في ثاني أيام تسجيل المرشحين للانتخابات الرئاسية، تقدم الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد بطلب لخوض المعركة الانتخابية، لكنه لوّح بمقاطعتها إذا قرر مجلس صيانة الدستور إقصاءه ورفض أهليته للترشح. وزادت الاحتمالات أمس بدخول رئيس القضاء إبراهيم رئيسي الذي يحظى بإجماع المحافظين، في وقت أكد مقربون من رئيس البرلمان السابق علي لاريجاني، اقترابه من دخول الانتخابات.
وبدأت أول من أمس (الثلاثاء)، في وزارة الداخلية، عملية تسجيل الترشيحات لعملية الاقتراع لاختيار خلف للرئيس المعتدل حسن روحاني. وتمتد مهلة التسجيل حتى بعد غدٍ (السبت)، على أن يليها رفع الأسماء إلى مجلس صيانة الدستور الذي تعود له صلاحية المصادقة على الترشيحات.
وتوجه أحمدي نجاد إلى مقر لجنة الانتخابات التابعة لوزارة الداخلية، بينما كان محاطاً بالعشرات من أنصاره، الذين رددوا هتاف «لا إصلاحي ولا محافظ، لقد انتهت الحكاية»، قبل أن يتشاجر مرافقوه للحظات مع الفريق الأمني في مدخل لجنة الانتخابات، الأمر الذي تطلب تدخله، حسب تسجيل فيديو نشره مكتبه.
وتداولت تكهنات حول نية أحمدي نجاد للترشح منذ شهور، نظراً لزيارات مكوكية قام بها إلى مختلف المناطق الإيرانية، رغم أنه تجنب الرد الصريح حول نياته الانتخابية في عدة مناسبات.
وسبق لأحمدي نجاد (64 عاماً) القيام بخطوة مماثلة في دورة عام 2017، لكن مجلس صيانة الدستور لم يصادق على ترشيحه. وتستبعد وسائل إعلام إيرانية أن يختلف مصير هذا الترشح هذه المرة.
وبثت قناة «خبر» الرسمية لحظات تسجيل أحمدي نجاد على الهواء مباشرة. وفي وقت سابق نشر موقع «دولت بهار» التابع لمكتب روحاني، تسجيل فيديو، يُظهر تجمهر أنصار أحمدي نجاد أمام مقر إقامته، لمطالبته بالترشح في الانتخابات الرئاسية.
وقال أحمدي نجاد للصحافيين في وزارة الداخلية بعد تقدمه بطلبه، إنه في حال لم تتم المصادقة على ترشحه هذه المرة أيضاً «سأعلن أنني أعارض الانتخابات ولن أشارك» فيها، من خلال الامتناع عن التصويت أو دعم مرشح آخر حتى لو كانت تربطه علاقات مقربة، أو كان المرشح أحد أعضاء الباسيج، الذراع التربوية لـ«الحرس الثوري». وتابع أن «ملايين الأشخاص على امتداد البلاد دعوني إلى الترشح للانتخابات، وحتى أمروني بأن آتي إلى هنا لأتسجل، واضعين حملاً ثقيلاً على كاهلي»، مقدماً نفسه على أنه «ابن» الشعب الإيراني، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.
وكرر أحمدي نجاد موقفاً يدلي به منذ أعوام، وهو أن غالبية الإيرانيين فقدوا ثقتهم بالمسؤولين في البلاد، معتبراً أن الانتخابات المقبلة «قد تكون الفرصة الأخيرة» لإنقاذ الجمهورية الإسلامية في مواجهة تحديات تواجهها لأسباب «داخلية» و«خارجية».
وما إن تم تداول تصريحات أحمدي نجاد حتى نشرت مواقع إصلاحية ومحافظة مقطعاً من مناظرة تلفزيونية تعود إلى حملة الانتخابات 2009 بين أحمدي نجاد والزعيم الإصلاحي مهدي كروبي، ويلوم الرئيس السابق، منافسه الإصلاحي على التشكيك بالانتخابات ودور مجلس صيانة الدستور وانتقاد قراراته.
