم والإحباط في البلاد، ويعيد الحديث ثانية عن احتمال عودة الحرب والاحتكام للسلاح، وإن بدا في معظمه مجرد «هواجس ومخاوف».
ورغم أن مجلس النواب، الذي انقسم حول تمرير مشروع قانون الموازنة العامة للدولة، تعهد بدعم المفوضية العليا للانتخابات «بكل الإمكانات»، استعدادا لانتخابات الرابع والعشرين من ديسمبر (كانون الأول) الجاري، وأمر بتشكيل لجنة لإبداء الملاحظات حول الميزانية، فإن بعض السياسيين الليبيين تحدثوا عن «تعمد بعض الجهات في برلمان طبرق قطع الطريق على حكومة الدبيبة، وإظهارها عاجزة أمام المواطنين كي لا تفي بتعهداتها المالية والسياسية، كإنجاز الانتخابات في موعدها، وتوحيد المؤسسات المنقسمة، وعلى رأسها المؤسستان العسكرية والأمنية، والإنفاق على قطاعات حيوية، كالصحة والكهرباء والأمن».
لكن على الجانب الآخر هناك من يحمّل الحكومة والسلطة التنفيذية مسؤولية إضاعة الوقت، بسبب ما يعتبرونه «انشغالا في مهام لم تكلف بها راهناً، مثل إبرام الاتفاقيات وعقد الصفقات مع دول عدة، والعمل كما لو أنها باقية سنوات وليس لشهور معدودة»، بحسب أحد نواب شرق البلاد، الذي أضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة بدأت شهرها الثالث منذ نيلها الثقة في العاشر من مارس (آذار) الماضي، «لكن لم نر منها شيئا يتعلق بالتحضير للانتخابات».
ودلّل النائب، الذي رفض ذكر اسمه، على ذلك بتصريحات إعلامية لعماد السائح، رئيس المفوضية العليا للانتخابات، الذي قال إن «القرار السياسي بإجراء الانتخابات غير واضح»، مضيفاً أنه «يتوجب على هذه الحكومة، التي رحب بها الجميع محلياً وإقليمياً ودولياً، أن تعي أنها محددة المدة، ومكلفة بملفات معينة يجب العمل على إنجازها، والكف عن تعيين المستشارين ووكلاء الوزارات».
وكلما تعرقل المسار السياسي تلوح في الآفاق أحاديث الحرب، ويحلو للبعض استحضار «ضرورة حسم الأمور بقوة السلاح»، لكن رغم ذلك هناك من لا يزال يتمسك بالمسار السلمي، ويرى أن الحل السياسي يسير في طريقه المرسوم، حتى وإن كان بخطى وئيدة، لكنه «حتماً سيصل محطته المستهدفة بالجهود المحلية والدولية، والرعاية الأممية».
وتعليقا على هذه الأجواء، وعدم موافقة مجلس النواب على مشروع الموازنة العامة، قال الإعلامي محمود شمام: «اتساقاً مع التحركات الدولية والإقليمية، لا سيما في إطار (البيزنس)، وأيضا مع ظهور صرخات بعض مدمني الحروب ودق طبول الدمار هنا وهناك، أرى أن جهود وبرامج الإعمار ستنطلق من غرب ليبيا، بمشاركة تركية ومصرية وقطرية وإيطالية، وسيصاحبها فرض حالة قصوى من الاستقرار خلال سنوات».
ورأى شمام أن فزان (جنوب) ستتأثر باستقرار طرابلس، وانتقد في المقابل نخب برقة (بنغازي) وساستها، داعياً شباب ونساء الإقليم لأن «يغيروا بأيديهم قبل أن يضيعوا الفرصة الثالثة للاستفادة من الثروة».
في سياق ذلك، يرى المتخوفون من الحرب أن عدم إجراء الانتخابات في موعدها مع نهاية العام «قد يفتح الباب واسعاً للتوتر السياسي، ومن ثم التلويح بعودة الاقتتال»، لذا تسارع نخب ليبية ونشطاء وسياسيون للمطالبة بهذا الاستحقاق، بهدف قطع الطريق على الراغبين في عودة البلاد إلى الوراء.
وفي هذا الإطار دعا «حراك 24 ديسمبر»، الذي اتخذ من موعد الانتخابات اسما له، إلى وقفات سلمية دورية في الـ24 من كل شهر للتأكيد على حق الليبيين في الانتخاب الحر المباشر. لكنه أبدى تحفظه على القاعدة الدستورية المقترحة من قبل اللجنة القانونية خلال ملتقى الحوار السياسي الليبي، ودعا أعضاء الملتقى لرفضها، بعد أن رأى أنها «تمثل إعادة لخيبات الأمل بتطبيق النظام البرلماني في ليبيا، الذي أدى إلى إفساد الحياة السياسية بمنحه صلاحيات واسعة للتدخل في صلاحيات السلطة التنفيذية، وعدم وجود أي تدابير عملية لحله في حال إخلاله بمهامه المناطة به».
واعتبر «الحراك» أن منح البرلمان القادم صلاحيات التوقيع على عقود المشاريع الاستثمارية «بمثابة فتح الباب لممارسة الفساد السياسي العلني، الذي عانى الشعب الليبي من ويلاته لعشر سنوات عجاف».
كما دعا «الحراك» ملتقى الحوار السياسي، ومجلس النواب لاعتماد قاعدة دستورية، تلتزم بمبدأ الفصل بين السلطات التشريعية والتنفيذية قبل 1 يوليو (تموز) المقبل، من أجل ضمان إجراء الانتخابات الرئاسية والنيابية في موعدها.



