التحالف الدولي يعزز دعمه للعراق في مواجهة «داعش»

أطفال يشاركون في دروس قرآنية في ملجأ العامرية ببغداد الشهر الماضي (رويترز)
أطفال يشاركون في دروس قرآنية في ملجأ العامرية ببغداد الشهر الماضي (رويترز)
TT

التحالف الدولي يعزز دعمه للعراق في مواجهة «داعش»

أطفال يشاركون في دروس قرآنية في ملجأ العامرية ببغداد الشهر الماضي (رويترز)
أطفال يشاركون في دروس قرآنية في ملجأ العامرية ببغداد الشهر الماضي (رويترز)

في وقت دعا فيه رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي إلى تعزيز العلاقة مع التحالف الدولي الذي يساعد العراق في الحرب ضد تنظيم «داعش»، أعلنت قيادة العمليات المشتركة في الجيش العراقي أن قوات التحالف الدولي عززت دعمها للقوات العراقية العاملة في محافظة الأنبار بغرب البلاد من خلال تزويدها بأسلحة وذخائر لدعمها في مواجهة الإرهاب.
وأفاد بيان للقوات المشتركة العراقية بأن «قوة المهام المشتركة - عملية العزم الصلب سلمت قيادة عمليات الجزيرة في قاعدة عين الأسد الجوية أسلحة وذخائر ومعدات بقيمة 1407938 دولاراً دعماً للعراق في مهمته من أجل هزيمة داعش، وهي جزء من برنامج صندوق تمويل التدريب والتجهيز لمكافحة داعش الذي تم تنفيذه منذ عام 2014».
يأتي ذلك بعد يوم من لقاء جمع رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي مع مساعد الأمين العام لحلف شمال الأطلسي جون مانزا والوفد المرافق له. وأوضح بيان صادر عن المكتب الإعلامي للكاظمي أن الأخير أكد «أهمية أن ترتقي العلاقة بين العراق وحلف الناتو إلى بداية جديدة ومثمرة تنحصر في المجالات غير القتالية وفق متطلبات الحكومة العراقية واحترام سيادة البلد». وأشار البيان إلى أنه جرى «بحث التعاون الثنائي بين بغداد وحلف شمال الأطلسي، والدور الذي تقوم به بعثة الناتو من خلال دعم العراق في حربه ضد الإرهاب، ورفع مستوى قدراته العسكرية، ضمن أطر التدريب والمشورة وتطوير البنى المؤسساتية وغيرها».
سياسياً، في الوقت الذي أوقفت الفصائل المسلحة التي تعلن معارضتها للوجود الأميركي في العراق ضرباتها الصاروخية على سفارة الولايات المتحدة في المنطقة الخضراء ببغداد، فإنها ما زالت تواصل شن ضربات صاروخية على أماكن يُعتقد وجود قوات أميركية أو للتحالف الدولي فيها، مثل مطار بغداد أو قاعدة بلد شمال العاصمة العراقية أو قاعدة عين الأسد في الأنبار (غرب)، فضلاً عن الاستمرار في استهداف أرتال نقل المؤن للتحالف الدولي، وهي أرتال يقودها متعاقدون عراقيون وليس فيها أي وجود أميركي.
وفي هذا السياق، شكك النائب في البرلمان العراقي عن «تحالف الفتح»، أيوب الربيعي، في وجود نية حقيقية في الانسحاب الأميركي من العراق برغم تأكيد الحوار الاستراتيجي بين واشنطن وبغداد أن القوات الأميركية ستنسحب من العراق على مراحل. وقال الربيعي، في تصريح صحافي، إن «هناك تأكيدات أميركية بعدم الانسحاب من العراق، حيث عبّر الأميركيون وعبر أكثر من تصريح عن عدم وجود رغبة لديهم في الخروج من البلاد». وأضاف أن الحوار الاستراتيجي بين البلدين أكد أن هناك اتفاقاً مع الجانب الأميركي على الانسحاب «لكن عملياً لم يحدث ذلك».
ميدانياً، واصلت القوات العراقية عملياتها العسكرية في مطاردة عناصر «داعش» في أكثر من محافظة، لا سيما في كركوك وديالى ونينوى. وفي هذا السياق، أفاد بيان لخلية الإعلام الأمني بأن عملية عسكرية انطلقت من ثلاثة محاور في محافظة كركوك. وأوضح البيان أن قاطع المقر المتقدم لقيادة العمليات المشتركة في كركوك «شرع بعملية أمنية واسعة ومن ثلاثة محاور، المحور الأول للفرقة الثامنة واللواء 45 بالاشتراك مع القوات الخاصة وفوج استطلاع من المقر المتقدم في كركوك، بهدف تفتيش وادي الشاي». وأضافت الخلية: «في المحور الثاني، (شنّت) الفرقة الخامسة بالشرطة الاتحادية ولواء من المهمات الخاصة (عمليات) تفتيش وملاحقة لعناصر عصابات داعش في وادي زغيتون».
وفي محافظة نينوى، عبر عضو البرلمان العراقي عن المحافظة محمد الشبكي عن مخاوف من إمكانية هروب سجناء من سجون المحافظة. ودعا الشبكي، في بيان، «الحكومة المركزية إلى نقل السجناء الدواعش من سجون نينوى غير المسيطر عليها إلى السجون المركزية». وأضاف أن «بقاء هؤلاء الدواعش في سجون المحافظة فترة أطوال مؤشر خطير يسهم في تقويض أمن المحافظة». وأوضح أن «هناك دعوات سابقة لنقل الدواعش من سجون الموصل إلى السجون المركزية» وعدم تركهم في السجون المحلية. ولفت إلى أن «بقاءهم مدعاة للتهريب بدوافع الفساد أو بطلب إعادة المحاكمة بذريعة نزع اعترافات (منهم) بالقوة».



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.