وتولى أحمدي نجاد رئاسة الجمهورية لولايتين متتاليتين بين 2005 و2013. حين خلفه الرئيس الحالي حسن روحاني. وأثارت إعادة انتخابه عام 2009 موجة احتجاجات واسعة على خلفية اتهامات بمخالفات انتخابية عدة، استخدمت السلطات الشدة في قمعها.
ومع انتهاء ولايته الثانية، خرج من الحكم استناداً إلى الدستور الذي يَحول دون ترشحه لولاية ثالثة متتالية. إلا أن الرئيس الذي عُرف خلال عهده بمواقفه المثيرة للجدل والشعبوية، ترشح مجدداً في 2017 رغم ما تم تداوله من أن الخطوة لم تنل رضا المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي.
وعُرف أحمدي نجاد بمواقفه المثيرة للجدل خلال فترتي رئاسته وقدم صورة «السياسي المحافظ المتشدد»، وكان محط انتقادات واسعة من الدول الغربية، وقال عنه المرشد علي خامنئي في 2009 إنه الأقرب إلى مواقفه بين من تولوا منصب الرئيس، لكن بعد خروجه من منصب الرئاسة، تحول إلى أبرز خصوم المحافظين، ولقبوا مقربيه بـ«التيار المنحرف».
وفي خطوة غير مفاجئة رُفض طلبه من مجلس صيانة الدستور الذي تعود إليه الكلمة الأخيرة في المصادقة على أهلية المتقدمين وجعلهم مرشحين منافسين رسمياً في الانتخابات.
وعُدّ رفض طلب أحمدي نجاد في بداية الأمر نهاية حياته السياسية، لكن «المرشد» أنعش حظوظه بالاستمرار بعد انتخابه في عضوية مجلس تشخيص مصلحة النظام، رغم اعتقال وإدانة أقرب مساعديه: أسفنديار رحيم مشائي، وحميد بقائي، ونائبه الأول محمد رضا رحيمي، بتهم تجاوزات مالية والفساد.
وتزامن تسجيل أحمدي نجاد مع خمسة وزراء سابقين في تشكيلة الحكومة، هم: وزير العمل السابق محمد جهرمي، ووزير الزراعة صادق خليليان، ووزير الرياضة محمد عباسي، ومحمد شريف ملك زاده، رئيس منظمة السياحة والمساعد السابق لأحمدي نجاد، إضافة إلى الجنرال رستم قاسمي وزير النفط السابق والنائب الحالي لقائد «فيلق القدس» في الشؤون الاقتصادية.
وقال قاسمي إن حضور هذا العدد من وزراء حكومة أحمدي نجاد «دليل على كفاءة حكومته»، حسب مواقع إيرانية.
وكانت وكالة الصحافة الفرنسية قد ذكرت أول من أمس (الثلاثاء)، أن قاسمي كان أول المسؤولين ذوي الخلفية العسكرية الذين تقدموا بطلب الترشح للرئاسة الإيرانية.
وترشح أمس، أمير حسين قاضي زاده، نائب رئيس البرلمان، إضافة إلى محمد حسن قدير ابيانه، سفير إيران السابق في المكسيك وأستراليا.
وفي أول تعليق له على الانتخابات بعد ساعات من فتح أبواب تسجيل المرشحين، كرر صاحب كلمة الفصل في المؤسسة الحاكمة «المرشد» علي خامنئي، مطالبه بتولي رئيس «ثوري، ضد الفساد، يؤمن بالتغيير والشباب».
وخلال العام الأخير، دعا خامنئي عدة مرات إلى تشكيل حكومة «شابة وثورية» في بداية العقد الخامس من عمر النظام، وهو ما عُدّ مؤشراً على رغبته في وصول حكومة محافظة، الأمر الذي دفع جنرالات من «الحرس الثوري» إلى التفكير بدخول الانتخابات، كما يُتوقع أن تدفع المحافظين في نهاية المطاف إلى الالتفاف حول مرشح نهائي، هو رئيس القضاء، إبراهيم رئيسي، أبرز المرشحين لخلافة خامنئي.