بن مبارك: الحرب الاقتصادية الحوثية أشد أثراً من الصراع العسكري

رئيس الحكومة اليمنية خلال كلمة له أمام ممثلي التكتل الحزبي الجديد (سبأ)
رئيس الحكومة اليمنية خلال كلمة له أمام ممثلي التكتل الحزبي الجديد (سبأ)
TT

بن مبارك: الحرب الاقتصادية الحوثية أشد أثراً من الصراع العسكري

رئيس الحكومة اليمنية خلال كلمة له أمام ممثلي التكتل الحزبي الجديد (سبأ)
رئيس الحكومة اليمنية خلال كلمة له أمام ممثلي التكتل الحزبي الجديد (سبأ)

أكد رئيس مجلس الوزراء اليمني أحمد عوض بن مبارك تطلع حكومته للتفاعل الإيجابي مع التكتل السياسي الحزبي الجديد للقوى اليمنية الذي أُشهر من العاصمة المؤقتة عدن، وقال إن الحرب الحوثية الاقتصادية باتت أشد أثراً على معيشة اليمنيين من الصراع العسكري.

وكانت الأحزاب والقوى اليمنية قد أشهرت، الثلاثاء، تكتلاً حزبياً واسعاً في عدن هدفه العريض استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب الحوثي والحفاظ على الجمهورية وفق دولة اتحادية.

بن مبارك تعهد بالاستمرار في مكافحة الفساد وتعزيز الشفافية في حكومته (سبأ)

وقال بن مبارك: «ننظر لهذا التكتل على أنه صوت جديد، ورؤية متجددة، وأداة للتغيير البناء وجهد بارز في السياق الوطني يضاف للجهود التي تسعى لرص الصفوف وتهيئة السبل لإنقاذ اليمن من براثن ميليشيا الحوثي».

وأضاف أن حكومته «تتطلع وبانفتاح كامل للتفاعل إيجابياً» مع هذا التكتل الحزبي وبما يقود لتوحيد الجهود لاستكمال استعادة الدولة وهزيمة الانقلاب وتحقيق السلام.

وشدد رئيس الوزراء اليمني على ضرورة تكاتف الجهود في إطار رؤية وطنية شاملة تهدف إلى تحقيق الاستقرار، وتعزيز السيادة، وبناء يمن اتحادي موحد وقوي، وقال: «ندرك جميعاً التحديات، ونعلم أن الطريق لن يكون سهلاً، ولكن بإيماننا العميق بقضيتنا وبإرادة أبناء شعبنا، يمكننا أن نصنع الفارق».

حرب الاقتصاد

استعرض رئيس الحكومة اليمنية الحرب الاقتصادية الحوثية وقال إن آثارها التدميرية «تتجاوز الآثار الناتجة عن الصراع العسكري»، مشيراً إلى أنها أضرت بحياة المواطنين وسبل عيشهم، واستنزفت موارد البلاد، وتسببت بارتفاع معدلات الفقر والبطالة، وانهيار الخدمات الأساسية.

ورأى بن مبارك أن ذلك «يتطلب توحيد الصفوف ودعم مؤسسات الدولة، لمواجهة هذه الحرب الاقتصادية وحماية الاقتصاد الوطني والتخفيف عن المواطنين الذين يتحملون أعباء كبيرة».

جانب من حفل إشهار التكتل الجديد للقوى والأحزاب اليمنية (سبأ)

وقال: «الحرب الاقتصادية المستمرة التي تشنها ميليشيات الحوثي، إلى جانب استهدافها المنشآت النفطية، أثرت بشكل كبير على استقرار الاقتصاد اليمني وأسهمت في التدهور السريع لسعر صرف العملة الوطنية، وتقويض قدرة الحكومة على الحفاظ على استقرار العملة، ونتيجة لذلك، واجه الريال اليمني انخفاضاً كبيراً في قيمته، مما أدى إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية وتفاقم الأزمة الإنسانية التي يعاني منها الملايين في جميع أنحاء البلاد».

وأكد بن مبارك أن إعادة تصدير النفط ورفد الخزينة العامة بالعملة الصعبة حق من حقوق الشعب يجب العمل على انتزاعه وعدم السماح للحوثيين باستمرار عرقلة الاستفادة من هذا المورد الذي يعد العصب الرئيسي للاقتصاد الوطني.

وأوضح أن حكومته تمضي «بكل جدية وتصميم» لمكافحة الفساد وتعزيز الشفافية والمساءلة في جميع مؤسسات الدولة، وإرساء ثقافة النزاهة واحترام القانون، وأنها ستقوم باتخاذ خطوات عملية لتقوية الأجهزة الرقابية وتفعيل آليات المحاسبة.

تكتل واسع

كانت القوى اليمنية قد أشهرت من عدن «التكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية» عقب سلسلة لقاءات تشاورية، توصلت إلى إعلان التكتل الجديد الذي يضم نحو 22 حزباً ومكوناً سياسياً وإقرار لائحته التنظيمية.

وتم التوافق على أن تكون رئاسة التكتل في دورته الأولى لحزب «المؤتمر الشعبي»، حيث سمى الحزب أحمد عبيد بن دغر رئيساً للمجلس الأعلى للتكتل في هذه الدورة.

وبحسب بيان الإشهار، يلتزم التكتل بالدستور والقوانين النافذة، والمرجعيات المتفق عليها وطنياً وإقليمياً ودولياً، والتعددية السياسية والتداول السلمي للسلطة، والعدالة والمواطنة المتساوية، إضافة إلى التوافق والشراكة والشفافية والتسامح.

رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك مع رئيس مجلس الشورى أحمد عبيد بن دغر (سبأ)

كما يضع التكتل برنامجاً سياسياً لتحقيق عدد من الأهداف؛ بينها استعادة الدولة وتوحيد القوى الوطنية لمواجهة التمرد وإنهاء الانقلاب وحل القضية الجنوبية بوصفها قضية رئيسية ومفتاحاً لمعالجة القضايا الوطنية، ووضع إطار خاص لها في الحل السياسي النهائي، والتوافق على رؤية مشتركة لعملية السلام.

ويؤكد برنامج عمل التكتل على دعم سلطات الدولة لتوحيد قرارها وبسط نفوذها على التراب الوطني كافة، ومساندة الحكومة في برنامجها الاقتصادي لتقديم الخدمات ورفع المعاناة عن كاهل المواطنين، وعودة جميع مؤسسات الدولة للعمل من العاصمة المؤقتة عدن.

وأكد بيان الإشهار أن هذا التكتل باعثه الأساسي هو تعزيز الاصطفاف الوطني من أجل إنهاء انقلاب الحوثيين واستعادة الدولة، وأنه ليس موجهاً ضد أحد من شركاء العمل السياسي.