إصلاحات سعودية واسعة، عكست تحولات اجتماعية وثقافية مع تحسين نمط حياة الأفراد وخلق بيئة متوازنة تجمع بين الأساسيات والكماليات مما يؤثر إيجاباً على ارتفاع متوسط الأعمار، وانخفاض معدلات الجريمة، وتعزيز الرخاء بنمو دخل الفرد، حيث يؤدي ذلك إلى زيادة السعادة، وتأتي هذه كنتائج لبرنامج «جودة الحياة» التابع لرؤية 2030 السعودية، التي تكمل عامها الخامس وسط متغيرات أشبه بالتحول الجذري ثقافياً وترفيهياً ورياضياً.
ويحمل برنامج «جودة الحياة» بمجالاته الواسعة والمتنوعة، منجزات جاءت سريعة في مداها ولكنها تركت تأثيراً ملحوظاً على الحياة الروتينية للمواطنين والمقيمين في السعودية، حيث يساهم البرنامج في تحسين نمط الحياة من خلال تهيئة البيئة اللازمة لدعم واستحداث خيارات جديدة تعزز مشاركة المواطن والمقيم في الأنشطة الثقافية والترفيهية والرياضية، مما يزيد التنوع الاقتصادي ويولد العديد من الفرص الوظيفية.
ويركز البرنامج بمبادراته ومشاريعه على محورين أساسيين وهما قابلية العيش في المقام الأول وجودة الحياة، ويعمل كل محور وسط منظومة تقدم من خلالها إدارة البرنامج حلول واقتراحات للجهات المعنية من وزارات وهيئات وتمولها مادياً، لتدخل حيز التنفيذ.
- استدامة العيش
وتحقيقاً للتوازن تأتي أساسيات الحياة المتمثلة في السكن والنقل العام والبنية التحتية والرعاية الصحية، فمبادرات تحسين الطرق وأنظمة السير لقليل الحوادث المرورية أدت إلى تقليل نسبة الوفيات خلال وقت قياسي، وذلك مع تطبيق عدة قواعد للسير تتمثل في مخالفات وغرامات رادعة.
ومن ناحية أخرى، استفادت 70 ألف أسرة سعودية من الحلول والخيارات السكنية التابعة لبرنامج «سكني» خلال الربع الأول من العام الحالي، بينها قرابة 50 ألف أسرة سكنت منازلها بالفعل.
وبيئياً أعلن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان عن مبادرة «السعودية الخضراء»، والتي تهدف إلى زراعة 10 مليارات شجرة في المملكة، ورفع نسبة المحميات لأكثر من 30 في المائة من مساحة أراضيها، وتقليل الانبعاثات الكربونية بأكثر من 4 في المائة من المساهمات العالمية.
- الثقافة وروادها
برزت القوة الثقافية النابعة من البعد التاريخي للمنطقة في برامج التطوير الحالية، حيث تم إنشاء 11 هيئة تابعة لوزارة الثقافة السعودية بموافقة من مجلس الوزراء في فبراير (شباط) 2020. وتشمل الهيئات مجالات جديدة هدفها التنويع والارتقاء بالخبرات السعودية، حيث تضمنت مسارات للفنون والمسرح والطبخ وصناعة الأفلام والآثار، مع الاهتمام بالجانب التعليمي، وذلك بفتح معاهد متخصصة وإرسال منسوبيها للابتعاث الخارجي.
كما تعمل وزارة الثقافة السعودية على استقطاب المواهب وتحفيزها على الابتكار والتطور، من خلال برامج متخصصة مثل «برنامج حاضنة الأزياء»، وأعمال هيئة الموسيقى في اكتشاف المواهب الموسيقية، ساعية لدعم القدرات الشابة وتمكينها في مختلف المجالات.
- الحياة الرياضية
وتعتبر الرياضة أحد مقومات المجتمع الحيوي، فقد أنشأت وزارة الرياضة السعودية عدة برامج لتوسيع قاعدة الممارسين الرياضيين بشكل منتظم في المملكة، وذلك للحد من انتشار الأمراض المزمنة كالسكري والسمنة، ومن أبرز إنجازاتها تطوير تطبيق «الرياضة للجميع»، والذي يخدم جميع فئات المجتمع، عبر عرضه لكل الفعاليات الرياضات المتوفرة في موقعك ويمكن المستخدم من التسجيل فيها وحضورها، حيث تستهدف المبادرات الرياضية المحترفين وغير المحترفين، بالإضافة إلى خلقها فرص عمل وتطوع في المجال الرياضي.
- التحفيز والمشاركة
وأشار الباحث الاجتماعي، سفيان الرشيدي، إلى أن إطلاق هذه المبادرات بالتوازي مع المشاريع الأساسية التي تهم المواطن بشكل أكبر يسرع من وتيرة نقل المجتمع إلى تحقيق أهداف الرؤية، وقد ينصب تركيز اهتمام الأنشطة على البنية التحتية التي تعتبر أكثر ما يؤثر على المواطن.
وأضاف الرشيدي خلال حديث مع «الشرق الأوسط» أن المشاركة المجتمعية مهمة لضمان تحسين جودة الحياة، معتقداً أنه بالنظر للنتائج الإيجابية المترتبة على المبادرات التي أطلقها ويطلقها برنامج جودة الحياة، فإنه يضع حال الحث على موظفي القطاعات للانخراط بالأنشطة الرياضية والمشاركة في البرامج الثقافية، وأن توفير المرافق لهم سيساعد في تعظيم فوائد جودة الحياة.
ويرسم برنامج «جودة الحياة» خططاً ممتدة حتى 2030 إلا أنه حصد خلال الأعوام السابقة بعض النتائج الملحوظة، فأظهرت مؤشرات دولية معنية بالأمن تفوق السعودية على دول مجموعة العشرين، حيث احتلت المرتبة الأولى في «مؤشر ضبط الجريمة المنظمة»، كذلك حلولها في المرتبة 21 عالمياً والأولى عربياً في مؤشر السعادة العالمي لعام 2021.
- معالم سياحية
ولاقت السياحة حضورها خلال الأعوام الماضية، سواء في إقبال دول عدة إلى البلاد بعد إطلاق التأشيرة السياحية التي تجيز لحاملي جوازات 49 دولة في الدخول والتنقل بين مدن البلاد. أيضاً كانت السياحة الداخلية، عنصر اهتمام من قبل السعوديين، وزادت خلال جائحة «كورونا» مع توسع سعودي في استثمار المواقع التراثية والسياحية.