ونفى خامنئي أي دور له في تسمية المرشحين. وقال: «لا أتدخل في انتخاب الأشخاص، في الفترات السابقة كان يأتي بعض الأفراد الذين ينوون الترشح، ويسألونني: هل أنت موافق؟ كنت أقول: لست موافقاً ولا مخالفاً، هذا كان ردّي في السابق على من يسألني: هل أدخل ساحة الانتخابات؟ لا رأي لي».
وأضاف: «هذا العام لا أقول هذا أيضاً. إذا سألني أحدهم: هل توافق؟ لن أقول حتى: لست موافقاً ولا مخالفاً». وقال: «ليدرسوا (الترشح) بأنفسهم، إذا كانوا يشعرون بأنهم جديرون وإذا كان دخولهم (للانتخابات) يطابق القانون وإلا فلا يدخلوا».
وقال المتحدث باسم لجنة وحدة المحافظين منوشهر متكي، إن مشاركة رئيس القضاء إبراهيم رئيسي «مؤكَّدة». ونقلت وكالة «إرنا» الرسمية عن وزير الخارجية الأسبق قوله: «بدعوة لجنة الوحدة... يسرّنا إعلان تسجيل رئيسي ووجوده في السباق الانتخابي».
بدورها، وجّهت لجنة ائتلاف «القوى الثورية» برئاسة غلام علي حداد عادل، مستشار «المرشد» الإيراني، طلباً إلى رئيسي للترشح في الانتخابات. ونقلت «إرنا» عن حداد عادل، إن «350 رسالة تحمل آلاف التواقيع من المدن والمحافظات والأحزاب، رافقت دعوة الائتلاف لرئيسي».
لكنّ وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» نقلت عن مصدر مطلع في مكتب رئيس القضاء، أن «رئيسي لم يتحدث مع أي أحد حول قراره الحضور في الانتخابات».
أما عزت الله ضرغامي، الذي شغل منصب رئاسة التلفزيون الرسمي بمرسوم من خامنئي بعدما كان جنرالاً في «الحرس الثوري» سابقاً، وأحد المرشحين المحتملين، فقد حذّر تياره المحافظ من «ارتكاب خطأ والارتباك، واعتبار أنفسهم الطرف الفائز في الانتخابات»، وقال لوكالة «تسنيم» المنبر الإعلامي لـ«الحرس الثوري»، إنه «إذا كانت هناك منافسة فإن الإصلاحيين هم الذين يجيدون هندسة الانتخابات».
إلى ذلك، قال النائب السابق بهروز نعمتي، وأحد المقربين من رئيس البرلمان السابق علي لاريجاني، إنه اقترب بشدة من الترشح للانتخابات. ونقلت صحيفة «همشهري» عن نعمتي أن «حضور رئيسي وفي المقابل، استعداد التيار المعتدل وبعض الأحزاب الإصلاحية والمحافظة لدعم لاريجاني، من بين أسباب تزيد من احتمال حضوره في الانتخابات».
8:2 دقيقة
أحمدي نجاد يترشح للانتخابات ويحذّر من إقصائه
https://aawsat.com/home/article/2970021/%D8%A3%D8%AD%D9%85%D8%AF%D9%8A-%D9%86%D8%AC%D8%A7%D8%AF-%D9%8A%D8%AA%D8%B1%D8%B4%D8%AD-%D9%84%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA%D8%AE%D8%A7%D8%A8%D8%A7%D8%AA-%D9%88%D9%8A%D8%AD%D8%B0%D9%91%D8%B1-%D9%85%D9%86-%D8%A5%D9%82%D8%B5%D8%A7%D8%A6%D9%87
أحمدي نجاد يترشح للانتخابات ويحذّر من إقصائه
توقعات بانضمام رئيسي ولاريجاني إلى قائمة الساعين لخلافة روحاني
أحمدي نجاد يترشح للانتخابات ويحذّر من إقصائه
مواضيع
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة