المعارضة التونسية تتمسك بمناقشة «إقالة المشيشي»

راشد الغنوشي رئيس البرلمان التونسي (رويترز)
راشد الغنوشي رئيس البرلمان التونسي (رويترز)
TT

المعارضة التونسية تتمسك بمناقشة «إقالة المشيشي»

راشد الغنوشي رئيس البرلمان التونسي (رويترز)
راشد الغنوشي رئيس البرلمان التونسي (رويترز)

كشف خالد الكريشي، القيادي في «حركة الشعب» المعارضة، عن تمسك عدد من الأحزاب التونسية بضرورة إدراج بند إقالة هشام المشيشي من رئاسة الحكومة، ضمن المحاور المطروحة خلال «جلسات الحوار»، المنتظر تنظيمها تحت إشراف الرئيس التونسي قيس سعيد.
وأكد الكريشي تمسك «حركة الشعب» والعديد من الأحزاب السياسية الأخرى، والكتل البرلمانية بضرورة مناقشة الجوانب السياسية، على أن تكون استقالة رئيس الحكومة، وتشكيل حكومة جديدة على رأس جدول جلسات الحوار، وهو نفس الموقف الذي عبر عنه الرئيس سعيد في مواقف سابقة.
وأوضح الكريشي أن نور الدين الطبوبي، رئيس اتحاد الشغل (نقابة العمال) الذي يقود هذه المبادرة، عقد في هذا السياق لقاءات مع رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، ورئيس البرلمان، قصد وضع اللمسات الأخيرة لبرنامج الحوار، الذي كان سيقتصر في البداية على بحث الملفين الاقتصادي والاجتماعي، غير أن عددا من أحزاب المعارضة ضغط من أجل إدراج الملف السياسي ضمن جدول الاجتماعات.
في السياق ذاته، أكد عبد الحفيظ حفيظ، القيادي في اتحاد الشغل، رفض الحوار «مع من لا يؤمن بالدولة المدنية، ومن لا يؤمن بحرية المرأة، ومن يبيض الإرهاب، وينفذ هجوما على المطار ويتحدى قوات الأمن». في إشارة إلى نواب «ائتلاف الكرامة»، الذي يتزعمه سيف الدين مخلوف. مشيرا إلى أن رئيس الجمهورية «هو الوحيد صاحب الشرعية باعتباره منتخبا مباشرة من قبل الناخب التونسي، وهو الضامن لتنفيذ الدستور وحماية البلاد».
يذكر أن «اتحاد الشغل» تقدم بمبادرة «الحوار الوطني» إلى الرئيس سعيد قبل نحو أربعة أشهر. لكنه لم يرد عليها، واقترح في المقابل مشاركة الشباب في الجلسات، وتغافل عن مشاركة الأحزاب السياسية، علاوة على رئاسة الحكومة المعنية قبل غيرها بتنفيذ مخرجات «الحوار الوطني». وقد ردت قيادات «الاتحاد» على ذلك بقبول مشاركة الشباب المهيكل والمنظم فقط، ورفض فكرة التنسيقيات التي تشير عدة تقارير محلية إلى أنها مدعومة من قبل الرئيس سعيد في تحركاتها الاحتجاجية ضد الحكومة.
وفي هذا الشأن، قال رؤوف بالي، المحلل السياسي التونسي، إن طريقة تعامل الرئيس سعيد مع مبادرة «اتحاد الشغل» خلفت عدة تساؤلات، أهمها مغزى تحويل وجهة المقترح من حوار بين الفاعلين السياسيين والاجتماعيين إلى حوار شبابي، ورجح أن يكون الرئيس سعيد يحاول الاستفادة سياسيا من الصراعات الدائرة تحت قبة البرلمان، في ظل عدم وجود مصلحة سياسية لسعيد في إنجاح جلسات الحوار الوطني. فيما يرى مراقبون آخرون أن رئيس الجمهورية «سيكون الخاسر الوحيد من نجاح الحوار بين الأحزاب السياسية»، التي يحملها مسؤولية الفشل في حل الملفات الاقتصادية والاجتماعية.
يذكر أن رئيس الحكومة استبق «جلسات الحوار» بلقاء جمعه بأحزاب الائتلاف الداعم للحكومة، ودعا إلى رص الصفوف، وتدعيم التشاور بين مكونات الحزام السياسي، بسبب حجم التحديات المقبلة المطروحة، وحاجة تونس لمزيد من تنسيق الجهود في ظل هذه الأزمة المالية الصعبة، مشددا على «أهمية التضامن بين الائتلاف الحاكم من أجل تحقيق الاستقرار، الذي يبقى من أهم عناوين التعاون مع الأطراف التي أبدت استعدادها لدعم البلاد»، حسب تعبيره.
على صعيد غير متصل، قال العجمي الوريمي، القيادي في حركة النهضة، إن خبر استقالة راشد الغنوشي من رئاسة البرلمان «عار من الصحة، ولا يمكن الحديث بالمرة عن استقالة الغنوشي»، معتبرا أن هذه الإشاعات «تدخل في خانة الحرب النفسية، التي تخوضها بعض الأطراف، مع ظهور بوادر التوصل لاتفاقات بشأن الحوار الوطني، الذي يتزعمه اتحاد الشغل (نقابة العمال).
وكان الغنوشي قد التقى أول من أمس نور الدين، رئيس اتحاد الشغل، وناقش معه مراحل الأعداد لمبادرة الحوار الوطني.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».