براكين المحيطات العميقة تطلق طاقة تكفي احتياجات أميركا

التحدي الأكبر يكمن في تحديد مكانها

اندلاع بركان «غرب ماتا» الشهير
اندلاع بركان «غرب ماتا» الشهير
TT

براكين المحيطات العميقة تطلق طاقة تكفي احتياجات أميركا

اندلاع بركان «غرب ماتا» الشهير
اندلاع بركان «غرب ماتا» الشهير

الثورات البركانية العميقة في المحيطات قادرة على إطلاق طاقة قوية للغاية، بمعدل مرتفع بما يكفي لإمداد الولايات المتحدة بأكملها باحتياجاتها من الطاقة، وفقاً لبحث نُشر بدورية «نيتشر كومينيكشن» في 21 من أبريل (نيسان) الماضي.
وكان يُعتقد منذ فترة طويلة أن الانفجارات من البراكين في أعماق البحار غير مثيرة للاهتمام نسبياً، مقارنة بالموجودة على الأرض، ففي حين أن البراكين الأرضية غالباً ما تنتج ثورات بركانية مذهلة، وتشتت الرماد البركاني في البيئة، كان يُعتقد أن الانفجارات البحرية العميقة تنتج فقط تدفقات حمم بركانية بطيئة الحركة.
لكن البيانات التي تم جمعها بواسطة المركبات التي يتم تشغيلها عن بُعد في أعماق شمال شرقي المحيط الهادي وحلّلها العلماء في جامعة ليدز البريطانية، كشفت عن وجود صلة بين الطريقة التي يتشتت بها الرماد أثناء الانفجارات البركانية وتوليد أعمدة كبيرة وقوية من المياه الساخنة التي تتصاعد من قاع المحيط، والمعروفة باسم «الميغابلوم».
وتحتوي هذه الأعمدة الضخمة على مياه ساخنة غنية بالمواد الكيميائية وتعمل بنفس الطريقة التي تعمل بها أعمدة الغلاف الجوي التي تُرى من البراكين الأرضية، وتنتشر أولاً إلى أعلى ثم إلى الخارج، وتحمل معها الرماد البركاني.
وكشفت الدراسة أن حجم «الميغابلوم» هائل، حيث تعادل أحجام المياه أربعين مليون حمام سباحة بحجم أولمبي، وتم اكتشافها فوق براكين غواصة مختلفة، لكن مصدرها ظل مجهولاً، وتظهر نتائج هذا البحث الجديد أنها تتشكل بسرعة أثناء ثوران الحمم البركانية.
وأجريت الدراسة تحت إشراف سام بيجلر، من كلية الرياضيات وديفيد فيرغسون، من كلية الأرض والبيئة بجامعة ليدز، حيث طورا معا نموذجا رياضيا يوضح كيف ينتشر الرماد الناتج عن الانفجارات البحرية على بعد عدة كيلومترات من البركان، وأظهروا أن معدل الطاقة المنبعثة والمطلوبة لنقل الرماد إلى المسافات المرصودة مرتفع للغاية، أي ما يعادل الطاقة المستخدمة من قبل الولايات المتحدة بأكملها.
يقول ديفيد فيرجسون في تقرير نشره الموقع الإلكتروني للجامعة بالتزامن مع الدراسة: «غالبية النشاط البركاني في المحيطات يحدث تحت الماء، في الغالب على أعماق عدة كيلومترات في أعماق المحيط، ولكن على عكس البراكين الأرضية، فإن اكتشاف حدوث ثوران بركاني في قاع البحر أمر صعب للغاية، وبالتالي لا يزال هناك الكثير من التحديات، أمام العلماء لمعرفة المزيد عن البراكين تحت سطح البحر وتأثيراتها على البيئة البحرية».
ويُظهر البحث أن الانفجارات البركانية تتسبب في تكوين «ميغابلوم» ضخمة، لكن إطلاق الطاقة سريع جداً بحيث لا يمكن توفيرها من الحمم المنصهرة المنفجرة وحدها، وبدلاً من ذلك، خلص البحث إلى أن الانفجارات البركانية تحت سطح البحر تؤدي إلى إفراغ سريع لخزانات السوائل الساخنة داخل قشرة الأرض، بينما تشق الصهارة طريقها صعوداً نحو قاع البحر، فإنها تدفع هذا السائل الساخن معها.
وأضاف بيجلر «يقدم عملنا دليلاً على أن حجم الميغابلوم مرتبط ارتباطاً مباشرا بانفجار الحمم البركانية وهي مسؤولة عن نقل الرماد البركاني في أعماق المحيط، كما يوضح أيضاً أن أعمدة الميغابلوم، يجب أن تكون قد تشكلت في غضون ساعات، مما أدى إلى حدوث معدل هائل من إطلاق الطاقة».
ورغم ما توصلت له الدراسة عبر النموذج الرياضي الذي تم تطويره، تظل الاستفادة من الطاقة المنبعثة من هذه البراكين، رهنا باكتشاف موقع هذه البراكين. يقول الدكتور محمد عبد اللاه، أستاذ الجيولوجيا بكلية العلوم جامعة بنها المصرية: «معظم الثورات البركانية العميقة في المحيطات تحدث بعيدا عن أعين العلماء على مسافات بعيدة تحت سطح الماء».
ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «هذا النوع من الثورات البركانية يمثل نحو 70 في المائة من الثورات البركانية بشكل عام، ومن ثم فإن الوصول لآلية لاكتشافها يمثل التحدي الأكبر بالنسبة للعلماء».


مقالات ذات صلة

في عام... آيسلندا تشهد سابع ثوران بركاني (صور)

أوروبا ثوران بركاني بالقرب من جريندافيك بآيسلندا (إ.ب.أ)

في عام... آيسلندا تشهد سابع ثوران بركاني (صور)

ثار بركان ليل الأربعاء - الخميس، في شبه جزيرة ريكيانيس، جنوب غربي آيسلندا، في سابع ثوران تشهده البلاد منذ ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

«الشرق الأوسط» «الشرق الأوسط» (ريكيافيك)
آسيا سكان محليون يشاهدون ثوران بركان جبل ليوتوبي (أ.ف.ب)

بركان ليوتوبي في إندونيسيا يثور مجدداً والسلطات توسّع منطقة الحظر

ثار بركان جبل ليوتوبي لاكي-لاكي في إندونيسيا ثلاث مرات على الأقل في ساعة مبكرة من صباح اليوم السبت، مطلقا عمودا من الرماد بارتفاع تسعة كيلومترات.

«الشرق الأوسط» (جاكرتا )
آسيا جبل ميرابي ينفث الحمم البركانية على منحدراته أثناء ثورانه كما شوهد من قرية سرومبونغ في ماغيلانغ بإندونيسيا (أ.ف.ب)

10 قتلى جرَّاء ثوران بركاني بشرق إندونيسيا

قُتل عشرة أشخاص جرَّاء ثوران بركان في شرق إندونيسيا ليل الأحد الاثنين، على ما جاء في حصيلة جديدة صادرة عن السلطات.

«الشرق الأوسط» (جاكرتا)
بيئة ثوران بركان تحت الماء قبالة سواحل تونغا يوم 15 يناير 2022 (رويترز)

طبقة الأوزون في طريقها إلى التعافي رغم ثوران بركاني

قالت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، الثلاثاء، إن طبقة الأوزون «في طريقها إلى التعافي على المدى الطويل» رغم ثوران بركاني مدمر في منطقة جنوب المحيط الهادي.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)
يوميات الشرق الدخان يتصاعد من بركان جزيرة وايت في نيوزيلندا (أ.ف.ب)

ثوران بركان يلغي رحلات جوية في نيوزيلندا

تسبب ثوران بركان في نيوزيلندا في إلغاء عدد من الرحلات الجوية، اليوم (الخميس)، في حين حذر علماء من احتمال استمرار الثوران «لأسابيع أو أشهر» مقبلة.

«الشرق الأوسط» (ولينغتون)

برامج للتحكّم بأسراب الطائرات من دون طيار الضخمة

برامج للتحكّم بأسراب الطائرات من دون طيار الضخمة
TT

برامج للتحكّم بأسراب الطائرات من دون طيار الضخمة

برامج للتحكّم بأسراب الطائرات من دون طيار الضخمة

أعلنت وحدة الابتكارات الدفاعية، التابعة لوزارة الدفاع الأميركية، أن ثلاث شركات ستُنتج برامج نموذجية للتحكم في أسراب الطائرات من دون طيار (الدرون) الضخمة التي تطوّرها حالياً مجموعة مبادرة «ربليكيتر» Replicator للإنتاج السريع.

تنسيق آلي لطائرات «الدرون»

وقالت الوحدة، في بيان لها، الأربعاء، إن العقود الممنوحة لشركات «Anduril Industries»، و«L3Harris Technologies»، و«Swarm Aero» هي جزء من جهودها التي تسعى إلى «التنسيق الآلي لأسراب من مئات أو آلاف الأصول غير المأهولة عبر مجالات متعددة».

وكانت نائبة مدير وحدة الابتكارات الدفاعية للاستراتيجية والسياسة والشراكات الأمنية الوطنية، أديتي كومار، قالت في وقت سابق من هذا الشهر في حديث مع «ديفنس وان» إنه في حين تحظى أجهزة «ربليكيتر» بالكثير من الاهتمام، فإن برنامجها مهم بالقدر نفسه. وأضافت أن الجدول الزمني القصير لوحدة الدفاع الجوي لاختبار منصات وبرامج تكامل الطائرات دون طيار الجديدة يشكّل تحدياً آخر.

هياكل مملوكة للحكومة

وتابعت أديتي كومار: «نحن نشتري هذه القدرة بشكل مستقل عن أنظمة الأجهزة، وبالتالي نحتاج إلى أن نكون قادرين على الحصول على هياكل مفتوحة، وهياكل مملوكة للحكومة؛ لضمان أن البرنامج الذي نحضره تجري ترقيته ثم دمجه في جميع أنواع أنظمة الأجهزة التي قد تتطلّب بعد ذلك إصلاحات الأجهزة الخاصة بها لتمكين ذلك».

اختبارات ميدانية متكاملة

وكانت منصة «لاتيس» Lattice من شركة «أندوريل» Anduril واحدة من الجهات الفائزة. وقالت الشركة، في بيان، إنها أكملت مجموعة متنوعة من الاختبارات في العالم الحقيقي مع الشركاء العسكريين:

* تمرين «مسائل المعارك المتكاملة 24.1»، Integrated Battle Problem 24.1 لأسطول المحيط الهادئ الأميركي؛ حيث استخدم مشغلو البحرية منصة «لاتيس» لدمج أكثر من اثني عشر نظاماً غير مأهول وموجزات بيانات.

* «حارس الصحراء 1.0» Desert Guardian 1.0، البرنامج التابع للقيادة المركزية الأميركية هو أيضاً من الأمثلة الأخرى؛ حيث دمجت الشركة 10 فرق استشعار مختلفة في «لاتيس»، كما دمجت تبادل البيانات في الوقت الفعلي، ونفّذت الاندماج وتعيين المهام عبر أنظمة استشعار متنوعة للكشف بشكل أسرع عن التهديدات المحمولة جواً وغيرها.

* اختبار «الحافة 23» EDGE23 للجيش، سمحت «لاتيس» لجندي واحد «بإدارة فريق متكامل من الطائرات غير المأهولة المتعددة لتحديد موقع صاروخ أرض - جو وتحديده وتدميره».

كما منحت وحدة الابتكارات الدفاعية عقوداً إلى شركات، بهدف تطوير نظم لضمان الاتصالات للطائرات دون طيار في بيئة حرب كهرومغناطيسية ثقيلة.

هل يمنع «ربليكيتر» الحرب العالمية الثالثة؟

أطلقت وزارة الدفاع «ربليكيتر» Replicator خصوصاً لردع العمل العسكري الصيني في المحيط الهادئ. وفي حدث لمؤسسة بالاس يوم الأربعاء، ناقش رئيس القيادة البحرية الأميركية في المحيط الهادئ، الأدميرال سام بابارو، الدور الذي يمكن أن تلعبه الأنظمة المستقلة في الردع؛ أي مثل الدور الذي تقدمه الطائرات من دون طيار البحرية الأوكرانية في البحر الأسود.

وقال بابارو: «لا يحتاج المرء في الواقع إلى تحقيق التفوّق الجوي والبحري الكامل على مساحة عندما يحاول الخصم الحصول عليها. ربما يحتاج المرء فقط إلى حرمان الطرف الآخر من ذلك، ويمكنه القيام بذلك بتكلفة منخفضة... لقد رأينا ذلك بالفعل في الممارسة العملية، وتعلمنا ذلك من أوكرانيا في البحر الأسود، حيث تم تدمير طرّاد (سلافا) وإغراقه -بواسطة طائرة من دون طيار بحرية أوكرانية- ومن المهم أن نتعلّم هذا الدرس من ذلك ومن البحر الأسود».

مهمات الردع والهجوم

كما أوضح بابارو كيف يمكنه استخدام مستويات مختلفة من الاستقلالية لمهام مختلفة بصفتها جزءاً من جهود الردع هذه. وقال إنه بالنسبة إلى المهام الهجومية، فإن الحفاظ على السيطرة البشرية أمر بالغ الأهمية. ولكن بالنسبة إلى الدفاع عن الأسطول، فإن مزيداً من الاستقلالية يمكن أن يساعد في تسريع وقت رد الفعل.

وأضاف: «على سبيل المثال، إذا كانت غارة من الصواريخ الباليستية تقترب من وحدتك، فهذا هو الوقت الذي قد ترغب فيه في تشغيل نظامك بالكامل، وحمل تلك الأسهم التي تُوجه نحوه من ناحية أخرى. أما إذا كنت تنفّذ هجوماً معقداً على نظام عدو، فهذه هي الحالة التي قد ترغب فيها في القيام بذلك بحذر شديد، لأنك بذلك تقتل أرواحاً».

* مجلة «ديفنس وان»: خدمات «تريبيون ميديا».